تحت عنوان “والكلمة صار بشراً، فسكن بيننا” (يوحنّا 1: 14)، وجه بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالته احتفالا بعيد الميلاد المجيد 2017 وقال ” في مستهلّ رسالتنا، ونحن نتطلّع معاً نحو النور الذي شعّ في المذود في بيت لحم، لنعيّد أعجوبة الحبّ الإلهي، بتجسّد كلمة الله في أحشاء مريم البتول، يطيب لنا أن نقدّم التهاني القلبية لكم جميعاً، أيّها الإخوة والأبناء الأعزّاء في لبنان وبلاد الشرق وعالم الإنتشار، بهذا العيد المجيد، عيد انتصار النور على الظلمة، والإتّفاق على الخصام، والسلام على الحرب، والمحبّة على البغض والحقد. ومعكم نضرع إلى الطفل الإلهي، أن يفيض ميلاده العجيب بيننا بالنِّعم والخيرات والبركات، فيضيء نوره وسط ظلمات حياتنا سلاماً وبهجةً ورجاءً وتبتهج بضيائه قلوبنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا وأوطاننا وبخاصة في شرقنا الغالي حيث الحروب والمآسي والنزاعات.”
نقلا عن الموقع الإلكتروني لبطريركية السريان الكاثوليك، قال البطريرك يونان “وُلد المسيح في مذود ليخلّص العالم، تواضع الخالق ليعلّمنا التواضع والبساطة، ولكن حين ننظر إلى الأحداث المفجعة حولنا، وما تمرّ به أوطاننا الحبيبة في لبنان وسوريا، مروراً بالعراق والأراضي المقدسة ومصر، نجد أنّ الرجاء قد غاب عن العديد من الأفراد والشعوب في عالمنا اليوم. فالحروب والدمار تعمّ منطقتنا، ولا يبقى لنا سوى الرجاء في السلام الآتي مع ملك السلام، السلام الحقيقي، السلام لشعوبنا وبلداننا. ونصلّي كي تعرف أرضنا الأمن شرطاً أساسياً لتقدُّم لشعوبها، فتتوقّف الحروب والصراعات التي تعصف بها منذ عشرات السنوات، وتعرف أوطاننا الأمان وشعوبنا الطمأنينة، ونعيش مع إخوتنا وشركائنا في الأوطان بالألفة والمحبّة التي جاء ملك السلام ربّنا يسوع المسيح مبشّراً بها، في كنف حكّام عادلين أمناء على مصالح شعوبهم، غير مرتهَنين لسياساتٍ ومشاريع لا تجلب سوى الدمار وعدم الإستقرار”.
قال بطريرك السريان الكاثوليك الإنطاكي في رسالته لعيد الميلاد المجيد “إنّ وطننا الغالي لبنان لا يزال يرزح تحت وطأة أوضاعٍ اقتصاديةٍ متردّيةٍ تثقل كاهل المواطنين اللبنانيين، إضافةً إلى العبء المتفاقم بسبب وجود نحو مليوني نازح على أرضه، لكنّنا نرى في هذه الظلمة فسحةَ أملٍ تضيء لنا للمستقبل كالنجمة التي أضاءت طريق المجوس نحو الرب يسوع. فوطننا تحرّر في الصيف المنصرم بقوّة جيشه البطل من الإرهابيين الذين كانوا يحتلّون جزءاً من أرضه ويتعدّون على سيادته ويثيرون الرعب في نفوس المواطنين. كما أنّ توحُّد اللبنانيين خلف رئيس الجمهورية وتخطّيهم الأزمة الأخيرة أثبت مرةً جديدةً أنّ وطننا رسالة، رسالة حرّية وتعدّدية للشرق والغرب، ونحن نطالب القيّمين على شؤون الوطن ألا ينسوا أنّ هذه الرسالة التي يشكّلها لبنان تبقى ناقصةً ما دام المكّون السرياني الشريك في تأسيس هذا الوطن مهمّش الحقوق، ومستبعَداً من تمثيله في الندوة البرلمانية والوزارة، وغير ممثَّلٍ كما يجب في الإدارات الرسمية ووظائف الفئة الأولى، وهو الزاخر بالطاقات الخيّرة والمستحقّة من شبابه وشابّاته المؤمنين بلبنان والملتزمين صون حقوقه والدفاع عن استقلاله وحرّيته”.
أضاف غطبته: “أمّا سوريا الجريحة، ولأنّ الميلاد زمن الرجاء والأمل، نصلّي كما صلّينا ودعونا في السنوات السابقة كي يتوقّف العابثون بمواطنيها وأرضها وحضارتها عن بثّ الكراهية وتأليب المتآمرين على أمنها واستقرارها. لقد قُتل الآلاف وتهجّر الملايين، وتهدّمت البُنى التحتية بفعل الصراعات المجرمة التي تستمرّ منذ العام 2011. وإنّنا إذ نهنّئ الشعب السوري وحكومته بالإنجازات التي تمّت، في دحر الإرهابيين وتوحيد البلاد وإحلال الأمن في المناطق المحرَّرة، نضرع إلى الرب لتثمر الجهود الخيّرة التي تُبذَل، وتصل المؤتمرات واللقاءات التي تُعقَد، إلى إنهاء الحرب وإعادة الوحدة إلى الشعب السوري الحبيب التوّاق إلى السلام والأمان وإعادة البناء في الحجر والبشر، لتولد سوريا واحدة لجميع السوريين”.
“وإلى العراق الحبيب، نتوجّه في عيد ميلاد الربّ يسوع، ونحن نرى أرض الرافدين وقد تحرّرت من التنظيمات الإرهابية، فنفرح ونحن نسمع أجراس كنائسنا في سهل نينوى وإقليم كوردستان وكلّ العراق، مبشّرةً بولادة المخلّص وبخلاصها من التكفيريين والمجرمين. إنّنا ندعو الحكومة المركزية وحكومة الإقليم والمجتمع الدولي إلى إرساء الأمن والسلام في العراق، وإلى العمل الجدّي لتشجيع من هاجر ونزح كي يعود إلى أرض الآباء والأجداد، حراً، آمناً، محترماً، في وطنٍ متّحدٍ، وتحت رعاية الدولة وسلطتها”.
“وإلى الأراضي المقدسة، نتوجّه مصلّين إلى طفل السلام كي يحلّ السلام في أرض السلام، خاصةً في ظلّ التطوّرات الأخيرة، سائلين الرب ألا تؤدّي إلى مزيد من المآسي والويلات بحق أبنائنا الموجودين في الأراضي المقدسة. فبالحكمة والتروّي تبقى القدس مدينةً للسلام والبناء لا مدينةً للحرب والدمار”.
“وإلى مصر، نسأل الرب يسوع أن ينشر أمنه وسلامه في ربوعها، وأن يحيا مواطنوها بالمحبّة والوئام، ويتعاضدوا من أجل ازدهار وطنهم، مهما اختلفت انتماءاتهم وتوجّهاتهم.“
“وإنّنا نجدّد المطالبة بالإفراج عن جميع المخطوفين، من رجال دين ومدنيين وعسكريين، وبخاصة مطراني حلب مار غريغوريوس يوحنّا ابراهيم وبولس اليازجي، والكهنة باولو داللوليو، واسحق محفوض، وميشال كيّال. كما نضرع إلى الطفل الإلهي أن يتغمّد جميع الشهداء برحمته الواسعة، ويمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل، ويعزّي كلّ مفجوعٍ بفقد عزيز”.
“قلوبنا وأفكارنا تتوجّه بصورة خاصة إلى أبنائنا الذين يكابدون آلام الإقتلاع والنزوح والهجرة، من العراق وسوريا، إلى لبنان والأردن وتركيا، وإلى ما وراء البحار والمحيطات، مؤكّدين لهم تضامننا الأبوي واستعدادنا الدائم لتأمين حاجاتهم ومساعدتهم بكلّ الإمكانات المتاحة”.
هذا وتطرق البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان في ختام رسالته لعيد الميلاد المجيد إلى حدثين هامين ينتظران كنيسة السريان الكاثوليك عام 2018 وقال “اللقاء العالمي الأوّل للشباب السرياني الكاثوليكي، وهو لقاء يجمع الشبّان والشابّات من كنيستنا السريانية في جميع الأبرشيات والرعايا والإرساليات في العالم، بعنوان “تعالَ وانظر”، وذلك في لبنان، في الفترة الممتدّة من 17 حتّى 22 تمّوز 2018. وستُحيي كنيستنا السريانية اليوبيل الذهبي لرقاد المثلّث الرحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس جبرائيل الأوّل تبّوني (1968 – 2018)، في مؤتمر خاص يُعقد في لبنان يومي 28 و29 تمّوز 2018، تكريماً لهذه الشخصية الفذّة التي لعبت دوراً بارزاً في التاريخ الحديث لكنيستنا”.
إذاعة الفاتيكان