إلى وليمة الشعر دعينا لنشرب نخب صدور “يوميات عابرة” للشاعر جوزف أبي ضاهر. كسر المتكلّمون خبز القصيدة ووزّعوه علينا دروباً إلى صفحاته المكتوبة حيناً بريشة عصفور وأخرى مسنونة على وتر مواطن جريح.
الاحتفاء بالشاعر وكتابه الجديد، وبتنسيق بين جامعة سيدة اللويزة و نادي ليونز- بيروت، أتى مماثلاً لكلمة الشاعر شوقي أبي شقرا المحفورة على غلاف الديوان: “على متن حروفك نسافر وينضم إلينا المحبّون…”
وفي اللقاء، قيل الكثير في الشاعر وشعره. بداية تحدثت ندى عيد، فقالت: “يوميات عابرة؟ والحق يقال أنها لا تعبر ونحتار معها، تشعرنا لبساطتها إنها على قرب وإلفة وسرعان ما ينكشف لنا انها تقف معلّقة في مكان قريب – بعيد، بعدما اختارت من اللغة أجمل حللها وأنقاها. بعض هذه اللمح – اليوميات، يحتاج مني قراءة أولى وثانية للإحاطة بعمق الصورة – الفكرة ومرافقتها في تحليقها على عوالم جديدة…”.
وفي كلمة سليمان بختي: “تقرأ يوميات عابرة” فتخال جوزف أبي ضاهر ينشد أو يغني ما كتبته الريح فوق الأشجار، فغار الجمال على الشعر. تقرأ ما بقي من الأثر بعدما عبر. شاعر يسائل الزمن، يسائل الذات في الزمن، يسائل القلب والعقل والمكان ويحفظ ما انهمر من الغمامة العابرة على الوجه والطفولة والورق ميراث لا يزول. يوميات عابرة هو فوز الفكرة أو الصورة او الطرافة على هباء الوجود وخواء الأيام. هذا عبور الشاعر في ركام الزمن، هذا مرور الشاعر فوق نثار الأشياء فإذا للحياة معنى مختلف…”.
“تتأرجح عبارة جوزف أبي ضاهر في يومياته بين قطبي الأدب، وفق محمود شريح، شعر منثور وفي آن نثر شعري ومن هنا لغة رقيقة حالمة من دون أن تخلو من عمق تجربة وشظف معاناة. تتمادى عبارته على بساط من سندس وحرير، كمن لا يغيب عن تركيب عبارته مزيج من شبق ولاهوت، فجذورها ضاربة في حياة الغريزة والبداءة وبراءة الغرام الجميل وعذوبة اللقاء بعد صمت وغياب، فتكتسي عباراته بعداً ميتافيزيقيّاً، كمن في قوله “الحقيقة عارية / لا تستروها إن مسّكم حياء…”.
أما سهيل مطر فقال: “جوزف أبي ضاهر رجل الفن والثقافة بامتياز: شعر ونثر، مسرح وإعلام، رسم ونحت، قصّة ومقالة، وأخيراً في كتابه “يوميات عابرة” فيلسوف وإن بأسلوب الرسم والشعر. وإذا كانت الجامعة جامعة فمن واجبها أن تضم إنساناً بهذا المستوى من الإبداع والعطاء. متمرّس يدجّن الوقت، يستثمر اللحظات، يحقق الإبداعات وهو دائماً في بداية ولا نهاية…”.
وتحدث جو خوري باسم نادي الليونز: “ستون كتاباً ولا تكرار. سبعون سنة ولا يشيخ، ذاك هو جوزف أبي ضاهر. إن كتب شعراً أبدع برقّة عاطفته وسلاسة اسلوبه وتوسّع الصور التي يقدّمها فتحس كأنك تكتب الشعر معه أو هو يقرأه بصوتك. وإلى هذا بساطة في الحياة… مكتبة كاملة فيها من كل شكل ولون، نقضي الساعات في رفقة إنسان عصر قلبه وفكره فكان صورة عن لبنان…”
وفي الختام كلمة المحتفى به: “يوميات وعبرت. هل يصح الكلام على العابرين؟ما أعرفه أن الكلمات أخذتني من قلبي وعبرت. لم تأخذني من يدي. تركتها حرّة، تثرثر فوق البياض. ونبّهتني: غض طرفاّ عن ظلّك. يوميات عبرت لن ألحق بها هي تركتني، ربما غداً سألتقي بأخوات لها أجمل منها وأبهى… أقف بينكم شاكراً لكم جميعاً على مشاركتي هذه اللحظات”.
النهار