ثلاث سنوات هو عمر جمعية fe-male التي اتخذت من قضية تسليع المرأة في الإعلام والإعلان عنواناً لها، محاولة عبر هذه السنوات العمل بجهد من أجل كسر الصور النمطية والتسليعية للمرأة، ومنع مختلف أشكال التمييز ضدها. آفات تعتبر في السياق المنطقي، مقدمةً لتشريع العنف بحقها.
طيلة هذه المدة، بدأت الجمعية النسوية بالحفر في هذا الخندق الضخم، علّها تفتح كوّة في هذه الجدار، وترسي وعياً اجتماعياً في الإعلام والإعلان بغية تقديم صورة متوازنة للنساء على هذه المنابر ومنع استغلالهن. وأخيراً، أطلقت الجمعية «الشبكة الوطنية لتغيير صورة النساء في الإعلام والإعلان» الكناية عن تشبيك بين وسائل الإعلام وشركات الإعلان وهيئات المجتمع المدني، وأيضاً الجهات الحكومية المعنية بهذه القضية. أثمر هذا التعاون عن وثيقة تضم مبادئ عدة ومجموعة التزامات على رأسها تقديم وسائل الإعلام تغطية تعكس صورة المرأة ودورها المتقدم، وفسح المجال أمام النساء الخبيرات للتعبير عن وجهة نظرهن في قضايا مختلفة بدل أن يكون هذا الأمر حكراً على الرجال. ومن مبادئ الوثيقة أيضاً، دعوة وسائل الإعلام إلى اعتماد خطاب يعكس المساواة بين الجنسين والمناصفة في مجالس الإدارة، وتشكيل لجان مستقلة مهمتها مراقبة نوعية المضمون الذي يخرج من هذه الوسيلة وخلّوه من أي شكل من أشكال التمييز. وفي ما خصّ شركات الإعلان، فقد دعتها الوثيقة إلى اعتماد الصور الإبداعية والحدّ من استخدام أجساد النساء للترويج. كما شجعت على ضرورة نقد الإعلام للإعلام بغية إذكاء النقاش، وأضاءت على ضرورة تعديل الدفاتر النموذجية لوسائل الإعلام اللبنانية التي تتضمن تمييزاً بحق المرأة في بندها السابع.
خلال الأسبوع الماضي، أقيم حفل إطلاق «الشبكة الوطنية لتغيير صورة النساء في الإعلام والإعلان» في نادي الصحافة (فرن الشباك – بيروت)، تخلله إعلان نتائج المسابقة التي نظمتها الجمعية بالتعاون مع «أكشن ايد» حيث تنافس طلاب وطالبات جامعيون/ات على إنتاج مادة إعلانية مصوّرة تسويقية، تتجنب الوقوع في أفخاخ التسليع. وقد فازت في المرتبة الأولى الطالبتان زينة قاروط ومريم حواري، وذهبت المرتبة الثانية إلى ملكة خانات، علماً أن لجنة تحكيم تألفت من خبراء وخبيرات في الإعلام والإعلان والأكاديميا والمجتمع المدني.
هذه المسابقة التي أتاحت لهؤلاء الطلاب التنافس وتشجيع خطاب ومقاربة غير تمييزية بحق النساء، كانت من ضمن خطوات الجمعية في دفع هذه القضية قدماً، من خلال النقاشات مع أصحاب الخبرة، وأيضاً تشكيل حلقات طلابية لحث الوعي عند الجيل الجديد، بالإضافة إلى الاتكاء على المواد البحثية، التي تسهم في تفنيد المشهدية الإعلامية والإعلانية ووضع توصيات. وليس مبحث «نحو صورة متوازنة للنساء في الإعلام والإعلان» الذي أعدّته أستاذة الإعلام نهوند القادري العام الماضي، والحملات الإلكترونية لمناهضة التسليع، وإنشاء موقع «شريكة ولكن» الحقوقي النسوي، بالإضافة إلى إنتاج فيلم «غب الطلب» الذي يضيء على هذه القضية، إلا جهداً حثيثاً تقدمه الجمعية مع شركائها، لصناعة مشهدية إعلامية وإعلانية خالية من أي شكل من أشكال التمييز والتنميط. نجحت هذه الجهود في اختراق هذا الجدار ولو بشكل طفيف، مع إيقافها العديد من الإعلانات المسيئة أكان على الفضاء الإلكتروني أو على اللافتات الطرقية، وخلق وعي يعوّل عليه في السنوات المقبلة.
زينب حاوي
الأخبار