فيما تركت السنون المنصرمة الدور لمخيّلاتنا في رسم ملامح وجوه لشخصيات مهمة مرت في التاريخ ، برع العلم الحديث في تطوير صور و نماذج وفّرتها آثار باقية لهؤلاء… في هذا الإطار، تم العمل على بقايا القديس نيقولاوس، الذي يُعرف ب “بابا نويل”.
تقليدياً، نعرف أن هذا القديس الذي ترقد رفاته في سرداب كنيسة على إسمه في باري جنوبي إيطاليا، يحمل ملامح شيخ ملتح، و لكن لا نعرف أكثر من ذلك عن وجهه. غير أنه في عام 1950 عند إصلاح سرداب الكنيسة و بناء على طلب من الفاتيكان، تم أخذ الآلاف من القياسات بدقة مفصلة وصور شعاعية من الجمجمة والعظام الأخرى.إبتدأت الدراسات ووضعت النماذج بحسب البيانات و لكن كان ملفت التحديث الذي قامت به مؤخراً رولين ويلكنسون بعد عشر سنوات على عملها الأصلي: فقد أخرجت صورة جديدة بحسب أحدث التقنيات التفاعلية الثلاثية الأبعاد. و بمساعدة جامعة دندي وجامعة ليفربول جون مورز أعيد “ترميم الوجه”.أتت النتيجة مطابقة لوقائع من حياة القديس نيقولاوس الذي حرّفته الأسطورة: فكلمة (سانتا كلوس= santa Claus) أتت من لعب على ترجمة إسمه في اللغة الهولندية (Sinterklaas) حيث كان للقديس تقليد شعبي محبب. غير أن نيكولاوس القديس يبتعد كل البعد عن (سانتا كلوس) التجاري: بُعد مدينته ميرا في آسيا الصغرى عن القطب الشمالي حيث تقطن الأسطورة.
نعود للنتائج العلمية: فقد تبيّن أن القديس هو رجل في منتصف العمر يحمل ملامح شرق أوسطية و ذو لحية طويلة، و فك مربع ، ويبدو أنه قد تعرّض لكسر في الأنف إلتأم بشكل غير متوازي.و تُظهر الصورة القديس ببشرة لوّحتها شمس البحر المتوسط ، بني العينين، و رمادي الشعر واللحية. و مع هذه الصورة المرممة لقديس العطاء نيكولاوس ، علّنا نرمم معاني الميلاد التي شوّهتها روح الإستهلاك و ندرك أن الألوهة لبست إنساناً لترمم صورتها في الإنسان … فهل من يلاقي سر الحب و العطاء هذا ؟؟؟؟
زينيت