وعن المؤتمر الذي يعقد برعاية صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك انطاكية وسائر المشرق والذي يتشرف بدعوتكم للمشاركه فيه رئيس جامعة القديس يوسف البروفسور سليم دكاش اليسوعيّ، والذي ينظّمه المعهد العالي للعلوم الدينيّة بالتعاون مع اللجنة الأسقفية لراعويّة الخدمات الصحيّة في لبنان واللجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية (نوودت – لبنان)، وذلك يومي الجمعة 28 شباط والسبت 1 آذار 2014 في مدرج بيار أبو خاطر – المبنى A، في حرم العلوم الإنسانيّة في جامعة القديس يوسف، بيروت – طريق الشام.
شارك فيها : رئيس اللجنة الأسقفية لراعوية الخدمات الصحيّة في لبنان والنائب البطريركي الماروني على منطقة الجبّة المطران مارون عمّار، مدير المعهد العالي للعلوم الدينية في جامعة القديس يوسف وأمين عام اللجنة الأب إدغار الهيبي، نائب رئيس اللجنة الوطنية لوهب وزرع الاعضاء والانسجة البشريّة (نوودت – لبنان) الطبيب انطوان اسطفان، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، وحضرها عدد كبير من المهتمين والإعلاميين.
رحب الخوري عبده أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالمنتدين وقال: يؤسفنا جداّ هذه التفجيرات المتنقلة هنا وهناك التي تحصد الأبرياء، وهي لغة غريبة عن مجتمعنا والمتضرر الوحيد هو لبنان والشعب اللبناني، ولا يسعنا إلا أن نستنكر هذه التفجيرات ونسأل الله أن يمنّ على لبنان بالأمن والسلام والرحمة والراحة الأبدية للشهداء والشفاء العاجل للذين أصيبوا في هذا الإنفجار وأن يكونوا خاتمة هذا العنف الذي يضرب هذا الوطن.”
“نجتمع اليوم لنتكلم على موضوع وهب الأعضاء وموقف الكنيسة منه، مع نخبة من أعضاء اللجنة الأسقفية لراعوية الخدمات الصحيّة في لبنان وعلى رأسهم سيادة رئيس اللجنة المطران مارون العمّار، وأريد في هذه العجالة أن أنوّه بدور أمين سرّ اللجنة الخوري إدغار الهيبي الذي ومنذ قبوله هذه الخدمة، ما انفك عن تفعيل نشاطات اللجنة المذكورة، طبعاً من ضمن الإمكانيات المتوفرة له فإذا بها لجنة ناشطة على مستوى الكنيسة والوطن. “
تابع: “وفي هذا المجال أيضاً، فإننا نحيي الجهود الإنسانيّة للدكتور انطوان اسطفان، الذي يعمل بأخلاقية عالية في مجال زرع الأعضاء، وكم ساهم في إنقاذ العديد من المرضى وأعاد إليهم فرح الحياة.”
وختم بالقول: “إن عملية وهب الأعضاء هي عمليةٌ نبيلة، ناتجة عن انعتاق الأنسان من أنانيته، لينطلق إلى العطاء من ذاته بروح من المجانية المنبثقة من روحانية الصليب، حيث قدّم المسيح ذاته فداءً عن البشرية..فالمانح لا يمنح ببساطة شيئاً من الجسم بل يمنح جزءً من ذاته.”
ثم تحدث المطران العمّار فقال: “أن تَهَبَ مجّاناً قطرة من دَمِكَ أو عضواً من أعضائكَ، بكاملِ حريتك ووعيك من أجل الحفاظ على حياة الآخرين، والاستمرار من خلالهم، إنّها عطيّة عظيمة لا تُقّدَّر بثمن وتتشارك فيها مع عطيّة يسوع على الصليب. إنّها عطيّة مُحيية تُبلسم فيها جرحاً تألّم صاحبه نفساً وجسداً، وتعيد النظر الى أعمى ليرى جمال الخالق في مخلوقاته، وتزرع الأمل في حياة انسان كان ينتظر الموت، وتبعث حياة جديدة في جسمٍ تضاربت فيه الأمراض ووهَنَ من كثرة الأدوية والتدخّلات الخارجية. إنّها عطيّة تغفر من ذنوبك، وتصفح عن هفواتك، لأنّك قرّرتَ حرّاً ومجّاناً أن تَهبَ من ذاتك حياةً للآخرين.”
ورأى أن “وهب الأعضاء بالمفهوم الكنسيّ هو علامة تضامن إنسانيّ مميّز نتشارك فيه مع الضعفاء منهم، أعني المرضى المتألّمين. وأرى في الواهب لشيءٍ من ذاته المسيح نفسه الذي حنا على الأبرص، والأعمى، والمخلّع، والأعرج، والمنزوف… ليشفيه من ألمٍ أبعده عن الأرض والسماء، ويعيد اليه كرامته الانسانية والإلهيّة. إنّها علامة تضامن مع مَن هم بأمسِّ الحاجة أن نتضامن معهم، وعلامة تضامن مع الحياة عبر التشبّث بها كَهِبَة من الله. وعلى الجميع أن يتضامنوا ويتعاونوا للحفاظ عليها في كلّ انسان وكلّ الإنسانيّة.” و”هو أيضاً دعوة للحبّ المجانيّ نتشابه به بيسوع الذي أحبّ حتى الموت.”
أضاف “ممّا لا شكّ فيه، هناك بعض المخاطر الإنسانيّة التي حذّرت منها الكنيسة من خلال وهب الأعضاء، ومنها: المتاجرة بالأعضاء، أو تعرّض إنسان للموت من خلال وهب أحد أعضائه، أو زرع أعضاء تميّز فرادة الانسان، لذلك تتوجّه الكنيسة الى كلّ العاملين في القطاع الطبّي، وتطلب منهم أن يشجّعوا الناس على وهب أعضائهم متقيّدين بالمبادىء التي وضعتها لهم. وبذلك يساهمون هم بدورهم، ومن خلال عِلمهم، وتقدّمهم العلميّ والطبّي، بزرع الحياة المحبّة المحيية، والمحافظة عليها كهديّة سامية من الله.”
تابع: “ما أجمل وما أعظم أن يقرّر الإنسان وهو بكامل وعيه وحريّته، أن يَهبَ ذاته في حال انتقاله من هذه الحياة الى مَن فيهم حاجة دون أن يعرفهم، ولا أن يتلقّى بالمقابل شيئاً منهم، يَهب ذاته من أجل حياة إنسان أو الإنسانيّة، وهل من تضامن بين البشر أهمّ من ذلك؟”
وختم المطران العمّار بالقول: “بارك الله كلّ مَن وهبَ شيئاً من ذاته للآخرين، وعوّض عليه أضعاف أضعاف ما وهبه، هنا في هذه الحياة أحباباً، وسلاماً داخليّاً، وفي السماء رحمةً، وحياةً أبديّة.”
وبدوره الأب إدغار الهيبي تحدث عن المؤتمر فقال: “مع تطوّر العلوم النظريّة والتطبيقيّة، ومع تزايد الإمكانيّات التقنيّة واستثمارها في المجالات الطبيّة، ومع انفتاح الرؤية الإنسانيّة على أهميّة التعاضد في كلّ المجالات البشريّة، ترى الجماعة البشريّة اليوم ذاتها أمام تساؤلات جوهريّة قديمة جديدة في ما يخصّ الحياة وأسرارها، وفي ما يهمّ الكائن البشري واحترام كرامته. وفي هذا الخضمّ من التساؤلات، لا سيّما تلك المتعلّقة بوهب الأعضاء وزرعها، لا بدّ للشركاء في المجتمع والوطن أن يلتقوا ليدرسوا ويعالجوا هذه التطوّرات الطبيّة، والإمكانيّات العمليّة الناتجة عنها، والأطر القانونيّة الملازمة لها والمواقف الروحيّة والأخلاقيّة منها.”
أضاف: “نعلن اليوم عن المؤتمر الأوّل من هذه السلسلة وهو يتعاطى مع موضوع وهب الأعضاء وزرعها من ناحية تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة. على أن يكون لنا مواعيد تالية مع الكنائس الأخرى من ناحية، ومع الدين الإسلامي من ناحية أخرى. وليس القصد من هذه التجزئة عزل التعاليم والمواقف النابعة من العائلات الروحيّة المختلفة في لبنان، بل إعطاء كلّ عائلة حقّها من الوقت للتعبير عن قناعاتها ودوافعها بشكل منسجم وإطار مناسب.“
وعن مضمون المؤتمر الأوّل قال: “بعد عرض علميّ لإمكانيّات الطبّ الحاليّة في موضوع وهب الأعضاء ونقلها وزرعها، وبعد التوقّف عند الآليات المتّبعة لاكتشاف الواهب وتشخيص الموت الدماغيّ وكيفيّة إنعاش الأعضاء وتوزيعها، وبعد الاطلاع على النموذج اللبناني المتّبع في شأن وهب الأعضاء وأبعاده القانونيّة والتشريعيّة، يتوقّف المؤتمرون بشكل خاص عند بعض المسائل اللاهوتيّة والكتابيّة (العهدين القديم والجديد) والعقائديّة والأخلاقيّة والراعويّة انطلاقًا من المفهموم المسيحيّ للحياة الزمنيّة وللحياة الأبديّة، وللجسد البشريّ (العضويّ والممجّد !)، ولأهميّة احترام كرامة الشخص البشريّ وضرورة تحقيق التضامن الروحي والجسدي على السواء. “
تابع: “ولن يهمل المؤتمرون أضواء علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأنتربولوجية في عمليّة تحديقه النقديّة لما يشجّع أو يعيق قبول هذا الشخص أو تلك الجماعة للمشاركة في تحقيق هذه الدعوة الإنسانيّة المميّزة.“
أضاف: “كلّ ذلك يدور في منهجيّة جدليّة تجمع بين المداخلات المتخصّصة من ناحية، وحلقات الحوار المتمحورة حول دور الدين، لا سيّما الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين الناشطين في رسالة الكنيسة، في تطوير وتحقيق مشاركة فعليّة لوهب الأعضاء، من ناحية أخرى.”
وعن هدف المؤتمر قال: “إنطلاقًا من المقاربة الإيجابيّة الواضحة في التعليم المسيحي، وجوابًا على هذا الواقع البعيد، عمليًّا، عن هذه الإيجابيّة، يهدف هذا المؤتمر إلى تحديد العناصر اللازمة والأجهزة الإجتماعيّة والكنسيّة والوطنيّة المناسبة لنشر ثقافة وهب الأعضاء والأنسجة البشريّة كمسؤوليّة إنسانيّة أساسيّة تتجذّر في طبيعة الإنسان وكرامته وتتحقق بمبدأ التضامن، ليس الماديّ فقط، إنّما العضويّ أيضًا.“
وعن المعنيّون قال: “على مستوى الأشخاص، كلّ من يهتمّ بإلقاء الضوء على إشكاليّة وهب الأعضاء بغية تحديد موقفه الشخصي منها؛ على المستوى الوظائفي، كلّ من ترتّب عليه رسالته المهنيّة أن يساهم في مساعدة المعنيين (المرضى وذويهم) على تمييز مواقفهم وأخذ القرارات اللازمة بشأن وهب الأعضاء، كالأطبّاء والممرّضين والمسؤولين الصحيين والاستشفائيين عمومًا، والكهنة والراهبات والعلمانيين الناشطين في حقل الصحّة بشكل خاص، وفي الحقول الراعويّة كافة بشكل عام.؛ وعلى المستوى المؤسّساتي، المستشفيات والأبرشيات والجمعيات التي تسعى لتطوير أدائها خدمة للإنسان المتألّم، وذلك بمؤازرة متكاملة بين العلم والدين والمجتمع.”
وختم الأب الهيبي بالتذكير بموعد المؤتمر نهاري الجمعة 28 شباط 2014، من الساعة الثامنة والربع صباحًا حتّى الخامسة والنصف مساءً، والسبت 1 آذار الجاري، من الساعة الثامنة والنصف صباحًا حتّى الواحدة والنصف ظهرًا.”
ثم تحدث الطبيب انطوان اسطفان فقال:“ أشكر المعهد العالي للعلوم الدينية في جامعة القديس يوسف واللجنة الاسقفية لراعوية الخدمات الصحية في لبنان، على تنظيم هذا المؤتمر حول العلاقة بين الدين والتبرع بالأعضاء مع اللجنة الوطنية لوهب وزرع الاعضاء والانسجة البشرية (نوودت- لبنان) لأن التبرع بالأعضاء هو واجبنا الانساني وهو العلاج الافضل، وغالبا ما يكون الطريقة الوحيدة لتحسين حياة المرضى أو حتى المحافظة عليها”.
تابع: “ان المراجع الدينية المطلعة على أهمية وهب الاعضاء عملت على دعمه وتطويره، وعندما كنت في المؤتمر الدولي الثامن عشر لجمعية زرع الاعضاء في عام 2000 في روما، حضر قداسة البابا يوحنا بولس الثاني خصيصا من مقره الصيفي في كاستيل غاندولفو للتعبير عن دعم الكنيسة الكاثوليكية للتبرع بالأعضاء ولمباركة المؤتمر، وقداسة البابا بنديكتوس السادس عشر أكد على هذا الموقف في 28 حزيران 2005، ولليوم، لم أشعر أن كل أتباعهم عملوا على مثالهم وبوصيتهم.”
ورأى” أن الكثير من الأشخاص وللأسف ما زالوا يعتبرون انهم غير معنيين، هذا صحيح على مستوى الناس بشكل عام، والأكثر خيبة، انه ايضا صحيح على مستوى العاملين في القطاع الصحي المعنيين مباشرة في معالجة المرضى.“
تايع: “أشعر أن هذا الموقف السلبي يمكن أن يكون نابع من المفاهيم الدينية الخاطئة والمتجذرة وعدم الثقة بالاعمال الطبية، وسنحاول خلال هذا المؤتمر توضيح هذا الموضوع من عدة جوانب إنسانيّة، طبية، اجتماعية ودينية.”
أردف: “أعلم أننا لا نعيش في عالم مثالي، وهمومنا اليومية كثيرة، لكن إذا استطعنا توحيد جهودنا وأمكانياتنا يمكن أن نحدث تغيير. المهم هو أن نقتنع أننا كلنا معنيين، وأن ندرك انه ما حدا في فوق راسه خيمة.”
وختم بالقول: “سينتج عن هذا المؤتمر خريطة عمل متكاملة ودائمة مع اللجنة الاسقفية لراعوية الصحة حيث ستكون شريكاً للجنة الوطنية لوهب وزرع الاعضاء والانسجة لدعم البرنامج اللبناني لوهب الاعضاء والانسجة على كل الاراضي اللبنانية.”
وفي الختام تحدثت السيدة فريدة يونان المنسقة الوطنية للجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية (نوودت – لبنان)، فقالت: “تأسست اللجنة عام 1999بقرار وزاري وبدأت عملها ما بين 2009 و2010 بمساعدة من الحكومة الأسبانية والفرنسية، وللراغبين بالتبرع يمكنها امضاء بطاقة من خلال الويب سايت: noodet.org أو الاتصال على الأرقام التالية : 955902/05 أو 955903/05 “