ورأت أن هذه الخطوة بمثابة مؤشّر إلى سعي الحكومة لتوجيه الإعلام، كما كانت الحال أيام زين العابدين بن علي، حين كانت الحكومة تطلب من رؤساء التحرير الحفاظ على خط تحريريّ محدّد. بيان النقابة جاء بعد التطوّرات التي شهدتها مؤسستا الإذاعة والتلفزيون أخيراً. في مؤسسة التلفزة الوطنية، لا يزال منصب المدير العام شاغراً منذ استقالة إيمان بحرون في كانون الثاني (يناير) الماضي. ورأت النقابة أنّ الأمر مقصود كي تواصل الحكومة السيطرة على المؤسسة والتدخّل في خطها التحريري. في السياق عينه، خضع الصحافي إيهاب الشاوش (يعمل في القناة «الوطنية الأولى») للمساءلة أمام الإدارة على خلفيّة التصريح الذي أدلى به لمحطة «التونسية»، إذ كشف عن الضغوط التي مارسها الترويكا على الصحافيين في مؤسسة التلفزيون. ودانت الأخيرة في بيان وقعه المدير العام المساعد هشام عيسى، هذا التصريح «المجانب للحقيقة». بيان عيسى انتقدته «النقابة الوطنية للصحافيين»، وعدّته وفيّاً «لروح» نظام بن علي.
هذا التوتر شمل أيضاً مؤسسة الإذاعة، التي تطالب نقابتها منذ عامين بإقالة مديرها العام محمد المؤدب. اتخذت الإدارة قرارات عقابية بحقّ 3 مهندسين، وهو ما عدّته النقابة محاولة لمعاقبة كل معارضي المؤدب، الذي تحمّله نقابات الإعلام مسؤولية التوتر في المؤسسة. في سياق، آخر دهمت الشرطة الاقتصادية مقرّ الإذاعة الخاصة «راديو ٦»، وحجزت كل المعدّات وسجّلت هوية العاملين فيها بسبب عدم حصولها على ترخيص لاستعمال الذبذبات. ورأى الناشطون السياسيون والنقابيون أن تزامن هذه الأحداث مؤشر سلبيّ على سعي الحكومة إلى التحكّم في الخط العام للإعلام تحت شعار مكافحة الإرهاب، ودعم ثقافة العمل لإنقاذ البلاد، لكنه يُخفي محاولة للتحكّم في الإعلام وتوجيهه، وهو ما نفاه رئيس الحكومة، الذي أكّد في مؤتمره أن حكومته لا تفكّر في توجيه الإعلام أو التضييق على الصحافيين. وبرغم مرور عام على محاولة تنظيم «الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري »، إلا أنّ قطاع الإعلام السمعي ما زال يعاني الفوضى، ولم تحصل بعض الإذاعات على الترخيص القانوني للبثّ، لكنها مع ذلك تبثّ بلا تأشيرة، بل إن إذاعة دينية خاصة سطت على ذبذبات البثّ لإذاعة «المنستير» المملوكة للدولة. وقد عُدت هذه القضية فضيحة حقيقية في القطاع السمعي.
نورالدين بالطيب / الأخبار