ترأس راعي ابرشية جبل لبنان للروم الأرثوذكس المطران سلوان موسي قداسا احتفاليا في كنيسة مار مخايل “المدبر” في الشويفات، لمناسبة زيارته الرعائية الأولى الى المدينة، عاونه الأرشمندريت يعقوب خليل وكاهن الرعية الاب الياس كرم والشماس جورج شلهوب، بمشاركة وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري، النائب انيس نصار، رئيس الصندوق المركزي للمهجرين العميد نقولا الهبر، نائب رئيس بلدية الشويفات شديد حنا وابناء الرعية.
بعد تلاوة الانجيل المقدس، قال موسي في عظته:”اهنئكم لمناسبة عيد رئيس الملائكة، وسروري كبير ان التقي بكم في الشويفات.الانجيل الذي سمعناه اليوم هو باب عريض يريد المسيح ان يدخل من خلاله الى حياتنا وحياة الجميع، ويريد منا ان ندخل الى حياته، سمعنا مثل السامري الشفوق، وبامكاننا ان نكون اي شخصية من شخصيات الانجيل. بالامكان ان اكون الكاهن واللاوي الذي يمر امام الناس ولا اعير اي اهتمام لألامهم ومعاناتهم، لا اريد ذلك ولا اراهم اصلا وانا مهتم بأمور اخرى. وهذا الواقع اعيشه ولا اعرف ان كنتم تعيشونه ايضا. بالامكان ايضا ان اكون الانسان الجريح الموجود على الطريق بسبب الخطيئة والبعد عن الله لانني نسيت ذلك ولانني لم اصل وانا بعيد عنه. تعرضت للضرب وانا اتألم وما من احد يمكنه مساعدتي”.
وتابع:”في داخل كنيستنا وخارجها هناك كثيرون مثل هذا الشخص الذي تعرض للضرب المبرح وهو ضائع ولا يجد من يساعده، ربما يقع اللوم عليه لأنه سار على طريق محفوف بالخطر، كان يجب ان ينتبه.انا لست مسؤولا عنه اذ انني متله بامر اعظم من ذلك، وهذا الامر قد يحصل معي. قد اكون مجروح وما من احد يسأل عني، بإمكان ان اكون الشخص السامري الذي تربط بيني وبين ذلك الشخص عداوة مستحكمة منذ زمن طويل ولها اسباب ومبررات عقائدية وتاريخية ودينية وغير ذلك، ولكن في مكان معين يقول لنا المسيح هذا هو الوحيد الذي تحنن ورأى ابعد من كل هذه القصص التي نضعها كحاجز بيني وبين اخي. اقترب منه واعتنى به، لم يعتن به من باب الواجب فحسب، انما اهتم به شخصيا، اصطحبه الى المكان الذي يجب ان يعتني به وقدم كل ما هو لازم للاعتناء به. كم هي جميلة تلك اللحظة وتلك العناية، وذلك الشخص الذي تصالح مع اخيه الذي كان يتقاتل معه”.
واضاف:”من الجميل ان نتحدث عن هذا الكلام هنا في هذا المكان في الشويفات، وجميل ان نتحدث هذا الكلام في لبنان وفي ابرشيتنا. كم هناك من اشخاص يمرون بما مر به الكاهن واللاوي وانا منهم ولا نعير اخينا الاهتمام، ولا نسأل عنه وهو مجروح بالخطيئة ولا نتصالح معه. حصل الامر ويحصل وقد يحصل، و لكننا لا نريد ان يتكرر ابدا”.
وقال:”كما نعيش في جو من الألفة والإنسانية بين بعضنا البعض هنا، هكذا يجب ان نعمل، هناك اشخاص يمنحون اخوتهم فرصة افضل واخرى للحياة، لذلك فإن شخصيات المثل الوارد في الإنجيل يمثلوننا.نحن وليس اشخاص بيننا يتعاطون الخدمة الاجتماعية وعمل الرحمة، واقصد حالات نفسنا عندما نتحنن على اخوتنا الذين لا نلتفت اليهم”.
واشار الى ان “الانجيل يدعونا كما ذلك الشخص الذي تقرب من المسيح ويرغب في ان يكون الى جانب ربه فقدم له الرب البوصلة، ولكن ما هي هذه البوصلة؟ هي ان تحب ربك من كل قلبك وقريبك كنفسك وإذا كنت تقوم بذلك فستحيا. لكن ذلك الانسان يكتفي بنفسه و سأله كيف ذلك، فقص عليه مثل يسوع وفهم هذا الإنسان بعد ذلك، من كان الذكي في المثل هل هو ذلك الشخص الذي كان لديه عمل وانجزه في الهيكل او الذي نزل منه وكان متقدسا من ربنا. لا. من فهم فكر يسوع وتحنن وساعد. اصنع معه كذلك، من صنع الرحمة معه، نعيش ايماننا بالممارسة”.
واضاف:”في الكثير من الاحيان، تفضحنا ممارساتنا، وتفضحني ممارستي قبلكم انتم. ولذلك عندما نسمع هذا الانجيل لا بد من ان نشعر بالخجل من انفسنا وليس من غيرنا لأننا مقصرون ولا ننتبه نصنع بعضا من الرحمة وننسى كل الرحمة. نقدم حسنة صغيرة وننسى الإحسان الكبير، ولذلك هذا الانجيل يشعرنا بالخجل كثيرا وكل واحد وفق ضميره، لكن في الوقت نفسه فإن هذا الانجيل يبعث فينا الرجاء الكبير لان اول سامري هو يسوع الذي اتى ونحن متخاصمون معه ومتخاصم مع كل البشرية. لقد اتى وداونا ومنحنا الكنيسة لتكون شفاء لنفوسنا اذا كنا نرغب بذلك وطلب ان نتمثل به لنكون سامريين شفوقين على بعضنا البعض ولا يعني ذلك في البيت نفسه او الرعية او القرية نفسها انما مع اخوتنا في الإنسانية”.
وتابع:”الحروب في المنطقة ادخلتنا في تجارب كثيرة ونحن كمسيحيين لدينا خيار اما ان نحيا بالانجيل او لا نحيا. البعض نجح في الامتحان والبعض الاخر لم ينجح ولكن نشكر الله ان هناك اماكن للنور والرجاء دائما تدفعنا الى الشعور بأن هناك ما هو اهم من ذاتنا الا هو محبتنا لأخينا وخدمته. هذا ما طلبه يسوع منا. واذا ارادنا العثور عليه يقول:اصنع كذلك اصنع معه الرحمة، وتصبح انت قريبه وليس هو قريبك لأنك انت من تقربت منه. فكيف يجب ان ننظر الى بعضنا البعض هل من بعيد ومن خلال ارتدائنا القفازات من دون ان نتقرب من بعضنا. ربما، وبامكاننا ان نمد اليد الى بعضنا البعض ومساعدة بعضنا البعض في منزلنا ورعيتنا وفي بلدنا وفي هذه المنطقة وكل مكان. للأسف فإن الخوف مستحكم بنا وكذلك الأنانية لأسباب مختلفة ونقدم العذر لأنفسنا لكن للمسيح رجاء كبير في وجود حفنة من الاشخاص القادرين على الخروج من خوفهم وأنانيتهم لقيام مساحة جميلة جدا اي مساحة الكنيسة نفسها وهذه الكنيسة بالذات في الإمكان ان تخدم بالفعل من يريد ويحتاج وان تخرج لتجد من هم محتاجون للمساعدة وليس بالضرورة ان يكون المحتاج هو الفقير للمال انما ذلك يملك الكثير ولكنه يفتقر للرحمة”.
وختم:”هذا الشخص يحتاج الى الكثير من العناية والمحبة كي يشعر قلبه بالمحبة ويقدمها الى اخيه قبل اشياء اخرى لان هذا ما نحن احوج اليه. ليمنحنا ربنا في هذا العيد المبارك القدرة للدخول الى الخدمة، ونحن نتحلى بروح هذا الانجيل كي نتمكن من التغلب على خوفنا وانانيتنا، ونضع نصب اعيننا وصية المسيح فنحب قريبنا ونصنع معه الرحمة كائنا من يكون”.
استقبال
بعد القداس اقيم للمطران موسي استقبال على وقع موسيقى الكشاف الوطني الارثودكسي، ثم استقبل المهنئين، يحيط به الاب كرم واعضاء مجلس الرعية.
وقد حضر مهنئا على التوالي: كمال المحير ممثلا وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال سيزار ابي خليل، رئيس بلدية الشويفات ممثلا النائب طلال ارسلان، وكيل داخلية الشويفات – خلده في الحزب التقدمي الأشتراكي مروان ابي فرج ممثلا النائب أكرم شهيب، نائب رئيس المكتب السياسي في “حركة أمل” الشيخ حسن المصري على رأس وفد، رئيس الاركان السابق في الجيش اللبناني اللواء الركن وليد سلمان، اعضاء مجلس بلدية الشويفات ومخاتير البلدة ورؤساء البلدية السابقين، مشايخ ومستشار مشيخة العقل الشيخ نزيه صعب والشيخ اكرم الجردي وكاهنا الشويفات للكنيسة المارونية شربل ديب ومروان سلامه ومختارا بليبل وحومال اضافة الى فاعليات وحشد من ابناء الشويفات والجوار.
كرم
وقد تخلل حفل الاستقبال الذي اقيم في قاعة الكنيسة كلمة للاب كرم جاء فيها:”فرح كبير يملؤنا يا صاحب السيادة المتروبوليت سلوان بزيارتكم الغالية على قلوبنا جميعا.اليوم افتقدنا الله بزيارتكم لرعيتنا ولمدينة الشويفات الغنية عن التعريف، هذه المدينة التي تشهد اليوم على عرس المحبة والتلاقي بين أبناء المنطقة الواحدة”.
وقال:”يا سيدي، أتيتمونا مدينة العلم والنور ومدينة بطل الأستقلال، حاملين رسالة المحبة والإخاء، وبذلك تؤكدون على نهج سلفكم سيادة المطران جورج خضر، أطال الله بعمره، وبعمر الحاضرين، فبزيارتكم اليوم نرسخ أيضا وأيضا أسس التواصل والتفاعل بين أبناء المنطقة الواحدة، ونؤكد على أهمية الحفاظ على هذا البلد ووحدته الوطنية والعيش الواحد فيه، فمدينة الشويفات جزء لا يتجزأ من لبنانا الحبيب”.
وتابع:”نحن يا سيدي، وللأسف، عشنا أوضاعا صعبة وما زلنا، وعليه بصلواتكم وأدعية المشايخ الأفاضل وأتقياء الله سنصل الى وقت نستعيد فيه جو التآخي الحقيقي الكامل ونتحرر من عقد الطائفية والمذهبية والمحاصصة وتقاسم المغانم. سيدي، نحن نشكر الله على وجودكم بيننا، حلت البركة، نحن قوم عدنا الى الشويفات لنعيش حقيقة الوجود، انجزنا الكثير وأرسينا قواعد العودة الحقيقية ببركة سلفكم المطران جورج، التي تكرمت البلدية في عهد السيد ملحم السوقي وبرعاية كريمة من الأمير طلال ارسلان، بإفتتاح شارع على اسمه، وعليه، نأمل اليوم بوجودكم يا سيدنا وببركتكم، أن نكمل مشوار العودة عبر إنجاز مشاريع حيوية وإنمائية لأبنائنا، تسهل عليهم السكن في الشويفات لنكون مع كافة مكوناتها وحدة متماسكة في مواجهة الصعاب والتحديات”.
واضاف:”الحق يقال إن هذا الصرح الذي يتبارك اليوم بوجودكم، استقبل عبر السنوات عددا كبيرا من المسؤولين والزعماء، وعليه استغنمها فرصة اليوم لأوجه تحية لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولكافة الوزراء، والى الزعيمين وليد بك جنبلاط والأمير طلال ارسلان، وأسمح لنفسي بمخاطبتهما بمحبة وأقول اذا الجبل بخير لبنان كلو بخير، والشويفات المدخل الرئيسي لهذا الجبل الأشم”.
وختم:”اذا كانت الشويفات بخير الجبل كلو بخير، والتحية لجيشنا الغالي وكافة القوى الأمنية. وعليه باسم رئيس وأعضاء مجلس بلدية مدينة الشويفات والأخوة أعضاء مجلس الرعية وأبناء الرعية وبالأصالة، نشكر زيارتكم المباركة، والشكر لرئيس بلدية الشويفات الاستاذ زياد حيدر وأعضاء المجلس البلدي لرعايتهم الدائمة وعنايتهم السخية برعيتنا، والشكر لفعاليات مدينة الشويفات الذين ساهموا ويساهمون معنا في إنجاز هذا الصرح”.
المر
بعد ذلك، القى الدكتور جورج متري المر كلمة الرعية وشرح سبب وفائه لذكرى والده المرحوم متري المر ببناء دار في الشويفات والتي بارك حجر الأساس فيها المطران جورج خضر، وتوجه بالشكر للمطران موسي ولكافة الحضور، مشيرا الى اننا “لم نتعود في حياتنا في هذه المدينة، مدينة العلم والمعرفة والرقي، أن نميز بين أهل المحبة وأهل الحكمة، فنحن جميعا نلتقي في قلب الله ومحبته لنا”.
صعب
ثم ألقى الشيخ نزيه صعب قصيدة معبرة ومؤثرة من وحي المناسبة، ونقل الى سيادته تحيات شيخ عقل طائفة الموحدين الشيخ نعيم حسن.
المصري
ثم طلب كاهن الرعية من الشيخ المصري اعتلاء المنبر والقاء كلمة في المناسبة. فبعد الدعاء توجه، باسم رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتحية والتهاني الى المطران موسي، متمنيا له التوفيق في مهامه الرعائية، مهنئا رعية الشويفات على هذا الصرح العريق، آملا “ان يكون واحة للقاءات الوطنية الجامعة”.
واستذكر في المناسبة الأمام المغيب موسى الصدر والمطران جورج خضر، حيث كان يلتقي بسيادته عند الأمام الصدر في جلسات وطنية واستثنائية، وتطرق الى الوضع العام في البلد والى الوضع الحكومي، خاتما، بتجديد التبريكات لرعية الشويفات وللمطران موسي.
موسي
وفي الختام، قال المطران موسي:”من دواعي سروري ان تتمكنوا من استيعابي، لانني لست قادرا على استيعابكم انتم كثر. قدر المحبة والدعوات والكلمات يصعب علي ان استوعبها كلها، واطلب من خلال محبتكم ان تستوعبوني. فما اود قوله هو انني مسرور لوجودي بينكم واشكر الراعي الذي سبقني برعاية الابرشية، وربنا يمنحه العمر المديد سيدنا جورج خضر. انتم تعبرون عن تقديركم له وعن الشراكة التي جمعتكم به وعن الرعاية التي زرعها وأعطت ثمارا كثيرة. هذا اول نسيج ارتاح له، لا يمكنني الا ان اتحدث عن نسيج ثان يتمثل باهمية الشهادة التي تعطيها الرعية في الشويفات مع ابونا الياس ومجلس الرعية، وسندشن المركز الاجتماعي الذي يشكل انعكاسا لهذه الشهادة وابدي ارتياحا عندما تقدم كنيستنا ثمار خدمة للاخرين”.
وتابع:”اليوم، كان انجيلنا عن السامري الشفوق الذي يخدم ايا كان ويصنع معه الرحمة، وانا مسرور بالنسيج الثالث الذي لفتني وهو وجود جميع الاخوه الى جانبي وعلى يميني ويساري، وهم يمثلون ما يمثلونه من الأخوة والدين والروح والدنيا والمحبة والشراكة. وانا مسرور لاجتماعهم كلهم هنا في هذا المكان، حيث عبروا عن محبتهم لكنيستنا ورعيتنا واولادنا ولنا جميعا وليس لنا في هذا الوطن غير ان ننسج مع بعضنا البعض. وهذا النسيج لا يقوم الا اذا تعاونا مع بعضنا البعض”.
وختم:”انا مسرور لان اكون السبب لقيام هذا الاجتماع، ولكنه سبب مفرح للاجتماع واتمنى ان تواظبوا على ذلك، وان يشكل هذا مكانا للشورى، مكانا للقاء وللتفكير وللتخطيط وللعمل. نحن يد واحدة مع ابناء كل هذا الوطن وهم اخوة لنا كائنا من كانوا، وانا مسرور بوجودي هنا، اشكر لكم حضوركم ومحبتكم وافعالكم لان هذا افضل شيء يمكن ان اراه. جئت ورأيت ماذا تفعلون وماذا تريدون، وانا معكم في ما قلتموه، ودائما معكم . كلنا بحاجة الى ان نكون مع بعضنا البعض وان نكون يدا واحدة لمصلحة بلدنا. ادعو لكم بالتوفيق والمحبة”.
تدشين
بعد ذلك، بارك المطران موسي ودشن دار متري جرجي المر الإجتماعي الذي تكفل نجله الدكتور جورج المر ببنائه عن راحة نفس والده وكانت جولة في ارجائه، ثم انتقل مع عدد من ابناء الرعية الى كنيسة رقاد السيدة حيث جالوا في ارجائها، واختتم زيارته الى المدينة بمباركة ابناء الرعية وبتجديد دعوته لهم الى التمسك بالإيمان.
اشارة الى ان كنيسة مار مخايل بحلتها الجديدة أنجزت مؤخرا و تقام فيها القداديس منذ عامين، بعيد الأنتهاء من الأعمال العمرانية فيها، كما ان دار متري جرجي المر سيستضيف الأنشطة الروحية والإجتماعية.
وطنية