أحيا رئيس مدرسة الحكمة مار يوسف في بيروت الخوري عصام إبراهيم تقليدا، عشية بدء المدرسة إحتفالاتها اليوبيلية في مناسبة 140 سنة على تأسيسها، بعودة القدامى إلى ملاعب مدرستهم وتقاسم لقمة المحبة مع ولي الحكمة المطران بولس مطر، حيث جال 600 من قدامى المدرسة ومن كل الأعمار في أرجاء المدرسة.
تخلل الاحتفال تكريم رئيس قدامى الحكمة القاضي جوزف فريحة وقد منحه المطران مطر الوسام الأول لكاتدرائية مار جرجس. أحيا السهرة إبن الحكمة شادي إبراهيم وإبنتها باولا إبراهيم.
الخوري ابراهيم
بعد النشيد الوطني ونشيد الحكمة وكلمة تقديم للأستاذ أسعد أبو حنا، ألقى الخوري ابراهيم كلمة شكر فيها كل من لبى نداء الحكمة، وقال:”نجتمع اليوم في هذا المساء الفارح في رحاب الحكمة وفي ملاعبها التي سرحتم فيها ومرحتم والتي شهدت على طفولتكم وشيطنتكم البريئة وشهدت على نموكم بالقامة والحكمة،لنستعد معا ليوبيل جديد، يوبيل 140 سنة على تأسيس صرح ما كان ليكون لو لم يؤمن بانيه بوحدة لبنان ووحدة أبنائه”.
وأضاف:”لا عذر لأحد بعد اليوم في ظل التواصل الإجتماعي، ليكون بعيدا عن مدرسته. يا أبناء الحكمة وبناتها كونوا أوفياء لمن كانت لكم الأم والحاضنة والمربية كونوا دائما إلى جانبها وفي صلب نشاطاتها. بكم نفرح ونعتز.تحية الحب والوفاء لكل من حمل في دمه جينة هذه الباقية على الأيام، وأولنا القاضي الرئيس، من نكرم هذه العشيَّة، الأستاذ جوزف فريحه. فيا سيدا في حب هذه الفتية الساحرة على الدوام، الحكمة، هو فضل من سيرتك الناصعة يا أستاذ جوزف، تقرننا إياها بدقصك المعهود. وما صدقناك نحن في حينه، نعم ما صدقناك. أتدري لماذا ؟ لأنَّكَ أخفيْتَ وتُخفي حتّى اليوم عن سامِعيك ما هو أعظمُ من كل هذه المآثر. هو نبلك المقترن بغيريتك وغيرتك على الحكمة وأبنائها. فأنت لم تكن لهذه المهام وما تزال زهوا بها وبالمراكز، لأنك، نعرف، من الذين تزهو هي بهم المراكز ويتشرف بك خالقوها، وقد ندبت النفس لخدمة كل من “شم رائحة الحكمة” ولو من بعيد”.
وختم:”إعلم يا سيد في حب هذه الفتية الساحرة على الدوام…أن لك في قلوبنا نحن أهلها والأبناء، ذكرا طيبا نستحضره، أمد العمر بعمرك، عاما بعد عام، كلما اجتمع اثنان منا في هذا الصرح على الحب والخير، واشتاقت الملاعب هنا إلى صفارة نزيهة، وأهداف شريفة مستحقة في شباك الحياة. ليت للكلمة، يا أستاذ جوزف، قلبا يخفق فتدرك بأجلى كم نقدرك ونحبك”.
المطران مطر
ثم ألقى المطران مطر كلمة قال فيها :”أيها الحكمويون، مساء الخير. يقول النقيب عصام كرم:عندما نعود إلى الحكمة، نعود تلاميذ. ويقول القاضي غالب غانم:الحكمة في بيروت اسمها أرزة الأشرفية. نحيي القائل وقوله معا. هذه الأمسية عزيزة على قلوبنا جميعا، عائلة الحكمة تجتمع ويجب أن تجتمع أكثر وكل سنة وأكثر من مرة.أهنىء رئيس الحكمة الأب عصام إبراهيم،على هذه المبادرة وسوف يكون لنا لقاءات جميلة في العام القادم حول اليوبيل 140 سنة على تأسيس هذا الصرح الوطني الكبير.نجتمع حول الحكمة،لأنها “أم البنين” ولأنها تمثل تراثا إنسانيا وثقافيا ووطنيا فريدا.يجب لا أن نتغنى به وحسب،بل أن نكمله ونجمله ونزيده ونبني عليه”.
أضاف :”أهل الحكمة مؤتمنون مع غيرهم على وحدة ثانية لا بل هي الأولى،ألا وهي وحدة لبنان. لبنان،اليوم يمر وسط ظروف صعبة.هذا الوطن،كما يقول صاحب الغبطة سوف يحتفل بعد 6 سنوات، باليوبيل المئوي لإنشاء دولته. كيف ستكون هذه الدولة، كما نريدها نحن وكما تريدونهم أنتم، يا أبناء الحكمة وبناتها .يجب أن نحمي هذا الوطن بعيوننا وقلوبنا، يجب أن يكون وطن الجميع وطن المحبة، كما علمت الحكمة وقالت. وطن الحرية لكل إنسان، وطن الكرامة والتلاقي بين الحضارات، وطن الدستور والقوانين وهما عنوان الشرق الآتي، وإلا لن يكون لهذا الشرق آت. لبنان يجب أن يكون منطلق الوضع العربي الجديد، بحرياته ومواطنته، بكرامة الجميع والتخاطب فيما بينهم.هكذا أردنا لبنان، لا برجا عاجيا بل خادما لمستقبل منطقة بأسرها. لذلك، تحلقوا حول هذا الموضوع، أدرسوه جيدا، خذوا القرارات المناسبة بالنسبة لمستقبل الوطن اليوم وغدا وبعد غد. والله معكم والحكمة “أم البنين” شيب بنوها وتبقى فتية”.
وتابع :”أريد أن أقدم شخصيا،الرئيس جوزف فريحة العزيز. تخرج من هذا الصرح من سبعين عاما، هي نصف عمر الحكمة. صار رمزا لها. لذلك، قررنا في مطرانية بيروت أن ننشىء وساما جديدا، وسام مار جرجس لمطرانية بيروت المارونية، وأول وسام سيعلق على صدر جوزف فريحة، مبروك”.
القاضي فريحة
كلمة الختام كانت للمحتفى به القاضي فريحة جاء فيها: “صعب علي وأنا في هذه السن أن أقف خطيبا على المنابر، وإن فعلت فإني لموجز كثيرا. هو منطق الحياة والطبيعة، على معنى أن العمر الذي أنا فيه كشتائها، أي إفساح هو في المجال لربيعها وما بعده كي ينمو. لكنها وقفة لا بد منها عند الشاطئ الأخير من الشأن العام الذي أنسحب منه اليوم برضاي، فتقوم السنابل الجديدة في الحقل الذي أترك جانبا فيه مستريحا محراثي”.
أضاف :”وقفة لأقول فيها أمرين اثنين: شكري الخالص للذين تداعوا إلى هذا الحفل الراقي، ولمن تنادوا في جموعه لتكريمي. لكن اسمحوا لي في الوقت نفسه فأسأل: وعلام أكرم؟ وهل يثنى على صنيع شجرة إن هي أورقت واثمرت وفق ما أريد لها بطبيعة الأشياء؟ أما الأمر الثاني فقد سبق أن ضمنته كلمتي في اللقاء اليوبيلي منذ أشهر، وهو ما لهذا الصرح على شخصي ومبادئي الوطنية والأخلاقية من أفضال. وأستعيده أمامكم لأنه الخبز اليومي الذي أقيت به كل من إلي من الأعزاء، ابنا وحيدا وأقرباء بمنزلة الأبناء: “إجعلوا هذا البلد يسكنه روح الحكمة: تحابا حتى التعصب، ورفقة حياة حتى الموت، وشهادة تعامل نصرا لأخيك في الوطن، إن ظالما وإن مظلوما. ففي هكذا أجواء، يقيني أن الظلم إن وقع يصير صغيرا وجديرا بأن يصفح عنه”.
وختم :”همي ومناي اليوم أن أرى روح مدرسة الحكمة الشريفة السامية في كل قلب وبقعة من هذا الوطن. فعودة إلى ذلك، يا أبناء جيلي والذي قبله وبعده. عودة إلى أصالة مدرسة الحكمة في التحاب من غير بدل، ونبذا للفوارق والأطماع مصدعة البنيان ليبقى لنا لبنان”.
وطنية