كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
برّر نواب «التيار الوطني الحرّ» التصويت مجدداً بورقة بيضاء بأنّ الوقت لم يكن متاحاً لهم من أجل التشاور للتوصل إلى اسم مرشحٍ يستبدلون به الورقة البيضاء. هذا العذر ليس من الأعذار التي تستند إلى ركيزةٍ قويةٍ، فنواب» التيار» وعلى رأسهم النائب جبران باسيل لا بدّ وأن يكونوا قد تشاوروا في ما بينهم بأسماء لمرشحين محتملين للرئاسة يمكن أن يحظوا بتأييدهم، إلّا إذا كان لديهم مرشح وحيد وهو رئيس «التيار» ولذلك يمتنعون حالياً عن التسمية.
في أسباب عدم التسمية أيضاً أنّ «التيار الوطني الحر» يريد المساومة على تأييد أي شخصيةٍ لتبني ترشيحها لرئاسة الجمهورية وهذا أمر مشروع في السياسة، إذ أنّ «التيار» الذي خرج من جنة الحكم يرغب في الاحتفاظ ببعض مواقع القوى والتأثير كي يبقي على نفوذٍ ما في السلطة مع إدراكه التام أنّ نفوذه سيتقلص، ولكنّ المشكلة هنا من سيقبل من المرشحين المحتملين الدخول في عملية مساومة قد تجعله مجرداً من بعض أدوات الحكم والتأثير؟
في أسباب عدم التسمية أيضاً ما استجد من خلاف مع «حزب الله»، فـ»التيار الوطني الحر» ليس راغباً أبداً في كسر الجرة مع «حزب الله» بل هو يسعى لإصلاح العلاقة على أمل أن يستطيع التأثير في قرارات «الحزب» الرئاسية على خلفية أن يأتي أي تغييرٍ في هذه القرارات لصالح التيار وهو أمل لم يفقده النائب جبران باسيل.
لن يقطع «التيار الوطني الحر» شعرة معاوية مع «حزب الله» ولذلك سيسعى «التيار» إلى خفض مستوى التحدي بعدما وجد أنّ اخصام «الحزب» في لبنان لم يروا في مواقفه ضد «حزب الله» سوى حركةٍ مسرحيةٍ ولم يقدروا الموقف المتمسك بموقع الرئاسة وصلاحياتها من منطلق مسيحي، وخفض مستوى التحدي هذا لا يكون بالتخلي عن الورقة البيضاء من دون التنسيق مع «حزب الله» وبالتالي فإن مسار التصويت لدى «الحزب» و»التيار» سيكون وفق القول السياسي المأثور الذي اشتهر إبان الوصاية السورية «وحدة المسار والمصير».