يعيد الصحافي والأديب اللبناني جورج شامي في هذين الكتابين، “مطلات رمادية في عالم المرأة”، و”مطلات رمادية في عالم السياسة” (منشورات دار نلسن) طباعة نفسه من جديد. في الكتاب الأول (هكذا يجب أن يسمى بدلاً من الجزء الأول) مقالات غنية وافرة تتصل بشؤون المرأة وشجونها، كان نشرها في مجلة “الحسناء” يوم كان مسؤولا عن رئاسة تحريرها بين حزيران 1973 ونيسان 1974، وفي الكتاب الثاني مقالات يعود معظمها إلى العام 1976، كان نشرها في مجلة “الأسبوع العربي”، وفي جريدة “العمل”، تحت عنوان “حصاد الأيام”.
في الكتابين يبدو جورج شامي أديبا أكثر مما هو صحافي، لذلك يسهل وضعهما في خانة الأدب. نلمس ذلك في مقالات مثل، “رحم الله طفولتي يا أمي كما كانت قاسية”، أو حين يتحدث عن المعلم بطرس البستاني، أستاذ الأدب وأستاذ جورج شامي في الجامعة الأميركية في بيروت، أو حين نقرأ اللمسات الجبرانية في مقالته “أنت كل الهضاب وكل الصحارى وفيك كل التيه”. من السهل أيضاً اعتبار شامي من الكتاب المدافعين عن حقوق المرأة، وما هذه الافتتاحيات التي وضعها في بداية السبعينات “إلا رؤية بانورامية لهذه المرحلة التاريخية بعين النساء” وفق قول الدكتورة إلهام كلاّب في المقدمة.
لا ندري في الحق ما إذا كانت مقالات شامي في السياسة، كما هي حالها في الكتاب الثاني، هي “كل” ما كتب المؤلف في السياسة على مدار حياته الإعلامية. إن لم تكن، فهي إذاً “منتقاة”، ما يعني أنها ليست كافية لتؤلف “موقفاً سياسياَ” متكاملا يساعد على إطلاق حكم سياسي جازم على الكاتب، بغض النظر عن “موقف” كل منا من آرائه السياسية. يسهل أحيانا ان يعود كاتب سياسي إلى أوراق قديمة في السياسة، كان نشرها هنا وهناك في غير صحيفة ومجلة، فينتقي منها ما يجعلها بقراءة معاصرة مقالات من الطراز الأول، ويبدو معها كاتبا ذا رؤيا! لا نقول ذلك من باب النقد لجورج شامي، حسبه أن مقالاته في الكتابين جذابة، ومكتوبة بأسلوب مشوق مميز، بل نقولها من باب الحرص على الأمانة، لأن في إعادة طبع المقالات السياسية أحياناً ما يثير شيئاً من علامات الاستفهام، لا تتبدد إلا إذا أدرك القارئ أن عملية إعادة الطبع حوت “كل” ما كتب الكاتب في هذا الحقل، وكانت “طبق الأصل”!
النهار