كان أمس يوم “جريدة الأوريان لو جور” في صالون الكتاب الفرنكوفوني. هذه الصحيفة التي جمعت حولها جمهوراً شغوفاً بقراءتها جددت معهم عهد الشركة في نقل الحقيقة كمرآة ناصعة للبياض. في فسحة آغورا، غصت المقاعد بمواطنين لبنانيين جاؤوا ليصغوا إلى مضمون طاولة مستديرة تحتفل “بعيد “الأوريان لو جور” في عامها الـ90″ وتسلط الضوء على هذا الحدث الذي جمعه سكرتير تحرير الجريدة ميشال توما في إصدار يحمل عنوان الحفل نفسه.
لو نقلت وسائل الإعلام بعضاً من وقائع الطاولة المستديرة بدلاً من تركيزها على الكلام الهامشي لبعض السياسيين، لكان للرأي العام فرصة أن يتابع سيرة جريدة أثبت من خلال متحدثيها أنها صمام أمان الحرية لا بل الرئة التي تضخ الحرية في لبنان عبر أقلام تنحدر من سلالة جورج نقاش وميشال شيحا.
إنتظر الجميع بعض الدقائق لوصول رئيس مجلس إدارة الجريدة ميشال إده الذي إستقبل بالتصفيق وسط حضور عضو مجلس إدارة الصحيفة نايلة دو فريج، رئيس تحرير الأوريان نجيب عون و الصحافيين الكبيرين عيسى غريب وكريستيان ميرفيل، النائب ميشال فرعون، الأب سليم عبو والسفير الفرنسي باتريس باؤلي والإعلامية مي شدياق واسرة الجريدة ومحبيها.
نبض الحرية
بالنسبة الى الزميل زياد مخول الذي أدار الندوة إن الجريدة تتبع مسار رفيقة دربها في التسعينات إلى المضي قدماً حاملة معها شعلة الحلم الذي يجدد من خلالها شغفها للحياة.
إنتقل الكلام إلى النائبة نايلة معوض التي قال عنها مخول إنها الصحافية المتميزة في الجريدة التي أقحمت نفسها في العمل الصحافي الميداني بتمايز لافت. بكثير من الفرح، تحدثت معوض عن تجربتها حيث بدأت بالتذكير أنها خضعت لجملة قواعد صارمة حددها رينه عاجوري الصحافي الكبير. وأبرز هذه القواعد بأنه علينا دائماً أن نذكر مصدر معلوماتنا لأن التغاضي عن ذلك يعكس عن جهل الصحافي أو محاولته غض النظر عن ذلك بأسلوب خفيف”. بعد إنصهارها في الجو العام للجريدة، سردت معوض العلاقة المهنية التي ربطتها بكريستيان ميرفيل الذي كان يدقق بالتفاصيل كأنه جراح يشرف على عملية في غاية الدقة. من جهة أخرى، إستعادت بالذاكرة إجتماعات التحرير التي كانت تنضم إليها في الحادية عشرة من صباح كل يوم. قالت: “كنا نقوّم العدد الصادر في اليوم نفسه بنقاط ضغفه وقوته.”
أما النائب مروان حمادة، الذي نوه مخول بقلمه الصحافي الذي كتب فيه ذاكرة التاريخ ، فأشار إلى أنه لا يمكنه الكلام على الجريدة دون ذكر جريدة ” النهار” وتنويه بشخص الأستاذ غسان تويني. حدد هوية الجريدة بأنها لا تنحصر بكونها صحيفة صادرة باللغة الفرنسية بل تملك دوراً أكبر كونها صحيفة فرنكوفونية عربية ولبنانية.
وإعتبر أن الحوادث التي واكبها في الـ 1965 هي بما كانت عليه تحولت أسطورة لا بل مغامرة و مساراً مشوقاً بحد ذاته. بعد حديثه عن تمايز سمير فرنجية، تحدث عن نمط عملهم كمسؤولين في الجريدة. قال: “كنت وعيسى غريب وامين أبو خالد نواكب عمل الجريدة ونعمل على متابعة مراحل إعداد كل عدد.”وتحدث عن مساره الميداني في هذه الصحيفة والذي شمل فيتنام، اليمن، قبرص وتركيا ..
لكنه لفت إلى أن الجريدة مرت بمراحل دقيقة على الصعد كافة منها إقتصادية، سياسية وإستطاعت أن تستمر بهمة الجميع.
أما الزميل ميشال حجي جورجيو فقد تحدث عن المكرمين نجيب عون، عيسى غريب ووكريستيان ميرفيل الذين تم تكريمهم في الإحتفالية. فمرفيل كما قال حاجي جورجيو عميد الصحافة اللبنانية في لبنان والتي يمتهنها منذ 1957 وهو يمتلك روحاً شبابية و خبرة مخضرمة يحلم كل منا بالسير على خطاها .
أما نجيب عون فقال عنه حجي جورجيو بأنه تسلم مهامه الحالية منذ العام 2003 بعد أن إنتسب إلى الجريدة في العام 1965. ونوه بمزاياه القادرة على إمتصاص مزاجية اسرة التحرير و ضخ روح الحماس في ما بينهم في أسوأ الأحوال.
أما عيسى غريب فهو نموذج الصحافي المخضرم الذي يتواصل مع الجميع ليتحدث عن مجريات الوضع العام في الجريدة ويتداول معهم على بعض النقاط قبل كتابة مقاله.
أما توما فقد حيا كل من واكب الجريدة ممن هم على قيد الحياة أو اصبحوا في ملكوت الله. وحيا رئيس مجلس إدارة الجريدة ميشال إده على تفانيه من أجل الحرية ودعمه اللامتناهي للصحافة. كما أشار أيضاً إلى قدرة مروان حمادة على الكتابة الصحافية التي تفوق غالباً كتابات الصحافيين الفرنوفونيين والفرنسيين العالميين.
ونوه بأسرة التحرير وقدرات الزميل ميشال صايغ الذي نقل بعدسته الحقيقة منذ 30 سنة بتمايز لافت. وأكد أن “الأوريان لو جور” ليست مؤسسة إعلامية بل عائلة تعمل في كنفها أجيال عدة منذ 90 عاماً. وأشار إلى “أن الجريدة كانت تقوم بدورها النضالي ضد الإحتلال السوري التي كانت تسميه بشجاعة لافتة في ظل عجز وسائل الإعلام الأخرى عن القيام بذلك، وتوقف عند التنويه الذي حصل عليه شخصياً من الأستاذ غسان تويني على مقال إستشرافي عن مستقبل العلاقة بين لبنان وسوريا والذي توقع فيه ما حصل في العام 2005. وإعتبر أن ثمة رابطاً عضوياً أزلياً بين الجريدة ولبنان و تلازم مسارهما.
وفي الختام، اكد رئيس مجلس إدارة الأوريان الوزير السابق ميشال إده إيمانه المطلق بخط الجريدة وتمايزها وخطها الوطني. كما تمنى السفير باؤلي أن نكون مجتمعين في عيدها المئة منوهاً بأهمية الجريدة التي يقرأها منذ زمن طويل ليعرف مسار المنطقة.
وختاماً، وقع توما كتابه.
روزيت فاضل / النهار