من الشرق اتى وفيه المهد كان، ومن الشرق سيأتي لننبعث من جديد. في الشرق المهد، وكذلك الموت فالقيامة. من الشرق انبثق النور وفي الشرق سيموت وينبعث ليشرق من جديد. في التجسد تم ملء الزمان وفي قيامة المصلوب تم كل شيء. في ملء الزمن ولد ليموت اما في هذه الازمنة فسيموت ليولد. سران في سر واحد: التجسد والقيامة. من يقوم من موته يجسده أبداً، يولده المولود منه ويقيمه الميت فيه، ليحيا لا هو، بل المسيح الحي فيه. لا ولادة لمن لا يموت فيه ولا قيامة لمن لا يولد فيه، من علو. ما يجري في الشرق ليس صدفة، بل علامة من علامات الازمنة. نهاية الأزمنة نهاية الكنيسة وموت المسيح استباق لموت الكنيسة. فكما انتهى زمان المسيح على الارض بموته مضطهداً على الصليب كذلك ستنتهي الازمنة بموت الكنيسة مضطهدة على الصليب وابواب الحجيم لن تقوى عليها. الكنيسة ستموت، نعم، فلا نخافن من موتها، لان حبة الحنطة ان لم تقع وتمت في الارض تبقى وحدها، وان ماتت أتت بثمار كثيرة. هذا تاريخ الكنيسة: تخاف ان تموت فتموت وهي حية بدل ان تعانق الموت لتحيا ابداً. موت بطرس استباق لموت الكنيسة. بطرس هو اكثر من انسان – فرد، هو جماعة في انسان وكنيسة في شخص. موت بطرس موت كل واحد وموت الكنيسة بأكملها. ما كانت الكنيسة يوما صخرة واحدة، بل احجاراً متراصة واعمدة راسخة على الايمان. صخرة الكنيسة ستتفتت كما المسيح – الصخرة التي فتتها عود الصليب واعاد بناءها حجر القبر المزاح. لن يمجد المسيح جسده ما لم يمت هذا الجسد اي كنيسته. لن يرضي لها مصيراً ادنى من مصيره معلقا على صليب الاوجاع. لانه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله. كنيسته عروسه يهديها تاج الشوك اكليلاً ويشربها كأس خمر الحب والحياة. شرقنا يموت معذباً ولكنه سيقوم منبعثاً من جديد. الكأس مرة ولكن لا بد منها. يا رب ابعد عن شرقنا هذه الكأس، ولكن لا تكن مشيئتنا، بل مشيئتك.
ريمون موسى الاسمر
النهار