بعد الإنجيل ألقى مطر عظة من وحي المناسبة حيا فيها “جهود كل من يهتم بالمريض”، وقال: “نحيي هذا المساء في هذا المستشفى المبارك،المستشفى اللبناني الجعيتاوي الجامعي في بيروت مع الكنيسة في العالم كله يوم المريض العالمي. ونشكر الله على أن الكنيسة تذكرنا بواجب خطير علينا جميعا،أن نكون في خدمة بعضنا البعض”.
أضاف: “المريض محتاج إلى الخدمة ليشفى. الصغير محتاج إلى الخدمة ليتربى والفقير بحاجة إلى أن نلتفت إليه ليكون له من هو بحاجة إليه. الله جعلنا محتاجين بعضنا إلى بعض. وإذا ما لبينا هذا النداء نصبح عن حق إخوة كما يريدنا الله أن نكون. المسيح لا يعلمنا خدمة المريض وحسب بل هو من قيل عنه الطبيب الصالح الذي أتى إلينا ليشفي أمراضنا ويداوي جراحنا، سواء كانت جراح الجسد أو بخاصة جراح النفس والروح. فرحمته لفت كل الذين قدموا له من مرضى بأنواع وأنواع، فشفى العميان والمقعدين وأقام الموتى وجعل الناس يتصالحون مع الحياة”.
وتابع: “ربنا كان سباقا أمام الكنيسة كلها وأمام جميع الناس لكي تكون لنا أيدي رحمة ممدودة للآخرين. وأقول بخاصة لإخوتي الأطباء،إنهم في رسالتهم هذه وفي عملهم الطبي المبارك يمثلون امتدادا لحضور المسيح. قلبهم إمتداد لقلبه. يدهم إمتداد ليده ومن دون شك، محبتهم إمتداد لمحبته. ولذلك فعليهم أن يعتبروا هذه الرسالة مسؤولية يحملونها من المسيح بالذات ليقوموا بها خير قيام، ويخدموا الحياة ولا شيء سوى الحياة. مهما كان وضع المريض، نحن لسنا أرباب الحياة ولا خالقي الحياة، على الرغم من كل التجارب المعروفة. نحن نتلقى الحياة من صانعها فتصبح أمانة بين أيدي صاحبها وأيدي أصحاب صاحبها لتكون مخدومة منذ أول يوم من صياغتها إلى آخر يوم. فلا نتدخل لإطفاء الحياة لأطفال وهم جنين ولا نتدخل بإنهاء الحياة حتى في ساعاتها الأخيرة، تاركين للرب أن يداوي وأن يقوي وأن يكون الطبيب الصالح لكل إنسان وأن يعطي القوة لكل من يحتاج إليها لمواجهة مصير محتوم، علما أنه مصير يؤدي إلى حياة أبدية. هو الذي قال لنا: “جئت لتكون لكم الحياة وليكون لكم الفرح، وما من أحد ينزع الفرح منكم”.
وقال: “من أجل هذا نقدس الحياة ونشكر الله عليها في كل حين، وليكن هذا معلوما أمام الجميع. إننا خدام لهذه الحياة ليس إلا. وطوبى لمن يخدم هذه الحياة من كل قلبه.
نطلب من الله أن يبارك مؤسساتنا الإستشفائية كلها والمستشفى الذي يستقبلنا اليوم. هي إمتداد لحضور الكنيسة الأم. الكنيسة الصالحة التي تهتم بالذين هم بحاجة إلى شفاء وإلى عناية، فيجدوا فيها أبوابا مفتوحة وقلوبا مشرعة وأياد مستعدة لكل خدمة، مهما كانت الظروف والتضحيات. فعلى المجتمع والدولة أن يتعاونا من أجل خدمة كل إنسان محتاج لهذه الخدمة. نطيل بالنا على دولتنا حتى تقوم ولكننا لا نقبل بأن يسحق الإنسان ويترك. البابا فرنسيس يذكرنا بذلك تذكيرا هادرا وكبيرا. فيقول في رسالته الأخيرة “فرح الإنجيل”: من غير المقبول أن يموت مريض مرمي على قارعة الطريق وحيدا، شريدا ولا يدرج اسمه في صحيفة، بينما إذا هبطت البورصة نقطة واحدة تضج الأرض من أولها إلى آخرها. هل نحن في عالم الأرقام أم في عالم البشر؟ البشر ليسوا نفايات، يقول قداسة البابا. هم في قلب الكنيسة وفي قلب المجتمع وفي صلب المسؤولية. كلنا كنا على هامش الحياة لو لم يلتقطنا رب الحياة ويعدنا إلى بيته وإلى صحة روحية نتمتع بها”.
وختم مطر: “من غير المقبول أن يصبح الإهمال إلى هذا الحد لاإنسانيا. فلنستمع إلى قداسته بصوت مدو يقول للناس واجباتهم في محبة بعضهم إلى بعض. دور الإستشفاء هي الكنيسة الشافية، كما دور المدراس هي دور الكنيسة المعلمة وكذلك الجامعات. لا تمييز بين الكنيسة ومؤسساتها. ما يجعلنا نتحمل مسؤوليات كبيرة من هذا القبيل. فلنتعاضد ونتقوى بعضنا ببعض”.