في بيان لبطريركية الروم الأرثوذكس أن البطريرك يوحنّا العاشر وصل الى قبرص في إطار زيارة كنسية للجزيرة. واستقبله رئيس أساقفة قبرص خريزوستوموس الثاني على وقع قرع الأجراس في حضور أساقفة الكنيسة القبرصية والآباء الكهنة والشعب.
وبعد صلاة الشكر كانت لرئيس الأساقفة كلمة ترحيب بالبطريرك وأكد عمق العلاقة بين الكنيستين. ومن جهته عبّر البطريرك يوحنا عن أنه يحمل مشاعر الفرح باللقاء ومشاعر الحزن لما يجري في الشرق الأوسط من مآس. وشدد على ثوابت الكنيسة الأنطاكية في العيش الواحد مع كل مكونات المجتمع في سوريا ولبنان وفي كل مكان، وعلى “أننا كمسيحيين باقون في أرضنا وهذا جوابنا للجميع”.
وصباح أمس ترأس البطريرك مع رئيس الأساقفة قداساً في كنيسة آيا صوفيا في العاصمة نيقوسيا. وفي القداس صلى خريزوستوموس من أجل السلام في الشرق الأوسط وفي سوريا خصوصاً. وقلد البطريرك وسام القديس برنابا من الدرجة الأولى.
ومن جهته، ألقى البطريرك يوحنا كلمةً جاء فيها: “أحمل إليكم محبة كنيستنا المصلوبة والقائمة. أحمل إليكم محبة دمشق وشموخ جبل لبنان. لا يخفى على أحد منا تاريخ قبرص وتاريخ الكنيسة التي سلمت دفتها إلى حكمتكم. إن هذا البلد الجميل صورة لا تمحى عن إرادة البقاء المسيحية في هذا المشرق وهو في الوقت عينه يختصر في أرثوذكسيتنا محبة الوطن والالتصاق به هويةً وكينونةً. نحن نتعلم منكم ومن شعبكم الطيب أن إرادة الشعوب تعلو ولا يعلى عليها. ونتعلم أيضاً أن الانتماء الديني البناء هو اللبنة الأولى في بناء المجتمعات. في قبرص نتيقن ونتلمس أن الأوطان لا تحد بالإتنيات وأن الإتنيات نسيج متماسك في جسد وطنٍ واحد. وفي هذه الأرض نتعلم كيف أن الأرثوذكسية حافظ لهوية وطن ولتاريخ أرض، مهما رُسمت حدود ومهما تعالت جدران. نتمنى توحيد قبرص التي يخضع قسمها الشمالي للدولة التركية منذ اثنين وأربعين عاماً، ونصلّي من أجل إيجاد حل سلمي لهذه القضية”.
وتناول الوضع العام في سوريا ولبنان والمنطقة، وقال: “الأزمة في سوريا تجتاز عامها الخامس والعالم يتفرج. ونحن هنا لنسمع صوت معاناة شعبنا. كفانا قتلاً وادعاءاتٍ. كفانا إرهاباً وقتلاً وإجراماً أعمى واستيراداً لإيديولوجيات متطرفة تمتهن الدين وتحاكم الناس لمجرد كونهم مسيحيين أو على هذا المذهب أو ذاك، وكل ذلك تحت مسمى الحرية والديموقراطية. نحن لم نعرف هذه الروح في سوريا. كفانا خطفاً وتهجيراً وتقطيعاً لأوصال بلادٍ، لا تدعي الكمال، ولكنها عُرفت بإسلام متسامحٍ وبعيشٍ واحد بين كل أطيافها.
مطرانا حلب يوحنا ابرهيم وبولس يازجي يختصران بقضيتهما مأساة كل المخطوفين ويختصران مأساة الشعب السوري بأسره ومأساة شعبنا الأنطاكي، وهما القابعان في الخطف منذ أكثر من عامين وسط تعتيم دولي مريب.
من هنا نطلق صرختنا مجدداً من أجل السلام في سوريا والاستقرار في لبنان الذي يرزح تحت الفراغ الدستوري في سدة الرئاسة. كما نرفع الصوت من أجل العراق المستنزف من الإرهاب ومن أجل اليمن الذي يدفع كما غيره ضريبة قساوة هذه الأيام. ونصلّي من أجل السلام في المشرق وفي العالم كله”.
النهار