عقدت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا” ورشة عمل إقليمية حول إدارة السلامة المرورية، في مقرها ببيت الأمم المتحدة – بيروت، برعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسلامة على الطرق جان تود، وبالتعاون مع مجموعة البنك الدولي، بهدف عرض الواقع والتجارب المتقدمة وتسليط الضوء على أهم الأولويات لتحقيق نتائج واضحة بخصوصها.
وخلصت الورشة الى مجموعة توصيات أهمها “اقتراح إنشاء مرصد إقليمي للسلامة المرورية ينسق ويوحد عملية تجميع البيانات وتفعيل النظم الوطنية للسلامة المرورية والانضمام إلى اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بسلامة المرور وتنفيذها، إضافة إلى تعزيز التعاون بين مختلف المعنيين”.
وشارك في افتتاح الورشة كل من تود والمدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار جا وأمين سر المجلس الوطني للسلامة المرورية في لبنان رمزي سلامة والأمين التنفيذي للاسكوا بالوكالة منير تابت. وقبل المضي بأعمال الورشة، افتتح تود وتابت معرضا جانبيا يهدف إلى نشر الوعي حول شؤون تتعلق بالسلامة المرورية مثل استخدام أحزمة الأمان وعواقب الشرود في أثناء القيادة أو القيادة تحت تأثير مخدر.
كما شاركت في المعرض جامعة القديس يوسف في بيروت وقوى الأمن الداخلي في لبنان والصليب الأحمر اللبناني وجمعيتا “يازا” و”كن هادي” ومؤسسة جورج خرياطي (GNK) وغيرها من الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية المتخصصة في مجال السلامة المرورية.
سلامه
وأعلن أمين سر المجلس الوطني للسلامة المرورية في لبنان رمزي سلامه خلال الجلسة الافتتاحية، “بدء الإجراءات اللازمة لإنشاء مرصد وطني للسلامة المرورية بالتعاون مع الحكومة الفرنسية وبدعم من البنك الدولي”. وقال: “سيصبح هذا المرصد المرجع الرسمي لإحصاءات الصدامات المرورية وسائر الأمور التي تخص السلامة المرورية. كما أننا أنشأنا، بالتعاون مع شركات من القطاع الخاص، مركزا لأبحاث السلامة المرورية نأمل أن يسد الثغرات في هذا المجال ويستقطب الباحثين من مختلف جامعات لبنان والجهات المهتمة”.
تود
من جهته، قال تود: “رغم التقدم الكبير الذي تحقق في المنطقة العربية، لا يمكننا غض النظر عن أنها تعاني من أحد أعلى معدلات وفيات المرور من حول العالم. بالفعل، يرتفع هذا المتوسط في المنطقة العربية حاليا إلى 21 وفاة لكل مئة ألف نسمة ويبلغ في لبنان 23”.
أضاف: “كذلك، في التقرير الجديد الذي سيصدر الشهر المقبل عن منظمة الصحة العالمية حول الوضع العالمي للسلامة على الطرق، يتبين أن معدل وفيات المرور بات يتجاوز 1.3 مليون في السنة (وهو الرقم الذي سجلته المنظمة في تقريرها الأخير عام 2013) وأن الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق ستبقى أحد أكبر أسباب الوفيات لمن تتراوح أعمارهم بين 19 و24”.
وتابع: “العديد من دول المنطقة يواجه تحديات غالبا ما تجعل الأولوية والاستثمار للشؤون السياسية، ومن واجبنا الاهتمام بالسلامة المرورية لأنها تؤثر في المدى البعيد على أمن المواطن وسلامته وعلى تنمية الاقتصاد والأجيال المقبلة”.
ولفت الى أن “دراسة حديثة للبنك الدولي تظهر أنه في حال لم تستثمر الدول في سلامة الطرق فقد تخسر ما يتراوح معدله بين 7 و22 بالمئة من النمو الممكن لإجمالي الناتج المحلي لفترة 24 عاما”، مشيرا إلى أن “لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا (UNECE) أنشأت في نيسان الماضي صندوق الأمم المتحدة الاتئماني للسلامة المرورية بهدف تقوية أنظمة سلامة الطرق الوطنية في البلدان الأكثر عرضة”.
وأكد أنه “ما لم تستثمر الدول في سلامة الطرق لتكمل الالتزام الدولي، فسيبقى أثر هذا الصندوق محدودا”.
تابت
بدوره، قال تابت: “تهتم الإسكوا منذ تأسيسها، بموضوع السلامة المرورية باعتباره من المكونات الأساسية لنظام النقل المتكامل في الدول العربية، وقد كرست له العديد من ورشات العمل الإقليمية، كما تجري مسوحا متكررة لرصد تطور السلامة المرورية في الدول الأعضاء. وخلال الورشة، عرضت الإسكوا نتائج المسح الذي أجري في النصف الثاني من عام 2018 حول إدارة السلامة المرورية وبياناتها. كما عرضت اللجنة الاقتصادية لأوروبا لخطة العمل الإطارية العالمية للسلامة المرورية التي من المفترض إعداد خطط العمل الإقليمية والوطنية بالتناغم معها”.
أضاف: “إن تجارب البلدان المتقدمة التي حققت تحسنا ملموسا في السلامة المرورية تثبت أن حوادث المرور وما توقعه من أضرار ليست بالضرورة قدرا. فمن الممكن التصدي لها وتحقيق نتائج إيجابية باتباع حزمة من الإجراءات المتكاملة، تنبثق من سياسات إرادية شاملة ومستمرة، وتندرج ضمن خطط عمل متجانسة واستراتيجيات بعيدة المدى”.
النكت
وفي الختام، رأى خبير المواصلات والنقل في البنك الدولي زياد النكت، أن “ورشة العمل ممتازة لناحية زيادة الوعي لدى الدول الأعضاء والمشاركين وبخاصة لما لهذا الموضوع من تأثير كبير على الاقتصاد الوطني في معظم دول المنطقة العربية”، معتبرا أنها “بداية ومشاركة لرؤية حول مبادرة إقليمية تكمل المبادرات التي ستقوم بها الحكومات على الصعيد الوطني”.
وأكد أن “التمويل ضروري لتنفيذ الخطط في موضوع السلامة المرورية إن لناحية الاستحصال عليه من ميزانيات الدول والمجتمع الدولي وإن لجهة حسن توظيفه في مشاريع السلامة المرورية وخططها لمعالجة هذه الآفة الخطيرة”.
التوصيات
وصدر عن اجتماع اللجنة عدد من التوصيات الموجهة للأمانة التنفيذية للاسكوا منها “مواصلة جهودها في بناء الشراكات مع المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في مجال النقل واللوجستيات والاستمرار في تقديم الدعم الفني للدول الأعضاء والعمل ومتابعة الجهود في تنفيذ مشروع المرصد الإقليمي للسلامة المرورية”.
كما صدرت مجموعة من التوصيات الموجهة الى الدول الأعضاء منها “مواصلة الجهود المبذولة في تحسين قطاع النقل واللوجستيات في الدول العربية والعمل على تيسير التجارة عن طريق تبسيط الإجراءات”.
بيان
وقد ذكر بيان للاسكوا أن “عدد وفيات المرور ازداد في المنطقة العربية في العام 2013 بمعدل 1.05% مقارنة بالعام 2010، بينما كان يجب أن ينخفض بمعدل 9.3% لتحقيق نتائج تتوافق مع عقد عمل الأمم المتحدة للسلامة المرورية”.
وأوضح أن “ورشة العمل هذه تأتي ضمن إطار الاجتماع التاسع عشر للجنة الإسكوا للنقل واللوجستيات التي انطلقت أعمالها يوم الاثنين مع التركيز، إضافة إلى سلامة الطرق، على الحاجة الملحة لتضافر الجهود العربية بهدف مواجهة المتغيرات وأثرها البالغ على قطاع النقل وعلى أهمية النقل البحري وتقييم التكامل الاقتصادي العربي”.
وطنية