الجواب بكلّ بساطة على السؤال أعلاه هو ، أن جسد الربّ مستحيلٌ أن يصابه التدنيس أو النجاسة ؛ فبكلّ بساطة أنّ جسد الربّ ، الذي نتناوَله في الكنيسة ، ليس ماديّا بحتـــــًا ، بل هو جوهريٌّ وإلهيٌّ . وهناك سببــــ آخر وهو ، أنّ يسوع ذاته ، في حياته العلنيّة ، بما أنه هو القدّوس الطاهر بلا خطيئة ، عاشرَ الزناة والعشّارين والخطأة واقترب من البُرص ! فكيف لم يتدنّس يسوع الناصريّ في هذه الحالة !! سؤالٌ نطرَحه على أنفسنا . والأنكى من ذلك ، هو أنّ الله أخذ بشريّتنا الساقطة ، وحرّرنا من قيود العبوديّة القاتلة . إنه الله وكفى ، وهو لا يُصاب أبدًا بنجاسة ولا فساد ٍ ، لأنه قدّوس ، وعندما نقتربُ نحن الخطأة منه ، نتقدّس ونتطهّر . فالقربانة ُ هي الربّ ذاته حاضرًا ، إنه القدّوس وصاحب القداسة الكاملة المحتوية كلّ شيء ، لا يمكنُ أن يصابه الدنس ، لا بل هو مَن سيطهّر ذواتنا من النجاسات المختلفة.
ظهرت في الآونة الأخيرة فيديوات تقولُ إنّ التناول عن طريق اليد هو خاطئٌ ومن أعمال الهرطقات الآريوسيّة . وأنّ العالم يجب أن يصحى (العالم المسيحيّ) على هذا الأمر ، بأن يقدّسوا أنفسهم بالتناول عن طريق الفمّ فقط ، لئلّا يتدنّس جسد الربّ (والغريب) ، وأضعها بين قوسين ، أنّ الفيديو ذكرَ الأم تريزا ، والسيدة العذراء ، والقديس أوريجانوس …. ! لا نعرف إن كان هذا الفيديو موثّق من قبل الكنيسة الرسوليّة ! لكن ، المهمّ هو أخذ التعليم الصحيح من السلطة الكنسيّة حول هكذا أمور ولا نمضغ كلّ ما نراه على الشاشات والفيديوات والانترنت ، أو ما يحكيه فلان عن فلان . وكلّ شخص يجرّ طولا وآخر عرضــــًا ، ويرتأي كلّ واحد ما يحلو له .
الموضوع يجبُ أن يرى من قبل السلطة الكنسيّة ، ولا يمكن تصديق كلمات ٍ بطريقة عاطفيّة ، من دون منطق وعقلانيّة بعيدة ً عن الإنفعالات . لا يمكن لشخص مؤمن أن ينظرَ إلى هذه القضيّة ، إلا وأن ترتابه الحَيرة من ما رآهُ .
نرى في الكتاب المقدّس ، أنّ يسوع ، في العشاء الأخير ، أعطى تلاميذه الخبز عن طريق اليد وليس الفمّ رمز للمقاسمة في الفداء والاضطهاد والتبشير الذي سيلاقيه تلاميذه عبر هذا ( العهد المقدس) الذي تم بشكل الخبز والخمر. هناك أسبابٌ أخرى يؤخذ بها القربان المقدّس عن طريق الفمّ ، وهي أنه نظرًا لتقوية أبناء الكنيسة ، في القرون الآولى ، آخذين بنظر الإعتبار مدى الخطايا والنجاسة التي قد ترتكب عبر اليدين. ارتأوا أن يأخذوا القربان عبر الفمّ كي لا يتنجّس القربان. والجواب على ذلك هو لاهوتي أصيل ، بأن القربان لا يتلوّث بخطايانا لأن له قدسيّته الخاصة .
يقول كتاب المسيحيّة في عقائدها (نشره مجلس أساقفة ألمانيا) : أمّا مسألة التناول باليد أو بالفم فلا ينبغي أن تكوّن مشكلة أساسيّة . فحتى القرن التاسع كانت العادة العامّة أن يتقبّل المؤمن المناولة وقوفا وباليد . أما إنتشار الممارسة اللاحقة بأن تتمّ المناولة بالفمّ ، فله أسباب عديدة ، ومن بينها الورع . ولكنّ المناولة باليد يمكن أيضا أن تكون علامة ورع . هذا ما بيّنه القدّيس كيرلس أسقف أورشليم (في القرن الرابع) واصفا في عظاته للمستعدّين للتناول كيف أنّ اليدين الموضوعتين على شكل صليب الواحدة فوق الأخرى تشكّلان عرشا لإستقبال الملك .
يجب أن لا ننسى أننا نستطيعُ أن نخطأ باللسان كما باليد ، وكذلك أيضا نستطيع أن نخطأ بالقلب . فالمناولة عن طريق اليد والقلبُ واللسان نقيٌّ ، أفضلُ من المناولة عن طريق الفمّ وقلبنا مليءٌ من الحقد والكذب والغشّ وعدم الوضوح . ينبغي في هذه الحالة إذن ، إحترام سلطة الكنيسة التعليميّة وما تقوله .
عدي توما / زينيت