إميل أبي نادر
“… وأنت يا بيت لحم، لست الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منك يخرج مدبّرٌ يرعى شعبي… (متّى 2:6)”
والملائكة تُنشد فوق المغارة: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السّلام، وفي النّاس المسرّة…”.
وفئة من الكهَّان، في الديانة الإيرانية القديمة، أُطلق عليهم اسم المجوس في إنجيل متّى، كانوا من رجال علم الفلك، استناروا بوحي خاص عن مجيء المسيح، أتوا من فلسطين شرقاً، تهديهم نجمة من السماء الى أن وصلوا بيت لحم وقدّموا الى المسيح الطفل هداياهم.
وبعد حوالى ألفي سنة، يُغرِّد أمير الشعراء أحمد شوقي من على ضفاف النيل “ولد الرفق يوم مولد عيسى والمروءات والهدى والحياء”…
وتنشد فيروز من شعر سعيد عقل، شاعر الخلود: “الطفل في المغارة وأمّه مريم، وجهان يبكيان، لأجل من تشرّدوا، لأجل أطفال بلا منازل، لأجل من دافع واستُشهد في المداخل… واستُشهد السلام في وطن السّلام… حين هوت القدس تراجع الحبّ… ولكن الغضب الساطع آتٍ… من كل طريق آتٍ… وستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسيّة… وستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجيّة”.
واليوم نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي: “الطفل يسوع هو العيد، ميلاده هو كل العيد، لا معنى للعيد من دون ذكر اسم المسيح، لا معنى للعيد من دون ذكر اسم المسيح، لا معنى لكل الزّينة والشّجرة والأضواء، إذا لم يكن المسيح هو المحور والأساس، فيا رب اجعلنا نعيش عمق الميلاد ونبتعد عن المظاهر الفارغة، ونهيئ قلوبنا لاستقبالك، لنعيش الميلاد بالمحبة وعمل الخير…”.
ومن جمالات الصدف ودلالاتها وايحاءاتها، أن تتزامن اليوم بالذات، ذكرى الميلاد المجيد – مع ذكريات زمن سحيق، ذخرت حقباته بإنجازاتٍ متتالية، تنبئ بنشوء كيان يمخُر عباب الزمان. عبر حالات وظروف دائمة التفاعل والتجدّد، لتنسكب في الزمن المعاصر، ولأكثر من ستّين خلت، عبر إرادة ونضال حفنة ملهمة من رجاله الميامين، في ميثاق وطني معاصر، بقطف ثمار جهاد الأولين، لتثبيت كيان وطن تضرب جذوره في عمق تاريخ المشرق، وُجِدَ منذ الأزل، وتحدّثت الكتب والتوراة، عن أرزه الخالد، مرّات ومرّاتٍ.
هذه الحفنة الرسولة من رجال الوطن الميامين، جسّدت في ميثاق 43 تفاعلات حضارية عبر الزمن،بل تزامنت وتمازجت، بلا تلاقحت عبر عهدي فخر الدين وبشير الثاني وحتى زمن ميثاق 43.
ويتزامن اليوم، عيد الميلاد في لبنان، مع إنجاز استحقاق وطني كبير، طال انتظاره، وكأن هذا الإنجاز قدّم هدية للبنان في زمن الميلاد، من قبل أحد أهم مكوناته الوطنية، متزامناً بفارق الزمن، مع الهدايا التي حملها المجوس من إيران الى طفل المغارة، تلميحاً إلى وحدة مصدر الهديّتين، عبر الزمن، مع الفارق في الغاية من تقديم كل منهما، وربّما مقدّمة لإحكام توثيق العلاقات أكثر مع لبنان الوطن، بإحدى ضفّتي الخليج، على حساب الضفّة الأخرى، عبر استحقاقات عتيدة آتية، في الحكومة، ثم في مجلس النوّاب.
أمّا “الوطن الرسالة”، فإنه يقدم أحرّ تمنياته بمناسبة العيدين إلى رئيس الدولة، متمنياً لفخامته، قيادة سفينة الوطن الدهري العريق، إلى المرفأ الأمين، كما قادها أسلافه الميامين، لآلاف خلت من السنين، إلى شطآن العالم قاطبة، حاملة الكلمة والحرف والمعرفة إلى جميع الأقطار والأمصار.
الرئيس الفخري لنادي بيت الدين
النهار