شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | مغارة الدلماس حصن معلّق تثير هندسته الحيرة موقع عسكري وحيد وصامد في جبّة بشري منذ القرون الوسطى
مغارة الدلماس حصن معلّق تثير هندسته الحيرة موقع عسكري وحيد وصامد في جبّة بشري منذ القرون الوسطى
مغارة الدلماس.

مغارة الدلماس حصن معلّق تثير هندسته الحيرة موقع عسكري وحيد وصامد في جبّة بشري منذ القرون الوسطى

موقع فريد أثري وسياحي، وهو أثر عسكري وحيد من القرون الوسطى في جبّة بشري، عليه أطلقت “الجمعية اللبنانية للبحوث الجوفية” تسمية مغارة الدلماس الكبرى، نظراً الى وجود مغارة أخرى صغيرة ومحصّنة، سمّيت مغارة الدلماس الصغرى، الى الغرب على بعد مئات الأمتار من الكبرى كما يقول رئيس الجمعية فادي بارودي.

تقع مغارة الدلماس في جُرُف صخري علوّه حوالي 100 متر يُعرف بشير الدلماس أو الدلماز. هي عبارة عن شقّ طبيعي ضخم علوّه 30 متراً تقريباً، على شكل مُثلث يتجه نحو الشمال الشرقي ويحتوي على رواق طبيعي، نُقِرت وهُيّئت فيه مجموعة من الحُجُرات والفجوات على شكل غُرَف، وبُنيت في وسطه عمارة مؤلفة من مستويات عدة. على جانبي الشق ثقوب مقدودة، وأدراج محفورة في الصخر، وفتحات موسعة ومُدْمَجة في المجموعة المعمارية. وفي آخر الشق مغارة صغيرة كناية عن رواق طوله نحو 30 متراً.
تكمن أهمية المغارة في موقعها العاصي والاستراتيجي، إذ تشرف على القسم المتبقّي من طريق القوافل القديمة التي كانت تربط الساحل الطرابلسي مخترقة جبال لبنان فالبقاع فدمشق، الأمر الذي يفسّر الطابع العسكري لهندستها المعمارية، وثانياً، لكونها الموقع العسكري الوحيد المتبقّي في جبّة بشري والذي يعود الى أواخر القرون الوسطى.
القسم الأكبر من هذا الموقع كناية عن حصن معلّق داخل الشقّ ترتكز واجهته على عقد مكسور، وبناؤه الداخلي على قبو اسطواني، والاثنان يستندان الى جانبي الشق على علو 8 أمتار عن المستوى الحالي لأرض المغارة.
1– الواجهة: كناية عن حائط ضخم يرتكز على عقد مكسور ويأخذ في شكل بنائه شكل الشق الطبيعي للمغارة. العلو الاجمالي لهذه الواجهة 14 متراً تقريباً. العقد والحائط مبنيان بحجر رملي منحوت ومستطيل الشكل. سماكة حائط الواجهة تساوي 40 سنتمتراً تقريباً لوجود صفّين متساويين من الحجارة المنحوتة على مستوى كل مدماك. أما المِلاط المستعمل لتثبيت الحجارة، فمزيج من الكلس والفحم والحصى. وثمة عدد من النوافذ والفتحات على مستويات مختلفة، تؤكد ان استعمالها كان لغاية عسكرية وهذا أمرٌ محيّرٌ؛ فصِغَر حجمها يجعل استعمال القوس والنشّاب منها مستحيلاً. والفتحات تدل الى أنها كانت كوّات رمي لأسلحة نارية.
2– البناء الداخلي: كناية عن قاعة ضخمة أساسية تستند الى ظهر القبو الاسطواني الذي يشكّل بالنسبة الى القاعة أرضيتها المرصوفة بالبلاط؛ كما يشكل جانبا الشق مع الواجهة جدران القاعة. أما امتداد التجويف الصخري افقياً فوق القاعة فيشكّل سقفاً طبيعياً لها.
على علو 3 أمتار من سقف القاعة الصخري، حجرة مستطيلة تشكّل الجزء الأعلى للبناء محفورة بأكملها في الصخر، عدا جهتها الشرقية، فإذا بنا أمام جدران صخرية قويمة، تشكّل زوايا مستقيمة، وسقف صخري مسطّح كلياً. جميع هذه الأقسام مغطّاة بطبقتين من المِلاط الجصّي الذي تحوّل لونه أسود، ربما بفعل حريق.
“لهذه الحجرة أهمية أثرية ففي أرضيتها، عند الزاوية الجنوبية، تنّور قطره متر واحد وما تبقى من ارتفاعه نصف متر؛ وعثر في جانبه على حطام بعض الأواني الخزفية المطلية يمكن تأريخها بالتأكيد ما بين القرن 13 و14م. كذلك عثرنا على قطعة خشبيّة محزّزة، ونبلات (حديدية)، وخِرق من القماش من بينها واحدة مضلّعة كانت تسمّى في تلك الفترة “العتابي”، وفق بارودي.
3– أما القسم المتبقي من المباني الجوفية فكناية عن خزان لجمع المياه، ومجموعة من الحُجُرات المحفورة والمغلقة بجدران من الحجارة المنحوتة بطريقة غير متقنة.

الإطار التاريخي
“رغم الأهمية الاستراتيجية للحصن المعلّق، وحالة البناء الجيدة، لم نعثر على أي مصادر تذكر هذا الموقع، الأمر الذي يجعل وضعه في إطار تاريخي صحيح عملية صعبة”، يقول بارودي. اضافة الى ذلك، لا تسمح هندسته المعمارية العسكرية بوضع دراسة مقارنة معمارية له، وبالتالي تحديد فترة بنائه. لكن وجود الكِسَر الخزفية المطلية في الغرفة الأعلى للموقع تدلّ الى انه كان مأهولاً في الفترة الممتدة ما بين القرنين 13 و14م. يؤكّد ذلك أيضاً عدم وجود أي أدلة أثرية أو معمارية تشير الى نقيض ذلك.
يضيف بارودي: “غالب الظن أن بناة هذا الموقع كانوا جماعة محلية تفتقر الى المعرفة في الفن المعماري العسكري، لاسيما أن التقليد الشعبي المتداول حتى أيامنا، يذكر أن سكان هذه المغارة كانوا عصابة من السكان المحليين، يتصرفون كرهبان خلال النهار، ولصوص ومجرمين خلال الليل. ومن القصص التي ما زالت تُحكى عن “رهبان الدلماس” انهم كانوا يُبَيطِرون خيلهم بوضع الحُدوة معكوسة لتضليل أثرهم”.
اما عن تسمية الدلماس، فيقول بارودي “انها غريبة عن المنطقة، وهناك إحتمالات عدة لتفسيرها: دلماسياDalmatia هي المقاطعة الضخمة التي ضُمَّت الى روما في سنة 9 للميلاد ودعيت Illyricum، وهي حالياً دول ألبانيا، صربيا، كرواتيا، سلوفينيا، البوسنة والهرسك، كوسوفو، الجبل الأسود، ومقدونيا، اشتهر اهلها بلباس فوقي يُدخل في الرأس ويُربط عند الخصر. هذا اللباس استُعمل فيما بعد كلباس ليتورجي يلبسه خادما القداس الحبري في الطقس اللاتيني، وقد استُعمل مرحلياً لدى الموارنة، كما انه لباس ملوكي ايضاً، نجد منه دلماتيك شارلمان Charlemagne الشهير؛ من شكله ايضاً تطوّر لباس الاسقف البيزنطي المعروف بالساكوس”.
ربما كان سكان هذه المغارة يلبسون زيّاً مشابهاً؛ فهل كانوا من رجال الكهنوت؟ هل كانوا احدى الجماعات التنسكية الآتية من دلماسيا، لتتنسّك في منطقة قاديشا كسواها من الرهبان، أم كانوا فعلاً قطّاع طرق محليين على ما يذكر التقليد الشعبي؟

حدثة الجبّة / طوني فرنجية

النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).