19 و20 أيلول، موعدان ينتظرهما نحو خمسة آلاف أستاذ وأكثر من 74 ألف طالب في الجامعة اللبنانية بفارغ الصبر لتحديد مصير السنة الجامعية. وفي ضوء ما ستقرّه الجلسة التشريعية للمجلس النيابي اليوم وغداً تحسم رابطة الأساتذة المتفرّغين خطواتها المرتقبة. «أيّ مساسٍ بحقوقنا المكتسَبة يعني إضراباً عاماً»، بحسب مصدر خاص لـ»الجمهورية»، مؤكّداً: «أنّ مصير السنة أمام خيارين لا ثالث لهما».تُواصل كلّيات الجامعة اللبنانية انتخابَ مندوبيها لمجلس الجامعة وسط أجواء من الديموقراطية، وستكون كلّيات العلوم على موعد مع انتخاب ممثّل لأساتذتها نهاية هذا الأسبوع، فيما الأنفاس محبوسة والأنظار مشدودة إلى ما سينتج عن الجلستين التشريعيتين.
إذ يعقد أساتذة «اللبنانية» كلَّ آمالهم على ترجمة مجلس النواب وعود السياسيين الأخيرة لهم في معالجةِ تداعيات سلسلة الرتب والرواتب على صندوق التعاضد وخصوصية موقع الأستاذ، مؤكّدين «أنّ أيّ مماطلة ستدفع الأساتذة حكماً للّجوء إلى خطوات تصعيدية مشروعة، بمختلف أشكالها».
جلسة تمتحن الوعود
لذا يتطلّع الأساتذة بفارغ الصبر إلى الجلسة التشريعية كفرصةٍ سانحة واختبار لنوايا السياسيين ما إذا سيكونون «أد كِلمتُن» من خلال إقرار قانون معجّل مكرّر يستثني صندوقَ التعاضد من مفاعيل القانون الجديد للضرائب، والذي وضِع على جدول الهيئة العامة لمجلس النواب التي ستُعقد اليوم وغداً، أو سيكتشفون أنّهم وقعوا في مغبّة وعود فارغة، لن يَستسلموا لها.
في التفاصيل…
منذ إقرار سلسلة الرتب والرواتب مطلع تموز 2017، أشعلت المادة 33 من قانون السلسلة، والمتعلقة بتوحيد الصناديق الضامنة، أساتذةَ «اللبنانية».
سرعان ما شمَّرت الهيئة التنفيذية للأساتذة عن سواعدها، داعيةً الكوادر كافّة للاستنفار، فكان الاجتماع الأبرز في 27 تموز، في مجمع الحدث في حضور رئيس الجامعة البروفيسور فؤاد أيوب، إذ فوَّض الأساتذة الهيئة التنفيذية اتّخاذَ كلّ الخطوات اللازمة المشروعة بما فيها إعلان الإضراب المفتوح لتحقيق المطالب من طريق سلسلة رواتب جديدة تحفظ حقوقهم الاجتماعية والصحية، عبر تدعيم صندوق التعاضد وعدم المسّ بتقديماته.
طوال الصيف أبقَت الهيئة على اجتماعاتها مفتوحة وثابرَت على زيارة كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس الحكومة سعد الحريري، وعدد من المسؤولين والوزراء والنواب، وقادة الأحزاب، والكتل النيابية، مطالبةً بالحفاظ على خصوصية الأستاذ الجامعي وحقوقه ومكتسباته المادّية والمعنوية. في معظم صولاتها وجولاتها لاقت الهيئة تجاوباً، فاستبشَرت خيراً، ولكن على طريقة «ما تقول فول ليصير بالمكيول»، أبقَت على حال الاستنفار ضمن صفوف الأساتذة.
وحدة حال
معظم الأساتذة الذين التقَتهم «الجمهورية» عبّروا عن هاجسِهم المشترك وكأنّهم يعيشون وحدة حال، مؤكّدين «أنّ الصندوق حقّ مكتسَب تمّ التوصّل إليه بعد نضالٍ طويل وعملٍ مضْنٍ، لذا لا يمكن المساس به، ومِن غير المنطق سلبُنا ما نتمتّع به»، آملين أن يقرّ مجلس النواب القانونَ المعجّل المكرّر الذي يحفظ عدمَ المساس بصندوق التعاضد».
وطالبوا بتعزيز مكانة الأستاذ الجامعي على اعتبار «أنّ «اللبنانية» هي الصرح التربوي الوحيد الرسمي، ويَحتضن النسبة الأكبر من الطلّاب اللبنانيين، وأنّ الجامعة تُقدّم مروحةً واسعة من الاختصاصات، بالإضافة إلى توفير فرصِ تدريسٍ لشريحة كبيرة، لذا، وفي خضمّ تأمين الدولة مصلحة المواطنين، الأَولى بها أن تحافظ على مكتسبات أساتذة «اللبنانية».
مطالب الأساتذة
من جهته، يَحرص أمين سر الهيئة التنفيذية وممثّل الأساتذة في العلوم الفرع الثاني البروفسور إيلي الحاج موسى على التحلّي بروح إيجابية، قائلاً: «منذ اللحظة الأولى ولحِرص الهيئة على عدم اللجوء إلى السلبية وعدم تعريض السنة الدراسية إلى أيّ عرقلة لا نتمناها، وبالرغم من الضغوط التي مارَسها بعض الزملاء المتحمّسين للتصعيد، قامت الهيئة بمروحة واسعة من الاتّصالات والزيارات لضمان انطلاقة جامعية آمنة، محذّرةً من المساس بحقوق الأساتذة».
أمّا المطالب التي رفعوها والتي على أساسِها قد يعرقلون، مرغمين، السَنة الجامعية إنْ لم تتحقّق، يوضح الحاج موسى: «خلال هذه اللقاءت طرحت الهيئة موضوعين أساسيين: أوّلاً ضرورة الحفاظ على صندوق التعاضد لضمانه الأمنَ الصحّي والاجتماعي للأساتذة. إذ إنّه ومنذ تأسيسه كان الصندوق وتقديماته جزءاً مكمّلاً للراتب، كما أنّ مشاركة الأساتذة في تمويل الصندوق هي الأعلى بين كلّ موظفي القطاع العام، أضِف إلى أنّه في حال تعذّر قيام الصندوق بمهامّه، سنجد أكثرَ من نصف الأساتذة محرومين من أيّ تغطية صحّية ممكنة».
ويضيف: «أمّا الملف الثاني فهو الإجحاف الذي لحقَ بالأساتذة لعدمِ إدخالِهم بالسلسلة الجديدة التي أعطيَت عن حقّ لجميع موظفي القطاع العام. صحيح أنّه ومنذ ٦ سنوات أقرّت الحكومة في حينها سلسلة رتب ورواتب جديدة للأساتذة، إلّا أنّ الزيادة على الرواتب و التي قدّرت في حينها بما نسبته ٧٠ ٪ تَرافَقت مع زيادة في ساعات العمل قدِّرت بحوالي ٣٠٪ لتكونَ بذلك الزيادة الفعلية على راتب الأستاذ الجامعي لا تتخطّى
الـ ٤٠٪ بأحسن الظروف. في حين أنّ بعض القطاعات قد تخطّى ما حصلت عليه في السلسلة الحالية نسبة الـ١٥٠%».
التصعيد إلى حدّ الإقفال
بدورها، حمّلت رابطة الأساتذة المسؤولين في المجلس النيابي والحكومي، عشية انعقاد الجلسة، مسؤولية «عرقلةِ السنة الجامعية»، محذّرةً في بيان لها من «الخطر الداهم الذي يتهدّد صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في «اللبنانية»، بسبب المادتين 31 و33 الواردتين في قانون سلسلة الرتب والرواتب».
وأشارت إلى أنه سبق لها أن «تلقّت وعوداً وتطمينات من مسؤولين في الحكومة وفي مختلف الكتل النيابية، بضرورة استثناء صندوق تعاضدِ الأساتذة من أحكام هاتين المادتين»، داعيةً النواب «إلى الإيفاء بوعودهم وتنفيذ تعهّداتهم بالموافقة على اقتراح القانون المقدّم في هذا الشأن من النائب نقولا فتوش والمسجّل في المجلس النيابي».
بانتظار معرفة ما إذا ستُطابق حساباتُ حقلِ الأساتذة بيدرَ السياسيين، تؤكّد الرابطة أنّ هدفها الثاني «الإنكباب على محاولة تصحيح الرواتب بزيادة غلاء معيشة بحسب مؤشّر الغلاء التراكمي منذ ٢٠١١».
نتالي اقليموس
الجمهورية