وقّع أبونا يعقوب مسيرته الكهنوتيّة بختمٍ إيمانيّ، “حضور الرّبّ في كلّ ما كان يقوم به، في صمته… وفي كلامه…”
بلغ ذروة الحبّ، وصل إلى شغفٍ كبيرٍ في المصلوب. كان يدرك أنّه سيبلغ سعادةً مع الرّبّ، عندما يحاكيه عطاءً ومساعدةً وخدمةً. هذا كلّه حصيلة المحبّة المشتعلة في ثنايا فؤاده، والسّائرة مسير الدّم في عروقه.
كان حبّه عظيمًا، فقد نشر نور الرّبّ في كلّ مكانٍ قصده . تدثّر بلباس المحبّة ليواجه العالم. اتّخذ من حبّه الصّليب، سندًا وحمايةً وهدايةً له. أحبّ قلب يسوع، وسعى أن يكون رسول رحمة، هدفه الوحيد غرس المحبّة في كلّ نفسٍ متعطّشة إلى السّكينة…
كلّما حقّق أمنيةً في حياته، ازداد حبّه للّه، واتّخذ قوّته الكبرى من العناية الإلهيّة، لأنّه كان على يقين أنّ الرّبّ، هو صانع ما يحقّق، فنعمه كانت شعاعًا ينير عينيه، وقوّة تمسك بيديه، وهمسات صلاة تنطق بها شفتاه…
لطالما تمنّى أن تسود المحبّة فيسود السّلام، وتمتلئ النّفوس سعادة…حقيقة حبّه لله تجلّت في محبّة القريب. كان مستعدًّا لكلّ شيء، وفي كلّ لحظة، وكان مقتنعًا أنّه يخدم الله عندما يخدم القريب. كان يدرك أنّ نور الصّليب يشعّ فيه، فيلقي بنوره على من يصادفهم…
عاش المحبّة بكلّ أبعادها، فعظمة هذه الكلمة أصبحت مرادفًا لحياته، وحياته تجسيدًا لها. محبّة صادقة نابعة من قلب يتأجّج إيمانًا. أدرك أنّ حبّ المسيح لا يحتاج إلى كتبٍ ولا إلى معلّمين ليثقّف النّفوس، فهو معلّم المعلّمين، يُدلي بتعاليمه دون ضجّة في الكلام….
أبونا يعقوب … الينبوع الّذي يروي الظّامئين … هو الينبوع المُهدى من السّماء، يماثلها بما تسكبه يداه، جودًا وسخاءً.
إن لم تكن أعمالنا مطبوعةً بمداد المحبّة، فباطل ما نقوم به!
أبونا يعقوب ناطق بالمحبّة، أحبّ رسالته، لأنّها سلّم الوصول إلى السّماء…
يكفينا أن ننظر في عيني الأب يعقوب، ونلحظ ما يشعّ فيهما من حبٍّ وإيمان، ونتّخذهما مرآةً صباحيّة تنعكس في حدقاتنا، حبًّا وإيمانًا بالرّبّ يسوع…
أبونا يعقوب رسول الصّليب ،علينا أن ننهل من رسالته التّضحية والمحبّة …
علينا أن نتمثّل به ونتّخذ منه جماليّة حبّ القريب النّاتجة من حبّه الله، والمتجسّدة فرحًا في حياته ، فالفرح وحده هو غاية عمل المحبّة…
زينيت