” وقالَ لهُم هذا المَثَلَ كانَ رَجُلّ غَنِـيٌّ أخصَبَت أرضُهُ، فقالَ في نَفسِهِ لا مكانَ عِندي أخزُنُ فيهِ غِلالي، فماذا أعمَلُ ؟ ثُمَّ قالَ أعمَلُ هذا أهدِمُ مَخازِني وأبني أكبرَ مِنها، فأضَعُ فيها كُلَّ قَمحي وخَيراتي. وأقولُ لِنَفسي يا نَفسي، لكِ خَيراتّ وافِرَةٌ تكفيكِ مَؤونَةَ سِنينَ كَثيرةٍ، فاستَريحي وكُلي واشرَبـي وتَنَعَّمي . فقالَ لَهُ اللهُ يا غَبـيُّ، في هذِهِ الليلةِ تُستَرَدُّ نَفسُكَ مِنكَ. فهذا الذي أعدَدْتَهُ لِمَن يكون ؟ هكذا يكونُ مَصيرُ مَنْ يَجمَعُ لِنَفسِهِ ولا يَغنَى بِاللهِ. ”
التأمل: “وأقولُ لِنَفسي يا نَفسي، لكِ خَيراتّ وافِرَةٌ تكفيكِ مَؤونَةَ سِنينَ كَثيرةٍ…”
كم من البشر بيننا يشبهون هذا الرجل الذي يصفه الانجيل بالغباء والانانية والبخل ؟ كم من الأشخاص بيننا لا يفكرون الا في بطونهم؟!!
كم من الأشخاص بيننا يستغلون فقر الناس وحاجاتهم فيلجأون الى استعبادهم في لقمة العيش، في التعليم والصحة والسكن، في العمل والوظيفة وضمان المستقبل والشيخوخة؟!!!
كم من الناس بيننا يستغلون الأزمات، وظروف الناس الصعبة لا بل يبنون ثرواتهم على مآسي الاخرين؟!!
كم من التجار بيننا يحتكرون سلعاً أساسية فتزداد ثرواتهم وتزداد أعداد الضحايا من البشر الذين هم أيضاً على صورة الله ومثاله؟!!
كم من التجار الذين يفتحون أفواههم ويوسعون بطونهم في زمن الأزمات ويلعبون بالعملات الصعبة فيذهب الآخرون في جحيم (فرق العملة) لا أكثر؟!! من يفتعل الازمات؟ من يخطط للحروب؟ أليس الأغنياء – الاغبياء هم من يوسعون مخازن ذهبهم وأهراءات عملاتهم ونقودهم على حساب أرواح ملايين المواطنين الذين يدعون لهم سراً ويصفقون لهم علناً؟!!
ألا يسيطر أقل من واحد بالمئة من أغنياء العالم على أكثر من تسعين بالمئة من ثروات الارض؟!! ألا يموت بعض البشر من التخمة والبعض الآخر من الجوع؟!!
ألا نعتبر أنفسنا أحياناً محور الكون، ونرى الكون من خلال ذاتنا في معظم الأحيان؟!!. ألسنا سجناء أنانيتنا؟ لا نفكر بأي شخص آخر…لا نرى سوى ذاتنا مثل هذا الغني الذي لا يرى سوى نفسه ولا يشعر الا بنفسه . ومعظم كلماته التي رددها تبين مدى انغلاقه على ذاته:” عندي، غلالي، مخازني، قمحي، خيراتي، نفسي، استريحي، اشربي، تنعمي..”
هذا الغني الجاهل الذي لا يتجاوب مع احتياجات العالم، ربما زوجته أو أولاده، كيف له أن يبني مستقبلاً هنيئاً؟ كيف يستطيع أن يكون زوجا، أو والدا،أو أخا، أو رفيقا، أو حتى انسانا؟ كيف له أن يحب؟ وبالتأكيد لن يجد من يحبه. وسيموت حتما لأنه من ” كانت له خيرات العالم ورأى أخاه محتاجا فأغلق قلبه عنه، فكيف تثبت محبة الله فيه.. من لا يحب بقي في الموت، ومن أبغض أخاه فهو قاتل.. والقاتل لاتثبت الحياة الابدية فيه”(1يوحنا 3/15-17).
ساعدنا يا رب أن نجسّد في حياتنا العائلية رأفتك ولطفك، تضحيتك وحبك، تواضعك ووداعتك، ساعدنا أن نجسد المحبة في أعمالنا، لانها رباط الكمال بين أفراد عائلتنا ومجتمعنا، أعطنا شجاعة الكرم والعطاء في كل شيء حتى في بذل حياتنا من أجل من نحب، لنعيش فرح العطاء ونعلم بعضنا بعضا العطاء، لنتعم بحضورك لانك غنانا الدائم الى الابد.آمين.
أليتيا