ترأس النائب البطريركي المطران سمير مظلوم ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، صلاة الجناز لراحة نفس كميل مارون غياض، والد مدير مكتب الاعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي في بكركي وليد غياض، في كنيسة مار مارون في بيت الدين، بمشاركة المطارنة بولس الصياح، حنا علوان، طانيوس الخوري، والياس نصار، ولفيف من الرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والرهبان.
وحضر مراسم الجناز ممثل الرئيس العماد ميشال سليمان رئيس بلدية بيت الدين طوني عازار، ممثل الرئيس سعد الحريري النائب هادي حبيش، وزيرة شؤون المهجرين اليس شبطيني، ممثل النائب جورج عدوان جوزيف خوري، ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العميد الركن جمال الشمعة، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن مستشاره الاعلامي عامر زين الدين، قائمقاما الشوف والمتن مارلين قهوجي ومارلين حداد، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” السيدة لور سليمان صعب، رئيس مجلس ادارة “تلي لوميار” ونورسات” المدير العام جاك كلاسي والامين العام الدكتور انطوان سعد، الدكتور انطوان صفير، وفد من “اللقاء الروحي في الجبل” ممثلا الطوائف الاسلامية والمسيحية، وعدد من الشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية والروحية والاعلامية وعائلة الفقيد وأهالي بيت الدين والجوار.
الرقيم البطريركي
وفي ختام الصلاة الجنائزية، ألقى أمين سر البطريركية الأب رفيق الورشا الرقيم البطريركي، وقال فيه: “البركة الرسولية تشمل بناتنا وأبناءنا الأعزاء: نجلا ميشال الخوري، زوجة المرحوم كميل مارون غياض وأولاده وعائلات المرحومين أشقائه وحماته وأولادها وعائلاتهم وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر المحترمين. في جو من الصمت والهدوء، أسلم العزيز كميل روحه بين يدي رحمة الله في مستشفى سيدة المعونات – جبيل، محاطا بزوجته وأولاده في صلاة خاشعة، حالا بعد منتصف الليل من صباح أمس الأحد، يومه الأحب. عاش بسكينة وهدوء، وبحرارة قلب، وكلمة دافئة، وعاطفة محبة، وهكذا مات، منتقلا إلى بيت الآب في السماء. وقد استعد لهذا الرحيل بحياة بارة، عاشها في سلام مع الله والناس، بأمانة الموظف وحكمة المؤتمن المسؤول، فنرجو أن يتم له وعد الرب يسوع: “من تراه الخادم الأمين الحكيم… طوباه إذا وجده سيده منصرفا إلى ما ائتمنه عليه. الحق أقول لكم: إنه يقيمه على كل ما له” (راجع لو12: 43-44)”.
أضاف: “إنه ابن بيت الدين العزيزة، التي غادرها قسرا وبوجع مع عائلته الطرية سنة 1983 إثر أحداث الجبل التي دمرت وحدته، خاسرا كل جنى العمر، وقلبه متعلق بها وبقصر الأمير بشير الشهابي الكبير الذي عمل فيه كموظف في مديرية الآثار. وعندما استرجع بيته في حركة العودة والمصالحة، كانت أسعد أيام حياته وساعاتها جلوسه على شرفة منزله، وعيناه شاخصتان إلى القصر الشهابي وحنايا بيت الدين وقصورها العريقة وكرسيها الأسقفي وجمالات دير القمر التاريخية. وأطول إقامة له في بيت الدين كانت في الصيف الماضي، وقد خامره الشعور بأنها رحلته الأخيرة، قبل أن يرقد رقدته الأخيرة في تربتها الطيبة”.
وتابع: “استوطن بكركي بعد التهجير، وقد وظفه في الكرسي البطريركي المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مار انطونيوس بطرس خريش، مسؤولا عن الاستعلامات، وزوجته في الخدمة، وجدد لهما الثقة سلفنا البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الكلي الطوبى. وكان في هذه الوظيفة الوجه البشوش المحب، الشفاف، المليء بالاحترام والكلمة اللطيفة تجاه كل زائر. لا يتأفف، لا يعلو صوته، يتكلم بلطف وحب، لا يطلب شيئا لنفسه، لا يلتمس يوم راحة واستراحة، صيفا وشتاء، لا يقضي ليلة واحدة خارج الكرسي البطريركي، حريصا على دوام العمل، أثناءه وبعده. وكان بوجوده مبعث طمأنينة وراحة بال للجميع”.
وأردف: “إن بكركي ستفتقده دائما، هي وزوارها لما يترك فيها من فراغ. ويوم دخوله المستشفى منذ شهرين وأسبوع، أسر لأسرته منذ اليوم الأول أنه ودعها وودع بيته فيها. وعلى هذا المنوال، ربى المرحوم كميل أولاده الثلاثة، بالتعاون التام والمخلص مع زوجته السيدة نجلا ميشال الخوري، وكلاهما من عائلتين كريمتين من بيت الدين، معروفتين في المجتمع بالقيم الروحية والأخلاقية والخصال الإنسانية والاجتماعية والعاطفة الرقيقة. ووفرا لهم العلم، وساعداهم على تخطي جرح التهجير، والانخراط في مجتمعهم الجديد، مع تعلق كبير ببلدتهم بيت الدين وقيمتها التاريخية وبالبيت الوالدي. ونظرا لأمانتهم وخلقيتهم، تعاونا معهم في دار المطرانية في عمشيت وفي الكرسي البطريركي، بالتعاون مع نجله ولدنا المحامي وليد في المكتب الإعلامي الذي يتفانى فيه بكل جدارة وإخلاص. وفرح باثنين منهم يؤسسان عائلتين رضيتين، ولم تكتمل فرحته بالثالث، لكنه آل على نفسه، رغم حالته الصحية الدقيقة، وهو في طريقه إلى المستشفى، أن يمر ببيته المعد لزواجه ويهنئه به ويمنحه رضاه”.
وقال: “وكم آلمته وفاة شقيقه المرحوم منير الذي سبقه إلى بيت الآب منذ خمسة أشهر، وبخاصة عندما حرم أنسه في بيت الدين في هذا الصيف وعز عليه غيابه، وقد اعتادا أن يقضيا أسعد الأيام معا، عندما تسمح الظروف. وآلمه أيضا رحيل الشقيقين الآخرين المرحومين نبيه وطوني وزوجة هذا الأخير، إضافة إلى الذين غابوا من أحبائه. لكنه تعزى بعائلاتهم وبالأنسباء، لا سيما بحماته وابنيها وبناتها وعائلاتهم، وقد نسج معهم جميعا أفضل علاقات النسب والمودة، وعاشوا كلهم حرارة محبته”.
وختم: “أمس الأحد أسلم الروح، وهو يوم عزيز على قلبه، اعتاد أن يعيشه يوما للرب، في الصلاة والمشاركة في الأسرار الخلاصية وفي الترنيم بصوته الحنون. وبتسليم مطلق اقتبل من الله ما عانى من مرض وألم، وخفف عنه الوطأة ما لقيه من عناية من زوجته وأولاده والأنسباء وما خصه به مستشفى سيدة المعونات من عناية ملحوظة. وقد وضع ثقته بالرحمة الإلهية، من دون أن يطلب أي شيء أولا وآخرا. وبنعمة سر مسحة المرضى والقربان والغفران سلم الوديعة، راجيا فقط أن يلقى الرحمة من جودة الله والحماية لأسرته. وعلى هذا الأمل، وإكراما لدفنته، وإعرابا لكم عن عواطفنا الأبوية، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران سمير مظلوم، نائبنا البطريركي السامي الاحترام، ليرئس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسه، وينقل إليكم جميعا تعازينا الحارة. تغمد الله روح الفقيد الغالي وسكب على قلوبكم بلسم العزاء”.
ثم تقبلت عائلة الفقيد التعازي في صالون الكنيسة.