ولانها “لغة اهل الجنة” على ما جاء في الاحاديث، هو تحد حضاري انساني مذهل. ليس هينا اننا مع بدايات قرن جديد، ما زلنا نقبل ان نقرأ اخبار التفجيرات والاقتتال والمذابح والتكفير والارهاب كأنها من علامات الزمان، وكأنها شيء مقبول عادي. وليس غريبا اننا لا نريد ان نسمع ولا ان نعرف ولا ان نهتم بآلاف الحوادث التي تشهد لعملية إلغاء الآخر، في قوميته او اتنيته او دينه او مذهبه او فكره، بالفتاوى الجهادية، وعلى شاشات التلفزيون والمواقع، وأمام رأي عام لاه لا كرامة له. فمن اين يأتي الوعي بضرورة الحفاظ على كل لغة لكل شعب على انها ثروة؟ ومن في اولوياته ان لا تندثر اللغة السريانية بما هي لغة وطنية ومشرقية؟ حين غاب المهندس روبير غابريال رئيس جمعية اصدقاء اللغة السريانية، كنت افكر في مأتمه المهيب، هو الذي قدم حياته على مذبح احياء اللغة، هل مات قبل ان يرى لغته المعشوقة تذوب وتختفي؟ لا سوريا ولا لبنان، قبل الازمات وفيها، اعترف بالسريانية لغة وطنية لتحمي التنوع والتعدد. ولا الكنيسة المارونية فرضتها لغة اختيارية في المدارس الكاثوليكية، كما طالبت الرابطة البطريرك السابق مار نصرالله بطرس صفير في مذكرة رسمية، انها لغة يتيمة مثل شعبها. في زمن عدم احترام الانسان، اي انسان، في زمن انتحاريين لا قيمة عندهم لا للحياة ولا للفرد ولا للثقافة، من على باله ان يهجّر شعبا اصيلا من بلاده، ومن على باله ان تموت لغة مقدسة!
رئيس الرابطة السريانية / النهار