“هشك بشك” عرض غنائي موسيقي لهشام جابر كرّس الفرح في مهرجانات بيبلوس. استعادت الفرقة موسيقى الافراح و”الكباريهات” في مصر في النصف الاول من القرن الماضي، و”طقاطيق” كبار الفنانين، وقدمتها مع الأوركسترا اللبنانية ببعد موسيقي جديد.
عرض “الكباريه” الذي لاقى نجاهاً باهراً عند تقديمه في مترو المدينة في الحمراء منذ اكثر من سنتين من دون انقطاع، انقسمت حوله الآراء في بيبلوس: العديد سرّهم هذا العمل الممتع والمختلف عن الكثير من الاعمال الفنية، حيث حملت الطقطوقة البسيطة بعداً جديداً مع الأوركسترا، ولفتتهم ديناميكية المشاركين فيه وروحهم الحلوة. ومنهم من شعر أن العرض فقد حميمية المكان حين انتقل من مسرح صغير الى مهرجان مسرحه كبير اخذت قسماً منه الفرقة الموسيقية المؤلفة من نحو 40 عازفا، وبقي مظلماً، لتطل فرقة “هشك بشك” في عمقه بعيدة قليلاً عن جمهورها. ولعل القسم الاول الذي خصص لأغاني قديمة جداً منذ العشرينات من القرن الماضي وغير المعروفة من كثيرين، على رغم الحانها البديعة لكبار الملحنين، خفف تفاعل الجمهور الذي تحمس كثيراً في القسم الثاني مع أغاني الخمسينات والستينات التي راجت في الافلام المصرية القديمة. ولكن هذا لم يلغ التفاعل بين الموسيقيين الانيقين بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي والممثلين المغنين بازيائهم المزركشة والفضفاضة، بل قدم ما هو “هشك بشك” باطار راقٍ وجميل، حوّل الفرقة الى جزء من العرض، وتمتعنا بتجربة غنية وفريدة، احتمالاتها كبيرة، ومن الممكن ان تؤدي الى تقديم أوبرا محلية باللغة المحكية.
في مهرجانات بيبلوس، قدم العرض الأساسي الذي اطلقه جابر في مترو المدينة، انما بمشاركة الاوركسترا، ووزع القسم الأول نضال ابو سمرا، وأعادت الفرقة إحياء الأغاني القديمة وقدمتها ممسرحة بعملٍ فيه الكثير من الفرح والكوميديا. البداية مع اغنية سيد درويش “كوكايين” بدأها غناء وعزفاً على الكمنجا زياد جعفر، ثم “ذهب الليل” الحان محمد فوزي. “يا خارجة من باب الحمام” لتحية كاريوكا، “اوعا تكلمني” الحان زكريا احمد للفنانة عزيزة المصرية.
في مكان ما تختلط الالحان، تُسكت الأوركسترا هرج الغناء الذي يرافقه بهاء ضو على الإيقاع وسماح ابي منى على الاكورديون، بالدخول في الحان غربية ولحظة عزف من أوبرا كارمن لبيزيه على كلام مصري عن الشخصية من ياسمينا فايد، فيذهب العزف الى أماكن اخرى تحية للأوبرا العالمية، ولمحات من بيتهوفن، ثم اغاني الطقاطيق التي تدخل كلعبة حوار بينها وبين الأوركسترا، وأحيانا يتوالفان ويتناغمان ثم تتحول الأوركسترا الى “هشك بشك”. وعندما تغني ياسمينا “يا حسن” لشاديا تدخل راقصة الإغراء المحبب رنده مخول لتمتع الجمهور برقصها الجميل، وخلفها شاشات صمم بصرياتها ولعبة الظل نديم صوما وكذلك الاضاءة، ثم غنّت ياسمين”من حبي فيك يا جاري” الحان محمد الموجي، وأغنية “حنكورة حكالنا حكايا” نجاح الموجي، تلتها وصلة رقص ثم عزف منفرد من زياد أحمدية على عوده وموال من جنرال الكمنجة وغناء ياسمينا “الحلو في البرندة” ألحان ابرهيم حسين من فيلم “لحن الوفاء”، الى اغاني منوعة شارك فيها غناءً، رودي ديب ووسام دلاتي ولينا سحاب.
الجزء الثاني توزيع زياد الاحمدية الذي شارك في الجزئين غناءً وعزفاً على العود، وتضمن اغاني من الاربعينات الى الستينات. ياسمينا ملأت المسرح غناء وتمثيلاً وخاطبت جمهورها الذي بدأ يتخلى عن خجله ويتفاعل معها اكثر. قالت ممازحة “لما سمعتو أوبرا هشك بشك افتكرتوا الحاج حا يغني بافاروتي وانا ماريا كالاس”، قبل ان تنطلق في اغنية بلدية صعيدية. “أنا دبت وجزمتي نعلها داب” بيانولا سيد مكاوي، “حبيبي يا رقة” من ألحان محمد عبد الوهاب، فيلم “اعترافات زوج” هند رستم وفؤاد المهندس، “سونة يا سنسن” لمنير مراد غناء شادية من فيلم “التلميذة”، “يا مصطفى” من فيلم “الحب كدة” لحن محمد فوزي، “قلي ولا تخبيش يا زين” الحان زكريا احمد لأم كلثوم، “ما اشربش الشاي” و”خلي يتجوز يا بهية” لحن فولكور شعبي قديم من غناء ليلى نظمي، “حلفت ما استحم يا بيه” و”سلامتها ام حسن”، ثم ختام جميل وتوزيع رائع مع “العتبة قزاز والسلم نايلون” للشاعر مأمون الشناوي.
“هشك بشك” تحولت الى عرض مستمر منذ اكثر من سنتين توالياً واصبحت عالمية، فعرضت الفرقة في بلجيكا “مسرح البوزار” وأوبرا سيد درويش الاسكندرية، وبعد مهرجانات بيبلوس توجهت بنسختها الاصلية الى مهرجان “حمامات” في تونس.
النهار