هذه المرّة، صدر الخبر السارّ من ولاية كنساس الأميركية. فالقسيس السابق في الجيش الأب إميل ج. كابون قد قام بخطوة قرّبته من احتمال تطويبه وصولاً إلى تقديسه. إلّا أنّ قصّة الكاهن بحدّ ذاتها هي الخبر الحقيقي المهمّ بالنسبة إلى سكوت كارتر منسّق أخويّة الأب كابون، بحسب ما ورد في مقال أعدّه كيفن ج. جونز ونشره موقع catholicnewsagency.com الإلكتروني.
يعود كارتر بالذاكرة إلى تأثير حياة الأب كابون الذي ما زال مطبوعاً في أذهان المؤمنين الكاثوليك، إضافة إلى أشخاص آخرين أحبّوه وقدّروا كلّ ما فعله. “حياته مزيج من نعمة الله وجهد البشر، وهذا ما يجذب الناس إليه. نسمع غالباً قصصاً مذهلة مماثلة، وندرك أنّ أبطالها تمكّنوا من فعل ذلك فقط بقدرة إلهيّة”.
وُلد الأب كابون في بيلسن، كنساس، من أبوين مزارعين. سيمَ كاهناً على أبرشية ويشيتا في حزيران 1940. خدم كقسيس في الجيش الأميركي من 1944 إلى 1946، ليعود وينضمّ إلى الجنود سنة 1948. أُرسِل إلى كوريا في تموز من العام 1950، حيث أصبح معروفاً بخدمته مع فوج سلاح الفرسان الثامن في الجيش الأميركي.
كان هذا الكاهن يسهر طوال الليل ليكتب رسائل من قبل جنود مصابين، كما ونجا مراراً من المعارك التي دارت في حقبة الحرب الكورية إثر هرعه إلى ساحة القتال لإنقاذ الجرحى. ويبقى أشهر ما يميّزه غليونه الذي لم يفارقه، إلى درجة أنّه شظايا أصابته مراراً فكان يقع من فم الكاهن.
في شمال كوريا، قبض عليه الجنود الصينيّون واحتجزوه. كسجين، كان يحمل سجناء آخرين على كتفَيه ويشاطر الآخرين طعامه ويغسل لهم ثيابهم. وبعد أن وُضع في سجن مخيّم حربيّ، ساعد الأب كابون زملاءه على حلّ مشاكلهم والحفاظ على معنويّاتهم، وكانت جهوده تساعدهم أيضاً على الصمود في البرد القارس. أمّا من لم يستطيعوا الصمود، فقد كان يساعد على دفن جثثهم. ولن ننسى أن نذكر أنّ الأب كابون كان يحتفل بالأسرار وبالذبيحة الإلهية ويستمع إلى اعترافات السجناء، إلى أن أصيب بجلطة دمويّة في رجله، ليعاني بعدها من الديزنطاريا وذات الرئة. انتقل الأب كابون إلى أحضان الآب السماوي في 23 أيار 1951، ودُفن في مقبرة جماعية قرب نهر يالو.
في نيسان 2013، وبعد موته، حاز على ميدالية الشرف وهي الأعلى لدى جيش الولايات المتّحدة الأميركية. والآن، تبحث الكنيسة الكاثوليكية في ملفّ تطويبه، على يد 6 مستشارين من مجمع الفاتيكان لدعاوى القدّيسين، وافقوا على دقّة الوثائق المتعلّقة به خلال اجتماع جرى في روما بتاريخ 21 حزيران الماضي.
من ناحية أخرى، قال الأب جون هوزي كاهن أبرشية ويشيتا والممثّل الأسقفي لمكتب تطويب الأب كابون إنّ هذا الخبر لا يمكن إلّا أن يُعتبر إشارة إيجابيّة. “إنها خطوة إلى الأمام واعتراف بالعمل الذي قمنا به وبحياة الأب كابون. وقد حصلت هذه الخطوة أسرع ممّا توقّعت”. ثمّ أشار إلى أنّه لم يُستخفّ يوماً بتطويب أحدهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ المستشارين اللاهوتيين سيراجعون قضيّة الأب كابون ليتأكّدوا من مطابقتها للتعاليم والعقيدة الكاثوليكية، على أن تُرسل القضية بعد ذلك لمجلس الكرادلة والأساقفة الذين سيصوّتون على رفعها إلى البابا فرنسيس للحصول على موافقته، فيما يراجع مستشارون طبيّون الأدلّة المزعومة للمعجزات التي تمّت بشفاعة الكاهن.
في النهاية، واقتباساً لما عبّر عنه كارتر، لا يسعنا إلّا القول: “إن تمكّن شخص قريب منّا، وفي ظروف مشابهة لظروفه، التوصّل إلى القداسة فلا يمكننا إلّا أن نعتبر هذا مُلهماً. فالأمر يحرّك إيماننا ويعيده إلى الحياة، كما ويجعلنا ندرك أنّ كلّ ما نتكلّم عنه – أي الإنجيل ووعود يسوع – هو حقيقي ويمكن التوصّل إليه”.
Zenit