“أنا أميل أكثر إلى العلم من الإيمان” ربما سمعت هذه العبارة في أكثر من مرّة والسيناريو نفسه يتكرّر هكذا: “تلتقي بأحد ما، تتسامر معه وبطبيعة الحال تتحدّثان عن موضوع الإيمان فجأة تصاب بصدمة كبيرة عندما يدّعي الآخر قائلاً: “حسنًا أنا شخص يميل أكثر إلى العلم إنما أجد أنه موضوع مهم أن نتحدّث عن الإيمان!…
لا بدّ من أنك غالبًا ما تحكّ رأسك لتفهم ما يقصد الآخر عندما يبدأ بالتحدّث عن العلم. وربما الترجمة على ذلك تكون: “أفضّل أن أؤمن بما وافقت عليه الطريقة العلمية والله لا يتلاءم مع ذلك…” أو بحسب ما يعبّر عنه بعض العلماء بأنّ التطوّر في العلم والتكنولوجيا يمكنه أن يعزّز تركيزًا حصريًا على بيانات يمكن ملاحظتها وإلحادًا على كل شيء آخر”.
إليكم أربعة أمور يجب أن تعرفها وتتشاركها حول العلم والكنيسة بحسب ما ذكرها موقع catholic-link.org:
العلموية
لنبدأ بالجانب الفلسفي التقني. “العلموية” هو مصطلح يُعطى لمن يؤمنون كثيرًا في قوّة المعرفة العلمية والتقنيات. إنّ المضحك هنا هو أنّ الادّعاء بأنّ منهجية العلم هي الطريقة الوحيدة الموثوق بها من أجل ضمان معرفة كل شيء إنما هي ادعاء غير علمي ولا يمكن إثباتها علميًا. غالبية الأبحاث العلمية تفرض الكثير من الافتراضات الفلسفية!
عندما يقول لنا أحد “أنا أميل أكثر إلى العلم” فهذا يعني أنّ الأولوية تُعطى لإضعاف الحس السليم والخبرة والحدس والمنطق وأكثر من ذلك بكثير. إنّ كل هذه الوسائل لفهم العالم هي مهمة في بعض المواقف. “بالطبع إنّ الخطر الذي يلوح في الأفق اليوم يُفسَّر بأنّ الإنسان منغمس في اكتشافات عديدة ويظنّ بأنه مكتفٍ بذاته ولا يبحث عندئذٍ عن أمور أعمق”. (غوديوم وسبس حاشية رقم 57).
الناس
في الكنيسة يوجد الكثير من الأشخاص الذين شهدوا من خلال أعمالهم الحياتية على التوافق بين الإيمان والعلم. فمثلاً يوجد الأب جورج لوميتر: لقد سمعتم مرّة بنظرية “الانفجار الكبير” Big Bang وإن تساءلتم من اقترح هذه النظرية فيجب أن تعلموا أنّ من اقترحها هو كاهن بلجيكي يُدعى الأب جورج لوميتر. وهو أوّل من تحدّث عن “قانون هابل” عام 1927 بكونه كان يُعرَف في السابق بعالم فلك وأستاذ فيزياء قبل أن يصبح كاهنًا.
تعرّفوا إلى الأب غريغور مينديل: هل فكّرتم مرّة لمَ تشبهون أهلكم إلى هذا الحد؟ إذًا يبدو على الأرجح بأنكم تحدّثتم عن علم الوراثة في مرحلة ما. تعرّفوا على الراهب الأغسطيني العلمي غريغور مانديل وهو مؤسس العلم المتطوّر لعلم الوراثة. عام 1866 قام بإصدار عمله واصفًا فيه الأعمال الخفية التي تزوّد الإنسان بالسمات الواضحة وندعوها اليوم الجينات.
تعرّف إلى الأخ غي كونسولمانيو. هل تعلم بأنّ للفاتيكان مرصدها الخاص؟ ومرصدها هو بحث فلكي ومؤسسة تعلمية يدعهما الكرسي الرسولي مقرّها في كاستل غوندولفو في إيطاليا. غي كونسولمانيو هو يسوعي وهو مدير المرصد.
ما رأي تعليم الكنيسة الكاثوليكية؟
يتمحور تعليم الكنيسة الكاثوليكية على التوافق بين الإيمان والعلم ويؤكّد لنا “بإنه بالرغم من أنّ الإيمان يفوق المنطق إلاّ أنه لا يمكن الفصل بين الإيمان والمنطق. فالله نفسه هو من يكشف الأسرار وينفخ الإيمان على ضوء منطق العقل البشري ولا يمكنه أن ينكر ذاته”. من هنا، إنّ “البحث العلني الأساسي والبحث التطبيقي يعبّران عن تسلّط الإنسان على المخلوقات. إنّ العلم والتكنولوجيا هما من الموارد الثمينة التي وُضعت في خدمة الإنسان”.
ماذا يقول غوديوم وسبس عن هذا الموضوع؟
“عندما يعطي الإنسان ذاته للفلسفة والتاريخ والعلوم الرياضية والعلوم الطبيعية… يمكنه عندئذٍ أن يقوم بالكثير من أجل رفع الأسرة البشرية إلى فهم سامٍ للحقيقة والخير والجمال وتشكيل آراء مهمة ذات قيم عالمية”. وهنا يكمن اللبّ! الكنيسة تحبّ العلم وتشجّع على محبّته باستمرار فالعلم يساعدنا على معرفة الحقيقة وأكثر إلى معرفة الجمال عن كثب الذي بواسطته خلق الله عالمنا. بصفتنا كاثوليك علينا أن نثق في ذلك من خلال السعي الجيد والحقيقي للمعرفة التعلمية فالكنيسة تقدّر أيضًا طريقة فهم عالمنا.
Zenit