هل نَسِيَ المسيحيون المسيح؟
بينما الآلاف من المسيحيين يتهافتون للتبارك من التماثيل التي تمشحُ زيتاً أو التي تقطرُ دموعاً. بينما الآلاف من المسيحيين يتوافدون إلى ضريح هذا القديس أو ذاك للتبارك والتضرع إليه. بينما المئات من المسيحيين يشاركون في المسيرات والتطوافات الدينَّية لأعياد القديسين؛
يبقى يسوع الفادي والمخلص وحيداً في بيت القربان!
هو الذي بذل ذاته من أجلنا ومن أجل فدائنا وخلاص العالم أجمع والإنسانيّة كلّها، يبقى وحيداً في بيته، في مسكنه المقدَّس، في قدس الأقداس، ينتظرنا ليلاً نهاراً لزيارته – كما يقول القديس ألفونس ماري دي ليغوري.
لقد خلقنا الله تعالى ورَسَمَ لنا طريق الخلاص والقداسة، وأعطانا رجالاً ونساءً قدّيسين وقدّيسات من رهبانٍ وراهباتٍ، من مكرَّسين وعِلمانيين ومن أشخاصٍ ذو السِيرة الحَسَنة. لقد أعطانا الله الكثير من القدِّيسين والقدِّيسات على مَّر تاريخ الكنيسة، لاسيما مِنَ الشرق، مَهْد المسيحيَّة؛ وهو يدعونا اليوم وكلَّ يوم إلى السَير في دربِ القداسة وأن نكونَ قدّيسين: “كونوا قديسين كما ان أباكم السماوي قدّوس” (1بط 1: 16). فالقداسة هي دعوة لكلِّ واحدٍ منّا وهي عيش الحياة المسيحيّة على الأرض لكي نتَّحِد بالرب يسوع المسيح القائم كما أنَّ القدِّيسين متَّحدين معه في عرشه السماوي.
فالقديس هو “نموذج وشفيع” (تعليم الكنيسة الكاثوليكية، بند 828) عاش الفضائل الإنسانيّة والمسيحيَّة حسب تعليم السيِّد المسيح والكنيسة، ونحن نطلب شفاعة القديسين والشهداء البواسل الذين قدَّموا حياتهم لنشر كلمة الله واتحدوا مع المسيح؛ ونتضرع إليهم لكي يتوسلَّوا بدورهم لدى المسيح الإله مَلِكِنا وإلهِنا. تعتبر الكنيسة الكاثوليكيّة القديسون مثالاً وقدوةً، وهم يُدعَون أيضاً “شهود الإيمان” كما ينصّ التعليم الكنيسة الكاثوليكية (بند 165). إذن هم نموذج لحياتنا اليوميّة والمسيحيَّة، وهم وسيلة للوصول إلى الرب وليس الهدف في حياتنا المسيحيّة.
نحن نؤمن بالله الآب والابن والروح القدس وبشركة القديسين، وإيماننا هو بالثالوث الأقدس. فالقديس نقدِّم له كلَّ إكرامٍ وإجلالٍ وتقديرٍ ومحبة، ونتضرع إليه لكي يتشفَّع فينا لدى يسوع المسيح. ولكن الأهم في حياتنا اليوميَّة، أن لا ننسى المسيح الذي فدانا وخلَّصنا بآلامه، بموته على الصليب وبقيامته في اليوم الثالث، وأن لا ننسى زيارته لكي نشكره على كلِّ شيء وبالأخص على حبِّه لنا نحن أولاده الأحرار، ولكي نقدِّم له ذواتنا وكلّ ما نملُك مردِّدين: “ما لكَ مِمَّا هو لكَ، نقرِّبه لكَ عن كلِّ شيءٍ” (قداس الليتورجيا البيزنطيّة) .
فيا يسوع ويا يسوعي، أعطنا النعمة بأن لا ننساك وبأن لا ينساك أحداً من المسيحيين مثبِّتاً إيماننا بك، واغفر لِمَن ينساك.
الأب فادي الراعي
Zenit