بمناسبة إعلان تطويب الأب خوسيه أنطون غوميز ورفاقه الثلاثة في كاتدرائيّة ألمودينا في مدريد في اسبانيا أجرت إذاعة الفاتيكان مقابلة مع الكاردينال أنجلو أماتو رئيس مجمع دعاوى القديسين تحدث فيها عن هؤلاء الطوباويين الجدد والرسالة التي يحملونها لعالم اليوم.
قال الكاردينال أنجلو أماتو أربعة رهبان بنديكتان استشهدوا خلال الاضطهاد الذي تعرّض له الإكليروس في اسبانيا عام 1936. لقد أظهروا هم أيضًا شجاعة أمام الاستشهاد وروحًا متواضعًا ومتسامح. لقد كانوا يحملون في أذهانهم توصيات قانون القديس بندكتس القائل: “لا تجازي الشرّ بالشرّ، ولا تشتم، وإنما تحمل الشتم بصبر، وأحبّ أعداءك. لا تلعن بل بارك لاعنيك وتحمّل الاضطهاد في سبيل البر”. هكذا تصرّف شهداؤنا أيضًا، لقد تمّ رميهم بالرصاص وقتلوا ليس لأنهم مجرمون وإنما لأنّهم كهنة. واحد منهم وهو الأب أنطولين، والذي كان قد هرب من الاضطهاد في المكسيك، وقد تمّ القبض عليه مع أربعمائة شخص آخرين واقتيدوا جميعًا إلى الموت، ومات وهو يصرخ: “يحيا المسيح الملك!”
تابع رئيس مجمع دعاوى القديسين مجيبًا على السؤال كيف من الممكن أن يتعرّض أشخاص ودعاء أبرياء لسوء المعاملة ويُقتلوا بطريقة وحشيّة وقال هذا هو سرّ الشرّ الكبير الذي يشوّه قلب الإنسان. لقد تمييز الإطار الاجتماعي-السياسي في الثلاثينات في اسبانيا بظاهرة عنف ضدّ الكنيسة الكاثوليكيّة لا مثيل لها. وبالتالي أعتقد أنه بإمكاننا أن نرى في هذه الفظاعة، بأعين الإيمان، الهيمنة المؤقّتة لسلطان الشر القائم على الحقد والنزاعات على ملكوت الله القائم على السلام والعدالة والمحبّة. ففي تلك المرحلة، كما يذكّرنا الإنجيل قبل موت يسوع، “خَيَّمَ الظَّلامُ على الأَرضِ لأَنَّ الشَّمسَ قدِ احتَجَبَت” (لوقا 23، 44). لقد تمكّن عدو الله لفترة قصيرة من أن يبسط أجنحة الموت الباردة والعداوة التي تقتل الأخ فغسل بدم الأبرياء أرض اسبانيا المباركة بالشهداء والقديسين والمرسلين.
أضاف الكاردينال أنجلو أماتو يقول إن الكنيسة تعيد قراءة سنوات الدماء هذه لسببين، أولاً لأنها تريد أن تحافظ على ذكرى الأبرار ومن ثمّ على شهادتهم الصالحة. لقد كان هؤلاء الرهبان الأربعة أشخاصًا صالحين وودعاء. لقد كتب كاتب سيرة الأب خوسيه أنطون غوميز أنّه كان شخصًا مبتسمًا على الدوام، حاد الذكاء ومثقَّف، يبذل ذاته في سبيل الآخرين. ويقول عنه أحد الشهود العيان إنه كان للنفوس في كرسي الاعتراف المعلّم والأب والقديس. يُقال أيضًا عن الأب أنطولين بابلوس أنه كان راهبًا في صومعته وفي كرسي الاعتراف وفي المكتبة. كمرسل في المكسيك تمكّن من الهروب بشكل عجائبي من الاضطهادات التي قامت في البلاد عام 1914. ويُعرف عنه أنّه كان مُستعدًّا على الدوام ليقدّم المشورة والنصح لجميع المؤمنين الذين كانوا يأتون إليه. أما الأب خوان رافاييل ماريانو ألكوسير مارتينيز فكان رجلاً مثقّفًا ضليعًا في الليتورجية وكاتبًا لامعًا. فيما الأصغر بينهم وهو الأب لويس إولوجيو فيداورازاغا غوميز فقد كان ذات طبع نبيل وصادق، اشتُهر بعظاته ولاسيما بأنه كان رسولاً للإفخارستيا. واليوم انضمّ هؤلاء الرهبان البنديكتان الأربعة من دير مونتسرات في مدريد إلى الألف وستمائة شهيد اسباني الذين بدأت الكنيسة بإعلان تطويبهم منذ عام 1987. إنه جوق كبير من المؤمنين الذين ضحّوا بحياتهم لكي يحافظوا على الإيمان المسيحي في اسبانيا.
وختم الكاردينال أنجلو أماتو رئيس مجمع دعاوى القديسين حديثه لإذاعتنا بالقول من خلال تذكّرها للشهداء تريد الكنيسة أن تحذِّر الجميع، مؤمنون وغير مؤمنين، من عدم تكرار أحداث الرعب والموت هذه وإنما ليخلقوا يوميًّا تصرفات حياة وفرص لقاء ومواقف قبول وتفهّم. من خلال إتباع مثال الشهداء تدعونا الكنيسة اليوم لنعيش بحسب التطويبات الإنجيلية فنروي عطش الإنسان بمياه المغفرة والوداعة والأخوّة والفرح. كما وتذكّرنا شهادة الشهداء بكلمات يسوع الذي يقول لنا: “لا تَخافوا الَّذينَ يَقتُلونَ الجَسد ولا يَستَطيعونَ قَتلَ النَّفْس” (متى 10، 28).
إذاعة الفاتيكان
الرئيسية | أخبار الكنيسة | مقابلة مع الكاردينال أنجلو أماتو حول الطوباوي الأب خوسيه أنطون غوميز ورفاقه الثلاثة
الوسوم :مقابلة مع الكاردينال أنجلو أماتو حول الطوباوي الأب خوسيه أنطون غوميز ورفاقه الثلاثة