أزمة تأخير دفع الفواتير للمواطن المضمون تتفاعل منذ فترة طويلة من دون أن تجد سبيلا الى الحل حتى الان. اللافت ان مدة تسديد فواتير الادوية والخدمات الطبية التي يدفعها المواطن ويسترجع 80 في المئة منها من الضمان الاجتماعي قد تتراوح بين 6 أشهر وسنوات عدة! ما سبب هذه المشكلة، وهل من حلول في الأفق؟تختلف الفترة الزمنية لتحصيل الفواتير في مراكز الضمان الاجتماعي، إذ يستغرق بعضها سنوات عدة، في حين تكون مراكز أخرى مسهلّة وسريعة، مما يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية عمل المراكز والاجراءات التي تخوضها لانجاز المعاملات.
مصدر مطلع كشف لـ«الجمهورية» أن « بعض المراكز اليوم مازالت تعمل على تصفية فواتير السنوات الماضية أي 2012 و2013، رغم أننا اليوم في العام 2017، بينما هناك مراكز أنهت جميع الفواتير، وذلك ليس بفضل «شطارة» المركز أو الموظفين، بل بسبب تفاوت الضغط التي تعاني منها مراكز تضم عددا كبيرا من المنتسبين بما يفوق طاقة الموظفين، في حين هناك مراكز عدد المنتسبين فيها اقل ومنطقي.»
يضيفت المصدر: «يلجأ بعض المراكز إلى تحويل الطلبات والمعاملات الى مراكز أخرى بهدف تسريعها وعدم التأخير في انجازها».
وقف الدفع موقتاً
هناك سبب آخر استجدّ اخيرا، ويساهم في التأخير، يتعلق بعدم وجود مدير مالي في الوقت الحالي، حيث أشارت المعلومات الى انه «بانتظار تعيينه في الأسابيع المقبلة وتعميم توقيعه على المصارف، تساهم هذه العملية في تأخير المعاملات المستحقة في هذه الفترة، وبالتالي عند تعيين المدير الجديد تعاود مراكز الضمان عملها الطبيعي، في تسديد فواتير المضمونين.»
شرح تفصيلي
في هذا السياق، يشرح جورج علم عضو مجلس إدارة الضمان لـ«الجمهورية» أن «هناك نوعين من المعاملات، النوع الاول يخصّ المؤسسات وفي الاجمال تكون الأكثر تأخيرا وذلك لارتباط جميع معاملات المؤسسة في جدول واحد، ومن جهة أخرى هناك المعاملات التي تقدم افراديًا والتي تتطلب وقتا أقل وتكون أسهل.»
ولفت علم الى أن «السبب الرئيسي للتأخير هو النقص في عدد الكوادر البشرية الموجودة في كل مركز، إذ هناك عدد من المراكز في مناطق معينة تحتاج وقتا أكثر من مناطق أخرى بسبب العدد القليل من الموظفين الموجودين في المركز مقارنةً بالعدد الكبير من المعاملات.»
عن الحل يقول علم : «الحل بسيط وهو في زيادة عدد الموظفين وتعبئة المراكز الشاغرة الموجودة. ومن هذا المنطلق، يعمل مجلس الادارة في الضمان على إجراء مباراة مناطقية لتعبئة هذه الفراغات.»
وزارة الوصاية
في هذه المعمعة، ما هو دور وزارة العمل، وهي سلطة الوصاية على الضمان؟
يقول وزير العمل محمد كبارة لـ«الجمهورية» انه «يتم العمل على برنامج جديد في ما يخصّ ملف الضمان والمكاتب لكن ليس هناك أي شيء دقيق حتى الآن، إذ يتم العمل في الوقت الحالي على مواضيع تتعلق مباشرة بملفات العمل.»
أضاف : كوني وزير وصاية على الضمان،أحتاج الى بعض الوقت لكي أدرس وأكوّن خطة للحد من المشاكل التي يعانيها المضمون. وكما تم تفعيل وزارة العمل سيتم العمل على تفعيل الضمان الاجتماعي.»
وتمنّى كبارة «من أي شخص يعاني من مشكلة أن يتواصل مع الوزير والمعنيين ويعلن عنها بهدف حل الأمور.»
الواقع كما هو
حالياً، تستغرق معاملات تسديد فواتير المضمونين ستة أشهر كحد أدنى، مع بعض الاستثناءات التي لا يمكن الركون اليها لدمجها في معدل المدة التي يستغرقها انجاز المعاملات.
والمنطق يقول أن تسديد الفواتير الى المضمون ينبغي ان يتم في مدة أقصاها اسبوعان لإجراء هذه المعاملات واتمامها، خصوصًا بعد طرح مشاريع عدة لحل الموضوع منها مشروع المكننة لحسم الفواتير مباشرة لدى الصيدلي، بحيث يصبح التسديد فوريا للمواطن.
ولكن بعد أن فقد المواطن الأمل، أضحى اليوم يتقبل ما هو قائم، ويقنع نفسه بأن مدة ستة أشهر هي مقبولة وجيدة، هذا ما لاحظته «الجمهورية» خلال تفقدها احد مراكز الضمان والتحدث الى مواطنين قدموا لانجاز معاملاتهم.
في المركز المقصود، كان يعمّ الهدوء ولم يكن هناك زحمة، بل فقط من أتى للحصول على موافقات استشفائية و غيرها، وذلك ربما لعدم وجود فواتير للتحصيل في الوقت الحالي بسبب الفراغ في موقع المدير المالي.
في اجابة على سؤال طرحته «الجمهورية» حول التأخير في تسديد الفواتير، قال مواطن قصد مركز الضمان: «كتّر خيرُن» ليس هناك أي مشاكل، وفترة التحصيل هي نحو 6 أشهر، ليست طويلة». ولفت مواطن آخر الى انه «ينتمي الى مؤسسة وهي من تهتم في جميع المعاملات، وأن فترة التحصيل مقبولة، اذ تصل كحدٍ أقصى الى 6 أشهر.»
شاب آخر كان مندوبا لإحدى المؤسسات سابقًا أشار الى أن «فترة التحصيل وصلت الى 4 سنوات، وهذا ما جعله يترك وظيفته كمندوب بهدف تقديم الطلبات افراديا لتسريع المعاملات.»
جهد ووقت
جدير بالذكر، ان «رحلة» المضمون مع فواتير الضمان وتحصيلها، تتطلب جهدا ووقتا، إذ يحتاج الى جمع كمية كبيرة من الأوراق والاستمارات الطبية بهدف تحصيل دواء أو استشارة طبيب. يعطى الزائر رقما وينتظر الى أن يأتي دوره لتقديم طلبه، ويحدد له موعد للمراجعة وتحصيل الفواتير. مبدئيا، يلتزم المركز بالموعد إلّا في حال كان هناك نقص في الاوراق المطلوبة، إذ يعمل المركز على طلب أوراق موّثقة ودقيقة من أجل إتمام المعاملات بالطريقة الصحيحة.
بالاضافة الى ان الضمان لا يعترف بكل الأدوية، حيث يعمّم جدولا على الصيدليات بالأدوية المعترّف بها، ويحصّل المريض 80 في المئة من سعرها، أما المستلزمات شبه الطبية فيختلف سعرها بين صيدلية وأخرى، لذلك يضع الضمان تعرفة محددة لها مغايرة عن سعرها في الصيدليات ويدفع 80 في المئة منها.
تاليا قاعي
الجمهورية