البركات السماوية هى أنعام خاص من الله على خلائقه، فهي بركات لا حصر لها وأوَّل نعمة وهبها الله للخليقة هى نعمة الوجود، ونعمة الوجود تشمل أيضاً نعمة الحياة.
ما هو مفهوم البركة في حياتنا ؟
البركةهي كل نعمة، حتى و إن كانت غير منظورة ، ننالها من الله ،ولكن لها أثر منظور نلمسه في حياتنا وبيوتنا وأعمالنا و ممارستنا اليومية .فتصير حياتنا لها معنى وغنية بنعمة الرب وعمله فينا .
و هذا المعني ليس غريبا عن حياتنا اليومية فمثلاً قد تجد إنسان له دخل بسيط وبيته مستور وآخر غنى ولا تجد عنده الهناء والسرور .
و في أيامنا هذه قد تقابل إنسان مبارك من الرب، وكل مكان يدخله يمتلئ بالبركات و نسله كأغصان الزيتون حول مائدته ، ويكون بركة للآخرين.
ما هو السبب ؟؟ .. السبب هو البركة….هي النعمة الغير منظورة التي يهبها الله للإنسان، هذه البركة ترافق حياته، فتصير حياته مملوءة بالنعم .
هناك أيضاً بركة سماوية للحماية والحفاظ على حياتنا، لأنه لو تخلَّت عناية الله عن الكون لحظة واحدة، لهلك الكون بكل ما فيه. ولكن الله من محبته وعنايته، يمسك بهذا الكون ويرعاه بنعمته الخاصة.” مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ”( افسس1/3)
هناك بركة أخرى منذ أن خلق الله كل شيء جميلاً. ونحن نرى ذلك في الطبيعة الجميلة من حدائق غنَّاء، ومن زهور وورود. ونراها بأجمل صورة في الفراشات الملونة، وفي الأسماك الملونة. كما نرى هذا الجمال في تغريد الطيور والبلابل، وفي خرير الماء، وفي نور القمر الهادئ الجميل.” لأَنَّ أَرْضًا قَدْ شَرِبَتِ الْمَطَرَ الآتِيَ عَلَيْهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَنْتَجَتْ عُشْبًا صَالِحًا لِلَّذِينَ فُلِحَتْ مِنْ أَجْلِهِمْ، تَنَالُ بَرَكَةً مِنَ اللهِ”( عبرانيين 6/7 )
هناك أيضاً بركة السلام والطمأنينة يهبها الله لبعض الأفراد فتكون قلوبهم مملوءة بالسلام، بعيدة عن القلق والاضطراب والخوف.كما يهب هذه النعمة لبعض الدول أو الشعوب، فتعيش بعيدة عن الحروب والقلاقل والخصومات، تعيش في هدوء…
كذلك كل خير يأتي للبشر، هو نعمة وبركة من الله. مثال ذلك بلاد أنعم الله عليها بخصوبة الأرض ووفرة المياه، وبالتالي كثرة الإنتاج. أو بلاد أنعم الله عليها بمعادن أو أحجار كريمة يستخرجونها من جبالها، أو ببترول وغازات من باطن أراضيها. وكل ذلك ينمي إقتصادها وينشر الخير فيها. إنها خيرات ونعم سماوية .”وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ”( يوحنا 1/16 )
على أن نِعَم الله لا نستطيع أن نحصيها. وإنما كل ما ذكرناه ما هو إلا مُجرَّد أمثلة. نضيف إليه نعمة النجاح في الحياة، ونعمة السمعة الطيبة ومحبة الناس لِمَن يجد نعمة في أعين الآخرين. وأيضاً نعمة النسل الصالح… بالإضافة إلى نعمة حرية الإرادة التي وهبنا الله إيَّاها.”لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا “( يوحنا 1/17)
نقطة أخرى نذكرها من جهة النعمة وهى وجود ثلاث اتجاهات لها: أحدها على ألاتجاه العام ، والثاني على ألاتجاه المسئولية، والثالث على اتجاه الحالات خاصة.
فمِن جهة ألاتجاه العام: النعمة تعمل في الكل. لا يوجد أحد لم تعمل معه نعمة الله… والنعمة هنا ترشد الإنسان إلى الخير، وتُقوِّيه على فعله. ولكنها لا ترغمه على ذلك، لكي يبقى الإنسان حُرَّاً، يفعل الخير برضاه وبكامل إرادته، حتى يستحق المكافأة على ذلك. أو هو يرفض…
أمَّا الذين في المستوى المسئولين ، فإنهم ينالون من النعمة قوة مضاعفة: منها نعمة لأجل نفوسهم، ونعمة أخرى لأجل عملهم القيادي، للتأثير في الآخرين. ويزداد قدر النعمة الممنوحة لهم، بقدر ثِقَل المسئولية المُلقاة على عاتقهم.
وكُلَّما تزداد صعوبة العمل القيادي أو خطورته، فإنَّ الله حينئذ ينعم على القادة بمواهب خاصة، قد تصل أحياناً إلى المعجزات.
أمَّا على المستوى الخاص، فهناك أشخاص تحتاج حالتهم إلى نعمة خاصة تتناسب مع ما هم فيه من ضيقات أو مشاكل، أو ما ينوون القيام به من مهام أو مشروعات، أو ما عليهم من مسئوليات.
وتدخل في المستوى الخاص، نعمة الدعوة لِمَن يدعوهم الله للقيام برسالة مُعيَّنة، كالكهنة والرهبان والراهبات مثلاً. وحينئذ بالإضافة على نعمة الدعوة، يزودهم الله بمواهب و وزنات كثيرة تشمل الإمكانيات التي يحتاجها أداء هذه الرسالة. “وَلَكِنْ لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا “.(رو6:12)
من جهة أنواع النعمة أيضاً، هناك نعمة ظاهرة ونعمة خفية، فالنعمة الظاهرة فهى المعونة الإلهية التي نراها ونحسَّها في حياتنا. أمَّا النعمة الخفية، فهى التي تعيننا دون أن ندري، أو التي تبعد عنا شراً قبل مجيئه إلينا، ونحن لا ندري عنه شيئاً. كمؤامرات كانت تحاك حولنا، وأبطلها الله قبل أن تتم.
وهناك نِعَم تعمل فينا من الداخل، لتنقية قلوبنا وقيادة ضمائرنا وأفكارنا، وإرشادنا في طريق الفضيلة والبِرّ. ونِعَم أخرى تعمل من خارجنا، لتنقية الأوساط المحيطة بنا، وإبعاد القوات الشريرة عنا…
وهناك نعمة تبدأ في العمل معنا: لأننا لا نستطيع أن نعمل كما يجب، أو لأننا نجهل ما ينبغي علينا أن نعمله. فتأتي النعمة، فتغذي مواهبنا وتنير عقولنا، وتدفعنا إلى العمل بابتكار وفن ، وتقوينا على إتمامه.
يعلمنا الرب يسوع : “اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم”( لوقا 11 /9 )
أحيانا البركة تأتي وحدها، لأنَّ الله يعرف ضعف طبيعتنا ، وأننا بدون معونته الإلهية لا نستطيع أن نعمل شيئاً، لذلك فهو يسندنا بنعمته التي تعمل فينا، والتي تعيننا بقوة من عنده، حتى نسير في طريقه بغير خوف ولا قلق…
وقد تأتي النعمة إذا ما طلبناها في صلواتنا، أو نتيجة لصلوات الآخرين من أجلنا، أو لتشفُّع القديسين فينا، أو تأتي النعمة نتيجة لرضى الوالدين ودعواتهما الطيبة، أو لدعوات أُناس فقراء أو محتاجين قد ساعدناهم، فدعوا لنا بالبركة في حياتنا. أو تأتي النعمة لمُجرَّد حنو الله ومحبته وشفقته.
لا نستطيع أن نقول : سر على بركة الله ، أو إنشاء الله ، أو خليها على الله ثم نتكاسل و نهمل ، وننام ونترك النعمة تعمل وحدها
أخيراً، أقول وأنا آسف، أن هناك إنسان أعانته نعمة الرب على عمل عظيم، فتكبَّر قلبه وارتفع، ناسباً كل شيء إليه والى ذكائه، وناكرا عمل الله معه. فيسقط أو يفشل، بسبب كبريائه حتى يعود فيتضع ويعطي المجد لله. كما يقول القديس يعقوب فى ذلك
وَلَكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذَلِكَ يَقُولُ: ” يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً” . (يع4 :6)
زينيت