كتب عماد موسى في نداء الوطن بتاريخ 21 شباط 2022
أبى سامي كلارك أن يستقيل. أبى أن يشيب. أبى أن يغيب عن المسارح والحفلات. لم يتغيّر صوته الواسع. لم يتغيّر “لوكه” في خمسة عقود ونيّف: مثل جوني هاليداي، وميت لوف وشارل أزنافور وكريستوف وإلتون جون وعشرات الفنانين الأصيلين والمثقفين. غنّى بصوته الأوبرالي ولمع بالفرنسية والإنكليزية والإيطالية وبلغات أجنبية أخرى… حتى باللغة العربية الفصحى.
في سبعينيات القرن الماضي، حين لم يكن هناك من حركات مدنية سوى حركة المطران غريغوار حداد، أسّس سامي كلارك جمعية لبنان الجديد لمواجهة الحرب وتداعياتها، وتمكن من جمع 14 ألف شاب وصبية ـ بما يشكل حاصلاً انتخابياً اليوم في غير دائرة، تنقّلوا بين البيروتين وانتشروا في أقضية عدّة.
آمن سامي كلارك بلبنان الفرح والحب والموسيقى وسائر الفنون والإنفتاح على الغرب والشرق ولبنان السلام. وبطبيعة الحال، لا يشبه لبنانه بشيء، لبنان الممانع المتباهي برؤوس الصواريخ الذكية لا بذكاء بنيه وإبداعهم في حقول المعرفة والإبتكار الفني والتكنولوجي (غير العسكري). ارتدى سامي كلارك الزي العسكري في عيدين: عيد الإستقلال وعيد الجيش وألبس لبنان واحداً من الأزياء الزاهية مدى العمر.
ذات يوم بعيد “طار بخيالنا”، وقد تجاوزنا سن المراهقة، فغنّى شارة “غرندايزر”، فيما دبلج الممثل جهاد الأطرش تلك الشخصية الكرتونية.
ذات يوم حاولنا بأصواتنا البائسة، مرافقة سامي كلارك بـ:
“عَلّي عَلّي بَطَلَ فْليد هيَّا طِر يا غرندايزَر
بِعَزمٍ عَلّي، حِمَماً أرسِل، إِفْتِك بِالأعدَاء
كَافِح شَرّاً حَطِّم مَكراً في حَزمٍ وإباء
إِمنَع طَمَعاً إِردَع جَشَعاً فالخَطَرُ كَبيرْ
هَذه الأرضُ يا غِرِنْدايزَرْ كَوكَبٌ صَغير…”
وبات اسم “غرندايزر” في مجالس الأصحاب، مصاحباً لقبضاي الشلّة “الفنّاص”، يرحّب أصدقاؤه: “أهلاً بريّس غرندايزر” ويتحلّقون حوله لسماع فصول من بطولات تحاكي اللامعقول، ويتخلّل عرض البطولات فواصل من المغامرات العاطفية يرويها “غرندايزر” على الرفاق الحائرين. وفي المجالس السياسية أُطلق لقب “غرندايزر” على من ينسب لنفسه معارك قاسية خاضها، لا بل قادها، وهو في حال انفصام عن الواقع.
العام 1975 أطلقت شركة في اليابان Toei animation المعركة الكبرى للوحوش الآلية الطائرة، مع البطل الكرتوني “غرندايزر”.
العام 1979، إنتقلت مغامرات الفضاء إلى لبنان والبلدان العربية فغنّى الصغار والكبار مع سامي كلارك “هيّا هيّا غرندايزر” وافتتنوا بمغامرات يوفو في وقت كانت المعارك محتدمة على الأرض، وأحياناً بين الأرض والسماء.
العام 2022، سافر المغني إلى ما بعد بعد الفضاء.