الأمس توما الرسول ، واليوم أنا ، وكل واحدٍ منّا ، نبحث عن يسوع … نبحثُ عَنهُ في الوقتِ الذي نحن بحاجةٍ إليه ، نبحثُ عَنهُ اثناء المرض والشدائد ، اثناء الصعوبات والفشل والخوف . لذلكَ قال َ الرب يسوع لتوما ، واليوم يقول ُ لي : كنت تبحث عنّي عندما لم أكن هنا، فاستفد من وجودي الآن في القربان المُقدَس . إنّي أعرف رغبتك رغم صمتك وسكوتك . قبل أن تقوله لي ، أعرف ماذا تريد وما تفكّر فيه . سمعتك تتكلّم وتتأمل ، ورغم إنّك لم تكن تراني ، كنت بجانبك ، بقرب شكوكِك وعدم إيمانك ؛ بدون أن أكشف نفسي لك َ ، جعلتك تنتظرني ، لأشاهد صبرك أكثر وقوة إيمانِك َ. ” هَاتِ إِصبَعَكَ إِلى هُنا فَانظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يَدَكَ فضَعْها في جَنْبي، ولا تكُنْ غَيرَ مُؤمِنٍ بل مُؤمِنًا”.لمسه توما ، وانهار كلّ خوفه وشكّهِ وارتيابه ؛ فامتلأ بالإيمان الصادق وبكلّ الحبّ الذي يستحقّه الله منّا، فصرخ بقوّة : ” ربّي وإلهي ! “. فقال له الربّ يسوع : ” آمَنْتَ لِأَنَّكَ رَأَيتَني ؟ طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا ” ( يوحنا ٢٠ : ٢٩ ) . احمل ، يا توما ، احمل ايها المسيحي المؤمن بُشرى قيامة المسيح للذين لم يرونه . اجعل كلّ الأرض تؤمن ليس بما ترى ، بل بكلمته ولاهوتهٍ . إذهب ايها المسيحي إلى كُلِّ الشعوب والأمم ، إلى المدن النائية والوثنيّة والملحدة ، علّمهم حمل الصليب على الأكتاف عوضًا عن السلاح . لا تعمل شيئًا آخر سوى البشارة به وبتعاليمه ووصاياه وبالذي أرسله الله الآب : فيؤمنون به ويعبدونه بالروحِ والحق . لا تتركهم يطلبون أدلّة أخرى . بل قل لهم إنّهم مدعوّون بالنعمة إلى الإيمان ، وراقب أنت إيمانهم وشجعهم على الإيمان به : ” فطوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا ! “.
هذا هو الشعب الذي يقوده الربّ ؛ الرسُل في الماضي ونحن في الحاضر ، أطفال جرن المعموديّة الواحدة ، وأعمال النعمة وحصاد الروح . تبعنا الرّب يسوع المسيح وسرنا معهُ بدون أن نراه ، وبحثنا عنه وآمنّا به . تعرّفنا عليه بأعين الإيمان والرجاء والمحبة ، وليس بالجسد بل بالروح ، ” الله روحٌ ، والذين يسجدون له فبالروح والحق يسجدون له ” . لم نضع أيادينا في مكان المسامير ، بل تمسّكنا بصليبه المُحيّ وعانقنا عذاباته والآمه وموته وقيامته . لم نرى جنبه المطعون بالحربة ، لكن رأيناه بعيون النعمة والرجاء ، فأصبحنا أعضاء في جسده الحيّ واتّخذنا من كلامه وتعاليمه سبيلنا وطريقنا ، لإنه : “هو الطريق والحق والحياة “، وبدونه لا نستطيع أن نفعل شيئاً : ” طوبى لِلَّذينَ يؤمِنونَ ولَم يَرَوا ! “.
Zenit