فيمَا يَسُوعُ يَتَكَلَّم، سَأَلَهُ فَرِّيسيٌّ أَنْ يَتَغَدَّى عِنْدَهُ. فَدَخَلَ وَٱتَّكأ. وَرَأَى الفَرِّيسِيُّ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَغْتَسِلْ قَبْلَ الغَدَاء، فَتَعَجَّب. فَقَالَ لَهُ الرَّبّ: «أَنْتُمُ الآن، أيُّها الفَرِّيسِيُّون، تُطَهِّرُونَ خَارِجَ الكَأْسِ وَالوِعَاء، ودَاخِلُكُم مَمْلُوءٌ نَهْبًا وَشَرًّا. أَيُّها الجُهَّال، أَلَيْسَ الَّذي صَنَعَ الخَارِجَ قَدْ صَنَعَ الدَّاخِلَ أَيْضًا؟ أَلا تَصَدَّقُوا بِمَا في دَاخِلِ الكَأْسِ وَالوِعَاء، فَيَكُونَ لَكُم كُلُّ شَيءٍ طَاهِرًا.
التأمل:
”تُطَهِّرُونَ خَارِجَ الكَأْسِ…. ودَاخِلُكُم مَمْلُوءٌ نَهْبًا وَشَرًّا…!!!!”
يسوع هو حليف المساكين، نصير المأسورين، نور العميان، أمل المقهورين، ورجاء المستضعفين والمستعبدين في المجتمعات التي تدعي الانسانية…يهمه جوهر الانسان، أكثر من الانتماءات الخارجية والممارسات .. يهمه داخل الكأس لا خارجه.
لم يطلب من أحد أن يتجند عنده أو يتحزب لفكره، لم يطلب الطاعة العمياء من أتباعه بل العمل بمشيئة من أرسله، أي الطاعة المغلفة بالحب والمكللة بالمجد والكرامة…
لم يطلب من أتباعه التعلق بالحرف الذي يقتل، لذلك لم يؤسس منظمات تحكمها تشريعات، بل كنيسة يقودها الروح القدس الى الحق كله.. لم يكن منظرا لأي فكر بشري فلسفي كان أو اجتماعي – اقتصادي بل أخصب البشرية بالحب والحنان وزرع الامل والرجاء في صحراء العالم…
كل ملوك العالم تقبع في القصور وتقود المعارك من بعيد، أما يسوع فقد سار في الطليعة، حاملا الموت وحيدا على كتفيه، ماسكا بيدنا، متحملا عنا أوجاع الولادة الثانية، جالسا على عرش الصليب، حيث أعطانا جسده مأكلا ودمه مشربا لتكون لنا الحياة..
برهن لنا يسوع أن “الاولين آخرين والآخرين أولين” في الحصول على السعادة، وجعلها ممكنة لفقراء العالم أكثر من الاغنياء، وللضعفاء أكثر من المقتدرين، وللمهمشين أكثر من أصحاب الشارات والامتيازات… برهن لنا أن النصر في معركة الحياة لا يكون عن طريق تحطيم الاعداء بل تحويلهم الى أصدقاء، من خلال الغفران الذي يخلق قوة عجيبة داخل الانسان تعيده الى طبيعته ونزاهته وأخلاقه…
أليتيا