رفعت الجامعة الأنطونيّة اسم مي منسّى على جداريتها اسماً علما لعام 2015 في احتفالية تكريميّة أقيمت في قاعة الأباتي أنطوان راجح في الحرم الرئيس في الحدت- بعبدا، صدر لمناسبتها عن دار الجامعة ضمن سلسلة ” اسم علم”، كتاب باشراف بسّام برّاك بعنوان ” مي منسّى : حبرٌ تعشقه الكلمة ” قدّم للمدعوين. وتضمّن الاحتفال الى الكلمات، مقابلة مع ميّ منسّى في بيتها وحديقتها حول حياتها الأدبية والصحافية.حضر الحفل حشد من أهل ومحبّي وأصدقاء المحتفى بها وجمع من الفعاليّات والوجوه الثقافية والاعلاميّة والأدبية والأكاديميّة.
تجدر الاشارة الى أن كتاب ” مي منسّى: حبر تعشقه الكلمة” هو الجزء التاسع من سلسلة ” اسم علم ” من منشورات الجامعة الأنطونيّة والأوّل الذّي يتناول مسيرة امرأة وهو يحوي بطاقة تعريفية بمنسّى، يليها شهادات حملت تواقيع أسماء لامعة من الأدباء والمسرحيين والفنانين اضافة الى دراسات تتناول أوجها مختلفة من نتاج وفكر المحتفى بها شارك في وضعها عدد من المفكّرين والباحثين.
يتضمّن الكتاب أيضا كلمة للاسم العلم وقد عنونتها ” ورقة نهمة أكولة أطعهما منذ نصف قرن”.
برّاك
استهلّ اللقاء بكلمة للاعلامي بسّام برّاك تحدّث خلالها عن ” زمن مي، زمن امرأة تشكّلت من تجاربَ ثقافيّة وتجربات حياتيّة وتضرّجت فترونقت وهي تختمُ جرحا لتفتح يديها مستقبلة جرحا آخرَ بإيمان الكلمة، والكلمة شفاؤها”. وقال: ” اليوم، اسمك زنبقة وحيدة فريدة تتعالى في حقل اسم علم بين من سبقوها ومن سيفدون بعدها . تتسامى في رحاب الجامعة الأنطونيّة مشعّة بيضاءَ أشبهَ بفجر دائم يرقب أماسينا بعين الكتابة وبعين الكاتبة…وها نحن معك “نشقّ قميص الفجر” نكتب على صدر الوقت اسمك و”الساعة الرمليّة” إيذانا باقتراب موعدنا الذهبيِّ حيث الرّخامة تتباهى بحروفك بهويّتك صحافية روائية “تنفض الغبار وتمشي” ، وصدّقيني ، هنا على ارتفاع تلّة لن تنتعلي إلا خفّين: ال”حبرك” وال ” كلمتك”، يسيران بك الى الآتيات من الأيّام في تماه عشقيٍّ يثبت أنّ مع مي منسى ” الكلمة يعشقها الحبر و الحبرُ تعشقه الكلمة”.
للمناسبة، ألقى الممثّل رفعت طربيه أيضا كلمة استرجع خلالها ذكرياته متحدّثا بعفوية عن علاقة الصداقة الوطيدة التي تربطه بالمكرّمة أو ” الحلوة مي” وقال متوجها الى المحتفى بها ” صديقتي مي، كل ابداع مدين لك بساعات وأيام وأسابيع وشهور وسنين من الكدّ والاجتهاد والمثابرة والمتابعة أمضيتها خدمة لمجد الابداع من دون أن ننسى مؤلفاتك وكتبك التي لها الصدارة في مكتبتنا اللبنانية. ”
تلاه ترنيم من “حبر مي” لرهيف الحاج وكلمة عفوية مقتضبة ألقتها حفيدة المكرّمة سارة منسّى بعدها تحدّث الأب الرئيس للجامعة الأنطونية جرمانوس جرمانوس عن تأنيث ” اسم علم” وعن المحتفى بها وهي بحسب تعبيره ” أديبة تلتقي حولها الآراء وكأنها رأي، وتجتمع في حضرتها الأقلام وكأنها قلم” لافتاً الى أن مشوار مي منسّى الأدبي استرق الانتباه من أوّل المسار في جريدة النهار وبين الأوساط الأدبيَّة المحلّيّة في مرحلة الستّينات، حتّى نيلها جائزة الـ”بوكر العالميَّة” عام ألفين وستَّة عن روايتها “أنتعل الغبار وأَمشي”. وقال: ” يشرّفنا اليوم أن نكرّم، من خلال تكريم السيّدة مي، عالم الإعلام مرئيًّا، مسموعًا، ومكتوبًا، ولاسيّما الصّحافيّين الكتّاب، في حضرة الزملاء الصحافيّين نساء ورجالا، مرسلي الحقيقة والكلمة الحرَة الحقّة”.
منسّى
ثمّ كان عرض لوثائقي بعنوان ” حوار مع مي ” من اعداد بسّام براك واخراج بيار يوسف تبعته كلمة المحتفى بها التي شكرت الجامعة الأنطونية تكريمها، تكريم اعتبرته بمثابة إعتراف برسالة امرأة ما زالت تؤمن بأن الحب يصنع المستحيلات وممّا قالته : ” إنه قلب الجامعة الأنطونية، يقرع هذا المساء كأجراس العيد احتفالا بالكلمة، فحين تكون الكلمة سيدة الحدث، يتوارى الكاتب بخفر في ظلّها لنسمع معا ما في صمتها من نشيد كوني، من رثاء، من حياة وموت.” وتابعت: ” ستة وأربعون عاما من علاقة حميمة مع الحبر وورقة عطشى لا ترتوي، جعلت من الكتابة رسالة ودعوة. وخوفي الدائم أن يجف حبري يوما فتسقط أوراقي مع يباس الخريف. لقد فاتني في غمرة من الزمن أن اسأل ذاتي عن المرافيء التي حطّ فيها قلمي وقادني على أشرعة تتحدى الرياح والسأم إلى مرافيء مجهولة، ناسها غربة، ولياليها ذكريات مبتورة. (…)
وأردفت : ” مرافىء الكاتب، عزلته، ينسجها شرنقة حول أحلامه. همّه اللحظة الحاضرة، يعيشها مع مخاض الولادة الموجعة إلى أن تحضره الكلمة (…) فلو رصفت الكلمات حجرا تلو حجر، لو العبارات دعائم والجمل ركائز، لو قطّعّت الفقرات غرفا وشيّدت بالعناوين سقفا، لو شرّعت بالفواصل نوافذ وبالهلالات أقفلت ابواب
لو بالضمائر المستترة علّقت ستائر، لبنيت في نصف قرن من الكتابة وطنا آمنا بحجم أحلامي (…)
في الختام تسلّمت مي منسّى الريشة الفضية للجامعة الأنطونيّة من يد الأب جرمانوس جرمانوس بعدها أزيح الستار عن لوحة تذكاريّة حملت اسم الأديبة. وكان نخب في المناسبة.