الأب طوني خضره: الذمية الصامتة أصبحت دستور العديد من اللبنانيين
الإعلامي بسام أبو زيد: الجمهورية لا تجد نفسها وجمهوريات نشأت على حساب الدستور
نظّمت الحركة الثقافية – أنطلياس مساء الخميس ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٢ ندوة حول كتاب الأب ميخائيل روحانا الأنطوني “الجمهورية الخامسة، الحلّ للمعضلة اللبنانيّة” برعاية وحضور معالي وزير الاعلام زياد المكاري في قاعة الأخوين رحباني.
حضر الندوة عميد الركن شادي نخلة ممثلاً قائد الجيش جوزيف عون والوزير السابق مروان شربل والشيخ سامي عبد الخالق ممثلاً شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سماحة الشيخ الدكتور سامي ابي المنى ولفيف من الرهبان ورؤساء الأديار ورؤساء البلديات والمخاتير، كما حضر ممثلون عن الأحزاب اللبنانية ووفد من جمعية اللايونز ورئيس رابطة آل كرم السيد مارون كرم، كذلك حضرت شخصيات فكرية وثقافية ووطنية عديدة.
حاضر في الندوة كل من الأب طوني خضره رئيس إتحاد اورا ورئيس نادي الصحافة الإعلامي بسام ابو زيد وكانت إدارة الندوة للأستاذة بريجيت كسّاب.
بعد النشيد الوطني اللبناني، افتتحت الأستاذة كساب الندوة، متحدثة عن دوافع الأب روحانا لكتابة هذا الطرح الذي يجيب على كل أسئلة التصحيح الدستوري المطلوب ليتمكن المواطن من عيش حياة كريمة في وطنه.
بسام أبو زيد
في كلمته، لفت الاعلامي بسام ابو زيد، إلى غياب لبنان عن اهتمامات العالم والعالم العربي، وقال: “عندما كان لبنان جمهورية كان حاضرا من الشرق إلى الغرب وعندما بدأ القضاء على هذه الجمهورية سقط لبنان في دوامة عنف أمني وسياسي مستمر حتى اليوم لأن الجمهورية لا تجد نفسها، ولأن جمهوريات نشأت على حساب القانون والدستور.”
وأضاف: “نفتش إذا عن جمهورية جديدة، وربما يقول البعض تلك الجمهورية الجديدة أوجدها اتفاق الطائف العائد إلى الضوء بقوة في هذه الأيام، ولكن المشكلة أن هذه الجمهورية الجديدة لم تر النور لأن الطائف لم يطبق، ولا أريد هنا الدخول في نقاش او جدال عن مدى أهمية الطائف بالنسبة للبنانيبن وتحديدا المسيحيين ولا سيما لجهة أنه كرس المناصفة بينهم وبين المسلمين.
أذهب إلى كتاب الجمهورية الخامسة، كتاب الأب مخايل روحانا الأنطوني، وقد عرفت الابونا بداية من خلال نقاش عبر وسائل التواصل الإجتماعي ثم التقينا في دير مار روكز وكان النقاش مهما وعميقا وجدت كم هو متمسك بلبنانيته وكم هو متمسك بمسيحيته وكم هو تواق لإخراج لبنان الرسالة مما هو فيه.
في كتاب الجمهورية الخامسة مسار كي يخرج لبنان من أزمته، كي تستعيد الدولة وجودها وكي تتحقق مساواة بين اللبنانيين من مستوى القمة إلى مستوى القاعدة وهذا باعتقادي حلم قد يتحقق وقد لا يتحقق ابدا.
وانطلاقا من هذه الفكرة الأخيرة أطرح مجموعة من الأسئلة وردت في ذهني أثناء قراءة هذا الكتاب وأرجو من الأب روحانا الإجابة عليها:
السؤال الأول كيف السبيل لخلاص بعض من يحملون الهوية اللبنانية من الولاء للخارج ولمشاريع سياسية وأجندات خارجية؟
السؤال الثاني كيف السبيل إلى أن لا يكون بعض من يحملون الهوية اللبنانية أداة للتخريب في لبنان وخارج لبنان؟
السؤال الثالث كيف السبيل فعلا لإيجاد حس المواطنة حس الشعور باللبنانية وليس بالطائفية والمذهبية؟
السؤال الرابع كيف السبيل لأن لا يتهم لبناني شريكه بالوطن بالخيانة إن طرح الحياد او الفدرالية أو أي فكرة او نظام سياسي؟
السؤال الخامس وهو الأهم من سيقبل بهذه الجمهورية الخامسة؟ هل سيقبل بها من يمسكون بالبلاد والعباد وهل لهؤلاء فعلا النوايا الصافية من أجل الحفاظ على هوية لبنان وتعدديته؟
السؤال السادس من هم الذين يمكن الوثوق بهم لترجمة هذه الجمهورية الخامسة إلى واقع كياني وسياسي ملموس؟
كل هذه الأسئلة هي من أجل أن نتأكد أن اللبناني إلى أي طائفة او مذهب إنتمى يستطيع الشعور بالأمان إن تولى أي شخص من أي طائفة كان أي موقع أساسي في الجمهورية لا أن يذهب به وبالوطن إلى حيث تشاء ميوله التي قد لا تكون تمت بصلة إلى علة وجود لبنان ورسالته الحضارية والثقافية.
كتاب الجمهورية الخامسة محاولة تستأهل النقاش والاهتمام ولو يطلع عليها من يختلفون اليوم على الصلاحيات وحقوق هذه الطائفة او تلك لربما يوفرون على أنفسهم وعلينا الكثير من الفوضى والعنف والاعتداء على الدستور والسلم الأهلي والعيش الكريم، ولا يذهبون بنا إلى مؤتمر تأسيسي تباع فيه وتشترى المناصب في جمهورية لم تعد موجودة.”
الأب خضره
استهلّ الاب خضرة حديثه بعرض النسب بين الطوائف الناخبة في لبنان في الدورات الانتخابية السابقة. ووصف الدستور اللبناني بأنه في خدمة السلطة الفاسدة وهو ليس في خدمة الإنسان. ووجد ان ما ادركه الاب روحانا في الكتاب لن يتم الا بتغيير النفوس، مشيرا إلى أن الذمية الصامتة اصبحت دستور العديد من اللبنانيين وقال: “تحويل المفاهيم الدستورية لخير الصالح العام وكرامة الإنسان، هذا هو الحل وهذه هي المعضلة في الجمهورية اللبنانية.
ألم يقل المسيح “كبيركم خادمكم “،”السبت في خدمة الإنسان وليس الإنسان في خدمة السبت.”
في لبنان الدساتير و القوانين في خدمة السلطة الفاسدة والسارقين و ليس في خدمة الإنسان.
ولبنان الذي نعرفه اليوم بكلّ مآسيه مثل هؤلاء صنعوه.
بهذا الكلام ادركك بالفعل الاب ميشال ما هي المشكلة التي هي بحاجة الى حل اكثر فعالية في هذا البلد.
فلو كانت السلطة خدمة و ليست تسلط لما كنا نعاني ما نعانيه.
هكذا بدأ الاب ميشال بالتعبير عن رسالته و همه وقضيته بالكمال والتمام: السبت والقوانين لخيرالصالح العام وكرامة الانسان و ليس لتثبيت الفساد و سرقة حياة الناس.
إن نظرية الجمهورية الخامسة: تدل على ان المؤلف عنده قضية وهمّ ويفتش عن حل لهذا الموزاييك اللبناني، الذي يتضارب مع بعضه فترة ويتحدث عن العيش معاً فترة اخرى. والاب المؤلف يعرف ان المشكلة في الطائفية والمحاصصة. وضع يده على الجرح، ولكن ارضاء الطوائف بالحصص لا يحل المشكلة.
بل تسابق الطوائف والمسؤولين عنها الى خدمة الانسان وغسل ارجله من اجل خيره العام وكرامته، وهذا لن يحصل لا بطرح الجمهورية الخامسة ولا بأي طرح اخر اذا لم يتم التغيير في النفوس قبل النصوص.
والسؤال الجوهري: قايين قايين ماذا فعلت بأخيك و هذا هو المقياس لبناء البلد: ماذا نعطي وليس ماذا نأخذ.
فإذا تحدثنا فعلاً عن طرح المؤلف: مجلس الشعب الذي يتألف من مجلس النواب والشيوخ والمجلس الاقتصادي والاجتماعي:
هل ستكون اجتماعاته لخدمة لبنان و شعبه ام سيتم التنازع مجدداً على المحاصصة والطائفة والادوار؟
فعندما يتحدث المؤلف عن ان لكل الرئاسات خدمة متساوية والطوائف ليست متساوية في الحقوق من دون تحديد أي كرسي لأي طائفة، فماذا نفعل عندها ب13 طائفة اخرى في البلد اذا لم تكن متساوية في الحقوق:
وهذه معضلة بحد ذاتها. وهنا لا تزال الانطلاقة من مبدأ الطائفية و ليس من مبدأ الدولة المدنية والحكم المدني والكفاءة والمحاسبة…
هذا المشروع لا يعالج المشاكل بين الطوائف والنزاعات المذهبية داخل الطوائف: صراع ماروني ماروني و صراع شيعي شيعي…
وايضاً بين الطوائف: هذه الأيام نسمع كلاماً عالياً جداً: “ما فينا نعيش سوا” “حلوا عنا” “بدنا ننفصل عنكم”
و هنا ننتقل الى الصفحة 23 التي لا تطرح حلاً علمياً و عملياً لتخطي حتمة التاريخ:
“إنني أدعو إخوتي اللبنانيين إلى تخطّي حتمة التاريخ المتربعة في نفوسنا و كأن قيامة الكلمة الحق من الموت لم تحدث، وكتاب السلام و التسليم للحق لم يُنزل، وكأن تحطيم قيود تلك الحتمية الوثنية لم يتمّ، و ما دعوتي هذه إلا لإدخال النفوس ولبنان في جدلية لولبية توحيدية لا سقف لها، حتى ولو خضعت لنسبية السقوف، و هي جدلية توفرّ علينا حمّامات الدم وتحافظ على الإرث الروحي والدّنيوي المستمرّ منذ أكثر من ستة الاف سنة. “دون طرح خطة عملية.
و ينهي المؤلف بطرح “مؤتمر دستوري استثنائي” وبضغط دولي لتطبيق نتائجه، وطرحه هذا لحل معضلة لبنان الشديدة التعقيد (45)
و يقول المؤلف:
“فإنه ليس بتسول الاموال ولا باقتراضها ولا بالهبات المشروطة ولا بتعليق المشانق لمن خان أمانة الشعب و نهب المال العام يُنقذ الوطن، إنما بتصحيح القواعد الدستورية التي تأسست للخيانة و الجرائم العامة، وعطّلت المراجع الدستورية واستقلالية القضاء.”
أما في الفصل السادس من الكتاب: في النظام الانتخابي و دور الاحزاب ص58
تظهر الخبرة مع الاحزاب اللبنانية أنها تقوم على المصالح الشخصية،الديماغوجية، الهيمنة، التعامل مع الخارج، اللاديمقراطية و عدم تداول السلطة.الهم الاساسي للأحزاب هو عدد النواب والمصالح الحزبية.
في موضوع الحياد تبرز الركائز التالية: دولة قوية تفرض ارادة شعبها تحمي حدودها و شعبها وتدافع بكل الوسائل المتطورة.
إن هذه الركائز غير متوفرة بوجود سلاح غير سلاح للشرعية مهما كانت البراهين و الحجج.
كل ما نتمناه للأب المؤلف و للحضور و للشعب اللبناني ان يكون مشروع الجمهورية الخامسة أملاً جديداً وحقيقياً.
و لكني بكل صراحة لست متفائلاً وربما اللامركزية الادارية والمالية الموسعة اليوم هو الطرح الافضل لبداية الحل و التخفيف من هيمنة الطوائف على بعضها البعض و الوعي الشعبي العميق حتى نخرج من عالم الاصنام الذي صنعه لكل واحد منا من خلال زعيمه في السياسة.
كما بتُّ متأكداً من أن الذمية الصامتة اصبحت دستور العديد من اللبنانيين في ظل الخوف و التخويف والفشل والوعيد.”
الوزير المكاري
ثم جاءت مداخلة للوزير المكاري بطلب من الكاتب تحدث في بدايتها عن الصداقة القديمة التي تربطه به، وقال: “في الثالث عشر من الشهر الحالي، يصبح عمر إتفاق الطائف ٣٣ سنة، والجدل ما زال يتزايد حول هذا الموضوع، سأنزع هذا الموضوع من المدار السياسي لأقول إن نظامنا لم يستقم فعليا، ولم نستطع بناء دولة. نحن نعيش في حال معيب، والكل يتحمل المسؤولية سياسيين ومواطنين، ولهذا السبب نرى الفلاسفة والصحافيين والمفكرين يكتبون ويفتشون عن حل. لدينا طاقات عظيمة نفتخر بها، ونحن كلبنانيين ساهمنا في نهضة العديد من البلدان، ولكن الخطر اليوم ليس فقط في أننا نخسر الطاقات بفعل الهجرة، بل في أن لبنان كله مهدد، فقد أصبح مجرد بلد للنازحين السوريين الذين لم نستطع أن نتعاطى مع موضوعهم بشكل سليم، بالرغم من أن المركب يكاد يغرق بنا وبسوريا.” وأضاف: “نحن نمر في أدق مرحلة من تاريخ لبنان ولا قدرة لنا على تحقيق شيء، حتى أننا غير قادرين على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا أعرف مدى الديمقراطية في مقولة الرئيس التوافقي. إن الديمقراطية الصحيحة تقوم على أن الأحسن هو الذي يربح وليس على أي شيء آخر.” وختم الوزير حديثه مثنياً على الكتاب مشجعا على قراءته، وطلب للمسؤولين من الرب الحكمة للخروج من هذا المأزق.”
الأب روحانا
ومن جهته، شكر الاب روحانا في بداية كلامه الحركة الثقافية لاستقبال هذا الحدث الوطني – الثقافي كما شكر الحضور من رسميين وإعلاميين وأصدقاء وعرض مسيرته في كتابه واعادة كتابة هذا الطرح بعد اصدار اول في الثمانينات ودعا الى تحرير الدين من الاحزاب وشرح طروحات الكتاب الديمقراطية مع تعددية المجالس. وقال: “علينا ان نؤسس لوطن مستقبلي نتركه للأجيال القادمة بأسس قوية لبناء لبنان جديد، وان كانت فيه شوائب ستصلّح لمسار مستقبلي صحيح”. كذلك دعا الى تغيير قوانين الاحزاب لينتخب اللبناني “مشاريع لا أصناما للعبادة”.
اختمت الندوة بإجابة الأب روحانا على أسئلة الحضور حول الطرح.
وقبل المغادرة، التقى المدعوون بالمحاضرين ووقّع الاب روحانا كتابه للراغبين، وكان الى جانبه الدكتور هشام سماح الأعور موقّعاً أيضا كتابه” مجلس الشيوخ ومسألة تطبيقه في لبنان” بدعوة من الأب روحانا.