قال الرجال الأعاجم (المجوس) عند ولادة يسوع: “إنّ هذا الطفل وإن كان ابن يوم واحد فإننا قد رأينا نور الهنا في عينيه وابتسامة الهنا على شفتيه”. فالمجوس رأوا ما أكده يسوع لاحقاً، إذ قال: “أنا نور العالم… وأنا هو الطريق والحق والحياة”. إنّ يسوع الذي ولد إنساناً مثله مثل باقي الناس يمتاز بطبيعة ثانية وهي الطبيعة الإلهية، وقد بدت هذه الحقيقة منذ ولادته، وعندما قال المجوس: “قد رأينا ابتسامة إلهنا على شفتيه”، فهم وإن لم يروا الله من قبل كانوا يؤكدون أنّ من يروه هو نفسه ابن الله وهو الله المتجسد تماماً، كما قال يسوع: “من رآني فقد رأى الآب”.
في مثل هذه الأيام ولد السيد المسيح داحضاً كل أكاذيب اليهود بأنه لم يأتِ بعد. وقد جاهر بأنه المسيح المنتظر أو المسيّا. أمّا اليهود ما زالوا حتى الآن في انتظاره. نحن المسيحيين نؤمن بولادة يسوع المخلص – الثالوث الأقدس – ونقول ليسوع تماماً كما قال له بطرس: “أنت هو المسيح ابن الله الحي”.
يا يسوع، صحيح أنك علمتنا التواضع في غسل أرجل تلاميذك في ما بعد وتقبيلها، لكنك بلغت قمة التواضع حين ولدت في مذود بسيط في الطبيعة، وليس في القصور. أوليست هذه رسالة إلينا نحن المتغطرسين القابعين أبداً في عليائنا؟ أليست هذه الولادة طريقة أساسية في التربية الإنسانية تعلمنا التواضع في حياتنا مع الآخرين؟ ولكن الوداعة والتواضع لا يعنيان الضعف أبداً، فالناس “بهتوا من تعليمه لأنّ كلامه كان بسلطان”. لوقا 4: 32.
وقد قدتنا يا يسوع المولود في مثل هذا اليوم الى معرفة الحقيقة القصوى، وهي المعرفة الحقيقية. عرفتنا طيلة حياتك الى الله، الحقيقة القصوى والمعرفة الحقة.
عندما جاء المسيح الى الأرض كانت البشرية تسرع في الانحدار الى الحضيض والحياة صارت زائفة، واليهود إذ كانوا مجرّدين من قوة كلمة الله قدّموا للعالم التقاليد والآراء المخدّرة للعقول. ومع يسوع ولدت حقيقة العالم وهي الكلمة، والكلمة كان الله، والله هو المحبة.
قال جبران خليل جبران في كتابه – يسوع ابن الإنسان – : “قال لنا المعلم وراء كل ما تنظرون ملكوت سأحكمه وأسود فيه، فإذا شئتم ورغبتم من قلوبكم فأنتم أيضاً ستذهبون إليه وتحكمون”. ويتابع جبران: “أمّا أنا فلم تكن في قلبي سوى رغبةٍ واحدة أن أتبع المعلم إلى ملكوته”.
عسانا نتبعك يا يسوع ونتعلم منك عدم الاستهزاء، بل المحبة ومباركة الآخرين، فقد جبهت النفوس المجرّبة المنهزمة الهالكة بالبركة لا بالتشهير، وأحببتها حتى مت من أجل خلاصها فصحّت البشارة: “ولد لكم اليوم مخلّص”، هو يسوع المسيح الذي افتدى العالم بجسده وعذاباته ودمه الطاهر.
ناجي نصر
النهار
الوسوم :ولد لكم مخلص