انجيل القدّيس لوقا ١١ /٤٧ – ٥١
قالَ الرَبُّ يَسُوع: «ٱلوَيْلُ لَكُم، أَيُّها الفَرِّيسِيُّون! لأَنَّكُم تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاء، وَآبَاؤُكُم هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوهُم.فَأَنْتُم إِذًا شُهُود! وَتُوَافِقُونَ عَلَى أَعْمَالِ آبَائِكُم، لأَنَّهُم هُمْ قَتَلُوهُم وَأَنْتُم تَبْنُونَ قُبُورَهُم. وَلِهذَا قَالَتْ حِكْمَةُ الله: أُرْسِلُ إِلَيْهِم أَنْبِياءَ وَرُسُلاً، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُم وَيَضطَهِدُون،لكَي يُطْلَبَ مِنْ هذا الجِيلِ دَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاء، أَلَّذي سُفِكَ مُنْذُ إِنْشَاءِ العَالَم، مِنْ دَمِ هَابيلَ إِلى دَمِ زَكَرِيَّا، الَّذي قُتِلَ بَيْنَ المَذْبَحِ وَالهَيكَل. نَعَم، أَقُولُ لَكُم، إِنَّهُ سَيُطْلَبُ مِنْ هذَا الجِيل.
التأمل: “أُرْسِلُ إِلَيْهِم أَنْبِياءَ وَرُسُلاً، فَيَقْتُلُونَ مِنْهُم وَيَضطَهِدُون…”
هناك مثلٌ شعبي يقول:” الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون” إشارة الى أن الأبناء يدفعون ثمن أخطاء آبائهم. فإذا سلك الآباء طريقاً معوجاً سيتبعهم الأبناء على الطريق ذاتها.
لكن الحال هنا تختلف فإن الآباء يقتلون الأنبياء والأبناء يبنون لهم القبور المزينة!!! وهو فعلٌ أشد خطورة من الاول، لأنه يأتي نتيجة التنشئة السيئة وسابق لارادة الأبناء. أما الفعل الثاني فهو يأتي عن سابق تصور وتصميم.. ليس فقط موافقة على عمل الآباء أو ردة فعلٍ غرائزية بل تزيين لجريمة الآباء وإعطائهم شهادة بالبطولة الانسانية!!!
لا زلنا نتبع هذه الاستراتيجية حتى الان. لا زلنا نزين قبور الأنبياء والأولياء والقديسين الذين ساهم آباؤنا في قتلهم بشكلٍ أو بآخر، لا زلنا نركع أمام مقاماتهم ونضع أيقوناتهم ونتغنى بأسمائهم ونشبعهم إكرامًا ونحلف بأسمائهم ونستنجد بالدعاء لهم في الظروف الصعبة ونقدّم لهم النذور والبكور طوال الأيام والشهور…
نفعل كل ذلك عن طيبة خاطر ولكن هل نسمع أقوالهم؟ هل نفعل أفعالهم؟ هل نتشبه بأخلاقهم ؟ هل نتمثل بسيرتهم؟ هل نغفر كما غفروا؟ أو أننا نحسن تزيين قبورهم كما نحسن تزيين قبورنا من الخارج فقط؟ مع المفارقة أن قبورهم فيها أحياء وقبورنا فيها أموات، قبورهم تنضح زيتاً وتشع نوراً وتعبق برائحة البخور وقبورنا مزينة من الخارج فقط وملؤها خطفٌ وضغينة…
بالأمس كان عيد مار شربل والقديسة مارينا وغداً عيد مار الياس حبذا لو نزيِّن قلوبنا بفضائلهم وأفعالنا بمثلهم الصالح وحياتنا بمواقفهم وقراراتهم البطولية… مار الياس ثار على الباطل رغم استفحاله وبطشه متكلاً على الله، ونحن ألا نساير الباطل في الليل ونكرم مار الياس في النهار؟؟
مار شربل اتخذ طريق النسك والزهد بالحياة منهجاً له فأصبح “سكران بالله”. ونحن ماذا نفعل؟ ألا نسكر بملذات الحياة في الساحل ونزور مقامه في الجرد؟؟
القديسة مارينا تحمّلت عقوبة الزنى الباطلة وعاشت طهارة الروح في الداخل حتى النفس الاخير ونحن ألا نعيش الزنى تستراً وندعي البرارة تمثيلاً؟
طبعا أنا لا أحكم على أحد ولا أدين أي أحد فقط أسأل نفسي وأفحص ضميري…
إذاعة الفاتيكان