في معرض جوابه للصدّوقيّين ( متى ٢٢ : ٢٣ – ٣٣ ) الّذين ينكرون القيامة ، ويحتقرون الله ، ويستخّفون بالشريعة ، برهن لهم ربّنا ومُخلّصنا يسوع المسيح معنى القيامة ومعرفة الله ، قائلاً لهم : ” أنتم في ضلالٍ لأنكُم لا تعرفون الْكُتُب ولا قُدرةَ الله . ففي القيامة لا الرِّجَال يتزوجون ، ولا النساء يُزَوّجنَ ، بل يكونون مِثْلَ الملائكة في السماء”
( متى ٢٢ : ٢٩ – ٣٠ )
وأمّا عن قيامة الأموات ، قال لهم ، ألم تقرأوا كلام الله الّذي قال : ” أَشارَ موسى نَفسُهُ إِلى ذَلِكَ في ٱلكَلامِ عَلى ٱلعُلَّيقَة ، إِذ دَعا ٱلرَّبَّ إِلَهَ إبراهيمَ وَإِلَهَ إِسحَقَ وَإِلَهَ يَعقوب ” . وزاد على ذلك قائلاً : ” فَما كانَ إِلَهَ أَموات ، بَل إِلَهُ أَحياء . فَهُم جَميعًا عِندَهُ أَحياء ” . بهذا أكّد لهم أنّ الّذي تكلّم مع موسى من وسط العلّيقة وأعلن أنّه إله الآباء ، هو إله الأحياء .
من سيكون إله الأحياء سوى الإله الحقيقيّ الّذي لا شيء أعلى منه . هو من أعلنه النبيّ دانيال ، عندما أجاب قورش ، ملك فارس … : ” أنا لا أَعبُدُ أَصْناماً صُنْعَ الأَيدي ، بلِ الإِلهَ الحَيَّ ، خالِقَ السَّمَواتِ والأَرْض ، والَّذي لَه سُلْطانٌ على كُلِّ بَشَر ” ( دانيال ١٤ : ٥ ) . وقال أيضًا : ” إِنِّي إِنَّما أَسجُدُ لِلرَّبِّ إِلهي، لِأَنَّه هو الإِلهُ الحَيّ ” ( دانيال ١٤ : ٢٥ ) .
إن الإله الّذي سجد له الأنبياء، الإله الحيّ ، هو إله الأحياء ، كما وكَلِمَته ، وصوته ، الّذي تكلّم مع موسى من العلّيقة والّذي دحض أيضًا الصدّوقيين وأكّد القيامة . هو الّذي ، بدءًا من الشريعة ، أعطى هؤلاء العميان شيئَين هامين : ” القيامة والإله الحقيقيّ ” .
فحيث أنّه ليس إله الأموات بل إله الأحياء، وهو قد سمّى نفسه إله الآباء ، الّذين ماتوا ، وهم بلا شك أحياء بالربّ ولم ينلهم الفساد : ” هم أبناء القيامة ” . والآباء هم أولاده لأنّه قال على لسان النبي : ” يَقومونُ بَنوكَ عوَضاً من آبائكَ وانت تُقيمُهُم رؤساءَ على الأرضِ كُلِّها ” ( مزمور ٤٥ [٤٤ ] : ١٧ ) .
وتصديقاً على هذا فإن ربّنا يسوع المسيح ، ابن الله ، بذاته هو القيامة إذ قال : ” أَنا القِيامةُ والحَياة ، من آمنَ بي ، وإن مات ، فسيحيا ، وكُلُّ من يحيا ويؤمنُ بي لن يموتَ أبداً ” ( يوحنا ١١ : ٢٥ – ٢٦ ) .
ويقول القديس بولس الرسول في رسالته الأُولى إلى أَهْلِ قورنتس : ” فإذا أُعلِنَ أنّ المسيح قام من بينِ الأموات ، فكيف يَقُولُ بَعضُكُم إنّهُ لا قيامة للأموات ؟ فإن لم يَكُنْ للأمواتِ من قيامة ، فإنَّ المسيحَ لم يَقُمْ أيضاً . وإن كان المسيح لم يَقُمْ ، فتبشيرُنا باطِلٌ وإيمانُكُم أيضاً باطل . وكما يموتُ جميعُ الناس في آدم فكذلكَ سَيُحيَون جميعاً في المسيح “
( قورنتس الأُولى ١٥ : ١٢- ١٤ ) .
زينيت
الوسوم :” وما كانَ إِلَهَ أَموات بَل إِلَهُ أَحياء ” ( متى ٢٢ : ٣٢ )