كتب بسام ابو زيد في نداء الوطن بتاريخ 14 آذار 2022
في 14 آذار من العام 1989 أعلن الجنرال ميشال عون «حرب التحرير» ضد الجيش السوري، وكانت النتيجة الوحيدة والأخطر لهذه الحرب هي اتفاق الطائف بتغطية إقليمية ودولية، وقد أراد الجنرال في وقتها فرض أجندته فحاول خربطة الاتفاق من خلال «حرب الإلغاء» إلى أن أُخرج بالقوة من قصر بعبدا في 13 تشرين الأول من العام 1990، وكان الثمن باهظاً على المسيحيين تحديداً بسبب الهزيمة العسكرية والتشرذم السياسي الذي أصيبوا به، فأصبح قصر بعبدا مقر الرئاسة الأولى واقعاً تحت الهيمنة السورية المباشرة وكذلك المناطق التي كانت تعرف، بالحرة فحكموها بأدوات سياسية وعسكرية وأمنية تابعة لهذه الهيمنة وحصل ما حصل، وبالتالي فإن 14 آذار الأولى لم تؤدِّ إلى تحرير لبنان بل جعلته محافظة سورية يتحكّم بمصيرها ومصير شعبها «والي» عنجر.
14 آذار الثانية كانت في العام 2005 وهي اتت بعد صدور القرار 1559 الداعي لانسحاب الجيش السوري من لبنان ولحلّ كل الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، واتت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط من العام 2005، ولكن السبب الأساس لتلك التظاهرة الضخمة كان ما حصل في 8 آذار من العام 2005 عندما نظّم حلفاء الوصاية السورية، وعلى رأسهم «حزب الله»، تظاهرة شكروا فيها النظام السوري وتحدث الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، فاعتُبِرَ كل هذا التحرك استفزازاً للقوى السيادية ليأتي الرد في 14 آذار تظاهرة مليونية طالبت بانسحاب الجيش السوري، وبدولة قوية وحدها تحمل السلاح وكان في عداد هؤلاء المتظاهرين أنصار الجنرال ميشال عون الذي كان ما زال في فرنسا، وأنصار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي كان لا يزال في السجن.
في الخلاصة أن 14 آذار الأولى افتُعلت في توقيت غير مناسب ففشلت، أما 14 آذار الثانية ففشلت لأنها لم تُسْتَكْمَل فكانت الضربة الأولى لها في الحلف الرباعي في انتخابات الـ 2005، فاستفاد منه الجنرال عون وحقق ما حقق من مقاعد نيابية مسيحية حملها مع جماهيره، التي شاركت في تظاهرة 14 آذار، إلى حضن عرّاب قوى الثامن من آذار الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله حليف سوريا الأسد والمتمسك بالسلاح، فكانت ضربة جديدة لـ 14 آذار ولا تزال مفاعيلها قائمة حتى اليوم، فلم ينجح مشروع بناء الدولة ولم تتحقق سيادة القانون.