شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | أخبار الكنيسة | مشاهدات يومية .. من حياتنا المسيحية1 : الميلاد و المحتاج
مشاهدات يومية .. من حياتنا المسيحية1 : الميلاد و المحتاج

مشاهدات يومية .. من حياتنا المسيحية1 : الميلاد و المحتاج

بادئً  ذي بدء ، سأحاول بهذه المجموعة من المقالات أن أسلط الضوء على حياتنا المسيحية في بلداننا أو في المهجر متخذةً من رؤى أو مشاهد حياتية يومية كنسية مادةً لها .

 بمحبة خالصة و رغبة صادقة في أن نقف كعلمانين موقف المتفحص لمجتمعاتنا الكنسية . المحبة الخالصة تتطلب قول الحقيقة . الحقيقية بلا رتوش و لا تزيين و لا برش الورود على المحيطيين بل بالحقيقة التي تكلم عنها القديس لوقا الانجيلي البشير في بداية بشارته " وصفاً دقيقاً لكي تعرف الحقيقة الصادقة كما هي " لو 4:1. 

و لهذا اخترتُ أن أستهل المشاهدات اليومية من حياتنا المسيحية بهذه المقالة عن الميلاد بعنوان "الميلاد و المحتاج" 

لطاما كان زمن الميلاد زمن الحب الالهي المتجدد لان به جائنا يسوع " الكلمة المتجسد  . "صار  بشرا و سكن بيننا". كلمات كتابية و لاهوتية لطالما سمعناها في القداديس ، رددناها في التعليم المسيحي  ، رنمناها في جوقاتنا و تناقشنا فيها في الحلقات و اللقاءات الروحية ، و حينما انطلقنا الى تطبيق الآية  في معترك الحياة،  بعضنا طبقها على المستوى السطحي الحياتي كذكرى جميلة لذاك الذي عاش بيننا . و بعضنا الاخر نزل الى عمق اعماق آية " صار بشراً و سكن بيننا " ليلمس " البشرية و المسكن " في واقع الحياة اليومية .لنتيقن ان ( كم من بشرٍ بلا مسكن و كم من مسكنٍ بلا بشر . ) . كم من بشرٍ يلتحفون الاحتاج غطاءاً و كم من مسكنٍ يملئه الفراغ صمتاً .

و احتياجات البشر  انواع و مستويات معنوية منها و مادية  تتلخص جميعها بأنها "نظرة عين "  . نظرة من المحتاج و نظرة من العاطي ، و يخطئ من يظن ان كل محتاج سيسأل العاطي ان يقدم له ما يلزمه .  (إن احتجت لأي شي مادي أخبرني ) هكذا يقول  العاطي. لا يا سيدي لن يخبرك . لان الاحتاج " عيون صارخة " تبحث عن أمان و تسكت بين شفتيه الكلمات ، هي أيادي لن تُمد لتأخذ بل تنتظر منك أن تعطيها قبل أن تسألك . ففي السؤال إحراج و كرامة النفس تأبي الطلبات .، و إن اضطر البعض للكلام فلأن العاطي لم يتلقف لوعة العازة،  بل و بعضهم يستحلي الكبرياء .
لكن اللاهوت أعطانا بعض المفاتيح المعرفية ، فالسر يكمن في أن نكون " حساسيين لصوت الروح القدس في داخلنا "  .

    اما إحتياج الوحدة  لهو أعمق و أكبر ، فقد تسد احتياج جائع ببعض الطعام ، لكن من ذا الذي يسدد احتياج  الالفة و المحبة و الكلام في عتمة الوحدة .   في المسكن الفارغ الا من الليل و الفراغ ، من نفوس تقضي الميلاد وحيدة غريبة كما قضته  عائلة الناصرة . بلا مأوى بلا دفئ بلا رحمة للغرباء . و جميعنا يتذكر  موقف القديس يوسف البتول مدبر العائلة  حيث كان رجلُ بمعنى الكلمة حمل معاناة هذه الفترة بصبر و طول بالٍ  ورغبة بتمضية هذه الليالي في مكان آمن لمريم و الطفل يسوع . و حينما جاء ربنا و مخلصنا يسوع المسيح له المجد و "سكن بيننا ": بلا مسكن بل في مغارة فقيرة ، أضطهدوه البعض منذ ولادته حيث لم يكن هناك مكان لمبيته تلك الليلة و هذا الحدث يجعلنا نتأمل بمن يضطهد كل يوم من آللاف المهاجريين و اللاجئين من دولٍ لدولة بحثاً عن الحياة الكريمة أو بالأصح حياة مستورة فقط .

في هذا الميلاد ، أتامل ببعض العوائل التي اعرفها من قدامى الجالية الكلدانية   هنا في ديترويت حيث انهم  فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم في الاعياد لأصدقاء و عوائل فقط لكي يعيشوا معهم فرحة الميلاد . و بعضهم قدم ما يستطيع لإدخال الفرحة في النفوس .فكم من بطاقة معايدة أعادت البسمة الى عيون و هللت باسم الرب ، و كم من صحن طعام اعاد الأمل في الوجوده و كم دعوة عشاء في العيد خلقت لإنسان غدٍ جديد ؟! و كم من مبلغ حتى لو كان " فلسي ّالارملة " ملئ جيوباً فارغة بفرح العطاء ؟!  لكن هل نكتفي بالبعض و يسوع يوصنا ان نكون بكليتنا مع النفوس التي تجسد من أجلها . ؟
هل تكفي الاماني و الكلام عن الصبر بلا طريقة عملية للمساعدة ؟؟!!
 
و هنا أتمنى أن  نتشارك ببعض الافكار العملية عسى أن نستطيع سوية ًفي زمن الميلاد  و ما بعده  تقدمة شيء للأشخاص المحتاجيين  و كلُ حسب استطاعته  :
1- نشتري مجموعة من بطاقات المعايدات و نقوم باهدائها لبعض الاشخاص في الكنيسة ( مثلاً رجل  او امراة مسنين – امراة ارملة –  معلم التعليم – طبيب الاسنان – مصلح السيارة – سائق باص  المدرسة – حارس الكنيسة ، القائمين على تنظيف الكنيسة  و  غيرهم ) و بالذات من الذين نعرفهم جيداً فقط لنخبرهم اننا نحبهم و اننا نقدر العام الذي مضى و هم بقربنا . نرسل بطاقات مماثلة لمن هم قريبين منا و سندونا في العام الماضي و قدموا لنا مساعدة  أو احتجنا لهم في عملهم  .

2-شراء بعض القفازات الايشاربات و الجوارب الرخيصة الثمن ( البعض منها هنا في اميركا بدولار واحد ) و وضعها في السيارة عسى ان يمر " محتاج " فنقوم بإعطائها له عند رؤتنا له و بهذا نقيه ولو قيلاً البرد الشتاء القارص . هكذا عملت صديقتي الاميركية سيليا ، فحينما تمشي بالسيارة و تجد الناس الواقفين في محطة الباص تقف و تعطيهم قفازات و تقول Merry Christmas .

3 – اذا كنت صاحب محل : قدم بعض الهدايا المجانية للأطفال الذين مع اهاليهم للشراء و كل صاحب محل يستطيع ان يقيم من هو الشخص المحتاج . كما فعلنا نحن مجموعة من زملاء العمل  في المحل الخاص بجمعية مار منصور دي بول حيث قدمنا بعض الهدايا تحت مسمى ( بابا نؤيل السري ) و قمنا بشرائها من مالنا الخاص كتقدمة محبة للرب يسوع طفل المغارة .

4- اذا كان لديك سوبر ماركت من الممكن تقديم بعض الطعام و بالذات الخبز بالمجان. هذا ما فعله صديق لي عراقي مقيم في السويد اسمه ( فادي . ع ) حيث قام بتقديم حصة تموينية بسيطة للأسرة السورية القادمة حديثاً و ليس لها اقامه .  5- لنقم بدعوة شخص واحد في لية رأس السنة ان كنا نقضيها في بيوتنا. فالاعياد مع الوحدة تتحول الى الم و كربة .
هذه بعض الامور التي انا كلي ثقة ان جعبة العلمانيين في الكنائس تمتلئ بأضعافها .. و اتمنى من قلبي أن نكون ملح و نور خميرة في هذا الزمن المبارك وأمنا مريم العذراء كلية الطوبى تقودنا و تعلمنا كما علمت الخدام في عرس قنا الجليل حنما قالت "  إعملوا ما يأمركم به " يو 5:2
و كلنا نعلم ما الذي أمرنا به و ما علينا عمله .
ميلاد مجيد و سنة سعيدة مباركة على الجميع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العائلة اللبنانيّة المارونيّة: تطلّعات وآفاق راعوية (1) بقلم الأب الدكتور نجيب بعقليني

العائلة اللبنانيّة المارونيّة: تطلّعات وآفاق راعوية (1) بقلم الأب الدكتور نجيب بعقليني

1- دعوة العائلة ورسالتها
قدّس الله العائلة بميلاد إبنه، يسوع المسيح مخلّص البشرية، في كنف عائلة متواضعة.

مثال العائلة المسيحيّة هي العائلة المقدّسة في الناصرة حيث كلّ شخص يسعى ليكون في خدمة الآخر. أمة الله مريم  قبِلَت أمومتها واعتبرتها عطية من الله، ويوسف الصدّيق والبارّ مارس دوره كزوجٍ ومربٍّ.

العائلة هي دعوة ورسالة الله ألآب الخالق. وهي أيضًا "طريق" الخلاص كما أنّها "صوته" الذي يفترض نداءً إلهيًّا، بالاعتماد على نعمة الله وعطيته لاستمرار التضامن والصدق والإخلاص. وقد أعلن البابا يوحنّا بولس الثاني:" لا تكتشف العائلة في مخطط الله الخالق والفادي "هويتها" و"ماهيتها" وحسب، بل "رسالتها" وما يمكن تأديته من واجب". ¹

يقيننا أنّ العائلة هي إحدى ركائز المجتمع اللبناني وهي أيضًا الخليّة الأم لديمومة الكنيسة. وهي تتكاثر بوحي من كلمة الله والأسرار، رغم مواجهتها اليوم للعديد من المخاطر. لقد قامت العائلة المارونيّة في لبنان بدورٍ هام في الحفاظ على ازدهار الحياة والإيمان المسيحيّين، ونقلهما من جيل إلى جيل. فكانت المعجن الذي يستقي منه كلّ فرد العادات والتقاليد والفضائل والإيمان المسيحي الحقّ. أوكل الله إلى الأزواج مهمة تربية أولادهم. علمًا أنّ هذه الرسالة تبدأ أوّلاً عبر إعطاء الحياة للطفل ومن ثمّ محاولة نقل الإيمان المسيحي إليه، من خلال طريقة عيشهم، ومثلهم وتعليمهم. العائلة المارونيّة أعطت أولاداً مسيحيين.

" تفاعلت العائلة المارونيّة مع كنيستها منذ نشأتها حتى يومنا هذا، إذ تحلّقت الجماعة المؤمنة حول الكنيسة والدير وتمسّكت بالإيمان المسيحي وبالخلقيّة التي يفرضها هذا الإيمان، كما شهدت، بشجاعة، لهويتها التاريخية إلى جانب رعاتها، متحدّية الأخطار الدينيّة والسياسيّة والإجتماعيّة والبيئية المُحدِقة بها".²

توفّر العائلة الحبّ لأنّها "شركة حبّ وحياة عميقة" (فرح ورجاء 48). إنّها "جماعة حياة ومحبّة متماسكة" (نور الأمم 11) تقوم بإنشاء شركة أشخاص، خدمةً للحياة المساهمة في تطوير المجتمع والمشاركة في حياة الكنيسة ورسالتها. وظيفة العائلة تتجسّد في إستمرار الحياة عبر الإنجاب كما أرادها الخالق، على  أن تحيا بأمانة واقع الشراكة وحقيقتها. ويُبرهنُ عن قوّة هذه الشراكة بالمحبة التي تُسهم في بناء حضارة المحبّة.

تميّزت العائلة المارونيّة بإحتضانها للإيمان المسيحي، كما بروحها الرسولية التي تفاعلت مع معظم شرائح المجتمع وفئاته مع إنّها لا تشاركها إيمانها، فاتّصفت بالانفتاح والحوار في سبيل "العيش معًا". ومن مهمّات العائلة المارونيّة المحافظة على كرامة سرّ الزواج المقدّس. هذه المبادئ العميقة والجميلة تجعلنا نتأمّل في هذا السرّ العظيم، سرّ حبّ الله للبشر، الذي يتجلّى في سرّ الحبّ ضمن العائلة. "إنّه لسرّ عظيم" على حدّ قول مار بولس (أفسس 5: 32).

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
السوريون المسيحيون: “اترك أرضك وعشيرتك إلى الأرض التي أريك” (1)

السوريون المسيحيون: “اترك أرضك وعشيرتك إلى الأرض التي أريك” (1)

غالبا ما يتم الحديث حالياً عن الوجود المسيحي عبرواحدة من الزوايا  التالية :
1-  التأكيد على دور المسيحيين التاريخي في بناء أوطانهم.

الأزمة السورية ككل الأزمات الكبرى تعيد إلى السطح مسألة الهويات وتطرح من جديد مسألة الوجود المسيحي في سورية على بساط البحث مع تنامي خطاب وممارسات طائفية في ظل الصراع السوري الحالي .

2- "العتب" على المسيحيين في عدم اتخاذ موقف "واضح" من الأزمة الحالية.

3- خوف المسيحيين وهجرتهم خارج الشرق الاوسط.

1-  التأكيد على دور المسيحيين التاريخي في بناء أوطانهم.

غالبا ما يتم استحضار الأمثلة التاريخية – وهي عديدة-  لتأكيد انتماء المسيحيين لوطنهم في مواجهة خطاب مشكك يتسم على الأغلب بلغة إسلاموية يريد  دمج سورية في مشروع أكبر هومشروع الأمة وما الوطن السوري إلا مقدمة أوخطوة لا بد منها  نحوهذا المشروع .

المشكلة في هذا الخطاب السردي لمآثر المسيحيين أنه تبريري ودفاعي ويستند غالبا على الماضي ويبدو أنه يستدر عطف الآخرين في محاولة  لانتزاع مساواة ينكرها عليهم خطاب يرى في التعددية خطرا على وحدة الأمة .. هذا الخطاب لم تعد له آذان صاغية لدى عامة  قد يكون مرجعها الوحيد ثقافيا هو أمام مسجد الحي أوالدعاة على الانترنت.

2- العتب على المسيحيين في عدم اتخاذ موقف "واضح" من الأزمة الحالية  :

جاء هذا العتب من  مسيحيين وغير مسيحيين .

أنصار المعارضة كانت دعواتهم ترتكزعلى" وهم حماية النظام للأقليات لأن النظام في النهاية لا يحمي إلا نفسه" وذهب البعض إلى استعمال لغة تهديد "للحاق بركب الثورة قبل أن يصبح الوقت متأخرا" مهددا طبعا بمسلسل تصفية حسابات  لمن سيعتبرمن "شبيحة" النظام ..

البعض من المسيحيين استعمل لغة فحص الضمير (وهي ممارسة يتعلمها أطفالنا مبكرا في دروس التعليم المسيحي) كونه (من أهل البيت) لإجراء نقد ذاتي في تعامل المسيحيين مع الأزمة وخفوت صوتهم في تنديدهم  بالتجاوزات التي حصلت في الأشهر الأولى منها  والتي كان من الممكن أن تمنع تدهورها وأخذها هذا المنحى الطائفي .تأخذ هذه الأصوات على  المسيحيين "تمسكهم  بمكاسبهم والحفاظ عليها أكثر من حفاظهم على الوطن".

3- خوف المسيحيين وهجرتهم خارج الشرق الاوسط :

البعض (وهم في غالبتهم من المسيحيين) يدقون ناقوس الخطر مع تنامي استهداف الجهاديين القرى والأحياء المسيحية وإفراغ مهد المسيحية من سكانها الاصليين .

البعض الآخر شكك أصلا في تأصل شعور المسيحيين بالانتماء مؤكداً ميلهم للهجرة مع أول صعوبة تعترض البلاد.  ..

في محاولة متواضعة لترتيب بعض من الأفكار الواردة أعلاه وإغناء النقاش الدائر حالياً حول المسيحيين في سورية  أعرض الأفكار البسيطة التالية :

أ- المسيحيون في سورية ليسوا كتلة واحدة .

فسيفساء الطوائف المسيحية في سورية تعود جذورها إلى القرن الخامس وجدالاته الكريستولوجية (المتعلقة بشخص المسيح) نتيجة تلاقي (أوتصادم) الثقافة السامية الآرامية التي نشأ في حضنها التقليد اليهودي-المسيحي  والثقافة الهلينية المهيمنة على شرق المتوسط منذ فتوحات الاسكندر في القرن الرابع قبل الميلاد . سرعان ما اكتسب الخلاف الثقافي-اللاهوتي طابعا سياسيا بين من رفض مصطلحات وتحديدات "المستعمر "اليوناني ومن أراد أن يبقى على "تراثه" الآرامي . ما زال هذا الانقسام يجد بعض أصدائه في الوقت الحالي عبر خطاب  بعض الطوائف المسيحية السريانية الذي  ينادي  تصريحا او تلميحا  ب"أسبقية" أو مشروعية أكبر في تمثيل المسيحية السورية.

البعثات التبشيرية الكاثوليكية في القرنين ال17 و18 أضافت انشقاقا آخر في صفوف المسيحية المشرقية والسورية عند دخول (والبعض قد يسميها عودة) جزء من هذه الطوائف إلى الكثلكة لتضيف إلى انقسام رومي (بمعنى يوناني) /سرياني انقساما آخر : شرقي أرثوذكسي / "غربي" كاثوليكي .   

حتى اجتماعيا وجغرافيا  السوريون المسيحيون ليسوا متجانسين . فالكاثوليك يتمركزون في غالبيتهم في المدن الكبرى كدمشق وحلب والعديد منهم ينتمي للطبقات المتوسطة والغنية لأسباب تاريخية تعود إلى احتكاكهم قبل غيرهم بالبعثات التبشيرية الكاثوليكية في القرن17 موما تبع ذلك من انفتاح ثقافي وتجاري على الغرب.      

الأرثوذكس (باستثناء الارمن في شمال سورية والجزيرة)  يتوزعون في الغالب في مدن وأرياف المنطقة الوسطى والساحلية  . انفتاحهم على الغرب تأخر بعض الشيء عن انفتاح الكاثوليك في العهد العثماني الذي لم يعترف إلا بهم "كملّة"مسيحية بإدارة بطريرك القسطنطينية (استانبول فيما بعد) . قد يفسر هذا بعض الشيء "اندماجهم" في الحياة السياسية السورية أكثر من الكاثوليك خاصة أن مؤسسي الأحزاب (باستثناء الإسلامية طبعا) ينتمي أغلبهم للروم الأرثوذكس . لقد كانوا أيضا بحكم تواجدهم في الريف أكثر قبولاً  من الكاثوليك  لطروحات البعث العربي وشعاراته في المساواة والإصلاح الزراعي  وما يعطي هذا من انطباع باهتمامهم بالشأن العام السوري ومؤسساته أكثر من الكاثوليك .

لا يشكل الإنجيليون إلا قسما بسيطا من المسيحيين ولو أنهم قدموا واحداً من أهم رجالات السياسة في تاريخ سورية المعاصر : فارس الخوري.

ب- ليس للسوريين المسيحيين  أية أجندة سياسية أو دينية :

لعلهم في هذا يطبقون قول المسيح (أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله) المسيح الذي خيب آمال معاصريه في  القيام "بحراك سياسي" ضد الرومان .

الأحزاب السياسية التي قام بتشكيلها المسيحيون في سورية والشرق الأوسط عموما اتسم أغلبها بالخروج عن إطار الطائفة الضيق إلى انتماء  أشمل (قومية عربية , قومية سورية , أممية شيوعية) كبديل عن المشروع الوحيد المطروح منذ الفتح الإسلامي . قد تكون في تحركاتهم هذه رد فعل أقليات تقاوم الذوبان في محيط أكبر قد يحرمها حقوقها وذهبت أدبيات البعض إلى التشكيك حتى بالقومية العربية ووصفها كمشروع  مستورد صنعه مسيحيون تأثرا بالحركات القومية التي نشأت في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. قد يملك هذا الطرح جانبا ًمن  الحقيقة لكنه لا يستطيع أن ينزع عن مشروع القومية العربية حداثته مقارنة مع ما كان مطروحا من مشاريع انتماء حينها .  

حتى قبل الفترة الحديثة والمعاصرة كانت "موالاة" المسيحيين "للأنظمة" التي عاشوا في ظلها تتمثل غالباً في  خدمة المؤسسات القائمة والصالح العام بما فيها مؤسسات و"دواوين" الخلافة الإسلامية .

قد يشذ عن هذا السياق الأحزاب التي شكلها المسيحيون ذوو الثقافة الآرامية من سريان وآشوريين والتي لا تنحصر في الإطار السوري وإنما في إطار جغرافي أوسع تقلص مع الزمن بفعل مأساة الحرب العالمية الأولى بعد نشاط تبشيري اتجه شرقا منطلقاً من بلاد ما بين التهرين وفارس  (بحكم وجود الامبراطورية البيزنطية في الغرب ) ليصل إلى الهند والصين. يغلب على هذه الأحزاب بتصوري طابع المنتديات الثقافية التي تتغنى بنوع من ميتولوجيا ماض مجيد ترى فيه ضرورة بقائها . 

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإرشاد الروحي عند أباء الصحراء (1) بقلم الأب هاني باخوم

الإرشاد الروحي عند أباء الصحراء (1) بقلم الأب هاني باخوم

كثيرا ما قراءت عن الإرشاد الروحي وكيفية متابعة الأشخاص روحيا ومساعدتهم كي يصلوا إلى معرفة قيمة الدعوة التي دعانا الرب إليها . أن نكون أشخاص مسيحيين، ننعم بنفس طبيعة الله وكيانه وجوهره،

 وأمام هذه الدعوة إلى القداسة يصبح كل شي ثانوي. حيث هناك الأهم. نعم ان أكون مسيحي أهم من ان أكون متزوج او أعزب أو كاهن…… حيث يكمن في العماد كل الكرامة، كرامة أبناء الله، والذي لا يفوقها كرامة، وتأتي كل الدعوات من بعدها كخدمات وسائل لتحقيق الذات حسب مشيئة الله، ولخدمة الجماعة المسيحية ، الكنيسة. لكن هذا الأمر ليس بموضوعنا هنا، فموضوعنا هو الإرشاد الروحي.

وجدت العديد من الكتب وكثير من الطرق الحديثة للإرشاد الروحي والمساعدة المعنوية والنفسية ولكن وجدت نفسي في طريقة الآباء. فما هو الإرشاد الروحي حسب آباء الصحراء؟

١. الإرشاد الروحي لدى الآباء لا ينبع فقط من الدراسة أو تعلم وسائل تقنية لكن من التأمل في خبرتهم الشخصية مع الله، بمعنى أن الخبرة الشخصية مع الله هي المصدر الأولي لكل مرشد. في المسيرة الروحية الذاتية لكل من الآباء في الصحراء اكتشفوا وتعمقوا في أعماق ذواتهم، تعلموا تفسير الأحاسيس التي يشعروا بها والتمييز على أفكارهم الشخصية، تعلموا كيف يهربوا من التجارب ، تعلموا أن يصارعوا الأفكار المسببة للخطيئة والتي تقود إلى الحزن، تعلموا كل هذا من خبرتهم الشخصية، من تأملهم في عمل الله معهم. وهكذا أصبحوا أباء لآخرين. هكذا أصبحوا مرشدين لآخرين. فالمرشد إذا هو شخص اختبر لذا يخبر. حيث المرشد هو أب. والأب هو الشخص القادر على أن يعطي الحياة ولكن كيف له أن يعطيها أن كان يفتقدها؟ كيف يمكنه ان يعلن عمل الله في حياة شخص ، ان كان غير قادر ان يرى عمل الله في حياته هو الشخصية. الأمر هنا لا يتعلق بمثل أعلى أو أخلاقيات بحته، هنا الحديث عن خبرة واقعية مع الله في أحداث الحياة مستنارة من الكلمة ومؤسسة على الأسرار المقدسة. فلكي نصبح أباء نحتاج ان نكون دائما أبناء.

٢. المرشد الروحي لدى الآباء يجب ان يكون روحاني . وهنا مهم تفسير الكلمة، حيث كلمة روحاني قد تفهم بأنه شخص لا علاقة له بالماديات ، يحيا منعزل ، يأكل القليل، ولا يتنعم بأي شئ عالمي. نعم هذا تفسير ودعوة لبعض الأشخاص ولكن ليس المقصود هنا. فالمرشد الروحاني هو الشخص الذي يضع كل شيء يكتشفه في ذاته تحت عمل الروح القدس، كي يحوله هذا الروح ويجليه إلى صورة المسيح. فصفة الروحانية ليست صفة شخصية بل هي طريقة حياة ، فيها يضع الإنسان ما يكتشفه في ذاته، كل يوم وفي كل موقف ، من عيوب ونواقص وخطايا وأفكار ومشاعر وأحاسيس، أي كل شئ جيد كان أو سيء تحت عمل روح القدس. كل شيء جسدي ونفسي وروحي، فلا شيء يجنب. فالإنسان الروحاني هو الذي لا يترك جانب فيه وفي حياته دون ان يصله بالروح القدس.

٣. المرشد الروحي يجب ان يكون cardiognosi بمعني داري وعارف بالقلوب، نعم المرشد الروحي يجب ان بقراء قلب المتكلم مع سماعه لكلماته. فلا يتوقف فقط عما يسمع لكنه قادر ان يخترق القلب وبقراء ما يوجد بداخله. ولكن كي يقوم بذلك كما ذكرنا سابقا لا يكفي الدراسة لكن يجب ان يكون قد على دراية بما يوجد في قلبه من مشاعر وأحاسيس، يستطيع تفسيرها ، ووضعها في مخطط خلاص الرب، تحت الهامات الروح القدس.

هذا يتطلب نظره عميقة تخترق الظواهر وتصل الى العمق حيث تري ما لا يمكن رؤيته بالعين الطبيعية، حيث يمكنه ان يري بعيني الرب. نفس العينين التي رأت في زكا العشار رغبة خلاص، وبنوة لإبراهيم، ورأت في السامرية دعوة التبشير، حيث كان يراها الآخرين امرأة للمتعة فقط، حيث رأي في المجدلية، شاهدة على القيامة، حيث رآها الآخرين امراة بها كمال الشيطان، سبعة أرواح نجسة. عن هذه العين نتحدث. هذه العين العارفة للقلوب، والفاحصة له.

ولكن ما هو الإرشاد الروحي حسب الآباء؟

للمرة القادمة
عن أبونا

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
موضوع حرية الله وحرية الإنسان والنعمة الإلهيّة وإختيار الإنسان أو الرفض… الحلقة 1

موضوع حرية الله وحرية الإنسان والنعمة الإلهيّة وإختيار الإنسان أو الرفض… الحلقة 1

الموضوع ، بقدر ما هو مهمّا في حياة المسيحيّ المؤمن ، بقدر ما هو يخلقُ تساؤلات ٍ كثيرة ٍ وعثرات ٍ أكثر ، وقد يقفُ المسيحيّ أمام جدار كبير ٍ يصدّ عنهُ الفهم الحقيقيّ لنعمة وقرارات الله

والمحبّة التي يكنّها للجنس البشريّ ، فلا يزالُ الإنسان يراوحُ في مكانهِ ويتضرّر ألما بسبب ، عدم إدراكِ بعضًا من أمور الحياة اليوميّة وكيف يمكنهُ أن يجعلها تتوافقُ مع ما يؤمن به في الكتاب المقدس أو في التعليم المسيحيّ الحيّ .. فيقوم بخلق ترهّات وأفكار وأوهام كثيرة في زاوية معيّنة من وعيه ، يستظلّ بأفكاره وأوهامه إلى أن يأتيَ يومٌ ، يقوم فيها ، بوضعها أمامَ ذاته ، وأمام الآخرين ، كمفاهيم ثابتة جامدة مؤكّدة ، بحسب ما يراهُ ضميره ، وتصيرَ مبدءًا حيّا يسيرُ بموجبهِ ولا يعود يرى في كلّ الطروحات اللاهوتيّة والنقاشات سوى كلامًا من تأليف أناس لا يفقهونَ شيئا لإنهم يطرحون نظريّات بعيدة عن الواقع الكتابيّ ، في تصوّرهم طبعًا ، ولهذا يصفونهم بأنهم بعيدون عن فهم نصوص الكتاب المقدّس ..

لا أريد أن أطيلَ عليكم لندخل في الموضوع فورًا ، كانت هذه مقدّمة بسيطة للموضوع ..

القول ُ الأساسيّ الذي ترتكزُ عليه كلّ الأقوال اللاحقةِ في موضوع موهبة النعمة للإنسان هو الآتي :

إنّ الله قد إختارنا ودعانا وقبلنا منذُ الأزل . إن الله قد بادرَ الإنسان بمؤازرة نعمته. قبلَ أن نسأل عن الله وعن نعمته ، قبل أن نبدأ المسيرة إليه ونجتهدَ في أن نكون أهلا له بحياة صالحة، بل قبلَ أن نأتي إلى الوجود على الأطلاق ، سبقَ الله بدافع محبّته فأختارنا وحدّد لنا أن نحيا في مشاركته ( وليس معنى هذا أنه حدّد لنا الأمور التي سنفعلها أو لا نفعلها ، كما يقول القدريّين والذين يؤمنون بالمكتوب على الجبين حتشوفو العين – فهذا لا علاقة له بالموضوع الآن)  .  إنه منذ الأزل ، كما جاءَ في مطلع الرسالة إلى الأفسُسيّن ، قد " باركنا الله بكلّ بركة ٍ روحيّة في المسيح "

" إذ فيه قد إختارنا عن محبّة من قبل إنشاء العالم ، لنكونَ قدّيسينَ بغير عيب أمامه ، وسبق فحدّد ، على حسب مرضاته ، أن نكونَ له أبناء بيسوع المسيح ، لتمجيد نعمته السنيّة التي أنعمَ بها علينا في الحبيب " أفسس 1 : 4 – 6

إذن ، هذا التعليم عن التحديد السابق ، يبدو لكثرينَ " فصلا مظلمًا " ، إذ إنهم يرونَ فيه ، محاولة ً جاسرة ً لإختراق سرّ الإرادة الإلهيّة المحجوب ْ. لكن ، الأمر هنا يتعلّق في الواقع بصورة  تعبير أساسيّة في الأنجيل ، بالتالي " ببشارة صالحة مفرحة " تسند وتعزّي وتساعد.

فليس القصدُ من هذا التعليم ، أن " نتطاول بجسارة " على سرّ الإرادة الإلهيّة لإختراقه ، كما نخترق حرمة بيت لأحد ما " ! بل تأكيد اليقين من " أن الله في كلّ شيء ٍ يسعى لخير الذين يحبّونه ، المدعوّين بحسب قصده " روما 8 : 28 . بحيث لا شيء في هذا العالم يقدر أن يفصلنا عن محبّة الله التي في يسوع المسيح (روما 8 : 39 ) . هذه البشارةُ يمكن أن تكون السند الأخير في مضايقات هذا العالم ومآسيه وأوجاعه وآلامه ، وهي تقولُ إن الله في يسوع المسيح منذ الأزل عمانوئيل ، الله معنا ومن أجلنا ..

يتبعْ

عدي توما / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإرهاب الإسلامي الى الواجهة من جديد بعد الربيع العربي (1) بقلم الأب سمير خليل سمير

الإرهاب الإسلامي الى الواجهة من جديد بعد الربيع العربي (1) بقلم الأب سمير خليل سمير

يخنق العنف الإرهابي في سوريا ومصر وكينيا وباكستان المسيحيين والمسلمين المعتدلين والشيعة…إن هذا الاشتعال هو علامة على أزمة الإسلام العميقة التي لم تتماش بعد مع العالم

 الحديث وتفضل أن تلجأ الى إسلام عفا عليه الزمن. يجب على العالم الإسلامي أن يعترف بالتواطؤ مع هذا النوع من العنف، والتزام المسيحيين بالحوار مع الإسلام والحداثة.

شاهدنا في الأحداث الأخيرة في الأخبار التي دارت حول سلسلة من الهجمات الإرهابية الإسلامية كالتفجيرين الإنتحاريين على كنيسة جميع القديسين في بيشاور، الخطف والقتل في المركز التجاري في نيروبي، وتعذيب الكثير من المسيحيين في مصر، والتهديدات التي يتعرض لها المسيحيون في معلولا وجميع أنحاء سوريا…إن الربيع العربي الذي يوحد المسيحيين والمسلمين زرع الآمال لمستقبل أفضل وشراكة من أجل حقوق الإنسان، والديمقراطية، والحرية الدينية. ولكن عوضًا عن ذلك يبدو وكأنه أعاد الزمن الى الماضي، منذ بضع سنوات، أثناء الاحتلال الأميريكي في العراق ودوليًّا، مع الإعدام وقطع الرؤوس، والسيارات المفخخة حتى أثناء الممارسات الدينية.

ظاهرة الإرهاب الإسلامي

في الواقع إن القاسم المشترك بين مصر وباكستان وكينيا وسوريا هو ظاهرة الإرهاب وحقيقة أنهم جميعًا إرهابيون إسلاميون. كيف يمكننا أن نفسر ذلك؟

في بعض الحالات هم سنّة يهاجمون الشيعة، وفي أحيان أخرى يهاجمون الشرطة، ورمز النظام الذين يريدون تدميره، في معظم الحالات، يهاجمون المسيحيين. يجب أن يسلط الضوء على نفسيتهم. أنهم إرهابيون مستعدون على المخاطرة بحياتهم ليقتلوا الآخرين، من دون أي تفسير. إنهم يقومون بذلك ضد الأبرياء، وضد فئات ينظر اليها كأعداء، المسلمين الشيعة أو الأحمديين، ولكن في كثير من الأحيان ضد المسيحيين.

كل هؤلاء الناس يعانون من المصاعب. في الصومال، حيث "الشباب" زهي المجموعة وراء مذبحة ميروبي، أساس المشكلة بين المسلمين (نظرًا الى أن عدد المسيحيين قليل) ولكنهم نقلوا المشاكل الى كينيا، بحجة أن نيروبي تساعد الكومة الصومالية لاستعادة السيطرة على البلاد. قد تكون الدوافع سياسية، ولكن أيا كان الدافع، فهو يترجم بالعنف. والأسوأ من ذلك هو المجاهرة بان العنف ينفذ باسم الإسلام.

كيف يرد المسلمون؟

يجب أن نقيّم أيضًا ردة فعل المسلمين. في بعض الحالات، يقولون: هذا أمر غير مقبول! ولكن ماذا يعني ذلك؟ ما الذي يفعلونه لوقف هذه الجماعات؟ للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا أن نفهم من أين يأتي العنف. في الواقع، إن التربية العقلية، والتعليم، هما ما يدفع بالإرهابي الى العنف. بالدعم من إمام مثقف، يصدر فتوى، يصبحون معتادين على استخدام العنف ضد أي شخص لا يفكر مثلهم. في باكستان، أعرب الإمام حافظ نعمان قدير، الذي هو ضد الإرهابيين، تضامنه "مع إخواننا وأخواتنا المسيحيين"، موضحا أنهم تضرروا من "الإرهابيين الذين لا دين لهم." أدان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف بنفسه الهجوم الانتحاري، قائلا: "إن الإرهابيين لا يتقيدون بأي دين."

هذا ليس صحيحًا: إن الإرهابيين يعلنون ديانتهم! يعلنون بأنهم مسلمون. في الواقع، انهم يدّعون أنهم مسلمون حقيقيون، يطبقون الشريعة بأمانة. لتخفيف وطأة الوضع، وللأسف، يعلن المسلمون المعتدلون أن الإرهابيين "لا دين لهم" "أو ليسوا مسلمين حقيقيين، لأن الإسلام دين مسالم، الإسلام دين الوسط ولا يمكنه أن يكون متطرفًا." أنا أود أن أصدقهم، ولكن أريد أن أسألهم: ما الذي تقومون به لمحاربة هذا الإسلام الكاذب؟"

كل أسبوع تولد مجموعات جديدة أصولية، مستوحاة من الإسلام، بدعم من الأئمة الذين يهدونها ويدعمونها في استخدام العنف ضد المسيحيين أو ضد مجموعة مسلمة، أو ضد الكفار.

معظم الإسلام يقولون: "هذا ليس بإسلام صحيح!" حتى ذلك الحين يجب علينا أن نكافح ضد هذا الباطل، ونعطي تفاصيل دقيقة، ونطلب من الشرطة أن توقف هذه المجازر.

أئمة متعصبون يقودون الإرهابيين

في نيروبي، الشيخ الذي يقود مجموعة حركة الشباب الصوماليين، المسؤولة عن الهجوم، هو الشيخ علي محمود راجي، المتحدث باسمهم. وقد نشر هذه الرسالة: "نحن نسمح للمجاهدين بقتل السجناء في حال حدوث هجوم. المسيحيون الذين يتجهون نحو رجالنا أشفقوا على الرهائن داخل المبنى".

بالفعل إن استخدام مصطلح "المجاهدين" يبين الأصل الإسلامي: المجاهدون هم الذين يمارسون الجهاد، كما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف. إن التكتيكات التي استخدموها هي أيضا إسلامية. في مرحلة معينة سمحوا للمسلمين بالخروج من المبنى، ولتمييزهم عن بعضهم البعض، سألوهم: هل تعرفون ما اسم والدة النبي؟ (آمنة). أولئك الذين أجابوا بشكل صحيح أفرجوا عنهم وأنقذوا أنفسهم، وآخرون ظلوا رهائن وقتل العديد من الموجودين.

إنه تعصب إسلامي بأشكال مختلفة. يجب على المسلمين أولا أن يحتجوا على هذا، وليس فقط بالكلام. ويستند موقف الإرهابيين على تعليم بعض الأئمة الذين يوجهونهم ويدعمونهم، ويثقفونهم حتى يتخلوا عن كل شيء من أجل قتل.

طالما يستمر الناس في تجاهل أن هذا الموقف هو من مسؤولية الإسلام، وأن أولئك الذين يلزمون الصمت متواطؤون بشكل ما، إذًا لا جدوى من إدانة العنف، حتى ولو بتلك الطريقة تواسى عائلات المسيحيين الذين قتلوا.

هذه الاعتبارات تنطبق على باكستان، وكينيا، ومصر، وسوريا.

(يتبع)

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
البابا فرنسيس: “أنا خاطئ، نظر إليه الرب” مقابلة مع البابا فرنسيس (1)

البابا فرنسيس: “أنا خاطئ، نظر إليه الرب” مقابلة مع البابا فرنسيس (1)

انتشرت على صفحات كثيرة في إيطاليا والعالم أمس مقابلة طويلة مع البابا فرنسيس أقامها معه الأب أنطونيو سبادارو اليسوعي، والذي يدير الآن أشهر مجلة يسوعية في إيطاليا

 "الحضارة الكاثوليكية" (Civiltà Cattolica).

يفتتح سبادارو المقابلة شارحًا انطباعاته الأولى قبل المقابلة مع البابا، لافتًا إلى أن الحبر الأعظم ذهب للقائه ورافقه مضيافًا، وجرى بين "اليسوعيين" حوار سبق المقابلة تحدث فيه الأب الأقدس عن اللاهوتيين الأقرب إلى قلبه: هنري دو لوباك وميشيل دو سيرتو.

لم يلتزم سبادارو بالأسئلة التي كان قد كتبها، لأن الحوار "البركاني" مع البابا دفعه لكي يطرح سؤالاً أولاً مباشرًا جدًا: "من هو خورخي ماريا برغوليو؟"

على السؤال، هز البابا رأسه مشيرًا لقبوله السؤال وأجاب أولاً: "لا أعرف ما قد يكون الجواب الأصح. أنا خاطئ. هذا هو التعريف الأصح. وليس تعبيرًا عابرًا، أو أسلوبًا أدبيًا. أنا خاطئ".

ويتابع البابا التفكير في السؤال، كما ولو كان بحاجة لتفكير أعمق بالمسألة فيقول: "نعم، يمكنني أن أقول أنني حدق بعض الشيء، أعرف أن أتصرف، ولكن بحق أنا ساذج أيضًا".

"ولكن – أردف الأب الأقدس – الخلاصة الأفضل، تلك التي تنبع من باطني والتي أشعر بأنها الأحقّ، هي هذه: ’أنا خاطئ نظر إليه الرب‘".

وأضاف مذكرًا بشعاره البابوي: "أنا شخص نظر إليه الرب. وشعاري ’ Miserando atque eligendo‘ (نظر إليه برحمة واختاره) لطالما كان حقيقيًا وملموسًا بالنسبة لي".

ثم تابع مشيرًا إلى الأماكن القليلة التي يعرفها في روما، لافتًا إلى لوحة كارافاجو لدعوة متى العشار في كنيسة الفرنسيين المكرسة للقديس لويس: "إن إصبع يسوع الممدود نحو متى. هكذا أنا. هكذا أشعر بشأن ذاتي. مثل متى".

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) الله ليس إلا محبة

الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) الله ليس إلا محبة

كشف لنا يسوع أن "الله محبة" (1 يو 4، 8. 9). لقد بين عن ذلك في كلماته، في أفعاله، في حياته وفي مماته، موت الصليب. إن التجسد بحد ذاته هو كلمة حب بليغة، هو إعلان حب وكشف عن حب الله.

 يعلمنا ديونيسيوس الأريوباجي أن "المحبة هي قوة مُوَحِّدة"، والتجسد إنها هو اتحاد الله بطبيعتنا لكي يرفعها، لكي يؤلهها.

في صلاة من الليتورجية الافخارستية بحسب الطقس الماروني، نجد تعبيرًا جميلاً للوحدة التي نتحدث عنها: "وحدت يا رب لاهوتك بناسوتنا ، وناسوتنا بلاهوتك ، حياتك بموتنا وموتنا بحياتك. أخذت ما لنا ، ووهبتنا ما لك، لتحيينا وتخلصنا لك المجد إلى الأبد".

"الله محبة" يعني أمرين اثنين: إن كل أفعال وصفات الله هي أفعال محبة، وقبل كل ذلك، الله هو محبة في ذاته، في كيانه الأعمق. سننطلق من البعد الأول، الذي هو بعد تصرف الله نحو الخلائق، لكي ننظر في ما بعد في كيانه الذاتي بحسب الوحي الإلهي.

الله ليس إلا محبة

لا يمكننا أن نفهم معنى "الله محبة" إلا إذا فهمنا أن الله ليس إلاّ محبة. فمن السهل أن نعتبر المحبة من بين مختلف صفات الله، ولكننا لا نصل بهذا الشكل إلى إدراك جذرية إله المسيحيين. يدعونا الأب اليسوعي فرنسوا فاريون للمرور في نار النفي. ومن خلال مقاربة تكاد تكون استفزازية يتساءل اللاهوتي: هل الله كلي القدرة؟ ويجيب: كلا، الله ليس إلا محبة؛ هل الله لا متناهٍ؟ – كلا، الله ليس إلا محبة.

ويشرح فاريون أجوبته لافتًا إلى أن كلية قدرة الله وقوته لا علاقة لها بقوة ديكتاتور متغطرس أو قوة قنبلة نووية مدمرة. يجب أن ندرك أن كلية قدرة الله هي كلية قدرة الحب وأن الله لامتناهٍ بمعنى أن حبه لا حد له، حبه هو اللامتناهي.

بكلمات أخرى، الله لا يستطيع أن يفعل إلا ما يستطيع الحب فعله، والله لا يستطيع أن يريد إلا ما يريده الحب، والله لا يستطيع أن يكون إلا ما يستطيع الحب أن يكون.

هذا الإطار يبدل كل نظرياتنا وأفكارنا بشأن الله. إن الكثير من الملحدين لم يكونوا ليعتنقوا الإلحاد لو لم تكن فكرتهم بشأن الله غريبة وغير مقبولة لدرجة أنه يمكننا أن نقول مع خوان آرياس: "لا أؤمن بهذا الإله". فما من مؤمن يقبل بإله من هذا النوع. يجب علينا أن نعمِّد صورتنا وفكرتنا عن الله، أن نمررها بمنخل يسوع. التبشير الجديد يبدأ هنا.

إن الإنجيل هو مقياس يؤهلنا أن نقيس ونوطد فكرتنا بشأن الله. من يرى يسوع يرى وجه الله الحق. عندما ينطق يسوع بالتطويبات، عندما يلخص الشريعة بوصيتي محبة الله ومحبة القريب، عندما يغفر الخطايا، عندما يعانق الأطفال ويعلّم البسطاء، عندما يحب حتى المنتهى فينحني عند أقدام تلاميذه ويغسلها، عندما يموت غافرًا ومسلمًا روحه في يدي الآب… مع قائد المائة، ننظر إلى يسوع هذا، ونرى كيف عاش ومات ونعلن إيماننا: "كان هذا الرجل حقًا ابن الله" (مر 15، 39).

عندما نتأمل بحياة يسوع ندرك أن "الحب ليس صفة من صفات الله، بل إن صفات الله جميعها هي من صفات المحبة" (فرنسوا فاريون). الارتداد الحق هو تحويل نظرتنا بشأن الله، تغيير عقليتنا، تغيير نظرتنا؛ لا يجب أن نخلق الله على صورة أفكارنا بشأنه، بل أن نحول فكرتنا بشأن الله من خلال التبحر والتأمل بحبه الذي ظهر لنا في يسوع المسيح

(يتبع)
زينيت) الدكتور روبير شعيب

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
رؤية مستقبلية للإعداد للزواج (1) من أطروحة ” الإعداد للزواج في الكنيسة المارونية ” للأب نجيب بعقليني

رؤية مستقبلية للإعداد للزواج (1) من أطروحة ” الإعداد للزواج في الكنيسة المارونية ” للأب نجيب بعقليني

مقدّمة
هي العائلة، أحد أعمدة المجتمع اللبنانيّ، إلا أنّها تواجه اليوم العديد من المخاطر. وإلقاء اللّوم على الآخرين هو أسوأ من إتّهام الذات. في الإجمال لا يتحمّل قسم كبير من الشبيبة اللّبنانيّة أعباء مسؤولياته؛

والشباب الموارنة المؤمنون ليسوا بحال أفضل. فمن خلال مرافقتي لعدد من المخطوبين في فترة التحضير للزواج، أدركت أنّهم غالبًا ما يفتقرون إلى الجديّة المطلوبة. بالمقابل تتحمّل الكنيسة جزءًا من هذه المسؤولية، لأنّها لا تضع في تصرّفهم مادةً قادرة على الإجابة عن جميع تساؤلاتهم. وهذه الثّغرة الفادحة في التحضير للزواج تسيء إلى المخطوبين، ممّا يهدّد مستقبل العائلة المسيحيّة في لبنان، وبالأخصّ العائلة المارونيّة، ويفرض تغييرًا جذريًا، ودون أيّ مماطلة كي يتمكّن المُقدِمون على الزواج من الاتّفاق على نمط حياتهم الزوجيّة بوعي تام، الأمر اللذي يُلغي فرضيّة نشوء عدد كبير من المشاكل المستقبليّة والقادرة على إلحاق الضرر بحياتهم الزوجيّة.

ركّزت أطروحتي على صيغة تأهيليّة جديدة، تطرح مواضيع وحيثية بالغة الأهمية، إذ تجسّد أُسس الزواج المسيحيّ. الرؤية الجديدة للتحضير لِسرّ الزواج أتصوّر بأنّها أكثر غنى، وتتكيّف بطريقة أفضل مع إحتياجات المزمعين على الزواج على الصعيدين الاجتماعي والروحيّ.

1- هدف الدّراسة.

الهدف الذي سعيتُ إليه في هذا العمل الأكاديميّ، يعتبر بمثابة تحدٍّ كبير خاصةً وأنّه يطمح إلى تحقيق مشروع بغاية الأهميّة. إذ أنّ بعض الموارنة يتزوّجون في الكنيسة لأنّهم لا يملكون خيارًا آخر؛ ممّا يعني أنّ خيارهم لم يكن نابعًا عن قناعةٍ روحانيّة صلبة، قادرة على الصمود أمام جميع التحدّيات. في لبنان، وكما هو معروف تشكّل الطائفة جزءًا لا يتجزأ من الإنتمائين الوطنيّ والدينيّ، وهي بالتالي تحدّد بالنسبة للمواطنين الإطار الاجتماعي والقانونيّ، وعليه، فإنّ مَن يعتقد أنّ بإمكانه تخطّي هذا الواقع فهو واهم. أردت من خلال هذه المقاربة الحصريّة تسليط الضوء على الغنى الروحيّ للزواج المسيحيّ، وعلى قدسيّته، كما وعلى معناه الارتقائي، كما ولفتت إلى التحدّي الكبير الذي سيواجهه مستقبلاً، أيّ الزواج المدنيّ، الذي بدأ يحتلُّ مساحةً وخيارات في تفكير الشباب اللبنانيين، وبالأخصّ المسيحيين. وكي أوضّح وجهة نظري، كان عليّ التوليف بين مُعطيين، متناقضين ظاهريًّا، وهما إستحالة فسخ الزواج المسيحيّ من جهة، والتغيير الحتميّ الذي تسوقه العولمة من جهة أخرى. بالنسبة للمؤمنين، فالكنيسة المارونيّة تتماهى بالبيئة التي تنتمي إليها، ممّا يحدو بنا إلى الإقرار بأنّ التعلّق والتمسّك بأرض الأجداد هو بالضرورة صلابة الإيمان نفسه.

ولكن رويدًا رويدًا، يغدو هذا التماهي شكليًّا ويبتعد بشكل مخيف عن الأصول الدينيّة التي أوجدته. ومن هنا كان لا بدّ من أنجلة جديدة، وإلاّ سندرك أن قدسيّة الزواج لن يكون لها أي معنى.

في هذا السياق، سيعمل التجديد الروحيّ على التعلّق بتعليم الكنيسة، وإبراز الهويّة المسيحيّة الحقّة، وعليه لم يعد من الجائز الاكتفاء بلعب دور صدى الإيمان الذي لا يمكن له الاستمرار إلا من خلال الإقتداء به في المُعاش اليوميّ. وعلى هذا فالأنجلة الجديدة يجب أن تُفعِّل الدّور الرّعويّ في مساعدة المؤمنين، غير الملتزمين على إستيعاب تعاليم الكنيسة.

(يتبع)
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زينيت : الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) بقلم روبير شعيب

زينيت : الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (1) بقلم روبير شعيب

كشف لنا يسوع أن "الله محبة" (1 يو 4، 8. 9). لقد بين عن ذلك في كلماته، في أفعاله، في حياته وفي مماته، موت الصليب. إن التجسد بحد ذاته هو كلمة حب بليغة، هو إعلان حب

وكشف عن حب الله. يعلمنا ديونيسيوس الأريوباجي أن "المحبة هي قوة مُوَحِّدة"، والتجسد إنها هو اتحاد الله بطبيعتنا لكي يرفعها، لكي يؤلهها.

في صلاة من الليتورجية الافخارستية بحسب الطقس الماروني، نجد تعبيرًا جميلاً للوحدة التي نتحدث عنها: "وحدت يا رب لاهوتك بناسوتنا ، وناسوتنا بلاهوتك ، حياتك بموتنا وموتنا بحياتك. أخذت ما لنا ، ووهبتنا ما لك، لتحيينا وتخلصنا لك المجد إلى الأبد".

"الله محبة" يعني أمرين اثنين: إن كل أفعال وصفات الله هي أفعال محبة، وقبل كل ذلك، الله هو محبة في ذاته، في كيانه الأعمق. سننطلق من البعد الأول، الذي هو بعد تصرف الله نحو الخلائق، لكي ننظر في ما بعد في كيانه الذاتي بحسب الوحي الإلهي.

الله ليس إلا محبة

لا يمكننا أن نفهم معنى "الله محبة" إلا إذا فهمنا أن الله ليس إلاّ محبة. فمن السهل أن نعتبر المحبة من بين مختلف صفات الله، ولكننا لا نصل بهذا الشكل إلى إدراك جذرية إله المسيحيين. يدعونا الأب اليسوعي فرنسوا فاريون للمرور في نار النفي. ومن خلال مقاربة تكاد تكون استفزازية يتساءل اللاهوتي: هل الله كلي القدرة؟ ويجيب: كلا، الله ليس إلا محبة؛ هل الله لا متناهٍ؟ – كلا، الله ليس إلا محبة.

ويشرح فاريون أجوبته لافتًا إلى أن كلية قدرة الله وقوته لا علاقة لها بقوة ديكتاتور متغطرس أو قوة قنبلة نووية مدمرة. يجب أن ندرك أن كلية قدرة الله هي كلية قدرة الحب وأن الله لامتناهٍ بمعنى أن حبه لا حد له، حبه هو اللامتناهي.

بكلمات أخرى، الله لا يستطيع أن يفعل إلا ما يستطيع الحب فعله، والله لا يستطيع أن يريد إلا ما يريده الحب، والله لا يستطيع أن يكون إلا ما يستطيع الحب أن يكون.

هذا الإطار يبدل كل نظرياتنا وأفكارنا بشأن الله. إن الكثير من الملحدين لم يكونوا ليعتنقوا الإلحاد لو لم تكن فكرتهم بشأن الله غريبة وغير مقبولة لدرجة أنه يمكننا أن نقول مع خوان آرياس: "لا أؤمن بهذا الإله". فما من مؤمن يقبل بإله من هذا النوع. يجب علينا أن نعمِّد صورتنا وفكرتنا عن الله، أن نمررها بمنخل يسوع. التبشير الجديد يبدأ هنا.

إن الإنجيل هو مقياس يؤهلنا أن نقيس ونوطد فكرتنا بشأن الله. من يرى يسوع يرى وجه الله الحق. عندما ينطق يسوع بالتطويبات، عندما يلخص الشريعة بوصيتي محبة الله ومحبة القريب، عندما يغفر الخطايا، عندما يعانق الأطفال ويعلّم البسطاء، عندما يحب حتى المنتهى فينحني عند أقدام تلاميذه ويغسلها، عندما يموت غافرًا ومسلمًا روحه في يدي الآب… مع قائد المائة، ننظر إلى يسوع هذا، ونرى كيف عاش ومات ونعلن إيماننا: "كان هذا الرجل حقًا ابن الله" (مر 15، 39).

عندما نتأمل بحياة يسوع ندرك أن "الحب ليس صفة من صفات الله، بل إن صفات الله جميعها هي من صفات المحبة" (فرنسوا فاريون). الارتداد الحق هو تحويل نظرتنا بشأن الله، تغيير عقليتنا، تغيير نظرتنا؛ لا يجب أن نخلق الله على صورة أفكارنا بشأنه، بل أن نحول فكرتنا بشأن الله من خلال التبحر والتأمل بحبه الذي ظهر لنا في يسوع المسيح

(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
“المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيون”(1) تحليل الكاردينال ساندري

“المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيون”(1) تحليل الكاردينال ساندري

يذكّر الكاردينال ساندري قائلًا: ""ليوحدّنا الصليب جميعًا!"، هذه هي أمنية المجمع الفاتيكاني الثاني للمسيحيين من كافّة الطوائف بما في ذلك "علاقاتهم مع الأديان الأخرى ومع كلّ رجل وإمرأة

ذوي النوايا الحسنة".

إفتتح الكاردينال ليوناردو ساندري، عميد مجمع الكنائس الشرقية بالفاتيكان، سلسلة من المؤتمرات لسنة الإيمان نظّمها المعهد البابوي الروماني في روما في 18 أبريل وتحت العنوان التالي: "المجمع الفاتيكاني الثاني والشرقيّون".

وأشار الكاردينال إلى أنّ هذه المؤتمرات تتناول "الحركة المسكونيّة" على نطاقٍ واسعٍ، وحتى لو أنّ عنوانها "مُضمرٌ في النص"، ففي الواقع، ساهم المجمع الفاتيكاني الثاني في التشديد على "رسالة الحركة المسكونيّة" للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة.

وعلى ضوء هذا المجمع، أمل الكاردينال أن "يوحّد الصليب" جميع المسيحيّين، وشرح بأنّها "الأمنية الفصحية والمجمعيّة بالكامل" وهي موجّهة إلى جميع المسيحيّين من كافّة الطوائف". ويعني هذا الإثبات أيضًا "كلّ ما يتعلّق بالعلاقات مع الأديان الأخرى ومع كلّ رجل وإمرأة ذوي النوايا الحسنة".

الشرق المسيحيّ في المجمع

كما أشار الكاردينال ساندري، في ما يتعلّق بالشرق المسيحي في المجمع، إلى أنّ حوالى 200 شرقيًّا وأكثر من 2000 لاتينيًّا شاركوا في المجمع.

هذا وذكّر الكاردينال بالدستور العقائدي (Lumen Getium) "نور الأمم" الذي يؤكّد على الأصل الرسولي للكنائس الشرقية، ومرسوم (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" المكرّس بكامله لها بما فيه علاقاتها مع الأرثوذكس ومرسوم "Unitatis Redintegratio" يتمحور حول الحركة المسكونيّة ويعود أيضًا إلى الكاثوليك الشرقيين.

كما ذكّر بمرسوم "Christus Dominus" الذي يُعنى بالأساقفة ويسترجع العناية الرعويّة المطلوبة من الأساقفة اللاتينيين إزاء الكاثوليك الشرقيين ومرسوم "Presbyterorum Ordinis" الذي يتضمّن حياة الكهنة ويذكّر بالعزوبيّة وبالكهنة الشرقيين المتزوجين.

وإستحضر، من بين النصوص المصدّقة من صناديق إقتراع "مُبينة"، نصّ (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" الذي حصد 2110 صوتًا من أصل 2149 وحصد نصّ "Unitatis Redintegratio"  2137 صوتًا من أصل 2148.

وأضاف الكاردينال بالقول أنّه جرى أيضًا "اليوم الملكيّ" في المجمع والدعوة الملكيّة التي تعتبر كإشارة إلى الحركة المسكونيّة ألا وهي حفظ الكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة "في القلب" وذلك بالتوحد مع الكاثوليكيّة.

"اللّؤلؤة المجمعيّة"

ولكنّه ذكّر بالأخصّ بـ"لؤلؤة مجمعيّة" تشكّل الإعتراف بالأصل الرعويّ للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة وبشكلٍ خاص في دستور (Lumen Gentium) "نور الأمم" الذي يسند أصلها إلى "العناية الإلهيّة" وذلك من خلال القول التالي: "أرادت العناية الإلهيّة أن تجتمع الكنائس المختلفة، التي أنشأها الرسل وخلافاؤهم في أماكن مختلفة، مع مرور الوقت كمجموعات عدّة متوحّدة نظاميًّا وهي تتمتّع بنظام وطقس خاصّان بها وبتراثها اللّاهوتي والروحيّ، مع الإحتفاظ بوحدة الإيمان وبوحدة الدستور الإلهي الفريد للكنيسة الجامعة.

وبالنسبة إلى الكاردينال ساندري ترتكز سمة هذه "اللؤلؤة" على "التعاون الكامل مع الكنيسة الرسوليّة في روما" المذكور في مرسوم (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" ألا وهو "يوجد بين تلك الكنائس تعاونًا رائعًا بحيث يعطيها التنوع في الكنيسة قيمةً وذلك بالإبتعاد عن إلحاق الضّرر بوحدتها.

بالإضافة إلى ذلك، ذُكر في مرسوم (Orientalium Ecclesiarum) "الكنائس الشرقيّة" أنّ الكنائس الكاثوليكيّة تعبّر عن "إحترامها" للكنائس الشرقيّة بسبب أصلها الرعويّ: "لأنّ الأقدميّة الجليّة التي تفتخر بها هذه الكنائس يضيئ فيها الكهنة التقليد الذي يأتي من الرسل والذي يشكّل جزءًا من التراث غير المجزّأ للكنيسة جمعاء وتمّ إلهامه من الله".

وشدّد الكاردينال ساندري أنّ رعاية الكنيسة الجامعة للكنائس الشرقيّة، التي يعبّر عنها المجمع، لا تعدّ بالتالي "أمنيّة عاطفيّة بسيطة" بل أنّها "مداولة لاهوتيّة وقانونيّة" "تجمع الكرسي الرسولي بالكنائس الشرقية الكاثوليكيّة، ومع بعضها البعض وبكنائس أخرى.   

(يتبع)

***

نقلته إلى العربية ميريام سركيس- وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مختارات من كتابات الكاردينال برغوليو (البابا فرنسيس) (1)

مختارات من كتابات الكاردينال برغوليو (البابا فرنسيس) (1)

ما الموقف الذي يتخذه البابا فرنسيس من مواضيع كالأخلاقيات، والعائلة، والتعليم، والشبيبة، والسلطة السياسية، والاتجار بالبشر، والعدالة الإجتماعية، ومواضيع أخرى؟

نشرت أبرشية بوينس أيرس عددًا من النصوص التي تسلط الضوء على هذه القضايا وغيرها، وهي مستمدة من تعاليم رئيس الأساقفة خورخيه ماريو برغوليو.

إليكم في ما يلي ترجمة عن المقتطفات:

الإجهاض

الإجهاض لا يعتبر أبدًا كحلّ. من ناحيتنا يجب علينا أن نسمع، وندعم، ونفهم بهدف إنقاذ حياتين: احترم الإنسان الصغير الذي لا يمكنه الدفاع عن نفسه، واعتمد تدابير يمكن أن تحافظ على حياته، اسمح بولادته ومن ثم كن خلّاقًا بإيجاد طرق من شأنها أن تقود الى نموه الكامل. (16 سبتمبر، 2012).

الدفاع عن الحياة

قال يسوع للناس الذين دهشوا عندما تناول الطعام مع الخاطئين والعشارين: "إن العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت الله"، فهم كانوا الأسوأ في ذلك الزمان. يؤسفني القول أن أولئك الناس هم الذين ملأوا كنيسة الرب بالتعاليم، وإن بدا الأمر كانتقاد أو إهانة، سامحوني، ولكن يتواجد في كنسيتنا كهنة يرفضون منح سر المعمودية لأطفال أمهات غير متزوجات لأنه برأيهم لم يكوّن الطفل في كنف قدسية الزواج. هؤلاء هم الذين ينافقون اليوم. هؤلاء هم الذين يقودون شعب الله بعيدًا عن الخلاص. وأما الفتاة التي لم تجهض طفلها بل تحلت بالجرأة لإنجابه، فتتنقل من رعية الى أخرى باحثة عن كاهن ليعمّده. (2 سبتمبر، 2012).

التعليم

عندما رأيت النص قبل القداس، بدأت أفكر بين الطريقة التي كانت تعيش بها الجماعات الأولى وبين قداس اليوم. وتساءلت ألا يجب أن نوجه سعينا التعليمي لتحقيق التناغم: التناغم بين جميع الفتيان والفتيات الذين أوكلوا الينا، تناغم داخليّ، تناغم في شخصيتهم. إن عَمِلنا كحرفيين، على مثال الله، نعطي شكلًا لحياة هؤلاء الأطفال، سنكون قادرين إذًا على تحقيق التناغم، وإنقاذهم من التنافرات التي هي مظلمة دائمًا. ولكن التناغم منير، واضح، هو نور. إن تناغم قلب ينمو، الذي ندعمه في سعينا التعليمي هذا، هو الذي يجب أن يتحقق. (…) غالبًا ما أفكر حين أرى هذه الوجودية النسبية جدًّا المقترحة على الشباب أينما كان والتي لا تملك أي نقطة مرجعية، وهي تعود لنبي بوينس أيرس: "أعطه أي شيء…فكل شيء متشابه، ففي النهاية سنجتمع في أتون النار." فحينها هؤلاء الشباب، الذين لا يملكون أدنى فكرة عن الحدود وهم يتوجهون نحو المستقبل، هم في الأتون! الآن! وسوف نلتقي في أتون النار! وفي المستقبل سيكون لدينا رجال ونساء في الأتون! (18 أبريل، 2012).

الإتجار بالبشر

نريد اليوم في المدينة أن تسمع صرخة سؤال الله: "أين أخوك؟" فليصل سؤال الله هذا الى كل المدن المجاورة، وليمر في قلوبنا، وفوق كل شيء فليدخل في قلوب "قايين" عصرنا هذا. لربما سيسأل أحدهم: أي أخ؟ أين أخوك العبد، هذا الذي تقتله كل يوم في ورشة عمل سرية، في شبكة للدعارة، في شباب تستخدمهم للإتجار بالمخدرات، للسرقة، فتجعلهم يعملون في الدعارة. أين أخوك الذي كمتشرد يتوجب عليه أن يعمل في السر لأنه لم يحصل على أوراق رسمية بعد. أين أخوك؟ وفي وجه هذا السؤال، يمكننا أن نتصرف كما فعل الكاهن الذي مر بجانب الرجل المصاب، يمكننا أن نتظاهر بالنظر بعيدًا كما فعل اللاوي، لأن هذه المشكلة ليست من شأني بل من شأن أحد آخر. هذا السؤال يعني الجميع! لأن تجارة البشر بدأت في هذه المدينة، هذه الجريمة الشاذة من فعل المافيا (كما وصفها بشكل دقيق منذ أيام قليلة مسؤول ما:) المافيا والجريمة الشاذة! (5 سبتمبر، 2012).

مسألة اجتماعية

نعتاد شيئًا فشيئًا على سماع وقائع سوداء لمجتمعنا المعاصر ورؤيتها من خلال وسائل الإعلام، التي تقدمها لنا بابتهاج، كما نعتاد أيضًا على لمسها والشعور بها من حولنا وفي أجسادنا. الدراما في الشارع، في الأحياء، في منزلنا، ولن نخفي، في قلوبنا أيضًا. نحن نعيش مع عنف قاتل، يدمر العائلات، ويحفز الصراعات والحروب في العديد من البلدان حول العالم. نحن نتعايش مع الحسد، والكراهية، والافتراء، والدنيوية في قلوبنا. إن معاناة الأبرياء والمسالمين لا تتوقف عن ضربنا، وازدراء حقوق الأشخاص الأكثر هشاشة والشعوب غير البعيدين عنا، وتسلط المال مع آثاره الشيطانية، كالمخدرات، والفساد، والإتجار بالبشر، من ضمنهم الأطفال، الى جانب الفقر الأخلاقي والمادي هم العملة الحالية. تدمير العمل المناسب، والهجرة المؤلمة، وعدم وجود مستقبل، كل ذلك يضاف الى هذه السمفونية. خطايانا وأخطاؤنا نحن ككنيسة ليست خارج عن هذه الصورة. إن معظم الأنانيات الشخصية مبررة ولكن لا تقل بسبب ذلك، تنقص القيم الأخلاقية في مجتمع، الذي وعلى الرغم من التعايش بين المدن يكلمنا عن ضعفنا، وعن عجزنا عن تحويل هذه الحقائق المدمرة التي لا تحصى.

التبشير

لا يكفي أن حقيقتنا أرثوذكسية وأن عملنا الرعوي فعّال. فمن دون فرح الجمال، تصبح الحقيقة باردة وحتى مشردة كالذي نراه يحدث في خطابات عدة أصوليين. يبدو وكأنهم يمضغون الرماد بدلًا من أن يتذوقون عذوبة حقيقة المسيح، الذي ينير بنور وديع ملء الحقيقة، فارضًا إياها كما هي كل يوم. فمن دون جمال الفرح يصبح العمل من أجل الخير كفاءة كئيبة، كما هو الحال في عمل العديد من الناشطين الذي يتم إرسالهم بعيدًا. يبدو وكأنهم يغطون الحقيقة بالحداد الإحصائي، بدلًا من مسحها بالزيت الداخلي للفرح الذي يبدل القلوب، واحدًا تلو الآخر من الداخل. (22 أبريل، 2012).

الدفاع عن الزواج

إن هوية العائلة واستمراريتها على المحك: الأم، والأب، والطفل. إن حياة عدة أطفال على المحك، فسوف يهمشون مسبقًا ويحرمون من النضوج البشري الذي يشاء الله أن يحدث مع أب وأم. إنّ رفض شريعة الله المطبوعة في قلوبنا أيضًا على المحك. لا يجب علينا أن ندعي السذاجة: هذا ليس صراع سياسي صغير، بل هو ذريعة لتدمير مشروع الله. ليست مجرد مسألة مشروع تشريعي بل "تحرك" أب الأكاذيب الذي يحاول أن يضلل ويربك أبناء الله. (8 يوليو، 2010).

العدالة الاجتماعية

إن العدالة هي التي تفرّح القلب: عندما يكون هناك ما يكفي للجميع، عندما يرى الشخص بأن هناك مساواة، وإنصاف، ولكل واحد ما يحتاجه. عندما يرى الشخص أنه يوجد ما يكفي للجميع، إن كان شخصًا جيّدًا، فسيشعر بفرح في قلبه. قلب كل واحد يتسع وينصهر مع قلب الآخرين ويجعلنا ذلك نحب الوطن. يزدهر الوطن حين نرى "المساواة النبيلة على العرش" بحسب ما جاء في نشيدنا الوطني. في المقابل يجعل الظلم كل شيء مظلم. كم من المحزن أن يرى الشخص أنه يوجد ما يكفي للجميع ولكن ذلك لم يحقق بعد (…)إن قول "كل الشباب" كقول "كل المستقبل". وقول "كل متقاعد" كإعادة فرز كل التاريخ. يعلم شعبنا أن الكل أكبر من الأجزاء، ولذلك نطلب "الخبز والعمل للجميع." ولكن يوجد من يصنع كنوزًا له لهذا اليوم فقط، الشخص الذي يملك قلبًا صغيرًا ومغرورًا ويفكر أي شريحة سيأخذ معه عند موته. لا أحد يأخذ معه شيئًا. لم يسبق لي أن رأيت شاحنة تتبع موكب جنازة. كانت جدتي تقول لنا: "لا يوجد جيوب في الكفن." (7 أغسطس 2012).

*سيتم نشر القسم الثاني من المقتطفات

***

نقلته الى العربية نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
كنيسة للجميع! (1)

كنيسة للجميع! (1)

لا شكّ بأن انتخاب البابا فرنسيس قد اثار ضجّة كبيرة في العالم!  ولا شكّ في أن سلوكه البسيط أثار إعجاب معظم النّاس الّذين استساغوا طريقته "الشعبيّة" في مقاربة منصب يعتبر من الأهمّ

على مستوى كوكبنا الأرض.

ولكن لا بدّ من التوقّف أمام اللقب الّذي تردّد كثيرًا في الايّام الأخيرة وهو "بابا الفقراء" وقد كنت أيضًا ممّن استخدموه إلى أن تنبّهت إلى مسألةٍ خطيرةٍ بدأت بالظهور تدريجيًّا في وسائل الإعلام.

فقد دأبت هذه الوسائل المتعدّدة من تلفازٍ وصحف ومواقع إلكترونيّة على التركيز على تصرّفات البابا بصورةٍ كثيفة وعمد بعضها إلى إجراء مقارنات مع أسلافه بصورةٍ تجعل القارئ يظن وكأن الكنيسة لم تكن معنيّة بالفقراء قبل قدوم البابا فرنسيس!

 لذا يأتي المقال ليؤكّد على حقيقة أساسيّة: الكنيسة لجميع النّاس وليست كنيسة الفقراء بمواجهة الأغنياء كما ليست كنيسة الأغنياء بمواجهة الفقراء، بل جماعة المؤمنين الّذين يهتمّ كلّ منهم بالآخر وفق تعاليم الربّ يسوع ووفق النّموذج الّذي طبّقته الكنيسة الأولى ومن هناك ننطلق.

1-                  في الأناجيل: كنيسة للفقراء وللأغنياء!

ولد الربّ يسوع كالفقراء في مكانٍ وضيع هو مزود في قاعة للضيوف (لوقا 2:  7) وقدّمت عنه في الهيكل تقدمة الفقراء، "زَوجَيْ يَمَام، أَو فَرْخَيْ حَمَام" (لوقا 2:  24).

وتضامن كثيرًا مع الفقراء وكان له الكثير من المواقف في مواجهة الأغنياء ولكنه لم يشجّع الفقير كي بيقى فقيرًا ولم يهاجم الغنيّ لمجرّد أنّه غنيّ!

هناك نصٌّ أثّر كثيرًا في تفسير موقف يسوع تجاه الأغنياء وهو نصّ الشاب الغنيّ ونقتبس منه، بعد أن أكّد ليسوع بأنّه يحفظ الوصايا، ما يلي: "قَالَ لَهُ يَسُوع: "إِنْ شِئْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً، فَاذْهَبْ وبِعْ مَا تَمْلِك، وأَعْطِ الفُقَرَاء، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ في السَّمَاء، وتَعَالَ اتْبَعْنِي!". فلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ هـذَا الكَلامَ مَضَى حَزِيْنًا، لأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مُقْتَنَيَاتٍ كَثِيْرَة. وقَالَ يَسُوعُ لِتَلامِيْذِهِ: "أَلـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: يَصْعُبُ على الغَنِيِّ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَات". وأَيْضًا أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ لأَسْهَلُ أَنْ يَدْخُلَ جَمَلٌ في ثِقْبِ إِبْرَة، مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ مَلَكُوتَ الله"." (متى 19:  21-24)!

لطالما فسّر هذا النصّ من قبل الكثيرين كإدانة للغنى بشكلٍ عام… ولكن وجود عدّة أغنياء في محيط يسوع المباشر يدحض هذه المقولة وخاصّةً في نموذج زكّا العشّار (لوقا 19:  1-10) الّذي قبل يسوع توبته بمجرّد أن فكّر بالتعويض على من أساء إليهم أو ظلمهم وقدّم ممّا لديه للفقراء!

ما يجب أن نفهمه من خلال نصّ الشاب الغنيّ كما من خلال نصّ الغنيّ الجاهل (لوقا 12:  16-21) هو أن يسوع يدين الغنيّ الأنانيّ والغنيّ الّذي لا دور للّه في حياته ويحبّ المال أكثر من الله!

من جهةٍ أخرى، لم يطوّب الربّ الفقراء لأنّهم فقراء بل لأنّهم "فقراء بالرّوح" (متى 5:  3) أي على استعداد ليملأهم الله من روحه بدل أن ينتفخوا من روح العالم!

ولو أراد الربّ أن يبقى الفقراء فقراء لما شجّع على العطاء والصدقة والتضامن من خلال تعاليمه (متى 6:  2-4) ،على أن تبقى هذه المساعدات سريّة كي لا تحرج المحتاج ولا تنفخ المعطي!

وكذلك لم يطوّب الربّ الجياع إلى الطعام والعطاش إلى الشراب، بل طوّب الجياع والعطاش إلى البرّ (متى 5:  6) أي إلى سماع كلمة الله والاتّحاد به والعمل بوصاياه!

حارب الربّ يسوع بوضوح الفقر والجوع والحرمان ولم يشجّع أحدًا على البقاء على حاله كما حارب الأنانيّة لدى الأغنياء… ولكن منطلقه كان المحبّة وليس وضع الفقراء والأغنياء بمواجهة بعضهم البعض بل بناء جسر تواصل فيما بينهم على قاعدة المحبّة الشاملة…

لا بدّ هنا أيضًا من التنبيه بأنّ الربّ يسوع حذّرنا من مغبّة استغلال محبّة الفقراء لتمرير مشاريع مشبوهة يوم ورد في نصّ دهنه بالطّيب ما يلي:" وأَخَذَتْ مَرْيَمُ قَارُورَةَ طِيبٍ مِنْ خَالِصِ النَّاردِينِ الغَالِي الثَّمَن، فَدَهَنَتْ قَدَمَي يَسُوعَ، ونَشَّفَتْهُمَا بِشَعْرِهَا، وعَبَقَ البَيْتُ بِرَائِحَةِ الطِّيب. قَالَ يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطيّ، أَحَدُ تَلامِيذِ يَسُوع، الَّذي كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسْلِمَهُ: "لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هـذَا الطِّيبُ بِثَلاثِ مِئَةِ دِينَار، ويُوَزَّعْ ثَمَنُهُ على الفُقَرَاء؟". قَالَ هـذَا، لا اهْتِمَامًا مِنْهُ بِالفُقَرَاء، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، والصُّنْدُوقُ مَعَهُ، وكَانَ يَخْتَلِسُ مَا يُلْقَى فِيه. فَقَالَ يَسُوع: "دَعْهَا! فَقَدْ حَفِظَتْهُ إِلى يَوْمِ دَفْنِي! أَلفُقَرَاءُ مَعَكُم في كُلِّ حِين. أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ في كُلِّ حِينٍ مَعَكُم"." (يوحنّا 12:  3-8).

لا يعني ذلك أبدًا إهمال يسوع للفقراء بل حرصه على عدم استغلالهم لمآرب خاصّة أو لتحقيق مكاسب شخصيّة باسمهم وباسم حاجاتهم.

ولا ضرورة للشرح بأن الربّ يسوع رفض استخدام العنف كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة مفضّلًا الموت على الصّليب والغفران لصالبيه دون أن يعني ذلك أنّه على الإنسان السكوت عن حقوقه البديهيّة لأنّه كان المبادر للدّفاع عنها إنطلاقًا من اعتباره كلّ النّاس أبناء لله، متساوين في الكرامة وفي حقّ الوجود!

هذا ما فهمته الجماعة المسيحيّة الأولى، كما سيظهر من خلال كتاب أعمال الرّسل.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
المؤتمر العلمي الاعلامي لكلية الاعلام – 1

المؤتمر العلمي الاعلامي لكلية الاعلام – 1

تنطلق اليوم في كلية الاعلام والتوثيق – الفرع الاول في الجامعة اللبنانية، أعمال المؤتمر العلمي الاعلامي الذي تنظمه الكلية بعنوان "الصحافة المتخصصة: الاعلام التربوي نموذجا في مبنى الكلية في الاونيسكو "

 في رعاية رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين. ويتحدث في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر نقيب الصحافة محمد البعلبكي، نقيب المحررين الياس عون، المدير العام لوزارة الاعلام حسان فلحة، عميد كلية الاعلام جورج كلاس، الى راعي المؤتمر السيد حسين، والادارة لمدير الكلية – الفرع الاول الدكتور إياد عبيد.
وتعقد أربع جلسات، الاولى بعنوان "الصحافة المتخصصة: الحاجة – النشأة التطور"، والثانية "الصحافة التربوية"، ثم "الصحافة الالكترونية"، وأخيرا "تجارب عملية". وتعلن التوصيات لاحقا وتنشر مع الاوراق في عدد خاص من مجلة كلية الاعلام.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
السنة الطقسيّة بحسب الطقس اللاتيني (1)

السنة الطقسيّة بحسب الطقس اللاتيني (1)

ماذا تعني السنة الطقسيّة ؟ السنة الطقسية مؤلَّفة من 52 أسبوع، كالسنة العاديّة. ولكن مع تنظيم خاص. لماذا هي طقسيّة (ليتورجيّة)؟ لأنّها مركَّزة على الليتورجيا، التي هي صلاة الكنيسة.

          في هذه السنة (الليتورجية)، يُقدَّم من خلال الإحتفالات الليتورجيّة، يسوع المسيح، رسالته وحياته. وتُقدِّم أيضاً الكنيسة من خلال صورة العذراء مريم والقديسين، الذين عاشوا تعاليم يسوع بشكلٍ كامل. يمكننا أنّ نقول، أنَّ السنة الطقسيّة هي طريق المسيحيين ليتعرَّفوا وليستقبلوا يسوع في حياتهم.

الأساس :

         الأحد هو أساس السنة الطقسيّة، لأنَّه يوم قيامة يسوع المسيح. كان المسيحيّون الأولون يحتفلون في هذا اليوم بالفصح الأسبوعي. ولهذا يعتبر يوم الأحد يوم الربّ، يوم الإفخارستيا. فيما بعد، ولكي يتعمَّقوا ويعيشوا أكثر في أسرار يسوع، لقد طوَّروا الدورة الفصحية والدورة الميلاديّة.

المحتوى :

تحتوي السنة الطقسيّة على الزمن العادي والزمن القدسي. الأول يتضمَّن الدورة الميلاديّة مع الأزمنة التالية: زمن المجيء وزمن الميلاد، ويتضمَّن أيضاً الدورة الفصحيّة مع الأزمنة التاليّة: زمن الصوم وزمن الفصح، ومعها 34 أحد من الزمن العادي. أمّا الزمن القدسيّ فيتضمَّن كلّ الأيام التي تحتفل الليتورجيا بذكرى القديسين.

         هناك أيضاً الثلاثيّة الفصحيّة التي نتذكَّر خلالها آلام وموت وقيامة يسوع المسيح والتي هي مركز وركن ومحور كلّ السنة الطقسيّة.

         فالسنة الطقسيَّة تبدأ مع زمن المجيء وتنتهي في الأحد يسوع الملك أيّ الأحد 34 من الزمن العادي.

الهدف :

السنة الطقسيّة هي طريق خاصة للسلوك نحو الخلاص، لأنَّ الكنيسة من خلالها تُعيد حضور سرّ الفداء مع نِعَمِه الغزيرة. إذن السنة الطقسيّة هي سنة نِعْمَة من الرب، ولهذا من خلال تعاطي وعلاقة المسيحي مع هذا الزمن، تتغيَّر حياته الخاصة وتتطوَّر وتنمو نحو الافضل والأسمى وتعيش على مثال الآباء القديسين.

ألوان السنة الطقسيّة :

         نجد في السنة الطقسيّة ألواناً خاصةً بها تشرَح وتعبِّر عن الزمن الذي نعيشه. ويمكننا القول أنَّها رموز تساعدنا على معرفة الزمن أو العيد الذي نحتفل به. في مقدمة كتاب الصلوات الطقسيّة Messale Romano، نجد ما يلي : إنَّ هدف إختلاف الألوان في الثياب الطقسيّة هو الشرح من خلال الوسائل الخارجيّة عن خاصيَّة أسرار الإيمان التي يُحتفَل بها وهو أيضاً معنى الحياة المسيحيّة التي في طريق طويل ضمن طريق السنة الليتورجيّة (37).

–         اللون البنفسجي Viole : يرمز إلى الإنتظار والتوبة… يُستعمل في زمن المجيء وفي زمن الصوم وقداديس الموتى.

–    اللون الأبيض Blanche : يرمز إلى القيامة والطهارة والفرح. يُستعمل في زمن الميلاد وزمن الفصح وفي الأعياد السيّديّة وفي أعياد السيّدة العذراء وفي أعياد القديسين الذين ليسوا شهداء.

–         اللون الأخضر Vert: يرمز إلى الأمل والثبات في الطريق والسماع المثابر. يُستعمل في الزمن العادي.

–    اللون الأحمر Rouge :يرمز إلى الحبّ والشهادة. يُستعمل في أحد الشعانين، فييوم الجمعة العظيمة، في أحد العنصرة وفي إحتفالات القديسين الشهداء.

–         اللون الذهبي Ore : يرمز إلى الملوكيّة. ويمكن إستعماله للتركيز على أهميّة بعض الأعياد الكبرى التي نحتفل بها.

كما إنَّه يوجد أيضاً لونَين آخريَن، ولكن من النادر إستعمالهما وهما :

–         اللون الزهري : الذي يمكن إستعماله في ثالث أحد من زمن المجيء وفي رابع أحد من زمن الصوم.

–         اللون السماوي : الذي يذكِّرنا بالسماء. ويمكن إستعماله في إحتفالات إعياد السيّدة العذراء.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
ما هي الصلاة؟ في حميمية الله. دراسة حول الصلاة (1)

ما هي الصلاة؟ في حميمية الله. دراسة حول الصلاة (1)

مقدمـــة : مما لا شكّ فيه أن طرح أي موضوع روحي وبخاصة موضوع الصلاة، في عالم غارق في المادة ومتّكل على التطور التكنولوجي السريع جداً والذي لم تشهد له البشرية

مثيل خلال مسيرتها التاريخية، إنما يضع صاحبه في خانة الإنسان "التقليدي – المتأخر" عن مواكبة هذا العصر الحديث، والمتعلق بـ "أوهام" تبعده عن الواقع المعاش.

وحكم كهذا إنما صادر بدون شك عن الإنسان "الواقعي[1] – المادي" الذي لا بد وأنه قد تخلّى عن ممارسة الصلاة في فترة ما من حياته بعد أن "لمس عدم فائدتها". فذهب يبحث لنفسه عن مصدر آخر يشبع منه رغباته ويضمن مصالحه ويحقق أحلامه …

إن الصلاة مغامرة ومغامرة صعبة لا بل شاقة وخطيرة، يمارسها أغلبية الناس – إن لم نقل جميعهم– في بداية حياتهم. إلا أن الأكثرية الساحقة تفشل[2] فتتوقف. وأمّا البقية الباقية فتبقى مجاهدة حتى تصل إلى النهاية، فيصبح عندنا ما يعرف بـ "رجال صلاة".

إن صعوبة هذه المغامرة يكمن في التحدي الذي نفرضه على ذاتنا في أن نكمل المسيرة أو لا نكملها. فإكمال المسيرة يتطلب جهداً ثابتاً وشجاعة كبيرة وإرادة لا تلين أمام مختلف ما قد نواجهه من عقبات لا يمكن أن نتصورها. إن ما تتطلبه مسيرة الصلاة من صفات لا يكون حصيلة سعي بشري وإنما هي هبة من الروح[3]. وهذه الهبة تبقى مرتبطة إرتباطاً وثيقاً برغبة الإنسان في الحصول عليها، لأن النعمة الإلهية لا تتأتى إلا لطالبها[4]. وبدون أن نطلب لا نستطيع الحصول على شيء …

ما هي الصلاة ؟

بشكل عام وأساسي يمكن تحديد الصلاة بأنها :

علاقة شخصية مع الله الآب والدخول في حوار مباشر معه، بمساعدة من الروح القدس …

لهذا فإنه من الصعب جداً إعطاء تعريف محدد لها. لأن الصلاة موهبة من الله أعطيت لكل البشر من دون إستثناء، على إختلاف توجهاتهم وقناعاتهم وإنتماءاتهم ومذاهبهم… قبل أن تكون عمل إنساني. فيكون أن كل إنسان هو صاحب موهبة تعطيه القدرة على إقامة علاقة فردية قابلة للتطور مع الله. وهو، أي الإنسان، متى دخل في هكذا علاقة فإنه يصبح له، وعلى حسب نضوجه ونموه في علاقته مع الله، تحديدات خاصة به، تختلف عن تحديدات "الآخر" لها. وبالتالي يصبح عندنا تحديدات لا محدودة للصلاة، وتصبح الصلاة مرآة تنعكس عليها طريقة عيش كل واحد منّا. وبقولنا علاقة شخصية مع الله الآب، فإن هذا يعني أن الصلاة هي أيضاً خروج من الذات لنفس مشتاقة وباحثة دوماً عن الله من أجل إقامة تلك العلاقة معه. وبقولنا حوار، فإن هذا يعني أيضاً بأن الصلاة هي كذلك إصغاء لذلك الذي نحاوره[5].

من تحديدات الصلاة :

                       · الصلاة هي تنفس نفس إستسلمت لإرادة الله من خلال "نعم" أعلنتها له.

                       · الصلاة توجيه عميق للنفس صوب الله وتنبّه وتيقّظ دائم لحضوره.

                       · فعل إيمان وحب.

                       · التفكير بالله ونحن نحبّه.

وهي تتطلب:

                       · إيماناً عميقاً بالله وشوقاً ملحّاً إلى معرفته عن طريق الحب والخبرة.

                       · مثابرة في البحث دون إنتظار أية نتيجة ظاهرة أو ملموسة.

                       · تجرّد عن كل غاية إنتفاعية.

                       · إستسلام بنوي لله وإنتباه مرهف لحضوره فينا.

                       · إستعداد دائم لسماع نداءاته المتواصلة في أعماقنا.

                       · طاعة متواضعة لإلهامات الروح القدس ولما يريد أن يحقّقه فينا.

مع الإنتباه الدائم إلى أن طريق الصلاة تطول كلّما خيّل إلينا أننا إقتربنا من نهايتها !

ويمكن أيضاً تحديد الصلاة بأنها الوقت المكرّس  بصورة خاصة لممارسة فضيلة الإيمان عملياً، والتوق إلى بلوغ الله. هي إحدى أهم الطرق التي أتحدث بواسطتها إلى الله.

من حيث المبدأ هناك طريقتان أستطيع بواسطتهما التحدث إلى الخالق:

        · الله يسكن وسط البشر، فيكون أني أتكلم إليه في كل مرّة أتصرف بمحبة تجاههم. وهذه صلاة حقيقية أقوم بها كل يوم في صلب الحياة العملية.

        · الله يسمو كثيراً عن كل شيء. لهذا ولكي أتحدث إليه، فإنه من الضروري أيضاً أن أترك  كل شيء: بشر، ملائكة وحتى نفسي للوصول إليه.

ولكي أوفق بين هاتين الطريقتين عليّ أن أجعل حياتي العملية على وفاق تام مع إيماني وصلاتي، وذلك بأن أترجم إيماني بأعمال يومية.

يبقى الهدف الأول والأخير للصلاة الحقيقية إيجاد الله والتقرب منه والتعرف عليه. ولن يتم للإنسان هذا ما لم يرجع، وبمساعدة من الروح، إلى الحالة الأولى التي خلقه الله عليها، أي على صورة الله ومثاله، تلك الصورة التي أرانا الله إيّاها بشكل ساطع ونقي في شخص يسوع المسيح.

[1] واقعي هنا بالمعنى السلبي

[2] والفشل يعود لأسباب عديدة سوف نتناولها في هذا البحث

[3] "ليس أحد يستطيع أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس" (1 قورنتس 12/3)

[4] "إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم" (متى 7/7)

[5] "تكلم يا رب فإن عبدك يسمع" (1 صموئيل 3/10)

بقلم عساف رعيدي / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الحريّة الدينيّة والعلمنة (1) بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا

الحريّة الدينيّة والعلمنة (1) بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا

إنّ التحدّث اليوم عن الحريّة الدينيّة يعني مواجهة حالة طارئة تتّخذ طابعًا عالميًّا على نحو متزايد. فوفقًا للدراسة الدقيقة التي قام بها برايان ج. غريم وروجر فينك[1]،

كانت هناك في الفترة الواقعة بين عامي 2000 و2007 123 دولة جرى فيها شكل من أشكال الاضطهاد الدينيّ، وهذا العدد يتزايد للأسف باستمرار.
إنّ هذه المعطيات، التي تشكِّل تعبيرًا مقلقًا عن حالة سيّئة وخطيرة للحضارة، تدفع إلى تكثيف التعمّق في الموضوع من دون إهمال المناقشات، المتأجّجة أحيانًا وغير الخامدة أبدًا، حول طبيعة إعلان “كرامة الإنسان” وتفسيره الصحيح وضرورة اعتماده.
بادئ ذي بدء، إنّ موضوع “الحريّة الدينية”، الذي يثير للوهلة الأولى إجماعًا واسعًا جدًّا حوله، له منذ القدم محتوى غير بديهيّ البتّة. فهو يقع في عقدة معقّدة بعض الشيء، تتشابك فيها ثلاث مشاكل خطيرة على الأقلّ: أ) العلاقة ما بين الحقيقة الموضوعيّة وضمير الفرد، ب) التنسيق ما بين الجماعات الدينيّة وسلطة الدولة، ج)، من وجهة النظر اللاهوتيّة المسيحيّة، مسألة تفسير شموليّة الخلاص في المسيح أمام تعدّد الأديان ورؤى العالم (رؤى أخلاقيّة “جوهريّة”).
ثانيًا، بجانب هذه المشاكل الكلاسيكيّة إذا جاز التعبير، في تفسير الحريّة الدينيّة، ينبغي أن نضيف اليومَ قضايا جديدة ليست أقلّ حسمًا.
أشير إلى ثلاثة منها. الأولى هي مشكلة العلاقة ما بين البحث الدينيّ الشخصيّ والتعبير الجماعيّ عنه. فغالبًا ما يُطرح السؤال التالي: إلى أيِّ مدى يمكن أن تختصر الحريّة الدينيّة على التعبير الفرديّ فحسب؟ من ناحية أخرى، يجب أن نتساءل تحت أيِّ شروط يمكن لِـ “مجموعة دينيّة” ما أن تطالب باعتراف عامّ في مجتمع تعدّديّ من الأديان والثقافات. نحن أمام المسألة الحسّاسة المتعلّقة بسلطة المؤسّسات العامّة القائمة شرعيًّا على التمييز بين ما هو دينٌ أصيل وبين ما ليس بذلك. تؤكِّد الوقائع بالتالي أنّ التمييز بين السلطة السياسيّة والأديان ليست بالبديهيّة كما قد يبدو للوهلة الأولى.
تَبرز بخصائص مماثلةٍ مشكلةُ التمييز بين الأديان و “البدع”: هذا موضوعٌ قديمٌ قدمَ المفهوم الرومانيّ للديانة المسموح بها religio licita ، لكنّه اكتسب في الآونة الأخيرة مظهرًا أكثر حدّة لعدّة أسباب: التفكّك وتكاثر “الجماعات” داخل العالم المسيحيّ؛ الموقف اللاأدريّ لغالبيّة التشريعات أمام الظواهر الدينيّة.
وأخيرًا، من المهمّ أن نلاحظ أنّ أحد المواضيع الأكثر إثارةً للجدل اليوم في إطار النقاش حول الحريّة الدينيّة هو ارتباطه بحريّة التحوّل إلى ديانة أخرى.
لكلّ هذه الأسباب، يبدو التأمّل بالحريّة الدينيّة وممارستها الآن أكثر صعوبة بكثير ممّا كنّا نتوقّع، بل سيّما بعد الإعلان المجمعيّ الصادر عن المجمع المسكوني الفاتيكان الثاني قبل خمسين عاما والمتعلق بالحرية الدينية.

[1]   The Price of Freedom Denied. Religious Persecution and Conflict in the Twenty-first Century, Cambridge University Press, New York 2011.

 

بحسب الكاردينال أنجيلو سكولا، رئيس أساقفة ميلانو – إيطاليا ورئيس مؤسّسة الواحة الدوليّة الخاصة بالحوار بين المسلمين والمسيحيين في العالم أجمع
  / زينيت
(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
سيدتنا مريم العذراء في الكتاب المقدس (1) بقلم الأب د. بيتر مدروس

سيدتنا مريم العذراء في الكتاب المقدس (1) بقلم الأب د. بيتر مدروس

أحياناً يشعر المؤمن أنّ نصوصاً قليلة من الكتب المقدّسة تذكر السيّدة العذراء مريم، منها أشرف السلام. وقد يستنتج المرء، أنّ مكانتها في التقليد والكنيسة، "أكبر" منها في كلمة الله الملهمة.

فهل هذا الانطباع صحيح؟

ردّ مار "أفرام السرياني": "لا تنافر بين العذراء والكتاب المقدّس"

يعطي العبقريّ الشمّاس القديس "أفرام" الردّ على السؤال المطروح: "لا تنافر بين السيّدة العذراء والكتاب المقدّس، اذ في مريم العذراء نجد كلمة الله المتجسّد، وفي الكتاب المقدّس نجد كلمة الله المكتوبة. وعلى هذا الأساس، يجدر بمن يقرأ الكتاب المقدّس أن يكرّم العذراء، ويجدر بمن يكرّم العذراء أن يقرأ الكتاب المقدّس".

ردّ العقل السليم والايمان القويم: تكفي عبارة واحدة في الكتاب المقدّس

نعم، يكفي أن تكون قد وردََتْ في الكتاب المقدّس كلّه، وفقط مرّة واحدة عبارة "اسم أمّ يسوع هو مريم" أو "مريم أمّ يسوع" حتى يُدرك الانسان القويم قدرها: انها "المباركة في النساء"؛ انها أفضل أمّ لأفضل ابن؛ انها هي هي دون غيرها من بنات حواء التي اختيرت لهذا المنصب الرفيع.

العذراء مريم منذ الأزل في المخطّط الإلهي الخالق المنقذ

ما أتى اختيار مريم صدفةً ولا اعتباطا. منذ الصحيفات الأولى من أوّل سفر في الكتب المقدّسة، منذ "التكوين" وصورة العذراء حاضرة في الفكر الربّاني: "قال الله للحيّة: "سأجعل عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، وهو يسحق رأسك وأنتِ ترصدين عقبه" (تكوين 3 : 15).

يحلّل قوم أنّ "المرأة" هي حوّاء، وعليه يكون "نسل المرأة" يشمل كلّ الناس. بناءً على هذا التفسير، يعني النص أنّ هنالك عداوة بين الآدميين من جهة، والأرواح الشريرة من جهة أخرى، ولكن الآدميين سيسحقون رأس الشر أي الشيطان وأعوانه. ولكن الواقع مع الأسف يبيّن خلاف ذلك. ولو أخذ المرء جدلاً هذا التفسير، يمكن أن يضيف عليه: اذا كانت المرأة حوّاء، فإنّ المسيح الانسان له المجد هو نسل حوّاء (وطبعاً عن طريق مريم) وهو أي المسيح يسحق رأس الحيّة القديمة. باختصار، المسيح نسل المرأة أي نسل حوّاء ، أو المسيح نسل حوّاء الجديدة. وهي بنت حوّاء القديمة (وسلطانتها) أي السيّدة مريم البتول منها السلام.

العداوة نحو العذراء

ظهرت بشاعة تلك العداوة في التلمود ، وفي كتابات الوثنيين المناهضين للمسيحيّة المحتقرين لها ، أمثال الفيلسوف الروماني سيلسيوس. وكما كتب كلّ من القديس "ايريناوس" والعلاّمة "أوريجانوس" : "ان الايمان ببتولية العذراء شيء ربّاني" – بمعنى ان إنكار تلك البتولية شيطاني.

وتفنّن التلمود من ناحية، وشيلسيوس من ناحية أخرى، في طعنهم للعذراء ولابنها المسيح، وتمّ تلاعب بالألفاظ. فوُصف يسوع بأنه "ابن بانثيرا" (ولعلّه جندي روماني). وكان ذلك التهكّم، أقوى اثبات لبتولية مريم بما أن لفظة "بانثيرا" تحريف مقصود لكلمة "بارثينو" أي "البتول". المسيحيون الناطقون باليونانية أشاروا الى السيّد المسيح، انه ابن ال "بارثينو" أي العذراء، فأراد الخصوم أن يقهروهم وقالوا: لا، بل ابن بانثيرا. وفي هذه الحالة شهد الأعداء بالفضل كما حصل مع التلمود البابلي (سنهدرين 43 أ)، عندما ادّعى: "عُلّق يسوع عشية الفصح لأنّه أغوى اسرائيل بالسحر". وفي هذا الاعلان شهادة على صلب المسيح وعلى معجزاته، وإلاّ لما اتّهمه العِدى بالسحر والشعوذة. ويلحظ المرء أن ما من أحد طعن في عفاف السيّد المسيح، وكأنّ التاريخ يؤكّد تحدّيه المقدّس: "مَن منكم يُثبت علىّ خطيئة؟".

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
المجلس الرعويّ 1 بقلم الأب هاني باخوم

المجلس الرعويّ 1 بقلم الأب هاني باخوم

القانون 295، من مجموعة قوانين الكنائس الشرقية، يؤكد على انه "في كل رعيّة، وفقا للشرع الخاص …، يقام مجالس مناسبة لمعالجة الشؤون الرعوية والمالية". وبالفعل الشرع الخاص للكنيسة

القبطية الكاثوليكية يلزم بإنشاء ما يسمى بالمجلس الرعويّ. فما هو؟

         1- المجلس الرعويّ وهدفه:

المجلس الرعويّ هو هيئة استشارية للراعي. وواجبه تنظيم وتحسين الخدمة والعمل الرعوي في الكنيسة، وتنشيط رسالة المؤمنين، وإفساح المجال لهم للمشاركة في العمل الرسولي بطريقة أكثر فاعلية.

يكون لهذا المجلس مكتب، ويسمى "بمكتب المجلس الرعوي" وله تكوينه الخاص كما سنرى فيما بعد. مدة عمل هذا المجلس هي 3 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. ويحق فقط للأسقف الإيبارشي أن يحله.

         2- مهام المجلس الرعوي:

– يهتم بكل أنشطة الرعية، وتنشيطها، وتقييمها، واقتراح التوصيات العملية بشأنها. يرعى التكوين الديني لأبناء الرعية، وتقديس حياتهم، وسلوكهم حسب كلمة الله وتعليم الكنيسة.

يتعرف على احتياجات وتطلعات أبناء الرعية، ويعمل على تحقيقها.

يدرس الخطة الرعوية، ويضع البرامج الخاصة لتحقيقها ومتابعتها.

 يتابع الأمور المالية والمادية والمشروعات بالرعية.

يعمل على تثبيت وتشجيع روح الشركة في الرعية، ومع سائر الرعايا بالايبارشية، وبالمجلس الرعوي الإيبارشي، كما ينشّط العلاقات مع سائر المسيحيين وكافة أبناء المجتمع.

         3- كيفية تشكيله:

– يتكوّن المجلس من الأب الراعي والكهنة المساعدين، وممثلي المؤسسات الرهبانية العاملين بهذه الرعية، وممثل عن كل نشاط من أنشطة الرعية، بالإضافة إلى البعض من ذوي الكفاءات الخاصة (على سبيل المثال محاسب، مهندس ذو خبرة،……).

– كل نشاط في الرعية ينتخب من يمثله في المجلس، بالإضافة إلى من يعيّنهم الراعي بحيث لا يتجاوز عددهم ثلث المنتخَبين (بمعنى اذا كان عدد المنتخبين هو 15، فيجب ان لا يزيد عدد الذي يختارهم الراعي على 5 أشخاص).

يجب تقديم أسماء المجلس إلى الأسقف الإيبارشي للاعتماد.

         4- شروط العضوية:

– يجب أن يكون جميع الأعضاء من أبناء الكنيسة القبطية الكاثوليكية العاملين بالرعية، المشهود لهم بالإيمان القويم والحكمة، والتقوى والأخلاق الحسنة، والممارسين للأسرار المقدسة.

5- سقوط العضوية:

تسقط صفة العضوية في الحالات التالية: عند استقالة العضو من المجلس بإخطار كتابي.

– غياب العضو لأكثر من ثلاث اجتماعات متتالية، أو ستة اجتماعات غير متصلة بدون عذر مقبول.

– إذا فقد العضو سبب عضويته (بمعنى انه كان منتخب من نشاط معين، ولكنه ترك هذا النشاط بعد ذلك)، أو أخلّ بشرط من شروط العضوية.

– إذا قام العضو بفعل من شأنه أن يلحق بالمجلس أو بالكنيسة ضررا أدبيا أو ماديا.

– إذا انتقل العضو للإقامة خارج حدود الرعية.

في احد الحالات السابقة، يقرر المجلس بالأغلبية (أكثر من النصف) سقوط العضوية، ويخطر العضو كتابة بسقوط عضويته، خلال خمسة أيام من تاريخ صدور قرار المجلس. ويتم استبداله بعضو آخر من نفس الفئة.

         6- اجتماعات المجلس

يعقد مجلس الرعية اجتماعاته شهرياً، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، أو بناء على دعوة الأسقف الإيبارشي. يكون الاجتماع صحيحاً بحضور الأغلبية المطلقة (أكثر من النصف)، وفي حال عدم اكتمال العدد يتم الانتظار لمدة ساعة وبعدها يكون صحيحا بحضور ربع الأعضاء على الأقل.

يقتصر جدول الأعمال على مناقشة أوضاع الأنشطة، وكل الشئون الرعوية، والمواضيع التي يقترحها الأسقف الإيبارشي فقط لا غير.

تدور المناقشات بروح المحبة والتشاور. وتؤخـَذ القرارات بالأغلبية المطلقـَة للأصوات (أكثر من النصف). ولا تصبح نافذة إلا بموافقة الأب الراعي عليها. وفى حالة الاختلاف، يؤجّل البت في الأمر إلى الاجتماع التالي. وإذا تكرر الاختلاف، يرفع الأب الراعي الأمر إلى الأسقف الإيبارشي للتقرير.

في العدد القادم سنكمل هذا الموضوع فيما يخص المجلس الرعوي.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
يسوع التاريخ ويسوع الخرافة (1) بقلم الدكتور روبير شعيب

يسوع التاريخ ويسوع الخرافة (1) بقلم الدكتور روبير شعيب

تقوم وسائل الإعلام من وقت إلى آخر بزرع أخبار يعرف الصحفيون كيف يضفون عليها طابع الإثارة بغية لفت الانتباه والـ "كليك" والـ "لايك". فعالم الصحافة يعيش غالبًا من تهافت

 القراء وما يحمل ذلك من أرباح من خلال الدعايات، إلخ.

من بين هذه الأخبار، ورد مؤخرًا خبر أثار حشرية بعض قرائنا وطلبوا إلينا الرد والتعمق: خبر المخطوط الذي يتحدث عن "زوجة يسوع"!. نظرًا لمسائل كانت طارئة أكثر (مثل زيارة البابا إلى لبنان وأحداث مشابهة) لم يتوفر لنا الوقت لتكريس الوقت للإجابة والتعمق بهذا الموضوع، ولكننا وعدنا بتكريس دراسة خاصة في هذا الموضوع.

سيكون اهتمامنا في هذه السلسلة من المقالات، لا أن نجيب على تلك "الحشرية" وحسب، بل أن نعطي القراء وسائل أفعل ونظرة أوسع تمكنهم من فهم السبل التي من خلالها يمكننا أن نتأكد من هوية يسوع. كما فعلنا في المقالة السابقة حول إنجيل برنابا المنحول (راجع: الحقيقة وراء الإنجيل المنحول الذي اكتشف في تركيا)، لن نعمد إلى تحريك العواطف بل إلى البحث المنطقي، التاريخي والعقلاني. لن نعتمد على أفكار معطاة سابقًا دون معيار قبول منطقي، لقناعتنا بأن الإيمان، رغم أنه يفوق العقل، إلا أنه لا يناقضه.

سنفتتح المقالة بتعليق أولي على "حادثة" مخطوط زوجة يسوع.

* * *

أولاً: "زوجة يسوع" القبطية

 تصدر أخبار جرائد وتلفزيونات الكثير من بلدان العالم في القسم الثاني من شهر سبتمبر خبر أشار إليه البعض – مرة أخرى – إلى أنه خبر سيشكل ثورة ثقافية، دينية، اجتماعية… فبعض من العناوين الكثيرة كان: "يسوع يتحدث عن زوجته في مخطوط يعود إلى القرن الرابع"، "الكتاب المقدس [!!!!] يتحدث عن زوجة يسوع" (علامات الاستفهام بين [ ] هي من إضافتنا)، "مؤرخة تشير إلى أن مخطوطًا يعلمنا بوجود زوجة يسوع"، "مقابلة مع العالمة التي اكتشفت زوجة يسوع"… والحبل على الجرار…

مرة أخرى، يريد الصحفيون أن يغتنموا موجة الفضول العلمي ليجذبوا القراء، ومرة أخرى يترتب علينا التروي للنظر بشكل أعمق كي لا نكون قصبًا تتراقص به الأهواء كما تشاء. ماذا حدث؟ وما هو الخبر وراء الأخبار؟

الحدث وراء الأخبار والدعايات

في 18 سبتمبر 2012، قامت الباحثة في جامعة هارفرد، السيدة كارن كينغ، خلال المؤتمر العالمي العاشر للدراسات القبطية، في المعهد الآبائي الحبري "أغوسطينيانوم" على بعد بضعة أمتار من بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، بتقديم قطعة صغيرة من مخطوط تقوم حاليًا بدراسته. حجم المخطوط الذي تقوم كينغ بدراسته هو تقريبًا بحجم بطاقة مهنية صغيرة.

في هذه "البطاقة" نجد بضعة سطور غير متكاملة من اليمين ومن اليسار وترجمة هذه العبارات هي التالية:

… لا لي، أمي وهبتني الحياة…

… قال التلاميذ ليسوع…

…أنكر. مريم (لا) تستحق ذلك…

…وقال لهم يسوع: زوجتي…

… ستتمكن من أن تكون تلميذتي…

… فلينتفخ المنافقون…

… أما أنا، فأبقى معها لكي…

… صورة …

وقد صرحت العالمة بمنهج علمي دقيق بأن النص كما هو "لا يقدم لنا برهانًا على أن يسوع التاريخ كان متزوجًا وذلك نظرًا لتأريخ النص المتأخر". فالمخطوط الذي تقدمه الباحثة قد يعود بحسب رأيها إلى القرن الرابع بعد المسيح، وهي ترجح أن يكون النص نسخة لنص سابق يعود إلى منتصف القرن الثاني. وعليه يبقى كلا النصين بعيدين جدًا عن الواقع التاريخي المتعلق بيسوع، ولذا يفتقران، على أي حال، إلى السلطة التاريخية التي تؤهلهما أن يقولا شيئًا عن يسوع التاريخ.

جل ما يستطيع النص أن يقدمه لنا – إذا كان أصليًا – هو نظرة إلى النقاش الذي ربما كان قائمًا في القرن الثاني حول يسوع، إذا كان متزوجًا أم لا. يجدر الذكر أن أكليمنضوس الإسكندري، في مطلع القرن الثاني نفى قطعيًا أن يسوع كان متزوجًا.

هذا وبينما قامت وسائل الإعلام باستعراض الموضوع باعتبارات وعبارات مثيرة للفضول والأحاسيس، يبقى بحث "كينغ" معرض التدقيق العلمي من قبل دارسين وباحثين في علم الآثار وعلم اللغة القبطية القديمة. فكما هو الحال مع أي بحث علمي، فقط بعد أن يحظى النص بالقبول العلمي المرتكز بدوره على معايير موضوعية تشكل مرحلة التدقيق المعروفة بـ peer review، سيمكن نشره في " Harvard Theological Review "… والأمر كذلك ببساطة لأن كينغ عينها عرضت الموضوع لا كنتائج أكيدة، بكل كمسألة تحتاج فيها هي أيضًا لملاحظات وأبحاث وتقييم العلماء الآخرين.

هذا وقد أوردت كينغ أن بعض الزملاء الباحثين عبّروا عن تحفظاتهم بشأن قدم المخطوط الذي قد يكون نسخة متأخرة. من بين هؤلاء البحاثة هناك أسماء شهيرة في هذا المجال مثل: إيميل، فانك، سوسيو، أورلاندي، بوتزي). ولذا سيتم إخضاعه حاليًا لفحص المداد وللامتحان الكاربوني. ولا يستبعد البعض منهم أن يكون كل النص مجرد نص غير أصلي. الأمر الواضح مباشرة هو أن هذا النص يأتي من سوق المخطوطات القديمة دون معرفة أصله وفصله، وكيف تم حفظه حتى الآن (بعكس مخطوطات ناج حمادي التي نعرف من أين أتت وكيف حُفظت).

ولكن بغض النظر عن مسالة أصالة النص وقدمه أو عدمها ، نود أن نستعرض مكنونه وما يقوله بالتحديد وكيف يمكننا فهمه بطريقة مبدأية.

(يتبع)

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مقابلة مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي (1)

مقابلة مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي (1)

أعلن البطريرك بشارة بطرس الراعي لراديو الفاتيكان قائلًا إنّ التحدّي الأساسي في لبنان هو إعادة بناء الوحدة الداخليّة كما شدّد على دعم الإخوة المسيحيّين في الشرق الأوسط.

وكان قد عُيّن بطريرك إنطاكيا والشرق الأوسط السابع والسبعين كردينالًا خلال مراسم ترأٍّسها بندكتس السادس عشر يوم 24 نوفمبر.

* * *

كيف تلقّيت خبر تعيينك كردينالًا؟

الكاردينال بشارة الراعي-  تلقّيت الخبر بفرحٍ كبير وشكر أكبر لقداسة البابا الذي أرادَ أن يقومَ بهذه الخطوة من أجل لبنان والكنيسة في لبنان. وسأفعل ما في وسعي كما تمنّى البابا، لمساعدة جماعتي الكنسية في النموّ في الشركة والشهادة. لقد تلقّى الجميع في لبنان وخارجه الخبرَ بحماسةٍ وقد تمّ فهمه كدعمٍ للكنيسة في هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ بها في لبنان والشرق الأوسط. ولهذا وصل عدد المشاركين الآتين إلى روما حوالي الخمسمئة من لبنان ودول أخرى ليعبّروا عن فرحهم وشكرهم لقداسة البابا. وترأّس الوفد في زيارة الحجّ هذه رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة الذي أتى ليشكرَ قداسة البابا.

وأنا اعتبر تعييني كردينالًا بمثابة تشجيع جديد للعمل التبشيري الذي يمكن أن نغذّيه في كنيسة لبنان والكنائس الشرقيّة. كما نأمل أن نتقدّم أكثر فأكثر. وقد عبّر المسلمون أيضًا عن هذا الحماس وقد تمّ تمثيل الطوائف جميعها والأطراف السياسيّة كلّها علامة للمجتمع اللبنانيّ المتماسك. ولكن للأسف أنّ الأمر يختلف في السياسة. إنّ لبنان يخضع لأزمات المنطقة وتداعياتها الدوليّة وهذا بالإضافة إلى مشاكله الداخليّة. فلهذا، تُعتبر هذه اللحظة لحظةَ فرحٍ وانتعاش.

ما هي التحديّات الكبرى التي ستُواجهك في لبنان؟

لقد اخترتُ مشروع "الشركة والمحبّة" حينَ أصبحت بطريركًا لأنّ مجتمعنا اللبناني والشرق الأوسطي بحاجةٍ لأن يتوحّد فالشركة مع الله والوحدة بين بعضنا البعض. فنحن بحاجة أكبر فأكبر إلى الشركة والمحبّة لأنّنا نعيشُ في صراعات كثيرة وفي انقسامات سياسيّة عدّة. يعيشً اللبنانيّون المسيحيّون والمسلمون من مختلف الجماعات حياةً اجتماعيّة جيّدة إلّا أنّ السياسيّة هي التي تتدخّل وتخلق صراعات ونقص في الثقة وهذا ما يؤثّر على الحياة العامّة لأنّ المؤسّسات معطّلة.

كما إنّنا نواجهُ مشكلةً اقتصاديّة واجتماعيّة كبيرة بسبب الأزمة السياسيّة. فالتحدّي الأصعب يكمن إذًا في الاستمرار والمضي قُدمًا والولادة الجديدة وإعادة بناء وحدة داخليّة ودعم المسيحيّين في الشرق الأوسط عبرَ خلق علاقات أقوى مع المسلمين فنخفّف من حدّة التوتّر الذي يُسبّبه التعصّب والراديكاليّة في المواقف. هذه هي التحديّات الأصعب التي علينا مواجهتها.

(يتبع)

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإيمان في عالم اليوم (1) بقلم الأب فرنسوا عقل

الإيمان في عالم اليوم (1) بقلم الأب فرنسوا عقل

انطلقت السّنة الإيمانيّة التي أعلنها قداسة البابا بنديكتوس السّادس عشر في البراءة الرّسوليّة "باب الإيمان" في الحادي عشر من الشّهر المنصرم، بمناسبة الذّكرى الخمسين

لافتتاح المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، وأطلقت معها دعوةَ-عودةٍ متجدّدة إلى جذور الإيمان بالرّبّ يسوع المسيح مخلّص العالم الأوحد، في زمن تختبر فيه البشريّة مرحلة جديدة من تاريخِها الحافل، مفعمة بتغييرات كبيرة وسريعة، تمتدُّ شيئا فشيئا إلى كلّ الأقطار، يسبّبها الإنسان بفضلِ ذكائه الثّاقب وعمله المبدع من دون الانتباه إلى إمكانيّة ارتدادها عليه، وعلى أحكامِهِ ورغائبهِ الشّخصيّة والجماعيّة، وذهنيّته وأفعاله، ممّا قد يُحدث تبديلا عالميّا جذريٍّا من النّاحيتين الثّقافيّة والاجتماعيّة يكون له الأثر الواضح -بطبيعة الحال- على الحياة الدّينيّة[1]. إنّ موضوع الإيمان في الواقع،  ليس بجديد؛ وفي حديثنا عنه الذي نتداوله مرارا وتكرارا، على حدّ قول اللاهوتي الألمانيّ الشّهير كارل رهنر (Karl Rahner)  ربّما نقع ببعض الملل الفكريّ جرّاء سماع العبارات عينها، والأفكار ذاتها، والنّصوص نفسها، فنشكو ممّا أسماه في أحد كتبه، رتابة الصّيغ اللاهوتيّة التي لا تحصى routine des innombrables formules théologiques” “la، والوصفات الخلقيّة التيّ طالما تلقنّاها وتلقّيناها من دون أن نفهمها في أغلب الأحيان[2].

لأجل ذلك، لم يعد من الجائز لنا أبدا في عصر العلم والتّكنولوجيا العملاقة، عدم الشّروع في إتقان لغة عالم اليوم و"مسحنتها" بغية استخدامها كوسيلة تواصل إيمانيّ عصريّ مع أبناء هذا الجيل، في سبيل "أنجلة" جديدة تحمل المسيح المخلّص إلى كلّ إنسان نلتيقه.

I.            تعريف الإيمان بالمطلق

الإيمان في معناه الواسع، طاقة فطريّة هائلة، تولد مع الإنسان وتميل به إلى أبعد من المنظور والمحسوس؛ لكنّها قد تحتاج واقعيّا إلى بسط شراعها في الإتّجاه الصّحيح. أمّا في معناه الضّيق، فهو هبة من الله، بلفضيلة فائقة الطّبيعة يزرعها الخالق في قلب الإنسان، ثمّ محاولة التصاق هذا الأخير به التصاقا شخصيّا، عبر حياة روحيّة عميقة، والقبول الحرّ لكلّ الحقيقة التي أوحى الباري بها. فهو بإيجاز، عطيّة من الله وفعل إنسانيّ أصيل[3]، على قاعدة الكاتب التشيكيّ فرانز كافكا (Franz Kafka): "يهب الله الجوز، لكنّه لا يقشّره".

II.            الإيمان المسيحيّ

إنطلاقا من المفهوم الواسع للإيمان تؤكّد الكنيسة الكاثوليكيّة أنّه عطيّة من الله على ما جاء في العهد الجديد بفم رسول الأمم "بنعمة الله نلتم الخلاص بالإيمان. فما هذا منكم بل هو هبة من الله" (أفسس 2: 8). و"هو الوثوق بما نرجوه وتصديق ما لا نراه…" (عب 11: 1). كلمة حياة هو، تُتناقل وتنتشر وتنمو بالنّعمة والحكمة، لأنّ "الإيمان من السّماع" (رومية 10: 17)… ربّما لم نذهب إلى الصّين قطّ، ولكننا نعلم أنّها موجودة؛ ونحن لم نذهب إلى السّماء بعد، فيما نعرف أنّها موجودة! و"طوبى لمن آمن ولم يرَ" (يو 20: 29) قالها يسوع…

أمّا ما يميّز الإيمان المسيحيّ عن الإيمان عموما، فهو أنّه إيمان بالآب وبمن أرسل؛ أي بيسوع المسيح الذي قال: "أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي أيضا" (يو 14: 1)… "الله لم يره أحد قط. الإبن الوحيد الذي في حضن الآب هو أخبر" (يو 1: 18)… " آمنوا بالنّور ما دام لكم النّور، فتكونوا أبناء النّور" (يو 12:36)… "آمن بالرّبّ يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال 16: 31). ثمّة ضرورة قصوى للإيمان بيسوع المخلّص لأجل الحصول على الخلاص[4].

والإيمان بالسّيّد المسيح من دون الإيمان بروحه وروح الآب أي الرّوح القدس أمر غير ممكن من النّاحية الإيمانيّة المسيحيّة. إذ "لا يعلم أحد ما في الله إلاّ روح الله" (1 كور 2: 10-11)؛ و"لا يستطيع أحد أن يقول يسوع ربّ إلاّ بالرّوح القدس" (1 كور12: 3).  فهو إذاً، إيمان بالله الواحد والثّالوث، يجب التّعبير عنه بالأعمال الحسنة، إذ "كما أنّ الجسد بلا روح ميت، كذلك الإيمان بلا أعمال ميت" (يعقوب 2: 26). وقد استوقفت هذه المسألة الأديب والشّاعر الفرنسيّ فيكتور هيغو  (Victor Hugo)إذ كتب: "أفعالنا تصنعنا أو تفسدنا، فنحن أبناء أعمالنا".

[1]  راجع، دستور راعويّ في الكنيسة وعالم اليوم (ك ع)،  4.

[2] Cf. Karl Rahner, Vivre et croire aujourd’hui, (Traduit de l’allemand par Jean Evrard et Henri Rochais), Desclée De Brouwer, Paris, 1967, p. 54.

[3]  راجع، التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة (ت م م ك) ، 150، 153، 154.

[4]  (ت م م ك)، 161.

زينيت

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
نظرة وراء كواليس صياغة “تعليم الكنيسة الكاثوليكية” (1)

نظرة وراء كواليس صياغة “تعليم الكنيسة الكاثوليكية” (1)

طرح سينودس الأساقفة عام 1985 فكرة العمل على تعليم جامع للكنيسة الكاثوليكية وذلك بمناسبة ذكرى المجمع الفاتيكاني الثاني العشرين. وقد عبّر الأساقفة عن رغبتهم هذه إلى يوحنا بولس الثاني

 الذي جعل منها واقعاً.

كان الكاردينال الأرجنتيني إستانيسلاو استيبان كارليك من بين أعضاء لجنة الصياغة ويبلغ عمره اليوم 86 سنة وهو يخبر قرّاء زينيت عمّا حصل خلال مرحلة الصياغة التي لا يعرف الناس عنها الكثير.

زينيت – نيافتك، قبل تعليم الكنيسة الكاثوليكية هذا، كيف كان التعليم العالمي؟

الكاردينال كارليك – لم يشهد تاريخ الكنيسة سوى تعليم واحد والذي يعود إلى  القديس بيوس الخامس والذي عرف بتعليم مجمع ترينتو أو تعليم كهنة الرعية والذي تمّ نشره بعد فترة قصيرة على اختراع آلة الطباعة.

كان بمثابة مثال عن الجرأة الكبيرة. أمّا تعليم الكنيسة الكاثوليكية اليوم فقد شهد تحديثات حسّنته وليس فقط كونه قبل من  التعليم البابوي آنذاك، إنّما لأنّه يتناول المشاكل المعاصرة.

إنّ تعليم ترينتو وتعليم الكنيسة الكاثوليكية هما الوحيدان اللذان قبلا من البابا ووجّها إلى الكنيسة بأكملها على طول التاريخ.

كيف ولدت فكرة تعليم جديد؟

خلال الاحتفال بذكرى المجمع الفاتيكاني الثاني العشرين، وجد سينودس الأساقفة لعام 1985 أنّه من الضروري تطوير خلاصة لعقيدة الكنيسة بالكامل عن الإيمان والأخلاق. وهذه الخلاصة ستكون بمثابة مرجع لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية التي سيتوجب ترجمتها في جميع أنحاء العالم للتقرّب بشكل أفضل من الثقافات المختلفة. وبعد 500 سنة من صدور التعليم العالمي السابق، تبيّن من الجيد تحضير خلاصة عن التعليم الرسولي للاجابة عن الأسئلة الأساسية للثقافة المعاصرة التي تتناول موضوع الله والإنسان والعالم.

في عصر المجمع، عرضت فكرة تعليم جديد إلّا أنّها لم تلق النجاح. ومع سينودس الأساقفة عام 1985، وجدت الفكرة مفيدة ووافق عليها البابا.

ما هي الخطوات الأولى في تحضير تعليم الكنيسة الكاثوليكية؟

اختار قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مطلع عام 1986 لجنة من 12 كاردينالاً وأسقفاً ليتكفّلوا بالقيام بالعمل بكامله كما عيّن لجان من 7 أعضاء مع أمانة سرّ للصياغة. ترأّس هاتين اللجنتين آنذاك الكاردينال راتزينغر الذي نظّم اللقاءات بشكل جيّد. علاوة على ذلك، أعرب المشاركون عن رغبتهم في إنشاء تمثيل لعالميّة الكنيسة.

وأنت أيضاً قد دُعيت لصياغة تعليم الكنيسة الكاثوليكية…

نعم، وقد كان ذلك لشرف عظيم لي. تسجّلت في لجنة الصياغة لاحقاً بعد أن كانت قد تشكّلت. والعضو الثاني الذي دخل إلى اللجنة كان الكاردينال الحالي شونبورن وهو أيضاً أستاذ لاهوت في سويسرا. عند وصولنا، كانت اللجنة قد حضّرت نصاَ أولياً لنعمل عليه. بعدها، وزّع العمل على الفرق الفرعية وتمّت مناقشته خلال اجتماعات لاحقة. وبالتالي، تمّت صياغة النص في المرّة الأولى وتبعته تسع نسخات أخرى.

كيف تمّت استشارة كنائس القارّات الخمس؟

تلقّت أبرشيات العالم بأكلمه نسخة منقحة توافقت والطلب العالمي وقد حضّرت بطريقة لتستعمل الملاحظات التي سترد عليها. وقد بلغ عدد الأجوبة حوالى 25 ألف إجابة وهو رقم كبير جداً.

ماذا فعلتم بهذه الأجوبة؟

عقدنا اجتماعاً طويلاً في ضواحي روما لدراسة هذه الأجوبة. وقد دققنا في الإجابات واحدة تلو الأخرى حتى تلك التي وصلت بعد الوقت المحدد. منحتنا وحدة الإيمان بين مختلف أقسام الكنيسة شعوراً لا يوصف، عند رؤيتهم يوافقون على النص ويتطلّعون إلى الحقيقة ويفتشون عن تعابير مناسبة بأفضل شكل ممكن للتعبير عن السرّ المسيحي المكشوف.

كان ذلك بمثابة لحظة حاسمة في عملية التحضير وعملاً دقيقاً لم نكن لنستطع تنفيذه بدون نعمة الله وبفرح سكين وعميق، مثلما وصفه الأساقفة المشاركون.

* * *

نقلته إلى العربية ريتا قرقماز / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الإرشاد الرسولي …    ناقوس خطر أم خوذة خلاص (1)

الإرشاد الرسولي … ناقوس خطر أم خوذة خلاص (1)

هاهو ذا الإرشاد الرسولي… هاهي ذي وثيقة وخلاصة مناقشات آباء         

سينودس الأساقفة لكنائس الشرق الأوسط "شركة وشهادة" بين أيادي رؤســـــــاء          

كنائسنا الأجلاء، ومؤمني رعايانا الأحبة… إنه هبة السماء لأبناء هذه البسيطة، وسراج لكنائس مشرقنا، ليضيء لشعوبها بمسيحييها ومسلميها وطوائفها الجالسيـــن  في انتظار نهاية الصراع (لو26:21)، ليكونوا من يقين بأن الحياة أُعطيت لهم وأُفيضت بالمسيح يسوع (يو2:17)، فقد أحبّ خاصته (يو1:13)، أحبهم إلى الغاية (يو1:13)، أحبهم كلهم فكان للكلّ كلاًّ (1كو22:9)... وهذا كان ديدن قداسة البابا بندكتس السادس عشر… جاء إلى شرقنا المتألم لكي يكون مسيحاً مُحباً إلى الغاية (يو1:13)، بعيداً عن الطائفية والعشائرية والقومية والعنصرية والاستغلالية والغنى والفقر… جاء فسكن بيننا بالجسد (يو14:1)، وأفاض بمواعظه نعماً وخيراتٍ وبركات، ووعد كنيستنا بأن يكون معنا بروحٍ معزٍّ ومدافع (يو16:4-17)، وفسّر لنا الكتب بمعناها الأكيد في الشهادة والشركة، من أجل مسيرة واحدة وحوار واحد وهدف واحد ألا وهو الإنسانية.

       إنه بيننا

          نعم، حلّ الزائر الأبيض _ قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ على أرض لبنان المقدسة، وبحلوله أعلنت نواقيس الكنائس وأجراس المعابد إعلاناً واحداً أنه "آتٍ بمجدٍ عظيم" (متى30:24)، وباسم الرب (يو13:12)… ما أجملها من ترتيلة… إنها سبيل الشهادة… وصوتٌ ينذر بمجيء نائب المسيح… يوصي بالتهيئة والإعداد لطرق الرب وجعل سبله قويمة (متى3:3)… وكم كنتُ أتمنى أن تُدَقّ نواقيس كنائس شرقنا في توقيت واحد وميعاد واحد كي تكون رمزاً واحداً، وصورةً وشركةً لمحبة رجال كنائسنا، وعلامةً لاتفاق رؤسائنا، ومؤمنينا، ومدبّرينا، ورمزاً لأبراج معابدنا… فلبنان يعني شرقنا، بلداناً وشعوباً، بمسلميها ومسيحييها، بعربها ويهودييها، بأكرادها وطوائفها… فإليها وفيها ومنها تنطلق مسيرة وثيقة الإرشاد الرسولي لتكون دماءً حية في عروق أبناء هذا المشرق الشاهد على حقيقة الإيمان.

       شجاعة إيمانية

          نعم، أقولها، إن البابا قد أحسن قراءة مسيرة تاريخ مسيحيتنا في الشرق وقضية وجودنا فيه، واستدرك أن الآتي ربما يكون خطة ممنهجة، مدروسة، منظَّمة، لتفريغ الشرق الأوسط من سكانه الأصليين، حاملي اسم المسيح، من أجل رسم خريطة جديدة لواقع البشر الأناني، لغايات ومصالح. فالقرار صعب، وتنفيذه بحاجة إلى شجاعة إيمانية تقف ندّاً أمام الذين يستغلون خيبة أبناء الشرق، فيجعلون من ربيعهم خريفاً مؤلماً كما حصل في العديد من بلداننا الشرق أوسطية، بدءاً من عراقنا الرافديني ومروراً بمصر الكنانة ووصولاً إلى سوريا… ولا زالت المسيرة المؤلمة تدور فصولها مما يجعل من مسيرة الحياة ناقوساً يعلن خطر البقاء وفراق المثقفين وتشتيت المتعايشين بدلاً من أن يجمعهم لصلاة واحدة وفي معبد واحد وتحت اسم واحد ولوطن واحد.

 

       في عليّة الفاتيكان

          أمام هذه القراءة، اعتبر المعنيون بشؤون مسيحيي الشرق أنفسهم، من رؤساء وقادة كنسيين وروحيين ومدنيين، أنهم بحاجة الى من بسندهم لتحمل هذه المسؤولية التاريخية، فكان قداسته حريصاً، بل أكثر حرصاً وأعمق فكراً وأفهم وعياً، على مسيحيي الشرق من أولئك أنفسهم، فكان معهم في علية الفاتيكان (مر15:14)، وأعلمهم قائلاً:"أن هذا الشرق وطنكم، ومسؤوليته تعود إليكم، وخلاص مسيحييه يأتي من وحدتكم وشركتكم وشهادتكم، وليس اللهو والضياع في تفاصيل صغيرةومصالح انفرادية وغايات زمنية "… فالحياة هي انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء، وإن كان الفاتيكان يملك نظرة استراتيجية لهذا البُعد المسيحي وأهمية المسيحية المشرقية.

       سؤال وإرشاد

          ضمن هذه المسؤولية ترتفع أصوات المتعَبين والثقيلي الأحمال (متى28:11)، قائلين ومستفسرين: أين هو الإرشاد الرسولي؟، ماذا يقول لنا؟، ماذا يحمل إلينا؟، ما هو واجبنا؟، هل نحن بحاجة إلى إرشاد ثالث جديد إن كان هذا لا يفتح لنا باب السلام ويحملنا إلى أرضٍ تدرّ لبناً وعسلاً؟، هل سيعطي ثماره كي نتذوقها؟، هل سيصفّ لنا مائدة الهناء، ويلغي المسافة الشاسعة بين الرؤساء والمرؤوسين، ويقرّب القائمين على معابد إيماننا بعضهم عن البعض الآخر من أجل كلمة واحدة وهدف واحد؟، هل سيمحو الإرشاد من قاموس مسيرتنا، البغض والحقد والكراهية والانتقام والأنانية وغايات النفس وادّعاءات المرائين والمزيفين والذين يجعلون من أنفسهم حملاناً وهم في داخلهم ذئاب خاطفة بل مفترسة (متى15:7)، شياطين تتفوّه بآيات مقدسة لتغشّ سامعيها وناظريها من أجل رسم خريطة مسيرتهم كما يشاءون، فيؤلّهوا مَن يشاءوا؟… إنها العولمة المدمِّرة والعلمانية البائسة عبر ثقافة عصر الانحطاط والمادية المزيفة وفي العلمنة القاتلة، ويزيدوا في أقوالهم أنه قد مرّت سبعة عشر عاماً على الإرشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، وعامان على هذا الإرشاد الأخير، لكن معظم التوصيات التي يرشدان إليها بقيت حبراً على ورق.

          نعم، ربما يكون الحديث مهماً في الأسئلة، ولكن المهم جوابنا على هذه الأسئلة. لنسأل أنفسنا: كيف تهيّأنا وكيف سنتصرف مع فقراته، أساقفة وكهنة ومؤمنون؟، فالبابا أتى ليشدد عزائمنا، وحمل إلينا رسالة محبة عظيمة وسلام أكيد ووئام ثابت… هل نتذوق فعلاً من ثمار الإرشاد الرسولي، فهو بنا ومعنا، وكلانا في المسيح نحمل هذه الثمار (متى16:7)، وبدون المسيح لا يمكن أن نعطي ثماراً (متى17:7)… فالإرشاد لنا كلنا وليس لفئة، كي نكون قلباً واحداً ونفساً واحدة (أع32:4).

       رحلة الإرشاد أم إرشاد الرحلة

          تسليم الإرشاد الرسولي إلى رؤساء كنائس الشرق الأوسط مغامرة إيمانية، حوارية، وجودية، إنسانية، مسكونية، حقوقية… هذه كلها قادت البابا بندكتس السادس عشر إلى المنطقة، ولم يبالِ قداسته بموجات التطرف ودعوات الإرهاب وقرارات التكفير رغم الزمن الصعب، وهذا ما جعل أن تكتسب زيارة قداسته إلى لبنان معنىً رعوياً بامتياز في زمن العولمة المُتعَبة والربيع المؤلم، عملاً وتكميلاً لما قاله يوماً البابا العبقري العظيم لاون الثالث عشر، وذلك في عظة الميلاد:"أيها المسيحي أعرف قيمتكَ وكرامتكَ"… إنها علامة تشجيع لمسيحيي لبنان وسائر المشرق، حيث أنظار العالم متجهة كلها إلى هذا الشرق المسيحي لأنه يدعوهم كي يعودوا ويكتشفوا مكانتهم الروحية ورسالتهم التاريخية ومسيرتهم الوطنية، ويقضوا بذلك على نزيف الهجرة في الشعور الأمين والأكيد عبر الانتصار على تجربة الشعور بالغربة في أوطانهم، مدركين جيداً مخطط إفراغهم من بلدانهم، والعمل على استسلامهم لأفكار هدّامة يروّجها الأناني والخصوم، وتتلخص كلها بأن أبناء الأعراب لا تتعايش ولا تحترم التعددية، ويستهينون بالمختلفين عن عقيدتهم، وإن كان ذلك اتّهام مرفوض.

          في هذا كله وضع البابا بندكتس السادس عشر اصبعه على الجرح الشرقي العميق، وأعلن أن المسيحيين يجب أن يكونوا حاضرين في هذا الشرق إذا هم أرادوا ذلك، وإذا أدركوا الدور الحقيقي الذي أراده منهم التاريخ وفرضته الجغرافية ورسمته الثقافة الوطنية… فالتفاعل مع قضايا المجتمع يبرر الصمود في الأرض والعكس صحيح، فالمسيحيون أبناء الشرق الأعزاء يهجرون بلدانهم عندما يشعرون أنهم أصبحوا غرباء عن قضاياهم، ولا دور لهم في صناعة مستقبلها، وربما إنهم من الدرجات الدنيئة ليس الثانية ولكن ربما الرابعة والخامسة، وكان البقاء والصدارة للقوي الذي يسيّر مَن يشاء حسب هواه.

          من هنا كان الإرشاد كتاباً مقدساً لأنه تعليم الكنيسة وآبائنا الأجلاء، وما هو إلا ملحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح، فيه رسم لخارطة المسيرة في طريق الحياة من أجل أن نكون رسل البشارة الصادقة والمُحبة… لذلك:

       الإرشاد الرسولي: يدعو الكاثوليك، بل من حقهم، أن يدركوا جيداً أنهم من السكان الأصليين ولهم حق المشاركة التامة في حياة الوطن، ويجب أن يكونوا مواطنين بدرجة امتياز لأنهم أصلاء وأصليين، لا أن يُعامَلوا كمواطنين من الدرجة الثانية بل أدنى… إنهم روّاد النهضة والثقافة في كل بلدان الشرق الأوسط، ولهم حق كرامتهم الإنسانية، ويحق لهم حرية الإيمان والدين والتعبير، وهذا ما جعلهم أن يكونوا مستقبلاً لأبناء الوطن الآخرين، وتقديم الخدمات عبر بناء المدارس والمستشفيات. ولأن الحرية الدينية _ يقول قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ هي تاج كل الحريات، وحق مقدس غير قابل للتفاوض، وتشمل الصعيد الفردي والجماعي وحرية اختيار الديانة وأن يمارسها بكل أمانة، ويعبّر عن ذلك باحترام رموزه دون أن يعرّض حياته وحريته الشخصية للخطر.

          الإرشاد الرسولي: ناقوس خطر تجاه العولمة السالبة، فقد تحدثت وثيقة الإرشاد عن العولمة والعلمانية موضحةً أن في الشرق الأوسط واقعَيْن متضاربَيْن: أولهما العلمانية بأشكالها التي تصل أحياناً للتطرف والأصولية الضيقة والتي أساساتها مبنية على أصول دينية. والعلمانية الإيجابية تعمل على تحرير المعتقد من ثقل السياسة، وإغنائها بإسهامات لازمة وضرورية. وهذا ما يدعو إلى التأكيد على الاحترام المتبادل بين السياسة والدين، أي العلاقة بين ما هو روحي وما هو زمني، وتعني أيضاً العمل بالسياسة دون استغلال الدين.

          الإرشاد الرسولي: ينبّهنا إلى قلق رعاة الكنائس الكاثوليكية الشرق أوسطية والأرثوذكسية بسبب تناقص أعداد مؤمنيهم وخاصة في الأراضي المقدسة والشرق العربي. كما كانت الوثيقة كلاماً مسهباً في هذا الصدد قائلة:"يشعر المسيحيون بالشرق الأوسط بشيء من الإحباط وفقدان الأمل والمهانة بسبب الصراعات والتي تجعل من الهجرة ملاذاً آمناً وإنْ كانت عسلاً مُرّاً وخياراً مأسوياً. فهو من ناحية يقلّص عدد السكان ويساهم في نقص الفهم الثقافي في الشرق الأوسط، والذي كما هو معروف، أنه بدون المسيحيين لا يُعَدّ شرقاً أوسطاً، لأن المسيحيين يشاركون في صنع الهوية الخاصة بالمنطقة… وهذا ما جعل البابا يشجّع ويحثّ المؤمنين للبقاء في وطنهم وعدم بيع أملاكهم.

          الإرشاد الرسولي: رسالة لزرع الثقة حينما انعدمت بسبب الأحكام المسبقة والتي بدلاً من أن تلتقي من أجل الخير العام فقد تاهت في مجالات الحقد والكراهية وحب الأنانية وبناء الفواصل القاتلة والمدمِّرة بين شعوب المنطقة، وهدم الجسور الموحِّدة بين المختلفين… فالمسلمون يتقاسمون مع المسيحيين القناعة بأن الإكراه في الدين غير مقبول خاصة إذا تمّ بواسطة العنف والذي يُستخدم لتحقيق مآرب سياسية باسم الدين، وهذا ما يؤكد أنه أداة للتمييز والعنف، ومن المحتم أنه يؤدي إلى الموت. وإن كان التسامح الديني في بعض البلدان يؤدي إلى نتيجة ملموسة، فهو يبقى محدوداً في نطاق تطبيقه، والعمل على الانتقال من التسامح الديني إلى الحرية الدينية والتي تقودنا إلى إعادة النظر في العلاقة مع الدين والله، وليست تعدياً على الحقائق المؤسِّسة للمعتقد.

          الإرشاد الرسولي: يدعونا إلى إقامة حوار مع جميع الديانات في الشرق الأوسط بعد الارتكاز على العلاقات الروحية والتاريخية والإيمانية التي تجمع المسيحيين مع اليهود والمسلمين، وما ذلك إلا دعوة كنيسة اليوم الكونية… وهذا الحوار يدعو إلى اكتشاف البعض للبعض الآخر لأنهم يؤمنون بإله واحد خالق جميع البشر. فمع اليهود ترتكز العلاقة على الإرث الروحي وذلك عبر الكتاب المقدس، والذي أجزاء كبيرة منه مشتركة، والعودة إليها يقرّبنا من بعضنا البعض، ويذكّرنا بأن المسيح يسوع عاش ومات يهودياً كما هي مريم العذراء. ففي الكتاب جذور المسيحيين، وهذا إرث تعتزّ به.

الإرشاد الرسولي: فيه حثّ البابا أن تكون الشبيبة في الكنيسة ومع الكنيسة، وخاطبهم مشدداً بقول الطوباوي يوحنا بولس الثاني:"لا تخافوا، افتحوا أبواب عقولكم وقلوبكم للمسيح"… التجذر في الأرض.نداء إلى شباب اليوم ليقيموا علاقات أمينة وصداقة حقيقية مع يسوع بقوة الصلاة والشهادة للإيمان اللتان تتيحان للقاء حقيقي مع الله ومع الآخرين في الكنيسة. لذلك على شباب اليوم _ يقول قداسة البابا بندكتس السادس عشر _ أن لا يخافوا أو يخجلوا من أن يشهدوا للصداقة مع يسوع في كل مكان، عبر المُثُل الإنسانية والروحية، كما يجب أن لا يخافوا أو يخجلوا من أن يكونوا مسيحيين. فمن خلال محبة المسيح وكنيسته _ يقول قداسته _ يستطيع الشباب أن يميّزوا بحكمة بين القيم المفيدة التي تبني الحياة، وبين الشرور التي تسمّم ببطء الحياة. ويعلّم قداسته الشباب أن الكنيسة تعتمد على إبداعهم والتزاماتهم من أجل خدمة المسيح والكنيسة والمجتمع.

الإرشاد الرسولي: إنه ينظر بأعين التقدير إلى الأخوة المسلمين، فهم يعبدون الله خصوصاً بواسطة الصلاة والزكاة والصيام، كما إنهم يقدّمون الإكرام ليسوع (عيسى الحي) كنبي. صحيح إن اللقاء بين الإسلام والمسيحية اتخذ غالباً شكل الجدل العقائدي والذي شكّل ذريعة لدى هذا الطرف أو ذاك ليبرر _ باسم الدين _ ممارسات التعصب والتمييز والتهميش وحتى الاضطهاد. وعلى الرغم من ذلك فالمسيحيون يتقاسمون مع المسلمين الحياة اليومية نفسها لأنهم جزء لا يتجزأ من الشرق الأوسط، ويتقاسمون عيش الحياة، ويعمل المسيحيون على تعزيز إيمانهم في ثقافة أوطانهم، مما نتج عن ذلك حياة تكافلية، فيها ساهم اليهود والمسيحيون والمسلمون في نشأة ثقافة غنية بالشرق الأوسط، وحوار دائم من أجل التفاهم والاحترام المتبادل. وفي هذا الصدد يشدد المجلس الحبري على أهمية الحوار لأنه الموضوع الأكيد للعيش المشترك وقبول الآخر ضمن وطن واحد ولغة نفسها وثقافة عينها.

الإرشاد الرسولي: يهدف إلى مساعدة كل مؤمن بالمسيح على أن يعيش حقيقةً ما جعلت منه المعمودية ابناً للنور. فالمعمودية اسمها سرّ الاستنارة، والإنسان ابن الله وليس ابن الشيطان. والمسيحي سراج وشمعة مضيئة في ظلمة العالم، ظلمة الكذب، ظلمة الحقد والكراهية والأنانية، ظلمة الأنا والكبرياء وخيانة الدعوة وأمانة الرسالة وعدم قبول الآخر. إنه يساعد حقيقةً على أن يكون سراج إيماننا مضيئاً دائماً، فقيمة وجودنا نحن شمعة من أجل تنقية الإيمان وأن يضمّ بهاء ونور المسيح، شركة اتحاد حقيقي بالله عبر المسيح. فإذا ما عطلت علاقتي مع الإنسان، أسأل ما هي علاقتي مع الله.

          الإرشاد الرسولي: أعطى دفعاً مسكونياً، وأقام علاقات مجددة في وحدة كاملة بين المسيحيين. وما حصل في دير الشرفة في اللقاء المسكوني في جوّ من الودّ الصريح وبراءة الحوار، ما هو إلا علامة بكل تنوعاتها، متحدة بعمق مع الحبر الأعظم، وتبين مدى صدق المحبة التي يكنّها قداسته لأبناء كنائس الشرق.

          الإرشاد الرسولي: دعوة الكنيسة إلى عيش الحب في المسيح يومياً، فتكون بذلك كنيسة بيتية، تربي على الإيمان والصلاة لأنها الخلية الحية والأولى للمجتمع على شاكلة عائلة الناصرة التي عاشت هي أيضاً محنة ضياع يسوع الطفل، وألم الاضطهاد والهجرة، ونشوة التعب اليومي. فالدعوة تكمن هنا في المساعدة على النمو في الحكمة والقامة والنعمة، وتحت نظر الله والبشر، وما ذلك إلا استسلام للمسيح عبر إرشاد الروح القدس.

          الإرشاد الرسولي: من المؤكد أن الإرشاد الرسولي يعلن أن المسيحيين يشاركون مع باقي المؤمنين في صنع الهوية الخاصة لبلدانهم، لأن الجميع مسؤولون عن بعضهم بعضاً أمام الله… صحيح هناك من أبناء الشرق الأوسط _ يقول الإرشاد _ يقررون ترك أرض أجدادهم وعائلتهم وجماعتهم المؤمنة بسبب الحاجة والتعب واليأس وغياب الاستقرار والأمل في بناء مستقبل أفضل، ولكن هناك ممتلئين بالرجاء يتمسكون بالبقاء في بلدهم وفي جماعتهم.

       خاتمـــــة

          نعم، لقد امتدح قداسة البابا بندكتس السادس عشر مسيحيي الشرق الأوسط اعتزازاً بإيمانهم بقوله:"لا تخفن، لأن الرب حقاً معكن حتى انتهاء العالم. لا تخفن، لأن الكنيسة الجامعة ترافقكن بقربها إنسانياً وروحياً"… وفي هذا أراد قداسته أن يكون الإرشاد الرسولي نقطة انطلاق وثبات في الإيمان، وشهادة في الحياة، وشجاعة في إعلان البشارة، وأن تواصل الكنائس الشرق أوسطية نشاطها الرسولي المعهود، مواصلة السير نحو الوحدة أولاً بين أبنائها وعاملة على ازدهارها ثانية. وفي نفس الرسالة تواصل تقدمها في سبيل التألق بين الكنائس والأديان المختلفة.

          فقداسته يضعنا اليوم أمام مسؤوليات الإيمان التي استلمناها من جرن العماد، ووسمت وجوهنا بميرون مقدس، لنكون جنوداً أوفياء لهذه الرسالة ثم نتعامل مع فقرات الإرشاد من أجل كنائسنا، من أجل تثبيت وتقوية هويتنا المسيحية، فنرى الرؤيا الواضحة عن معنى حضورنا ووجودنا وتقاسمنا للحياة.   فالإرشاد الرسولي حلول لا يكتمل نصابها ولا تعطي ثماراً إلا إذا عشناها، ليس فقط في داخلنا، ولكن أن نكتشف مع الآخرين الطريق الموصلة إلى عمق الحقيقة في معرفة سرّ المسيح من أجل غور سر الإنسان ووجوده ومساهمته في مسيرة الحياة بروح المحبة والحقيقة، ودعوة المؤمنين إلى أن يدركوا ويفهموا بأن الحس الإيماني لوجودهم هو رسالة سامية في مخطط الله… إنها رسالة البشارة والخلاص والمحبة.

          نعم، لنمشِ على دروب الشهادة التي سلكها المسيحيون في بلادنا الشرقية، وفي ذلك يشجعنا قداسته وجماعاتنا المسيحية كي نظلّ متجذرين في أرض أجدادنا في شراكة القلب والنفس مع جميع المؤمنين المعمَّذين، ليس فقط أمانةً وحفاظاً على الوجود والهوية والتراث، بل أيضاً كي نتابع باختيارنا حياة الشهادة والاستشهاد. وقد تميز بها عبر قرون عديدة حضور المسيحيين في الشرق… وما أجمله من كلام… بل طوبى لِمَن يدرك معناه.

          فغياب الصوت المسيحي ووجوده سبب في افتقار المجتمعات وخسارة للتعددية التي تميزت بها بلدان الشرق الأوسط… نعم، لنفتح أبواب قلوبنا وكنائسنا، فالأقفال ومفاتيحها في أيادينا جميعاً، ولنفتح الأبواب ليس فقط على مصراعيها بل بروح الشركة والشهادة والتواضع… فالإرشاد أعاد التصويب لبوصلة الحياة، وحسم الجدل القائم ومفاده بل سؤاله: أين سنكون اليوم وغداً؟… فالكنيسة هل هي كنيسة المؤمنين أم كنيسة المصلّين؟… إنها مبنية على صخرة البشارة عمرها ألفين عاماً… لذا لا يحق حتى للقيّمين على الشأن المسيحي في الشرق أن يتنازلوا عن هذا المجد الذي أُعطي لهم لأنه أرث الكنيسة جمعاء… فمجد الرسالة المسيحية أُعطي لأبناء هذا الشرق ولنرى الأيام ، أنها أفضل مستشار.

          أرجو ختاماً أن لا يكون الإرشاد لغة المثقفين وشريحة كبار الزمن ورؤساء الدوائر وكبار المسيرة… فاليوم شعبنا بسيط وبريء وجريح الحياة، ولا يحتاج إلا أن يتفاعل بقدر ما وهبه الله من النعم لكي لا يكون شعباً مسيَّراً بل مُحباً، شاهداً وشهيداً لحقيقة البشارة والحياة والإيمان… وهذا هو الرجاء في الإيمان بقوة الروح القدس (أفسس 6: 17).

          فلنأخذ خوذة الخلاص (أفسس 13:15).وسيف الروح الذي هو كلمة الله (أفسس 17:6) من أجل الإعلان جهاراً بسرّ الإنجيل الذي لأجله نحن سفراء (أفسس 19:6) بدلاً من سماع دقات ناقوس الخطر بل الفشل في الإيمان للصمود في الرجاء والعيش بالمحبة… وهذه هي البشارة الجديدة، حملها المسيح ولا زال يحملها ونحملها اليوم معه ، نحن بدورنا… فالإرشاد ملحق لإنجيل ربنا يسوع… إنه سفر أعمال آخر… ولا نخجل بشهادة ربنا (2تيمو 8:1)… نعم، وآمين.

 المونسنيور بيوس قاشا

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
نقابة الصحافة: جلسة لاعضاء الجدول النقابي في 1 تشرين الثاني لدرس طلبات الانتساب المقدمة للجنة

نقابة الصحافة: جلسة لاعضاء الجدول النقابي في 1 تشرين الثاني لدرس طلبات الانتساب المقدمة للجنة

اعلن رئيس اتحاد الصحافة نقيب الصحافة محمد البعلبكي وامين سر الاتحاد نقيب المحررين الياس عون في بيان: انه "في اجتماع حضره نقيبا الصحافة والمحررين وأعضاء مكتب نقابة الصحافة

لم يكتمل النصاب لعقد جلسة لجنة الجدول النقابي لعدم حضور اعضاء مكتب نقابة المحررين في الموعد المقرر الساعة الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الثلثاء الواقع فيه 23 تشرين الاول الجاري بسبب الظروف الطارئة. وبناء على ذلك تقرر ان يوجه رئيس لجنة الجدول النقابي النقيب البعلبكي الدعوة الى اعضاء اللجنة لعقد جلسة الساعة الحادية عشرة قبل ظهر يوم الخميس الواقع فيه الاول من تشرين الثاني المقبل للنظر في الجدول النقابي ودرس طلبات الانتساب المقدمة الى لجنة الجدول".
 
وطنية

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
اليوم العالمي للشباب المقبل سيعود بنتائج مثمرة للكنيسة بأكلمها (1)

اليوم العالمي للشباب المقبل سيعود بنتائج مثمرة للكنيسة بأكلمها (1)

البرازيل المعروفة بكونها بلدٌ مسيحيٌ والمشهورة برقصة السامبا وموسيقى الـ"بوسا نوفا" وكرة القدم،  ستستضيف على أرضها أهمّ الأحداث العالمية خلال السنوات الأربعة القادمة وهي: الألعاب الأولمبيّة

 للعام 2016 وكأس العالم لكرة القدم للعام 2014 وفي يوليو 2013، ستستضيف على أرضها مئات الآلاف من الشباب من مختلف أنحاء العالم، سيجتمعون لملاقاة البابا بندكتس السادس عشر في ريو بمناسبة "اليوم العالمي للشباب".

قرّر عميد الجامعة البابوية في لاتران، المونسنيور أنريكو دال كوفولو، التوجّه إلى ريو دي جانيرو لملاقاة الجماعات المسيحية المحليّة وذلك كمغامرة "غنية وقويّة".

بعد مدريد عام 2011، سيجري اليوم العالمي للشباب في ريو حاملاً "أهميّة دينية ملحوظة" وسيكون هذا اللقاء فرصة رائعة للتبشير بالإنجيل.

أفاد المطران دال كوفولو بأفكاره إلى قرّاء وكالة زينيت فيما يخصّ مراحل الرحلة المختلفة في هذه المقابلة الصحفية.

زينيت – سيادة المونسينيور، ما هي الصور الثلاث التي حفرت في ذاكرتك خلال هذه الجولة البرازيلية؟

المونسينيور أنريكو دال كوفولو – من الصعب اختصار هذه التجربة إذ كانت غنيّة وقويّة لدرجة أنني أخاف من تسخيفها عندما أخبر عنها. ولكن إذا اضطررت أن أختار 3 صور، أختار أولاً حيوية الكنيسة البرازيلية الاستثنائية: فالجماعات الجديدة والجماعات التي تتمتّع بتجربة طويلة فيما يخصّ التبشير بالإنجيل تعكس رجاءً كبيراً.

الصورة الثانية التي قدّرتها هي العمل الذي تقوم به جامعات بابوية وكاثوليكية عديدة في البرازيل والتي يرتادها عدد كبير من الطلّاب.

وأخيراً، كوني ابن "دون بوسكو"، أسعدني ما نفعله وما يفعله الساليسيون من تبشير وتعزيز للإنسانية في البلاد!

ما هي أكبر المحطات في زيارتك؟

أوّل محطّة كانت في ساو باولو حيث استضافني "رواد الإنجيل". زرت جماعة "كانساو نوفا" المكرّسة للتبشير بالإنجيل من خلال وسائل الاتصال الاجتماعية. كما زرت معهد القانون الكنسي "الأب جويسيبي ب. بيغورارو" التابع لمعهد "القانون المدني والكنسي" في جامعة اللاتران. علاوة على لك، قابلت رئيس الأساقفة، الكاردينال شيرير وبعض مساعديه، وفي أباريسيدا التقيت برئيس مجلس أساقفة البرازيل، الكاردينال أسيس.

المحطة الثانية كانت في كامبوغراندي حيث وقعت على اتفاق مع الجامعة الكاثوليكية دون بوسكو، ثمّ توجّهت إلى برازيليا وهي مقرّ انتساب جديد مع جامعة لاتران للسنوات الأربع للإكليريكية التبشيرية « Redemptoris Mater ». في هذه العاصمة، التي حلم بها دون بوسكو، كانت اللقاءات الأهم مع الكاردينال فالساو ورئيس أساقفة الأبرشية والسفير البابوي.  

بعد كوريتيبا وبورتو أليغري، زرت ريو دي جانيرو وبيلو هوريزانتي. في ريو التقيت بالمطران أوراني تامبيستا ومساعديه لتخطيط وتنطيم مشاركة ممثّلي جامعة اللاتران في اليوم العالمي للشباب. خلال هذه اللقاءات جميعها، أردت التركيز على الفكرة الصحيحة للجامعة، مستشهداً بتعاليم الكاردينال نيومان والبابا بندكتس السادس عشر فهي بمثابة جواب فعّال لضرورة التعليم من حولنا.

في ما يخصّ هذا الموضوع، أنا مقتنع أكثر فأكثر بأننا حصلنا على إجابة فعّالة للخروج من الأزمة حتى ولو أننا في بعض الأحيان لا نتنبّه إليها: هذه الإجابة هي جامعة تعمل بطريقة جيّدة أي جامعة مناسبة للحوار بين الإيمان والعقل وهي مكان مناسب لتدريب المدرّبين.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زينيت : هيلدغارد، صورة امرأة معاصرة (1) مقابلة مع الأب دومولان

زينيت : هيلدغارد، صورة امرأة معاصرة (1) مقابلة مع الأب دومولان

إنّ القديسة هيلديغارد دي بنغن (1179- 1098) هي "امرأة معاصرة" إذ تدعو إلى "الاهتمام الحقيقي بالعالم الذي نعيش فيه وإلى الوعي فيما يخصّ كرامتنا والمهمّة المناطة بنا في هذا العالم"،

هذا ما قاله الأب دومولان.

إنّ الأب بيار دومولان المتواجد في أبرشية موناكو هو رئيس معهد تبليسي لللاهوت في جورجيا وقد درس منذ 15 سنة عن فكر القديسة الألمانية وهي ملفان جديدة. هو من كتب "هيلدغارد دي بنغن، نبية وملفان في الألفية الثالثة" الذي نشر في طبعات الBeatitudes وقد تحدّث عن صورة "هذه المرأة العبقرية" مع وكالة زينيت.

بحسب ما قاله الأب دومولان، فإنّ القديسة هيلدغارد "تمنح النساء على طول العصور دلالة على الحياة" لأنّها "تتصرّف بأنوثة وهي لا تتنافس مع الرجل إنّما تكمّله".

بالنسبة للأب دومولان، هي بمثابة "نذيرة في عدّة حقول وليس فقط في حقل الطب وعلم الكون". ومن خلال علم الإنسان، تعترف القديسة هيلدغارد للإنسان من جديد "بكرامته" مؤكدةً على "عظمته فهو يملأ الكون لأنّه الوحيد المدرك".

زينيت- أيّ نوع من النساء كانت هيلدغارد برأيك؟

الأب بيار دومولان – هيلدغارد هي امرأة عبقرية وقوية في ضعفها لأنّها تستوحي على الدوام من الروح الإلهي. وهي تقول بأنّها "ريشة صغيرة تحملها الرياح الإلهية". هي تتأمّل وتصلّي وتصغي ومن ثمّ تتصرّف وتصرّف الروح فيها يجعل منها امرأة عظيمة. لا تخلط نفسها مع الرسالة التي تحملها فهي نبية أي أنّها تحمل هذه الرسالة التي تتغلغل فيها وتتخطاها.

ولكن من الجدير بالذكر أنّ هيلدغارد واقعية، فهي سيدة قادرة في تدبير جماعتها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. إنّها معلّمة رائعة وفي الوقت نفسه هي امرأة أعمال بارعة مثلما ستكون تيريزا دي أفيلا لاحقاً. يعود كلّ ذلك إلى طاعتها لعمل الروح القدس الذي لا يعمل عن طريقها فحسب إنّما فيها أيضاً. إنّها تترك نفسها تنقاد بالرؤى وبالنور الذي يسكنها وهي تملك بالتالي شيئاً معاصراً لأنّها تنظر إلى كلّ ما يحيط بها بنور متجدد ومسلّط نحو المستقبل. إنّها نذيرة في عدّة حقول وليس فقط في حقل الطب وعلم الكون.

كيف استطاعت امرأة في مثل هذا العصر أن تؤثّر إلى هذا الحد؟  كيف يمكنك أن تشرح هذا التألّق؟

أظنّ أن نظرتنا عن دور المرأة في القرن ال12 كانت خاطئة. فحتى ولو كان دور المرأة أقل من دور الرجل في التدبير، إلّا أنّ ذلك لا يمنع أن يكون للمرأة تأثيراً أساسياً على المجتمع في وقتها وهيلدغارد هي مثال على ذلك وليست منفردة فكم من الملكات في ذاك العصر قد قدن الدول!

بالإضافة إلى ذلك، فكونها امرأة يمنحها حرية أكبر للتدخل إلى جانب ذوي النفوذ وهذه استقلالية لا يتمتّع لها الرجال ففي ذاك العصر كانوا يحترمون المرأة وكان هناك نوعاً من "المجاملة" للمرأة يصعب تصوّره اليوم.

أجرؤ على القول أنّ المجتمع الحالي ذكوري أكثر ممّا كان عليه في القرن الـ12 كما أنّ "المساواة" التي نريد تحقيقها أينما كان هي مصطنعة فهي تحفّز دولة "تنافس" لا تكامل… توجّهت هيلغارد إلى الحشود وأصغت إلى الفرق الاجتماعية جميعها مثلما فعلت كاثرينا دي سيينا بعدها. ألقت محاضرات على البابوات والأباطرة والملوك. إنّ العمق الروحي عند هذه المرأة المتدينة لم يكن موضع تساؤل آنذاك! تبيّن لنا هيلدغارد أنّ المرأة كانت ناشطة في مختلف المجالات كالموسيقى والمنمنمات والمخطوطات والصيدلة والهندسة المعمارية وعلم الكون واللاهوت… تحتلّ مع راهباتها مستوى ثقافياً واقعياً لم نعتد عليه في ذاك العصر وخصوصاً في الأديرة.

أمّا في الحديث عن تألّق هيلدغارد وتميّزها، فيعود إلى قدرة حياتها الروحية التي منحتها الاحترام أكثر فأكثر ومنحتها سمعة معروفة دفعتها إلى المضي في الشوارع والمدن الألمانية لإصلاح الكنيسة في عصرها في كلّ مرّة خرجت من الدير. كانت تتحدّث بصراحة عن إساءات رجال الدين والشعب كان يدعمها.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
التبشير الجديد هو إعلان الإنجيل في ظروف جديدة (1)

التبشير الجديد هو إعلان الإنجيل في ظروف جديدة (1)

التبشير الجديد هو إعلان الإنجيل في ظروف جديدة" هذا ما قاله قال الكاردينال أندري فانتروا، رئيس مجلس أساقفة فرنسا ورئيس أساقفة باريس، خلال المشاركة في الجلسات العامة لمجمع

"مجلس أساقفة اوروبا، الذي جرى مؤخرًا في سان غال، السويد.

قال رئيس الأساقفة خلال مؤتمر صحافيّ: "إن التبشير الجديد ليس اكتشاف طريقة جديدة لإعلان الإنجيل، بل القدرة على تصوّر وتفسير الظروف التي يتمّ من خلالها التبشير في بلادنا وتقاليدنا".

أجرت زينيت مقابلة مع الكاردينال أندري فانتروا.

ما هي انطباعاتك بما يتعلّق بالجمعيّة العامة لأساقفة أوروبا؟

إنه لفرح عظيم كلما التقيت برؤساء المجالس الأسقفيّة الأوروبيّة، وهي مناسبة للتواجد معاً والتحادث، وتبادل الآراء حول موضوع موحّد والتعمّق به. غالبا ما نلتقي بحفلات أو رحلات، حيث لا يكون لنا متسع من الوقت للحديث، أمّا هنا فقد سنحت الفرصة بذلك.

إن موضوع اللقاء هو التحديات والمشاكل في أوروبا: ما هي هذه المشاكل وكيف يمكن معالجتها؟

لا اعتقد أننا نملك المفتاح لحلّ جميع المشاكل في أوروبا. ويبدو لي أن هناك مشاكل اقتصاديّة وتأثيرات سلبيّة للأزمة الماليّة. ولكن هناك مشاكل أخطر ومهمّة جدّا للمستقبل وهي مشاكل لا يتحدّث عنها أحد. ربما احد أوائل مهامنا في هذا السياق هو أن نكون –دون مطالبات- صوتًا نبوّيًا يشير إلى هذه المشاكل التي لا يذكرها أحد…

على سبيل المثال؟

ماذا يجري للإنسان في خضمّ التطوّر في الأخلاق والقانون في أوروبا؟ ماذا يجري للمرجع المسيحي لملايين الأشخاص في كل أوروبا؟ وماذا يجري لوعي من يؤمن بالقيم العليا للإنسان؟

نتحدّث عن التبشير الجديد: كيف يمكن أن نتخيّل التبشير الجديد في وضع معقّد كوضع فرنسا؟

لست بحاجة للتخيّل، لأنه تمّ البدء بالعمل، وهو واقع دائم في حياة الكنيسة. لأن مبادرة البابا بإنشاء مجلس حبريّ للتبشير الجديد واقتراح الموضوع ذاته في سينودس الأساقفة، هو طريقة لتقديم الدعم والتشجيع للكنائس التي تواجه حالة التجدّد بالتبشير.

التبشير الجديد ليس اكتشاف جديد لطريقة في نشر الإنجيل، بل هو إدراك لإعلان الإنجيل في ظروف جديدة.

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الجمهورية : الأب داريو حبيس قاديشا: اسرار وشهادات (1)

الجمهورية : الأب داريو حبيس قاديشا: اسرار وشهادات (1)

يُقال إنّ الحجارة تتكلم إلى من يصغي إليها، فكيف إذا كانت الحجارة جزءاً من تاريخ وادي قنوبين ووجهاً من وجوهه!! هذه المعجزة الهندسية الربّانية في جبال لبنان وأوديته التي شيّدت الرهبانيات المارونية

فيها وفي صخورها ومغاورها محابس محفورة في الصخور والقلوب، ووهبت قوّتها الى حبيس كولومبي الأصل، ففاضَت بركاته على مؤمنين سمعوا به ولم يصدّقوا… وعلى آخرين رأوا فآمنوا… وعلى مباركين آمنوا ولم يروا…

وقد خطفت هذه الوديان والصخور الملتحفة بالسماء قلب الأب داريو اسكوبار الكولومبي الأصل وعقله، فكفر بما يملك وباعه وعشق الفقر فقصد لبنان منذ عام 1993 ليشعر بالومضة النسكية تُداعب قلبه عندما تعمّق بسيرة القديس شربل، فعشقه وفتن بوادي القديسين حين وقع نظره عليه، فأغرم به من النظرة الأولى وقرّر الارتباط به ارتباطاً أزلياً.

الطريق إلى محبسة دير سيدة حوقا ليس سهلاً، والموعد مع الحبيس لم يكن اسهل، خصوصاً أنه لا يستقبل أحداً ولا يتكلم مع أحد إلّا نادراً، وقد كثر الحديث عنه وعن شفاءاته وأسلوبه اللافت في التعاطي مع قاصديه.

يقول الأب مروان خوري المرشد في كنيسة سيدة النجاة – السهيلة لـ"الجمهورية": إذا قرأنا هذا الراهب أو جالسناه، نجد لديه حبّاً للفقر غير طبيعي. وفي اللحظة التي هبّت هذه الدعوة في نفسه، باع سيارته وكل ما يملك وقصد لبنان، وهو عالم نفسي وأستاذ جامعي يعيش حياة كريمة وهبها جميعها بعدما تعرّف الى الأديار في الرهبنة اللبنانية في أميركا الجنوبية والشمالية، ومن خلالها تعرّف الى سيرة حياة مار شربل، فطلب منه الرهبان المجيء الى لبنان للتعرف إليه عن كثب.

وحين وصل ووقعت عيناه على وادي قاديشا المقدس الذي منه تنسّك قديسو لبنان، لا سيما قديس لبنان الكبير شربل، ولع قلبه بالروحانية المارونية مع انه لاتيني وليس مارونياً.

وبعدما لامس الحياة التي يعيشها النساك، وأدرك ما أضافته طريقة هذا العيش على الوجود المسيحي، تأكد داريو أنّ هذا العيش شكل الصخرة التي كانت تتكسّر عليها كل أمواج الشر. فلم تستطع أيّ قوة، بفضلها، إلغاء الوجود المسيحي في هذا الشرق، فقرر أن يكون مدماكاً إضافياً ليسند هذه الصخرة.

ويتابع الاب خوري حديثه ليزيدنا إصراراً على التعرّف الى ذلك الحبيس ومقابلته: "بعدما تعرّف الأب داريو إلى الوديان، قرر المجيء إلى كفيفان ومن هناك كانت بداياته (الابتداء)، وتقدم بعدها إلى النذورات، فأرسلته الرهبنة ليعمل في دير مار انطونيوس في الجنائن والحقول لمدة 8 او 9 سنوات.

وكان في هذا الوقت يحاول اختبار نفسه، إذا كان الرب يدعوه فعلاً إلى الحياة النسكية ليطلب بعدها من رؤسائه السماح له بمحاولة الحياة النسكية. وبالفعل عندما راقب الآباء والرؤساء واخوته سيرته وروح الفضيلة وقوة التواضع وعمله الصامت وفعالية قدرته على الالتزام، سمحوا له بالاحتباس. ومنذ التسعينيات ولغاية اليوم هو مُستحبس في مغارة سيدة حوقا قرب الدير".

وهل في الامكان تأمين موعد لمقابلته؟ يجيب الأب خوري مبدياً كل رغبة في المساعدة: "إنت وحظك". إذ إنّ جموعاً قصدته مراراً، وبعد مشقة الوصول والطريق الوعرة إلى الوادي لم تتمكن من مقابلته، فهو حين يكون مسترسلاً في الصلاة لا يفتح ولو طرقت بابه آلاف الأيدي.

ويروي الأب خوري، الذي وعدنا باستحصال الأذن من الرئيس العام الأب طعمة، عن قدرة الناسك داريو على المساعدة في الشفاء من كثير من الأمراض المستعصية. كما لا يخفي انه التجأ إليه في إحدى الحالات الصعبة التي واجهها لدى مساعدته احد الأشخاص الممسوسين، فصلّى معه الاب داريو…

– "أيعقل يا أبت مروان أن تطلب انت مساعدته، بعدما ذاع صيت إرشاداتك وشفائك ومواعظك ليس في لبنان فحسب؟"

– اجاب: أنّى لي أن اصل الى قدسية الاب داريو ونسكه وقربه من ربنا، نحن ما زلنا في بداية الطريق، نحن مبتدئون بالنسبة إليه".

ويضيف الأب خوري: "إن العجيبة في حياة الناسك تكمن في بساطة حياته التي من الصعب جدا اختبارها، فإذا لم يكن المرء يتمتع بنعمة الله لا يستطيع التحمّل نصف ساعة في العيش وحيدا منعزلا. فكيف يمكن لإنسان أن يجلس مدة 10 او 15 سنة وحيدا في مغارة؟ وإذا فكرنا ملياً، بشرياً وطبياً، فالإنسان الطبيعي يمكن أن يصيبه الجنون إذا بقي مدة 10 او 15 سنة في مغارته وحيداً.

فما هو او من هو الذي يعطي هكذا مخلوق السلام في النفس أو في الجسد والقدرة على تحمّل هكذا حياة، محافظاً على بسمة فرح بادية في كل لحظة على وجهه، مع عمق في نظرته الى الحياة؟

من المؤكد انّ هذا الانسان ليس وحيداً في هذه المغارة، بل قوة الله ونعمته ترافقانه ليلا ونهارا، وهما ملموستان، اي انه يرى الرب ويختبره ويشعر بوجوده وحضوره، وهذا لا يمكن فهمه الا عند الاختبار، ولنتوصل الى الاختبار علينا الوصول الى هذه الدرجة التي وصل اليها الحبيس داريو، وهذا صعب ان لم نقل مستحيلاً مع البشر الطبيعيين.

اما الذي استنتجه الاب خوري من خلال زياراته الحبيس داريو، فهو أن سيرة حياته بحد ذاتها عجيبة:

– يصلي 14 ساعة في النهار.

– يستيقظ الساعة الخامسة صباحا.

– ينام 4 ساعات في النهار.

– يأكل "وقعة" يومياً الساعة الخامسة بعد الظهر.

– يأكل ما تنتجه يداه، أي ما يزرعه بنفسه (او بعض خبز الفطير الذي يصنعه الرهبان ولا يعفن سريعا).

وعندما سأله ماذا تحكي في الـ 14 ساعة؟ اجاب: أساير ربّي.

ويقسم صلاته كالآتي:

– التأمل قبالة القربان هو صلاة.

– مطالعة الانجيل هو صلاة.

– تأملاته الروحية بصمت هي صلاة.

– يسكر قبالة القربان.

كما انّ هناك صلاة عقلية تعتمد على تحليل الانجيل والكلمة الحق.

ويضيف الأب خوري: "يعمل 3 ساعات في الحقل والتنظيف نحو المحبسة والمغارة. سامِحلو الريّس بساعة واحدة لاستقبال الناس الذين يحتاجون جداً الى رؤيته"، مع انه يفضّل ألّا يستقبل احداً ويستحسن الصمت. ولكنه، وبحكم امر الطاعة من الرهبانية، لا يمكنه رد طلب الرئيس العام، إذ ان الطاعة هي من أسس الحياة الرهبانية.

ويكشف الاب خوري تفاصيل غرفة الحبيس التي لا تتجاوز المترين وفيها لوح خشب ينام عليه، اما غطاؤه فهو ثوبه الرهباني فقط.

– وسادته قطعة خشب صغيرة مستطيلة فوق اللوح العريض الذي ينام عليه.

– شفاءات كثيرة حصلت لمرضى السرطان بعد صلاته ولقائه.

– نساء نِلن نعمة الحمل بعد لقائه وصلواته وتأملاته – قصدنه، فشفاهنّ، وأخبرن.

اما رحلة الحج الى حوقا ومحبسة الاب داريو فكانت صعبة، تعرقلت في البداية ولا أدري كيف تمّت بعد عناء، ربما كما قال الأب داريو ولقوّة حضوره تأثير في العقل والكيان: "لا تحزنوا إذا ما أصابتكم الحوادث والمآسي… ولا تملّوا إذا ما واجهتم المصاعب في ترحالكم… فربما يخبىء لكم الرب رسالة أجمل وأسمى كي ترووها فتتعِظ الخليقة من خلالكم… أو ربما تكون المآسي هدايا من الرب ليكفّ بها شروراً اكبر آتية عليكم…".

أمّا عن الشرور التي لحقت بالذين التقاهم والمرضى الذين جاؤوا إليه مؤمنين تائبين طالبين شفاعته للشفاء، فسنتابعها غداً في حلقة ثانية تروي تفاصيل رحلتنا الى دير مار انطونيوس قزحيا، ومسيرتنا الى مغارة سيدة حوقا في وادي قاديشا، ولقائنا الحبيس حيث خبّأ لنا الأب داريو حكايا وأسراراً واختبارات وقصصاً لشفاءات تمّت… فعُلِم بعضها. أمّا الباقي فقد علمه الله وحده.

مرلين وهبة

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مؤتمر اتحاد الصحافيين العرب في ك1 في القاهرة

مؤتمر اتحاد الصحافيين العرب في ك1 في القاهرة

تلقت نقابة الصحافة بيانا من اتحاد الصحافيين العرب يعلن فيه "موافقة الاجتماع التشاوري الاتحاد الصحافيين العرب الذي عقد في مقر الاتحاد بالقاهرة امس، على انعقاد المؤتمر العام للصحفيين العرب

  بالقاهرة في الاسبوع الثالث من ديسمبر 2012 وبالتنسيق مع نقابة الصحافيين المصريين واجراء انتخابات رئاسته وامانته العامة في مقر الاتحاد.

كما وافق المؤتمر التشاوري على ان يبحث المؤتمر العام في اجتماعاته تطوير اعمال ومهام ودور اتحاد الصحفيين العرب لتعزيز علاقة الاتحاد بالصحفيين العرب والنقابات الوطنية، وتطوير مهامه بما يمكنه من مجابهة التحديات التي تعترض حرية الصحافة والرأى والتعبير في بقاع كثيرة من العالم العربي.
ووافق ايضا على ان تطلب امانة الاتحاد من النقابات الصحافية الوطنية والنقباء واعضاء الامانة العامة، موافاة الامانة العامة باقتراحاتهم المحددة لتطوير مهام الاتحاد وتجديد شبابه وتوثيق علاقاته بقواعده".

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زيارة البابا للبنان: وجهة نظر أرثوذكسية وسورية (1)

زيارة البابا للبنان: وجهة نظر أرثوذكسية وسورية (1)

زيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان كانت حدثًا كنسيًا، وطنيًا (لبنانيًا)، إقليميًا ومسكونيًا، كما وكانت حدثًا يهم الأديان الأخرى وبشكل خاص الدين الإسلامي. لاقت زيارة البابا ترحيبًا خاصًا

لأن مداخلاته لم تكن سطحية ولم يكتف قداسته بالإشارات المبهمة بل تحدث عن مواضيع حساسة منها تهريب الأسلحة وتوزيعها على المتقاتلين في سوريا، مسألة الهجرة، الربيع العربي وتقييمه.

في هذه المقابلة مع زينيت، يتوقف سيادة المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم، متروبوليت حلب لطائفة الروم الأرثوذكس على أهم لحظات هذه الزيارة ويعلق على بعض مداخلات، آراء واقتراحات بندكتس السادس عشر.

* * *

ما هو تقييمك الأوّلي لزيارة البابا بندكتس السّادس عشر إلى لبنان ومداخلاته ؟ ما هي المداخلات التي تُعتبر أنّه يجب أن نكرّس له انتباهاً خاصّاً؟

المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم: لقد تركت زيارة البابا بندكتس السّادس عشر إلى لبنان انطباعاً تميّز بالترحيب الحار مِن قِبَل المسلمين والمسيحيّين على السواء، وهذا يُشير إلى أنّهم قَبِلُوه رسولاً للسّلام، وهو الذي قال في حديثٍ له في المطار : جئتُ صديقاً لكلِّ مَن يريد السّلام ويُحبُّه. فالبابا لم يُميِّز بين مسلمٍ ومسيحي، ولا بين بلدٍ وبلدٍ آخر، لأنّه كان يتحدّث مع الإنسان في كلّ الشرق الأوسط.

وفي كلّ مداخلاته كان واضحاً، لأنّه حمل رسالة صديق لله ولكلّ من يسكن في الشرق الأوسط. ولكنَّ مداخلته لدى التوقيع وتسليم الإرشاد الرسولي في حريصا، كانت ذات معنى كبير، فبعد الإشارة إلى عيد الصّليب الواقع في 14/أيلول/2012، وهو يوم التوقيع على الإرشاد الرسولي، جرت مقاربة بين أحداث رافقت اكتشاف الصليب على يد هيلانة والدة الملك قسطنطين منها : الرؤية التي شاهد فيها قسطنطين الملك الصّليب، وصوت يقول له : بهذه العلامة ستنتصر، وتوبة الإمبراطور، ثمّ التوقيع على مرسوم ميلانو /313 م/، وبين حفلة توقيع الإرشاد الرسولي من قِبَل البابا، الذي يمكن أن يكون مضمونه علامة انتصارٍ للرجاء والأمل في حياة المسيحيّين في الشرق الأوسط.

وكان جميلاً عندما امتدح قداسته شجاعة مسيحيي الشرق الأوسط، خاصّةً من حيث شعلة محبة الله اللانهائيّة، والتي يستمرون في الحفاظ عليها حيّةً ومشتعلةً في هذه الأماكن التي كانت في استقبال ابنه المتجسّد. وذكَّر البابا المسيحيّين في الشرق الاوسط فيما جاء في الإنجيل المقدّس :  لا تخف أيُّها القطيع الصغير (لو 12: 32)، وقال قداسته موجِّهاً كلامه إلى كنائس الشرق              الأوسط : لا تخفْنَ لأنّ الرّبّ حقّاً معكُنَّ حتّى انتهاء العالم، لا تخفْنَ لأنّ الكنيسة الجامعة ترافقكنَّ بقربها إنسانيّاً وروحيّاً.

أما المداخلة الثانية الهامّة فكان حديثه إلى الشبيبة في باحة الصرح البطريركي في بكركي، وتوجيهاته الأبويّة ليكونوا شهوداً ورسلاً لفرح المسيح، لأنّ الإيمان يقود إلى ملء الحريّة والفرح. إنّ إقرار قداسته بالصعوبات التي تعترض الشبيبة كان هامّاً جدّاً، ومن خلفيات هذه الصعوبات : قلة الاستقرار والأمن، وصعوبة إيجاد عمل، أو حتى الشعور بالوحدة والتهميش. ورغم كلّ التحديّات الخطرة في طريق بناء مستقبلٍ زاهر، استنكر البابا بأن تدفع البطالة وعدم الاستقرار بتذوق عسل الهجرة المرّ. لأنّ الهجرة هي اقتلاع من الجذور، وانفصال كليّ لمَن يتوجّه نحو مستقبلٍ غامض. إنّ حثَّ قداسته للشبيبة في أن تكون في الكنيسة ومع الكنيسة كان رائعاً جدّاً، خاصّةً عندما استشهد بقول الطوباوي البابا يوحنّا بولس الثاني : لا تخافوا، افتحوا أبواب عقولكم وقلوبكم للمسيح.

نقطة أخرى مهمّة جاءت في مداخلة قداسته إلى الشبيبة وهي الإشارة إلى الإحباط الذي يجب أن يكون بعيداً عن فكر الشباب، وهكذا تبقى عوامل المخدرات والتعاسة والإباحية بعيدةً عن حياتهم، ومع هذه الوصيّة دعاهم ليتعلّموا من المسيح القدوة، الانفتاح الكامل على الآخر، حتّى وإن كان هذا الآخر ينتمي إلى ثقافةٍ أو ديانةٍ أو جنسيّةٍ أخرى. وعندما أشار إلى توقيعه على الإرشاد الرسولي لم ينسَ دور الشباب فقال لهم : هذه الرسالة موجهة إليكم وإلى شعب الله بكامله. وعندما قال للشباب اللبنانيّين : أنتم رجاء بلدكم ومستقبله أنتم أرض الضيافة والعيش المشترك، كان يقولها لكلّ شبيبة الشرق الأوسط.

كان للأب الأقدس كلمات جريئة بشأن استيراد وتوزيع الأسلحة على المقاتلين في سورية، فقد اعتبر هذا الأمر " خطيئة مميتة " ودعا إلى استيراد " أفكار، سلام وإبداع ". كما صرّح مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي بأنّ جلّ ما يستطيع البابا القيام به هو إعلان رسالة السّلام، فما زاد عن ذلك هو تدخّل غير مسموح في سيادة الدول، ما رأيك ؟

المطران غريغوريوس يوحنا ابراهيم: من حق كلّ صاحب ضمير أن يكون إلى جانب قداسة البابا في رؤيته بشأن استيراد وتوزيع الأسلحة على المتقاتلين في سورية. وفي المسيحيّة كُبرى الخطايا هي الخطيئة المميتة، وفعلاً قتل الإنسان هو خطيئة مميتة، وعندما يندِّد قداسته باستيراد وتوزيع الأسلحة كأنّه يقول : كفاكم يا تُجار الحروب والأسلحة بتدمير كيان الإنسان والإنسانيّة، خاصةً وأنّه برَّر المطالبة بعدم نقل الأسلحة، لأنّه من دون السّلاح لا يمكن للحرب أن تستمرّ، وهذا فكر راقٍ جدّاً، ورأي صائب، مبني على تعليم الإنجيل المقدّس، الذي أوصانا بأن نُحبَّ أعداءنا ونحسن إلى مَن أساء إلينا. ففي موعظته على الجبل قال السيد المسيح عن وصيّة : لا تقتل ! ومن يقتل يكون مستوجب الحكم، أمّا هو فقال : إنّ كلّ من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم.

وفي رأيي أنّ وجود البابا في لبنان البلد الشقيق لسورية، كان عليه أن يقول كلمة حق في ما يجري على أرض سورية. لقد تعبنا جميعاً نحن المواطنين والمؤمنين بالله بنتائج هذه الحرب القذرة التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء، ومئات الآلاف من الجرحى، وأكثر من مليوني مشرد ومهمّش في المجتمع، وعدد كبير من المفقودين. فالسؤال أين هو الضمير عند الإنسان العاقل الذي لا يقول للأطراف المتحاربة : كفاكم، قتلتم الإنسان، ودمرتم البنية التحتية لبلدكم. ثمّ لم يكتفِ البابا بالتنديد والاستنكار، وإنّما أعطى مفهوماً واضحاً بديلاً عن استيراد الأسلحة وهو استيراد أفكار، سلام وإبداع. وأكّد على أن نقبل الآخرين باختلافاتهم، وأن نظهر احتراماً متبادلاً للديانات، واحترام الإنسان كصورة الله، ومحبة القريب، كعنصر أساس لكلّ ديانة، فأنا أرى بأنّ البابا على حقّ عندما يُصرِّح بأنّ استيراد وتوزيع الأسلحة هو خطيئة مميتة.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
رجل رجاء أحبّ مضطهديه وساجنيه (1)  مقابلة مع المسؤول عن قضيّة تطويب الكاردينال فان توان

رجل رجاء أحبّ مضطهديه وساجنيه (1) مقابلة مع المسؤول عن قضيّة تطويب الكاردينال فان توان

الحديث عن خادم الله، الكاردينال فرانسوا-زافيّ نغوين فان توان، يعني الحديث عن حياة اختبرت الألم، الظلم والفضائل اللاهوتيّة الثلاثة: الإيمان، الرجاء والمحبة.

فقد تذوّق جوع، برد واحتقار السجين. وكان ضحيّة نظام توتاليتاري معميّ كان قد أوقفه دون أي ذنب، فقط لأنه "خطر". ومع ذلك فقد كان مقتنعاً بأن كل ذلك جزء من مخطط الله، وكان يأمل ويحبّ مضطهديه لدرجة أنه ساعد البعض منهم خلال وجوده في السجن على اعتناق المسيحيّة.

أجرت زينيت حوارًا مع والدري هيلغمان، المسؤول عن قضيّة التطويب.

ما هو أكثر الأشياء المؤثرة التي انبثقت من الدراسات حول حياة الكاردينال فان توان؟

والدري هيلغمان:   إنه شخص معقّد للغاية، بمعنى أن حياته بأكملها منذ البدء كانت قطرات مستمرّة من الإنجيل وأمطار لا متناهية من القداسة.  أمّا أكثر ما يذهلني بروحانياته هو ثبات حبه للآخرين. لقد تمّ عزله، وخلال سجنه هذا، لم يكفّ يوماً عن حبّ الذين اضطهدوه، من أكبر المسؤولين في النظام حتى أدنى حرّاس السجن. هذا الحب الكليّ للمسيح، النزيه حتى تجاه العدو، مؤثر جداً اليوم، بالأخص في سياق اجتماعيّ حيث نعيش بأنانيّة كبيرة.

بما اتهم بالضبط؟

والدري هيلغمان:  لقد كان الكاردينال فان توان سجينا دون سبب، بمعنى أنه لا وجود لتهمة فعليّة بحقّه، كما أنه لم تتمّ محاكمته ولا وجود لحكم صادر بحقه. إذاً التحدث عن سبب اتهامه اليوم هو لغز كبير لنا أيضاً. هناك العديد من العوامل الإجتماعيّة لتلك الحقبة تظهر أن هذا الأسقف كان "خطرًا" لنظام فارغ، نظام يتركز على لا شيء كالنظام الشيوعيّ، ولكن لا وجود لتهمة فعليّة.

عند قراءة كتابات الكاردينال في السجن، كيف كانت روحه، وما كانت افكاره كسجين؟

 والدري هيلغمان:  أكثر فكر مؤثر للكاردينال منذ اللحظات الأولى لسجنه، والتي استمرّت 13 سنة، كانت أن الله قد طلب منه تقدمة كل شيء، وترك كل شيء والعيش لله فقط. في الواقع إن الكاردينال –بالأخص خلال الفترة الأولى لسجنه-  شعر بشيء قويّ جدّاً: عمل الله، والله. كما أنه في السابق، وكرئيس أساقفة كاوديوتر، كان فان توان يعيش لعمل الله. وقد شعر أنه في هذا السجن الله يطلب منه ترك عمله والعيش فقط من أجله.

من المؤكد أنك قرأت العديد من القصص والروايات لشهود في تلك الحقبة في السجن…

والدري هيلغمان:  أجمل تلك القصص هي اعتناق أحد حرّاس السجن المسيحيّة. فلا يجب أن ننسى بأن العديد من الحراّس المسؤولين عن مراقبة هذا السجين قد اعتنقوا المسيحيّة. أظهر الكاردينال فان توان، مع حبه الشامل لهؤلاء الأشخاص ما هو حب المسيح. إذاً، من غير أن يعظ، ودون التحدث مباشرة إليهم عن المسيح، على مثال المسيح المتجسّد استطاع مع الوقت جعلهم يعتنقون المسيحيّة. وهذا لا يزال أمر غريب جداً.

هل تمكنت الكنيسة من الإتصال مع هؤلاء الحراس لقضيّة التطويب؟

والدري هيلغمان:  إنّ الأجواء السياسيّة تجعل الأتصال بهؤلاء الأشخاص أمر صعب جداً. بالطبع لم يتمّ استجوابهم خلال المحاكمة، ولكن، بشكل استثنائيّ، قد نتمكن من إدخال شهاداتهم في وثائق المحاكمة، التي تسمح بإعادة بناء حياة والفضائل البطوليّة للكاردينال فان توان.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الخطوط العريضة لسينودس الشرق الأوسط: شركة وشهادة [1]

الخطوط العريضة لسينودس الشرق الأوسط: شركة وشهادة [1]

الارشاد الرسولي، الذي يوقعه البابا بينيديكتوس السادس عشر في خلال زيارته لبنان في بازيليك القديس بولس في حريصا، يتضمن نتائج المناقشات والتوصيات الصادرة عن السينودس الخاص بالشرق الأوسط،

الذي عقد في حاضرة الفاتيكان. وقد انطلق من الخطوط العريضة التي كانت ثمرة تفكير عميق شاركت فيه الكنيسة على مختلف مستوياتها. وكان عنوان السينودس الخاص بالشرق الأوسط في تشرين الاول 2010: الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الاوسط، شركة وشهادة. وتنشر "النهار" على يومين الخطوط العريضة لهذا السينودس اي منطلقات التفكير.
هنا الجزء الأول:
مدخل (1 – 7)
1 – في 19/ 9/ 2009، خلال رحلته الى الاراضي المقدسة (8 – 15/ 5/ 2009)، أعلن قداسة البابا، إبان اجتماع مع بطاركة الشرق الأوسط ورؤساء الاساقفة، الدعوة الى عقد اجتماع خاص بالشرق الاوسط لسينودس الاساقفة، سيعقد في الفترة من 10 الى 24/ 10/ 2010. وتعبر هذه المبادرة عن "اهتمام" خليفة القديس بطرس "بجميع الكنائس" (2 كورنثوس 11/ 28). وهي تشكل حدثاً مهماً يبين اهتمام الكنيسة الجامعة بكنائس الله في الشرق. أما ما يخص كنائس الشرق عينها، فانها مدعوة الى أن تحيا هذا الحدث بعمق وتركيز، حتى يصير ينبوع نعمة في حياة مسيحيي الشرق.
إن زيارات قداسة الباب بينيديكتوس السادس عشر للاراضي المقدسة (الاردن – اسرائيل – وفلسطين)، وكذلك زيارته لتركيا من 28/ 11 – 1/ 12/ 2006)، مع ما جاء فيها من خطب غنية ومناسبة للأوضاع، نورٌ خاصٌ لنستطيع فهم كلمة الله وقراءة علامات الازمنة وتحديد السلوك المسيحي المناسب مع دعوة كنائسنا.
أ – هدف السينودس
2 – هناك هدف مزدوج للاجتماع الخاص بسينودس الاساقفة للشرق الأوسط: تثبيت وتقوية المسيحيين في هويتهم، عبر كلمة الله و الاسرار المقدسة، واحياء الشركة الكنسية بين الكنائس الخاصة، حتى تستطيع تقديم شهادة مسيحية حقيقية، فرحة وجذابة. إن كنائسنا الكاثوليكية ليست وحدها في الشرق الاوسط. هناك أيضاً الكنائس الارثوذكسية والجماعات البروتستانتية. لذلك فالبعد المسكوني اساسي، حتى تصير الشهادة المسيحية حقيقية وذات مصداقية "ليصيروا واحداً حتى يؤمن العالم" (يوحنا 17: 21).
3 – يجب اذن تدعيم الشركة على كل المستويات: في داخل كل كنيسة كاثوليكية في الشرق، وبين كل الكنائس الكاثوليكية، ومع باقي الكنائس المسيحية. وفي الوقت عينه تجب تقوية الشهادة التي نقدمها لاخوتنا اليهود والمسلمين ولباقي  المؤمنين وغير المؤمنين.
4 – يقدم لنا السينودس أيضاً الفرصة لتشخيص الوضع الديني والاجتماعي، حتى نعطي للمسيحيين رؤية واضحة الى معنى حضورهم في وسط مجتمعاتهم الاسلامية (العربية – التركية – الاسرائيلية – الايرانية)، وعن دورهم ورسالتهم في كل بلد، وبذلك نعدّهم لأن يكونوا هناك شهوداً حقيقيين للمسيح. إنها إذن وقفة للتفكير في الوضع القائم، وهو وضع صعب: حالة صراع، وعدم استقرار، ومسيرة نضج سياسي واجتماعي في معظم بلادنا.
ب – وقفة للتفكير في ضوء الكتاب المقدس
5 – سيقود الكتاب المقدس تفكيرنا، وهو الذي جاءت كتابته على ارضنا، وبلغاتنا (العبرية، والآرامية، أو اليونانية)، وفي أطر وتعبيرات ثقافية وأدبية نشعر بأنها تخصنا. إن قراءة كلمة الله تتم "في الكنيسة". وووصلتنا هذه الكتب المقدسة عبر الجماعات الكنسية، وصار نقلها والتأمل فيها عبر طقوسنا المقدسة. إنها مرجع لا غنى عنه، لاكتشاف معنى حضورنا، وشركتنا وشهادتنا في السياق المعاصر لبلادنا.
6 – ماذا تقول لنا كلمة الله اليوم وهنا، ماذا تقول لكل كنيسة في كل بلد؟ كيف تتجلى لنا عناية الله المُحبة، عبر كل الحوادث السهلة او الصعبة في حياتنا اليومية؟ ماذا يطلب منا الله في هذه الايام؟: أن نبقى، لنعيش التزامنا في مسيرة الحوادث التي هي مسيرة العناية والنعمة الإلهية؟ أم نهاجر؟
7 – الأمر يستوجب إذن – وهذا هو أحد أهداف هذا السينودس الخاص – أن نعيد اكتشاف كلمة الله في الكتب المقدسة، الموجهة اليوم الينا، التي تخاطبنا اليوم، وليس في الماضي فقط، والتي تفسّر لنا، كما لتلميذي عماوس، ما يدور حولنا. هذا الكشف يتم أولاً عبر قراءة الكتاب المقدس التأملية، سواء شخصياً، او في الأسرة، او داخل الجماعات الحية. لكن أهم شيء هو ان تقود اختياراتنا اليومية، في الحياة الشخصية، والعائلية، والاجتماعية، والسياسية.
أولاً: الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط (8 – 35)
أ – وضع المسيحيين في الشرق الأوسط:
1 – نظرة تارخية موجزة: وحدة في التعدد
8 – يرجع تاريخ الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط، مثل كل جماعة مسيحية في العالم، الى الكنيسة المسيحية الاولى في أورشليم، التي وحدها الروح القدس في يوم العنصرة. لكنها انقسمت في القرن الخامس بعد مجمعي أفسس وخلقدونية، لأسباب ترجع اساساً للعقيدة حول شخص الرب يسوع المسيح. وقد أعطى هذا الانقسام الاول مولداً للكنائس المعروفة اليوم باسم "كنيسة الشرق الرسولية الأشورية" (التي كانت تسمى بالنسطورية)، و"للكنائس الارثوذكسية الشرقية"، اي الكنائس القبطية، والسريانية، والارمنية، والتي كانت تدعي المونوفيزية (اي تؤمن بالطبيعة الواحدة في شخص الرب يسوع المسيح). وكانت لهذه الانقسامات أيضاً أسباب سياسية وثقافية غالباً، كما أوضح ذلك لاهوتيو العصور في الشرق، التابعون للتقاليد الثلاثة الكبرى، المدعوة تقاليد "الملكيين واليعاقبة والنساطرة". فقد اكدوا جميعاً انه لم يكن هناك أي سبب عقائدي لهذا الانقسام. ثم جاء الانقسام الكبير في القرن الحادي عشر، الذي فصل القسطنطينية عن روما، وبالتالي الشرق الارثوذكسي عن الغرب الكاثوليكي. وكل هذه الانشقاقات ما زالت موجودة اليوم في كنائس الشرق الأوسط المختلفة.
9 – وبعد الانقسامات والانشقاقات، كانت هناك، على فترات متكررة، جهود لاعادة بناء وحدة جسد المسيح. وفي اطار تلك الجهود المسكونية، تكونت الكنائس الكاثوليكية الشرقية: الارمنية، والكلدانية، والملكية، والسريانية والقبطية. وقد انساقت هذه الكنائس في البداية الى اسلوب الجدل مع أخواتها الكنائس الارثوذكسية، ولكنها كانت في أغلب الاحيان مدافعة بحرارة عن الشرق المسيحي.
10 – حفظت الكنيسة المارونية وحدتها في قلب الكنيسة الجامعة، ولم تعرف في تاريخها انقساماً كنسياً داخلياً. أما كرسي اورشليم البطريركية اللاتينية، التي تأسست مع الصليبيين، فقد اعيدت في القرن التاسع عشر، بفضل وجود الآباء الفرنسيسكان المتواصل، ولاسيما في الاراضي المقدسة، منذ بداية القرن الثالث عشر.
11 – صار عدد الكنائس الكاثوليكية في الشرق اليوم سبع كنائس. ومؤمنوها في الأغلب عرب او مستعربون. وبعضها حاضر أيضاً في تركيا وفي ايران. وهي ذات اصول ثقافية، وبالتالي أيضاً طقسية، مختلفة: يونانية وسريانية، وقبطية، وأرمينية، او لاتينية. وهذا ما يشكل غناها البديع وتكاملها. إنها متحدة في الشركة الواحدة مع الكنيسة الجامعة حول اسقف روما، خليفة القديس بطرس، هامة الرسل. وينبع غناها من تنوعها عينه، ولكن التمسك الزائد بالطقس وبالثقافة الخاصة يمكن ان يكون سبباً لفقرها جميعاً. إن التعاون بين المؤمنين عادي وطبيعي، على كل المستويات.
2 – الأصل الرسولي والدعوة الإرسالية.
12 – من جهة أخرى، كنائسنا ذات أصل رسولي، وبلادنا كانت مهداً للمسيحية. كما قال قداسة البابا بينيديكتوس السادس عشر في 9/ 6/ 2007. "إنها الحارس الحي للأصول المسيحية" (بينيديكتوس 16: اوسيرفاتورى رومانو، 10/ 6/ 2007، ص 1)، "إنها أراض تقدست بحضور المسيح نفسه والاجيال المسيحية الاولى". ستكون خسارة للكنيسة الجامعة، اذا اختفت المسيحية او ضعفت هناك حيث ولدت. إننا نحمل هنا مسؤولية ثقيلة: ليس فقط ان نحافظ على الايمان المسيحي في هذه الاراضي المقدسة، وإنما بالأكثر ان نحافظ على روح الانجيل لدى هذه الشعوب المسيحية، وفي علاقتهم مع غير المسيحيين، والمحافظة على ذاكرة الأصول.
13 – ولأن كنائسنا كنائس رسولية، فإن لها رسالة خاصة لتحمل الانجيل الى العالم أجمع. وقد كان هذا الدفاع ملهماً للعديد من كنائسنا عبر التاريخ: في بلاد النوبة، والحبشة، وفي شبه الجزيرة العربية، وبلاد فارس، والهند، وحتى الصين. واليوم نرى ان هذا الدافع الانجيلي قد تباطأ غالباً، وخبت شعلة الروح.
14 – والحال أنه انطلاقاً من تاريخنا وثقافتنا، نحن قريبون من مئات الملايين من الاشخاص، سواء من حيث الثقافة او الروحانية. فعلينا ان نشركهم في رسالة الحب الانجيلي التي قبلناها. ففي هذا الوقت الذي تحس شعوب أنها تائهة، وتبحث عن شعاع رجاء، نستطيع أن نمنحهم الرجاء الذي فينا بالروح القدس الذي أفيض في قلوبنا (راجع روما 5/5).
3 – دور المسيحيين في المجتمع برغم قلة عددهم
15 – إن مجتمعاتنا العربية والتركية والايرانية، برغم اختلافها، لها خصائص مشتركة. ففيها يتغلب التقليد واسلوب الحياة التقليدي، وبالأخص في ما يتعلق بالأسرة والتربية. تميز الطائفية العلاقات بين المسيحيين، كما مع غير المسيحيين، وتؤثر بعمق على العقلية والسلوك. فالدين عنصر من عناصر الهوية قد يفرّق عن الآخر.
16 – ويتغلغل عنصر الحداثة أكثر فأكثر: فالاتصال بالقنوات التلفزيونية العالمية وبالانترنت، ادخل في المجتمع المدني وبين المسيحيين قيماً جديدة، واضاع قيماً أخرى. ولمواجهة ذلك يزداد انتشار الجماعات الاسلامية الأصولية. وتجاوب السلطة بمزيد من التسلط، وفرض الرقابة على وسائل الاعلام والصحافة. غير أن الاغلبية تتطلع الى ديموقراطية حقيقية.
17 – وبالرغم من ان المسيحيين يشكلون أقلية بسيطة في كل مكان تقريباً في الشرق الأوسط، باستثناء لبنان، هي أقل من 1% (في ايران وتركيا)، الى 10% في مصر، إلا انهم نشطون، وديناميكيون، وذوو اشعاع. لكن الخطر يكمن في الانطواء على الذات والخوف من الآخر. لذا يلزم تقوية إيمان وروحانية مؤمنينا، وتدعيم الروابط الاجتماعية والتضامن في ما بينهم، من دون السقوط في فخ الفيتو أي الانغلاق.
ب – التحديات التي يواجهها مسيحيو الشرق الأوسط
1 – الصراعات السياسية في المنطقة
18 – إن الصراعات السياسية الجارية حالياً في المنطقة تؤثر تأثيراً مباشراً على حياة المسيحيين، كمسيحيين وكمواطنين. فالاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية يجعل من الحياة اليومية صعبة، سواء في حرية الحركة، والاقتصاد، والحياة الدينية (كالوصول الى الاماكن المقدسة، المرتهن باذن عسكري، يمنح للبعض ويرفض لغيرهم، لأسباب أمنية). وعلاوة على ذلك، توجد تيارات لاهوتية مسيحية اصولية تبرر من الكتاب المقدس احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية، مما يزيد من صعوبة وضع المسيحيين العرب.
19 – وفي العراق، اطلقت الحرب العنان لقوى الشر في البلد، لدى الطوائف الدينية، والتيارات السياسية. فاسقطت ضحايا من كل العراقيين. ولكن المسيحيين من الضحايا الأساسيين، إذ يشكلون الجماعة الأصغر عدداً والأضعف بين الجماعات العراقية. في حين لا تراعي السياسة الدولية لهم أي حساب.
20 – وفي لبنان ينقسم المسيحيون انقساماً عميقاً على الصعيد السياسي والطائفي، ولا يملك احد مشروعاً يحوز قبول الجميع. وفي مصر حيث يتزايد نمو الاسلام السياسي  من جهة، وانسحاب المسيحيين عن المجتمع المدني، تجعل حياتهم عرضة لعدم التسامح، وعدم المساواة، وعدم العدالة. كما تتغلغل هذه الأسلمة أيضاً عبر وسائل الاعلام ومناهج التعليم داخل الأسرة، مما يؤثر في تغيير العقلية واسلمتها بطريقة غير واعية. وفي العديد من البلدان، فإن التسلط، والديكتاتورية أحياناً، يدفعان الشعوب، بمن فيهم المسيحيين، الى تحمّل كل شيء في صمت لانقاذ الأمور الأساسية. وفي تركيا يطرح التصور العلماني الحالي الكثير من المسائل على الحرية الدينية الكاملة في البلد.
21 – ولقد وصفت الرسالة الرعوية العاشرة للبطاركة الكاثوليك (عام 2009) وضع المسيحيين هذا في البلاد العربية المختلفة (رقم 13). حيث تشخّص الخاتمة الموقف الانهزامي: "أمام هذه الحقائق المختلفة، يظل البعض ثابتين في ايمانهم والتزامهم في المجتمع، مشاركين في كل التضحيات ومساهمين في المشروع الاجتماعي المشترك. بينما على عكس ذلك، نجد غيرهم يتملكهم اليأس، ويفقدون الثقة في مجتمعاتهم، وفي قدرتها على ان توفر لهم المساواة مع جميع المواطنين. ولذلك يتخلون عن اي التزام، وينسحبون في اطار كنائسهم ومؤسساتها، فيعيشون في جزر منعزلة بلا تفاعل مع الكيان الاجتماعي. (راجع مجلس البطاركة الكاثوليك الشرقيين، الرسالة الرعوية).العاشرة، (2009)، رقم13.
2 – حرية العقيدة وحرية الضمير
22 – في الشرق تعني حرية العقيدة في المعتاد حرية العبادة. فهنا لا تدل اذن على حرية الضمير، أي حرية التخلي عن البداية الخاصة أو الايمان بديانة أخرى. فالديانة في الشرق هي عادة اختيار اجتماعي لا بل قومي، وليست اختياراً شخصياً. فتغيير الديانة يعتبر خيانة للمجتمع، وللثقافة، وللأمة المبنية أساسياً على تقليد ديني.
23 – كما ينظر الى الاهتداء (تغيير الدين) على انه ثمرة اختطاف مغرض، وليس كاهتداء حقيقي. وهو غالباً ما يكون محظوراً على اليهودي والمسلم بموجب قوانين الدولة. وبالنسبة الى المسيحي، فهو أيضاً يختبر ضغطاً واعتراضاً، وإن كانا اخف بكثير، من جانب الأسرة، او القبيلة. لكنه يظل حراً في التغيير. وكثيراً ما لا يكون التغيير بسبب الاقتناع الديني، بل لمصالح شخصية، او تحت ضغوط الجذب الاسلامي، وبالذات للتحرر من الالتزامات الشخصية في مواجهة صعوبات أسرية.
3 – المسيحيون وتطور الاسلام المعاصر
24 – في رسالتهم الرعوية الأخيرة، قال بطاركة الشرق الكاثوليك: "إن تصاعد الاسلام السياسي منذ العام 1970 تقريباً، هو ظاهرة بارزة، تؤثر على المنطقة وعلى اوضاع المسيحيين في العالم العربي. ويشمل هذا الاسلام السياسي تيارات دينية متعددة، تسعى الى فرض أسلوب حياة اسلامي على المجتمعات العربية والتركية والايرانية، وعلى كل من يعيشون فيها، مسلمين كانوا أم غير مسلمين. ويعتبرون ان البعد عن الاسلام هو سبب جميع الويلات. والحل اذن هو العودة الى اسلام الاصول. ومن هنا خرج الشعار: "الاسلام هو الحل". ولتحقيق هذا الهدف، لا يتردد البعض في اللجوء الى العنف" (رقم 7).
يخص هذا التوجه المجتمع الاسلامي أولاً. ولكن تبعاته تعود على الوجود المسيحي في الشرق. لذلك فهذه التيارات المتطرفة تشكل تهديداً للجميع، مسيحيين ومسلمين، ويجب أن نواجهها معاً.
4 – الهجرة
25 – بدأت الهجرة من المشرق بين المسيحيين وغير المسيحيين نحو نهاية القرن التاسع عشر. والسببان الاساسيان كانا السياسة والاقتصاد. لم تكن العلاقات الدينية في أفضل صورها، ولكن نظام الملات (جماعات عرقية دينية) كان يكفل نوعاً من الحماية للمسيحيين داخل مجتمعاتهم. مما لم يكن يمنع من قيام بعض المنازعات الدينية والقبلية. وقد ازدادت هذه الهجرة اليوم بسبب الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، وما احدثه من عدم استقرار في المنطقة بأسرها، وصولاً الى حرب العراق وعدم الاستقرار السياسي في لبنان.
26 – علاوة على ذلك، نجد ان السياسات الدولية غالباً ما تتجاهل وجود المسيحيين، وهذا أيضاً سبب رئيسي من أسباب الهجرة. والحال أنه، في اطار الوضع السياسي الحالي في الشرق الاوسط، يصعب تحقيق اقتصاد، يقدر أن يوفر مستوى حياة كريمة للمجتمع كله. يمكن اتخاذ بعض التدابير لتقليل الهجرة، ولكن جذورها هي الوقائع السياسية القائمة. وهي التي يلزم التعامل معها، والكنيسة مدعوة الى الالتزام بهذا العمل.
27 – هناك عنصر آخر يستطيع ان يحد من هجرة المسيحيين: وهو تنمية الوعي لديهم بمعنى حضورهم. فكل شخص في بلده هو حامل لرسالة المسيح لمجتمعه. ويلزم حمل هذه الرسالة في زمن الصعوبات والاضطهاد. وهذا ما يعلنه لنا الرب يسوع في الانجيل: "سوف يضطهدونكم… هنيئاً لكم… هنيئاً لكم اذا عيروكم واضطهدوكم… افرحوا وابتهجوا لأن أجركم في السموات عظيم" (متى 5: 11 – 12). الى هذا المستوى يجب ان نعلو بمعنوية المسيح.
5 – الهجرة المسيحية من دول أخرى الى الشرق الأوسط
28 – تستقبل بلاد الشرق الأوسط مئات الألوف من الافريقيين كعمال مهاجرين، من اثيوبيا، وخصوصاً من السودان، ومن الاسيويين وخصوصاً من الفيليبين، ومن سريلانكا، ومن بنغلاديش، ومن نيبال، ومن باكستان، ومن الهند. واغلبهم من النساء اللواتي تعملن كخادمات، لتوفرن لأبنائهن تربية وحياة أفضل. وكثيراً ما يتعرض هؤلاء، النساء والرجال، لمظالم اجتماعية، واستغلال، واغتصاب جنسي، سواء من جهة الدول التي تستقبلهم، او المكاتب التي تستحضرهم، أو اصحاب العمل.
29 – علينا هنا مسؤولية رعوية لمرافقة هؤلاء الاشخاص، سواء على المستوى الديني او المستوى الاجتماعي. فهؤلاء المهاجرون كثيراً ما يواجهون مشاكل مأسوية، والكنيسة لا تقدر أن تعمل لهم شيئاً كثيراً. وفي الآن نفسه، فتكوين أبنائنا المسيحيين على تعليم الكنيسة الاجتماعي للكنيسة الكاثوليكية، وعلى العدالة الاجتماعية، أمر ملح ولا غنى عنه، لتفادي أي تصرف من التعالي او الاحتقار. بالاضافة الى ذلك، لا يوجد احترام للقوانين والمواثيق الدولية.
ج – إجابات المسيحيين في حياتهم اليومية
30 – إن موقف المسيحيين في كنائسنا ومجتمعاتنا، تجاه كل التحديات السابقة الذكر، متنوع ومختلف:
¶ فهناك المسيحي المؤمن والملتزم، الذي يقبل ويعيش إيمانه باخلاص في حياته الخاصة والعامة.
¶ هناك أيضاً المسيحي "العلماني"، الذي رأيناه خاصة عبر التاريخ المعاصر، في بلادنا المختلفة. وهو يلتزم بعمق في الحياة العامة، ويؤسس الاحزاب السياسية بالأخص اليسارية منها، او يصير عضواً بها، وإنما كثيراً ما يضحي بايمانه.
¶ هناك أيضاً المسيحي صاحب الايمان التقليدي، الملتزم بالعبادات والممارسات الدينية الخارجية، والتي لا تأثير لها على حياته العملية، ولا على سلم القيم لديه. بل بعكس ذلك، يشارك مجتمعه نفس المعايير والقيم المنفعية (البرجماتية) السائدة، والمناقضة أحياناً للإنجيل. ويتبنى سلوك الصراع القائم في مجتمعه. ولا يختلف عن الآخرين سوى بالممارسات الدينية الخارجية، وبالأعياد الخاصة به، او باسمه المسيحي.
¶ هناك أيضاً المسيحي الذي يعتبر نفسه شخصاً ضعيفاً. وهو معقد من قلة عدد جماعته المسيحية، وسط مجتمع غالبيته اسلامية. إنه خائف. وهو ممتلئ بالقلق، ومهموم بأن يرى حقوقه منتهكة.
31 – إن الاسلوب الذي يعيش به المسيحي ايمانه ينعكس مباشرة على انتمائه للكنيسة. فالايمان العميق يقود الى اندماج قوي وملتزم. والايمان السطحي يعني ايضاً انتماء سطحياً. وفي الحالة الاولى يكون الانتماء حقيقياً وصادقاً، فيشارك المؤمن في حياة الكنيسة ويلتزم فيها بكل ما له من ايمان. وفي الحالة الثانية يكون الانتماء طائفياً فقط. (راجع بطاركة الشرق الكاثوليك، الرسالة الرابعة، رقم 5 – 16). وفي هذه الحالة يطالب المؤمن كنيسته بأن تهتم بكل نواحي حياته المادية والاجتماعية، مما يؤدي الى "التعود على المونة" والى العجز عن العمل. (راجع بطاركة الشرق الكاثوليك، الرسالة العاشرة (2009)، رقم 11.
32 – وهذا ما يتطلب اهتداء شخصياً من المسيحيين، ابتداء من الرعاية، بالعودة الى روح الانجيل، بحيث تصير حياتنا شهادة لحب الله، يتجلى في الحب الفعلي للجميع ولكل شخص. علينا ان نكون شهوداً للمسيح القائم من بين الأموات: "وكان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع، تؤيدها قدرة عظيمة" (أعمال 4/ 33)، وذلك للخروج من انانيتنا، وصراعاتنا، وضعفاتنا الشخصية.
33 – ان الحياة المكرسة موجودة في بلادنا بدرجات مختلفة. وحيث لا توجد حياة رهبانية تأملية، فالمرجو العمل على تأسيسها. والرسالة الاولى للرهبان والراهبات هي الصلاة والتشفع من اجل المجتمع: من أجل عدالة اوفر في السياسة والاقتصاد، وتضامن واحترام افضل في العلاقات الأسرية، ومزيد من الشجاعة للتنديد بالظلم، ومزيد من النزاهة لعدم الانسياق الى صراعات المجتمع، او الى البحث عن مصالح شخصية. هذه هي الاخلاقيات التي يتوجب على الرعاة، والرهبان، والراهبات، والمربين، ان يقدموها في مؤسساتنا (المدارس، والجامعات، والمراكز الاجتماعية، والمستشفيات، وغيرها)، حتى يصير ابناؤنا المؤمنون هم أيضاً شهوداً حقيقيين للقيامة في المجتمع.
34 – إن تكوين الاكليروس والمؤمنين، والوعظ والتربية الدينية، يجب أن تعطي للمؤمن معنى حقيقياً لايمانه، وتجعله يدرك دوره في المجتمع باسم هذا الايمان. يجب ان نعلمه ان يبحث عن الله وان يراه في كل شيء وفي كل شخص، وان يجتهد ليجعله حاضراً في مجتمعنا وفي عالمنا، وذلك بممارسة الفضائل الشخصية والاجتماعية: كالعدالة، والنزاهة، والاستقامة، والترحيب، والتضامن، وانفتاح القلب، ونقاوة الاخلاق، والاخلاص، وغيرها من الفضائل.
35 – في سبيل ذلك يجب القيام بمجهود خاص لاكتشاف وتكوين "الكوادر" الضرورية، من الكهنة، والرهبان، والراهبات، والعلمانيين، رجالاً ونساء، حتى يكونوا شهوداً حقيقيين لله الاب، وليسوع القائم من بين الأموات، في مجتمعاتنا، وشهوداً للروح القدس الذي ارسله الرب يسوع لكنيسته، ليشجعوا اخوتهم واخواتهم في هذه الازمنة الصعبة، ويشاركوا في بنيان المجتمع.
ثانياً: الشركة الكنسية (36 – 45) (…)
 
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
أين أرشيف “تلفزيون لبنان” من التفريط والإهمال الإداري [1]

أين أرشيف “تلفزيون لبنان” من التفريط والإهمال الإداري [1]

لم يعد أرشيف "تلفزيون لبنان" القديم، الكنز الذي تُشكّل مواده موسوعات من تاريخ لبنان السياسي، الثقافي والفني، يُعرض حصرياً على شاشته فحسب، إنما اغتنت منه محطات محلية ومناطقية

 رفعت به نسبة المشاهدين وإقبال المعلنين.
سعت الحكومات المتعاقبة منذ العام 2000 إلى خصخصة "تلفزيون لبنان" وبيعه للقطاع الخاص، وكان يُقدّر أرشيفه آنذاك بعشرين مليون دولار، أما اليوم فيقدّر بعشرات الأضعاف… مَن يجيب عن تساؤلات كثيرة تطرح عليها علامات استفهام: من فرّط بهذا الأرشيف؟ من باعه؟ ولمن؟
"لا شيء يتقدم اهتماماتي أكثر من المحافظة على أرشيف "تلفزيون لبنان" القديم الذي أعتبره متحفاً تراثياً تتحدث عنه كل الأجيال"، قال وزير الإعلام وليد الداعوق لـ"النهار" عندما أثارات أمامه الموضوع.
عندما تأكد الوزير من حال الأرشيف المتردية، من أشرطة 16 ملم المهترئة والمهملة على مدار أعوام طويلة، إلى سوء تعامل مجلس الإدارة الحالي المنتهية صلاحيته، والتفريط في الاشرطة وبيعها إلى محطات أخرى اتخذ قراراً حازماً، منعتُ إنتاج برامج جديدة في التلفزيون بعدما اكتشفت ان إنتاج الجزء الأول من مسلسل "إسمها لا" كان دليلاً واضحاً الى الاهدار الذي مارسه هذا المجلس ببيع المسلسل لقناة "الجديد"، علماً أن العرض الخاص يقدّم بعد انتهاء عرض المسلسل بفترة. المسلسل كلّف 11500 دولار وبيع في ما يسمى عرضاً ثانياً لـ"الجديد" بــ 2500 دولار".
وما حصل على ما يوضح الوزير أنه "بعد عرض حلقة المسلسل بيومين بدأ عرضه على "الجديد"، وفي حين لم يكن "تلفزيون لبنان" يستقطب أي دعاية، كان الآخر يستقطب كل الإعلانات لأن لديه أجهزة أفضل من أجهزة "تلفزيون لبنان"، والمُشاهد يرغب في شاشة متطورة تشدّه. وهذه كارثة أخرى".
وماذا عن مبلغ الملياري ليرة الذي رصده وزير الإعلام السابق طارق متري والمخصص لإنتاج ثلاثة مسلسلات: "الهروب إلى النار"، "ورد وشوك" والجزء الثاني من "إسمها لا"؟ وكان الداعوق أوقف إنتاج هذه المسلسلات وغيرها؟ أجاب: "لم أرصد ليرة من المبلغ في هذا الخصوص، بل حرصت على عدم صرف الملياري ليرة لئلا تذهب إهداراً بوجود مجلس إدارة كهذا لست راضياً على أدائه".

عتب على مجلس الإدارة
يعتب الداعوق كثيراً على عدد من أعضاء مجلس الإدارة الذين لم يعملوا لمصلحة المؤسسة على قوله: "واجهت بعض الأعضاء مراراً، فأبدوا استياءهم من تصرفات المدير العام وغيره لتورطهم في العديد من الأمور، منها التفريط بأرشيف التلفزيون".
يُقال إن برامج قديمة للمذيعة المصرية ليلى رستم بيعت كالبرنامج السياسي "سهرة مع  الماضي" وآخر فني "نجوم على الأرض"، لمحطة ART، بالإضافة إلى مقابلة مع الفنان الراحل فريد شوقي بثتها ART في ثلاث حلقات.
لم يكن الوزير مطلعاً على هذا الأمر، لكنه أكد أنه "من اليوم فصاعداً أمنع بالمطلق بيع مواد الأرشيف والتفريط بها بهذه الطريقة. يمكن إعطاء حق استثمار، لكن حق الملكية يبقى للتلفزيون".  
يجيب رداً عن سؤالنا: "في حال تأكدتُ من تمريرات "برانية" سأرفع دعوى وأبلغ النيابة العامة"، مؤكداً ان أي تبادل أو بروتوكول تعاون لا يتم من دون موافقة مجلس الإدارة وحضوره شخصياً، والدليل على ذلك، أنه قبل فترة وجيزة، أوقف خمس عمليات تبادل "لأننى اقتنعت بأن الاتفاق لم يكن متوازناً بين الطرفين".   
هذا الوضع لا يمنع الداعوق درس سبل استثمار الأرشيف الغني على غرار ما تفعل تلفزيونات العالم، ويشير، إلى أنه تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، التي تملك جهازاً عالمياً يمكنها من استثمار أعمال كل محطات تلفزيونات العالم.
غاية الوزير الآنية ليست الإستثمار" فبالنسبة إليّ الأهم هو المحافظة على الأشرطة وتحسينها وتحويلها إلى ديجيتال".
 
نيكول طعمه / النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
زيارة بندكتس السادس عشر إلى لبنان بين الواقع والرجاء (1)  مقابلة مع المونسينيور بيوس قاشا

زيارة بندكتس السادس عشر إلى لبنان بين الواقع والرجاء (1) مقابلة مع المونسينيور بيوس قاشا

زيارة البابا بندكتس السادس عشر إلى لبنان ليست مناسبة وطنية لبلاد الأرز وحسب، بل هي حدث إقليمي وكنسي ضخم يجمع بين أهمية معنوية كبيرة للزيارة في خضم ربيع عربي يحمل في طياته غيومًا

 داكنة وغامضة من العنف والدماء، وأهمية كنسية كبيرة، لأنه يشكل تكليلًا لجمعية سينودس الأساقفة الخاصة من أجل الشرق الأوسط، إذ سيسلم البابا بندكتس السادس عشر خلال زيارته الشرق أوسطية الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الذي عُقد في روما في أكتوبر 2010.

نظرًا لترابط هذه المواضيع التقت زينيت بالمونسنيور بيوس قاشا، خوري رعية مار يوسف للسريان الكاثوليك في المنصور _ بغداد _ العراق. المونسينيور بيوس قاشا هو علامة في اللاهوت والتاريخ الكنسي. ولد في قره قوش/ الموصل/ العراق في 28 آب 1953، بدأ مشواره الثقافي في معهد الآباء الدومنيكيين في الموصل، وارتاد عدة جامعات ومعاهد لاهوتية في مصر، إيطاليا وهولندا حصد منها سلسلة من الشهادات في الفلسفة واللاهوت. المونسينيور قاشا مؤلف سخي أصدر ما يقارب الـ 125 كتابًا وهو مسيحي ومواطن ناشط يشارك في العديد من اللجان الصحفية، اللاهوتية، الطقسية-الليتورجية والأدبية.

قبل أن نطرح أسئلة المقابلة شاء المونسينيور أن يفتتح حديثه مسلطًا الضوء على الاهتمام الخاص الذي كرسه لسينودس الأساقفة الذي يدخل مع تسليم الإرشاد الرسولي الأسبوع المقبل مرحلته الختامية فقال: "مذ أعلن قداسة البابا بندكتس السادس عشر موافقته على عقد سينودس كنائس الشرق الأوسط، نما في داخلي شعور إيماني لا يضاهيه شعور، وأخذ يراعي يفكر ويتأمل ويسطّر وكأن السينودس لم يكن لي إلا عنصرة جديدة فقد حوّل اليأس إلى شجاعة، وامتلأتُ حرارةً، وقدّمتُ للرب من ذلك اليوم شمعةً وبخوراً ودعاءً كي يكون السينودس ربيعاً مسيحياً إيمانياً لي ولأبناء جلدتي ورعيتي التي أخدمها منذ ثلاثين عاماً، ولم أتركها أو أفارقها يوماً وفي أحلك الأيام، حيث كنتُ مع أبنائي في الحروب والحصار والاحتلال".

– مرّ عامان تقريباً على جمعية سينودس الأساقفة الخاصة لأجل الشرق الأوسط. أنت مشهور في العالم العربي بتتبّعكَ وتعمّقكَ بموضوعات السينودس ومقرراته. ماذا تقول لنا إذا ما سألناك أن تحدثنا باقتضاب عن "حصاد السينودس"؟.

المونسينيور بيوس قاشا: حصاد السينودس في بلدان الشرق الأوسط صعب المنال كوني أواكب فقط عبر المواقع الإلكترونية حصاد هذه الكنائس الشرق أوسطية _ وإنْ كانت نسبياً قليلة جداً وكأن الخمول قد أصابنا جميعاً _ حيث ما شاهدتُه عامة أن بعد انتهاء السينودس لم يكن هناك إلا القلّة القليلة التي واصلت سنابل الحقل ليحصد ثمار السينودس، وخيّم على الجميع هدوء واقعي لا أعلم إنْ كان إرادي أو بسبب وضع المربع العربي القلق… هذا من ناحية.

أما من ناحية الحصاد في بلدي المضطرب سياسياً واجتماعياً بسبب ما حلّ به من مصائب الإرهاب ونزيف الهجرة وما شاكل ذلك، ولا أعلم إنْ كنتَ تقبل الكلمة، فقد خاب أملنا، فلا حصاد كوننا لم نزرع شيئاً، فما زرعه قداسة البابا ومداخلات الأساقفة الأجلاء لم تأخذ تواصلاً من أجل الإنماء ثم الحصاد الوفير، ربما أقولها قلّة ضئيلة. ولم يكن هناك مقالات في هذا الشأن إلا مقالاتي والتي بلغت (16) مقالةً متنوعة متنوع الأفكار والعناوين، وهي:

   1. كلّنا في مسيرة واعدة نحو سينودس الشرق الأوسطي؛ سينودس الشركة والشهادة.

   2. البابا في روما، ترونه هناك.

   3. آمالنا في حقائب أساقفتنا الأجلاء.

   4. همسات إيمانية بين جلسات السينودس.

   5. السينودس من أجل رجاءٍ جديد وأرضٍ جديدة.

   6. عذراً، حديث عن ما بعد السينودس.

   7. السينودس، نفحة رسولية من أجل جماعة مسؤولة.

   8. كلمة الله عنوان كهنوتنا.

   9. السينودس من أجلنا كلنا.

   10. السينودس؛ صوت الحقيقة من أجل الحقيقة.

   11. البابا رسول السلام والمحبة والحوار.

   12. إنه يسبقكم إلى بيروت.

   13. نعم، مسيحيون من نوع جديد.

   14. السينودس، حوار الحياة المثمر مع المسلمين.

   15. السينودس… المسيحيون أصلاء في أرضهم. أيجوز أن نحيا بالتنقيط، كي نموت بالتقسيط، فتكون النتيجة التسقيط!.

   16.  الإرشاد الرسولي… عَنصرة من أجل كنيسة الشرق.

ولا يسعني _ أو لا أذكر _ أن هناك نشاطاً حصل في كنيسة ما من شمال العراق وحتى جنوبه، ولا أعلم ما السبب، هل كون كنيستنا في العراق لا تواكب مسيرة الكنيسة الجامعة الرسولية أم الوضع الراهن الذي عشناه ولا زلنا نعيشه هو السبب الرئيسي لوصولنا إلى هذه الحالة المتعبة.

وإنْ كانت توصيات السينودس قد منحت الضوء الأخضر بعد عودة الأساقفة الأجلاء إلى مدنهم وقراهم وأبرشياتهم لكي يقدموا للشعب الجائع إلى الإيمان خبز المسيرة ، ويُظهروا له أن السينودس ما هو إلا رسالة عنصرة مجددة حلّت على الآباء في علية الفاتيكان.

– ما هي أصداء السينودس في الكنيسة العراقية؟ هل من تغييرات ملموسة؟.

المونسينيور بيوس قاشا: أخجل أن أقول الحقيقة، فالأصداء محدودة المساحة والمحيط ولا من تغييرات واقعية أو حقيقية حصلت. بالعكس، ما حصل أنه بعد السينودس بثمانية أيام هبّت عاصفة الإرهاب على كنيسة سيدة النجاة واقتحمها الإرهابيون، وأمسينا فيها في ضياع، ورحل العديد من أبنائنا حاملين حقائبهم من الخوف والفزع، وتركوا العاصمة بغداد وقصد بعض منهم إقليم كوردستان في شمال العراق وآخرون رحلوا إلى غير عودة.

سمعتُ صوتاً واحداً في محاضرة واحدة أُلقيت في قره قوش بعد عودته من السينودس ولم أسمع أخرى هنا وهناك إلا ما قامت به رعيتنا مار يوسف من محاضرات ونشاطات وشرح توصيات السينودس وإفهام الناس أن السينودس هو من أجلنا كلنا كونه صوت الحقيقة ويدعو إلى الثبات في مسيرة الكتاب المقدس وعيشه بإيمان الحياة ومقاسمة الشركة في الكنيسة نفسها ثم مع غيرها من الكنائس من أجل شهادة مسيحية عملاً بما جاء في أعمال الرسل:"وكانوا كلهم قلباً واحداً ونفساً واحدة" (أعمال 32:4) في الشركة والشهادة.

– يتطرق السينودس إلى الحوار مع الأديان، وبشكل خاص الإسلام. هل كانت هناك مبادرات على الأرض بعد أكتوبر 2010؟، وما كانت ردة الفعل من الجهة المقابلة؟.

المونسينيور بيوس قاشا: إن الحوار رسالة السلام. ففي الحوار الصادق يكون التعايش الأخوي والمسالم. وفي هذا الصدد لم أجد مَن قام بأي نشاط حواري مع الجانب المسلم، ولكن ما حصل أنه بعد كارثة كنيسة سيدة النجاة شارَكَنا الأخوة الإسلام في همومنا ومشاكلنا، ووجّهوا دعوات إلينا بعدم الرحيل كوننا الأصلاء في هذا البلد… هذا من جانب الأخوة المسلمين. ولكن لم أجد شيئاً أو حواراً أو مؤتمراً قامت به كنيسة ما أو أبرشية ما أو رعية، ولكن ما حصل إني استطعتُ أن أشارك في مؤتمرات أو جلسات حوار عُقدت عند الأخوة المسلمين من السُنّة والشيعة، فقد شاركتُ في مؤتمر أقيم عند سماحة السيد حسين الصدر وألقيتُ كلمة بالمناسبة من أجل التمسك بالأرض وعنوانها "لا تستسلموا، لا تيأسوا، لا ترحلوا"، وهذه كانت كلمات قداسة الطوباوي يوحنا بولس الثاني. ثم شاركتُ في مؤتمر الحوار من أجل الفكر عند ملتقى سماحة الشيخ همام حمودي، وفي مؤتمر حوار بين الأديان "من أجل كلمة سواء" وألقيتُ فيها كلمة عنوانها "من أجل الحياة".

نعم، كانت المؤتمرات وكان التضامن الأخوي بين المسلمين والمسيحيين وخاصة بعد كارثة كنيسة سيدة النجاة. ولكن قليلاً فقليلاً تواصل المسيرة نحو الهدوء والسكينة، وكأننا قد أكملنا كل شيء، مع علمي واعتقادي بكلمة الكنيسة الجامعة وقول قداسة البابا بالحوار كون الحوار هو الرسالة المثمرة مع الإسلام. وإنني أفكر الآن _ وإنشاء الله بعد عودتي من لبنان _ أن أرتّب لقاءً خاصاً حول طاولة مستديرة يجتمع حولها مؤمنو الكتب السماوية المقدسة لمناقشة أسلوب العيش وقبول الآخر وحرية الكلمة… وما لي إلا أن أطلب عوناً من الرب من أجل ذلك.

تابع

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العالم : روحانية فصحية للعمل الرعائي اليوم (1)

العالم : روحانية فصحية للعمل الرعائي اليوم (1)

هل يوجد روحانيَّة خاصّة للعمل الرعائي اليوم؟ هل الحياة الروحيَّة والعمل الرعائيّ هما اليوم واقعان متوازيان؟ أم هما مكمِّلان لبعضهما البعض؟ أم هما متواصلان؟ بمعنى آخر، أريد البحث في هذا الموضوع

عن مصادر الغذاء الروحيّ لكاهن الرّعيّة.

        واقع الحال يقول إنَّه بقدر ما هناك كهنة رعايا هناك روحانيَّات، لأنّه لا يوجد "فرائض"[1] خاصّة لكهنة الرعايا، بل هناك توصيات عامّة موزّعة هنا وهناك في المجامع العامة والخاصة أو في القوانين والدساتير الكنسيَّة أو القرارات أو الرسائل البطريركية أو البابويَّة، أو في روحانيَّات لجمعيَّات كهنوتيّة يختارها كاهن الرّعيّة حسب رغبته أو ذوقه الروحي… الرهان اليوم، هو في التمييز بين العناصر الأساسية التي تبعث الحياة في روحانية الكاهن لتؤجج عمله الرعائي في هذا الزمان المليء بالتغيرات القيميَّة والأدبيَّة.

        اخترت مدخلاً، وهو السّرّ الفصحيّ، قلب الإيمان المسيحي، وهو الذي يتجلَّى في كلّ المقامات المسيحيّة. لذلك اقترحت ثلاث واحات دائمات في حياة كاهن الرّعيّة ومعاونيه العلمانيّين، هذه الواحات من المفترض أن تكون ينابيع فرح وغذاء روحي! مستمدَّة من ثالوثيَّة هذا السّرّ: الحياة والموت والقيامة.

        هذه القراءة مقدَّمة لواقع كنيستنا في العالم العربيّ ولخصوصيّة مجتمعاتنا المتعدّدة فيه. هذا المجتمع المتنوِّع التركيبات، كفسيفساء فيها الكثير من الأشكال والألوان، داخل مجموعة مختلفة من الكنائس والتيَّارات المسيحيِّة من جهة أولى، ومن معتقدات غير مسيحية من جهة أخرى. هذه القراءة تطمح أن تقدم مساهمة في حقل روحانية العمل الراعويّ في بدايات الألفية الثالثة.

[1] – الفرائض هي القوانين الكنسيّة الخاصّة بالرهبان أو الجمعيّات الكهنوتيّة.

 زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
نيجيريا: الحوار بين الأديان هو الوسيلة الوحيدة للخروج من العنف (1)

نيجيريا: الحوار بين الأديان هو الوسيلة الوحيدة للخروج من العنف (1)

أظهر استفتاء حديث في نيجيريا أنّ 70% من المواطنين يعتقدون بأنّ الحوار بين الأديان هو الوسيلة الوحيدة الممكنة للخروج من العنف المسيطر ويستبعدون عنف المتعصّبين.

وقد قال الأشخاص الذين طرحت عليهم الأسئلة، أنّه لواجب على الشرطة أن تتحضّر جيداً وأن يتم دعم الأوساط السياسية الإسلاميّة غير المتعصّبة وذلك ضمن المعقول بدون استبعاد احتمال التدخّل في المناطق الحرّة المستعملة كجزر السلحفاة للقراصنة.

انّ المسيحيين في نيجيريا الذين يقصدون الكنيسة نهار الأحد لا يعلمون إذا كانوا سيعودون إلى منازلهم فمنذ بدء هذا العام، أقدم الأصوليون المسلمون على قتل أكثر من 800 شخص من ضمنهم 150 مسيحي.

قام البروفيسور الإيطالي ماسيمو إنتروفيني، العالم بالمجتمع والمؤرّخ، بشرح الأوضاع في مقابلة مع زينيت، نظّمها مرصد الحرية الدينية لوزير الخارجيّة الإيطالي ومدينة روما.

زينيت – في هذا اللقاء تمّ عرض موضوع اضطهاد المسيحيين في نيجيريا وذلك بحضور عدد كبير من الشخصيات….

السيد إنتروفين كان هذا اللقاء مهمّا جداً كما لاحظتم، وهو يشير إلى أنّ إيطاليا متمسّكة بملف نيجيريا وهي لا تكتفي بالحديث عنه: فقد بدأ عهد التصرّف.

ما هو دور مرصد الحرية الدينية؟

إنّ دور مرصد الحرية الدينية لوزير الخارجيّة هو تنسيق المبادرات المأخوذة على مختلف الأصعدة وأوّلها تلك المتعلّقة بالتشديد على أن يتمّ تحريك وتفعيل دور المنظمات. من هنا أهميّة تشديد الديبلوماسية الإيطاليّة على دمج مسألة المسيحيين في جميع مبادرات السلام والتطوير للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولكن الوقت الذي تتطلّبه المنظمات غالباً ما يكون طويلاً…

في الواقع، تظهر هنا المساهمة الثنائية لأنّ إيطاليا تتميّز فيما يخصّ الأمن ومراقبة المواضيع الحسّاسة. ولكن في نيجيريا تندرج ضمن هذه المواضيع الكنائس المسيحية وبالتالي تبرز برامج التدريب للموظّفين الإداريين وقوات حفظ النظام والشرطة وحماة حدود نيجيريا.

إذاً تحدّثنا عن الحوار والأمن. ماذا بعد؟

إنّ العنصر الثالث هو الاعتماد أكثر على السياسة. سأشرح ما قلت: مع أنّ الحوار بين الأديان يعود أولاً إلى المؤسسات الدينية – وبهذا الخصوص تعطينا الكنيسة الكاثوليكية أمثلة مشجّعة – إلّا أنّ الحوار الذي هو الوسيلة الوحيدة لحلّ المشاكل، يجب أن يضمّ أيضاً الفاعلين العائدين إلى سياسة الإسلام، وذلك باستبعاد الذين يمارسون العنف أو الإرهاب مثل قائد بوكو حارام في نيجيريا الذي يعتبر أنّ للمسيحيين خيارات ثلاث: إمّا الموت أو الأسلمة أو الهجرة. علينا استبعاد مثل هؤلاء الأشخاص ولكن يمكن ادخال بعض قوى الإسلام في الحوار.

هل ترون نقطة أخرى مهمّة؟

أجل، إنّ العنصر الرابع هو لامركزية النزاع الذي ليس محليّاً فقط إنما قارّي يتميّز بوجود الإرهابيين في المناطق الخارجة عن رقابة الدولة مثل نصف الصومال وشمال مالي. وفي الأيام الأخيرة، تمّ تأكيد وجود بوكو حرام النيجيري في منطقة غاو  ومالي وفي مناطق تسيطر عليها القاعدة حيث سنتزوّد بالوقود والأسلحة. 

(يتبع)

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
د. جورج صدقة: وسائل الإعلام في تعاملها مع قضايا الجامعة اللبنانية [1]

د. جورج صدقة: وسائل الإعلام في تعاملها مع قضايا الجامعة اللبنانية [1]

يكاد لا يمر يوم من دون ان تتناول وسائل الاعلام قضايا الجامعة اللبنانية، لا سيما الملفات الخلافية والمواضيع المطلبية من اضرابات وتدخلات سياسية وصراعات حزبية في داخلها،

 فيخيل للقراء والجمهور، ان الجامعة اللبنانية في حال يرثى لها، وتسوق هذه التغطية صورة سيئة عن اداء الجامعة ومستواها.
برز ذلك في الايام الماضية مع تناول الصحافة قضيتين: موضوع تفريغ اساتذة جدد في الجامعة وموضوع حفل تخرج طلاب كلية الاعلام والتوثيق. فبدا في الموضوع الاول ان الجامعة تفتقد الاستقلالية حتى في قراراتها الاكاديمية اذ يمنع عليها ان تحدد حاجاتها من الاساتذة او ان تختار الاكفاء منهم بعيدا من الضغوط السياسية. وبدا في الموضوع الثاني الانقسام العميق بين طلابها وكانها لم تنجح في توحيدهم او في جمعهم حول شهادتهم وحفل تخرجهم، وبالتالي تبدو وحدة جسمها اصطناعية وغير حقيقية.

التغطيات المسيئة للجامعة

ومن خلال مراجعة وسائل الاعلام اللبنانية نرى ان تغطية قضايا الجامعة الوطنية نادرا ما كانت ايجابية لانها غالبا ما عكست قضايا التدخل السياسي فيها والنزاعات الحزبية على عكس التغطية المخصصة لاخبار الجامعات الخاصة التي تنجح في الترويج لنفسها ولصورتها. فما يحصل ان اخبار الجامعات الخاصة تتوالى في الاعلام ايجابية وواعدة، فيما تاتي اخبار الجامعة اللبنانية حزينة في اخبار اضراباتها ونزاعاتها ومعاناتها في المباني والتجهيزات. والنتيجة ان من يواكب اخبار الجامعة الوطنية في وسائل الاعلام قد يخرج بانطباع ان هذه الجامعة "مهترئة ومفككة" فيما تظهر الجامعات الخاصة على صورة معاكسة.
هكذا تبدو مخاطر التغطيات الاعلامية لاخبار الجامعة الوطنية مسيئة في اتجاهين. الاول هو التشويه اللاحق بصورة الجامعة والنيل من دورها ومسيرتها. الثاني ان هذه التغطية لا تعكس الواقع الحقيقي لها. هذا لا يعني ان ما تكتبه وسائل الاعلام ليس صحيحا، لكنه من التفاصيل التي لا يجوز ان تحجب وجه الجامعة الحقيقي ودورها الاساسي في ميادين التربية الوطنية والعلم وبناء مستقبل الوطن. هذه المعالجة المجتزأة لقضايا الجامعة تغيب عنها انجازات الجامعة وتصل الى حد تهديد مسيرتها. وبلغ الحد باحد الصحافيين الى كتابة مقالة في احدى ابرز الصحف اللبنانية (النهار، 4 كانون الثاني 2012) عرض فيها بعض مشاكلها التجهيزية ("مكبرات الصوت، الكافيتيريا، الحمامات الفارغة من الصابون والمناديل الورقية") ليخلص في ختام مقالته الى ان "الجامعة اللبنانية تحتضر". وهذا يبين حجم الغبن والاساءة اللذين تتعرض لهما الجامعة في مثل هذه التغطيات وكم تعاني الاجحاف والتجريح.

ما يتناساه الاعلام
فكيف لوسائل الاعلام ان تنسى ان الجامعة اللبنانية تضم اكثر من سبعين الف طالب اي نحو نصف طلاب لبنان الجامعيين، وان مستواها العلمي يصنف بين اولى الجامعات في لبنان، وان متخرجيها في كليات الطب والعلوم والهندسة والتكنولوجيا والاعلام والتربية وغيرها من الكليات من الافضل موقعا في سوق العمل محليا وعربيا. كما تحظى هذه الكليات عالميا باعتراف من كبريات جامعات العالم. فيما الكثير من الطلاب الراسبين في الجامعة الوطنية يلجأون الى جامعات خاصة اقل تشددا ومستوى لنيل شهادات. لكن الاعلام لا يتناول تلك الجامعات ويركز نقده على الجامعة الوطنية.
فهل يمكن الإعلام ان يتجاهل نجاحات الجامعة اللبنانية، وهل يجوز للاعلاميين ان يبينوا الجامعة من خلال مقالاتهم على غير ما هي عليه؟
لسنا في موقع الدفاع الاعمى عن الجامعة اللبنانية، ولا ينفي احد ان هذه المؤسسة تعاني نواقص كونها مؤسسة عامة تشكو كغيرها من مؤسسات القطاع العام من ضعف السلطة المركزية ونقص الموازنات ومحاولات وضع اليد على قراراتها فضلا عن طغيان المصلحة الفردية والطائفية والسياسية في بعض القرارات على المصلحة العامة.
والجامعة واهلها يشكون من قضايا تمنعهم من تطويرها كفقدان الصلاحيات في التعاقد التي انتزعت من الجامعة وارتبطت بمجلس الوزراء ما يعني تهديد استقلالية المؤسسة، ومحاولة السلطة والسياسيين وضع اليد عليها من خلال استعمالها مكتب توظيف في بعض المرات او ساحة للتجييش الحزبي والطائفي والسعي الى تعيين مديرين وعمداء انطلاقا من انتمائهم وتبعيتهم وليس من خلال الاختصاص والكفاءة. ان هذه الامور اضرت بالجامعة وسمعتها ومستواها الاكاديمي وادائها الاداري.
فعلى من تقع المسؤولية في اظهار صورة الجامعة على غير ما هي عليه؟ ولماذا تختفي انجازات الجامعة ودورها الوطني المحوري ومستواها العلمي الرفيع؟(يتبع غداً)
 
الدكتور جورج صدقة / النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الأرض المقدّسة: “مركز مجدلا” (1)  مقابلة مع الأب خوان ماريا سولانا

الأرض المقدّسة: “مركز مجدلا” (1) مقابلة مع الأب خوان ماريا سولانا

يكرّس العدد الأخير (مارس-أبريل) من مجلّة "الأرض المقدّسة" التي تنشرها المؤسّسة الفرنسيسكانيّة للأرض المقدّسة قسمًا كبيرًا للقدّيسة مريم المجدليّة ولمشروع "مركز مجدلا" على شواطئ بحيرة طبريّا.

وكان بندكتس السادس عشر قد بارك حجر الأساس من هذه الضفّة في 11 مايو 2009 خلال زيارته الرسولية إلى الأراضي المقدّسة.

وقد ورد في المجلّة حول مركز مجدلا أنّه "مكانٌ مقدّسٌ في قيد الولادة". ويشرح في ما يلي الأب خوان ماريا سولانا من معهد البابوي "سيّدة أورشليم" المسؤول عن مشروع "مركز مجدلا" عمّا يدور هذا "المكان المقدّس".

ماذا يمكنك أن تخبرنا عن هذا الموضوع؟

الأب خوان ماريا سولانا- في الواقع لقد سُررت حين قرأت هذا العدد من مجلّة "الأرض المقدّسة" وإنّي لسعيدٌ جدًّا لتزامنه مع الفصح ففي هذا العيد تلعب مريم المجدليّة دورًا أساسيًّا وقد ذُكرت 11 مرّة في الأناجيل الأربعة في مواضيع ألم وموت وقيامة المسيح. أعتقد أنّ هذا الأمر لاستثنائي بالنّسبة إلى امرأة في تلك الحقبة.

إنّ الفرنسيسكانيّين قد اشتروا منذ أكثر من قرنٍ قطعة أرضٍ في مجدلا وقد حصدوا أتباعًا كثيرين في السبعينات. وبعد ذلك هُجرَ المكان تمامًا إلى أن عادَ إليه الأب استيفانو دي لوكا وعملَ فيه. وقد اشترى جنود المسيح الأراضي المجاورة للفرانسيكانيّين وبدأوا مشروع "مركز مجدلا" الذي سيفتح أبوابَه بإذن الله بحلول نهاية العام 2012.

وعلى ماذا يرتكز مشروع "مركز مجدلا"؟

يُعتبر "مركز مجدلا" مشروعًا ضخمًا. وأحيانًا أشعر بالخوف لأنّني بدأته ولكن يجب أن أثق بالله. باختصارٍ شديد يضمّ هذا المشروع فندقًا للحجّاج واسمه "سيّدة البحيرة" فهو على ضفاف بحيرة طبريّا.

ومن البديهي أن يضمَّ كنيسةَ صغيرة يمكن للحجّاج أن يزوروها للصلاة والاحتفال بالذبيحة الإلهيّة وأسرارٍ أخرى.

وفكّرنا في بناء مركز للتنشئة على كرامة المرأة لأنّنا نعتقد أنّ مريم المجدليّة هي شخصيّة رئيسة في الإنجيل فصورتها منبع تفكير حول المساواة بين الرجل والمرأة. ونفكّر في تسميته "مركز المجدليّة". كما فكّرنا في إنشاء مركز للمعلوماتيّة فنحن نعيش في عصر الصورة والموسيقى والمعاني فنحن نعتقد أنّه يجب علينا استخدام هذه التكنولوجيّات المتقدّمة للتواصل مع رجال ونساء عصرنا هذا. كما سيضمّ هذا المشروع موقعًا أثريًّا كي نكتشفَ قسمًا من قرية مجدلا.

تعليقات جمعها بول دي مايير / زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
المسيحيون في شبه الجزيرة العربية (1) مقابلة مع المونسينيور بول هيندر

المسيحيون في شبه الجزيرة العربية (1) مقابلة مع المونسينيور بول هيندر

بالتعاون مع"عون  الكنيسة المتألمة"، أجرى مارك ريدمين مقابلة لـ  Where God Weeps (حيث يبكي الله) مع رئيس أساقفة النيابة الرسوليّة العربيّة، المونسينيور بول هيندر  الذي ولد في سويسرا،

ويعيش  في أبو ظبي، وهو مسؤول عن أوسع منطقة كاثوليكيّة في العالم، فهي تشمل حوالي  ثلاثة ملايين  كيلومتر وتعدّ حوالي المليوني مسيحي. ننشر في ما يلي القسم الأول من المقابلة.
* * *
ما هي البلدان التي نقصد بها الدول العربيّة ؟
المونسينيور بول هيندر: إن البلدان المقصودة هي ستة، أي الإمارات العربيّة المتحدة، سلطنة عمان، اليمن، والسعوديّة، البحرين وقطر. ثم هناك نيابة رسوليّة أخرى في الكويت، والتي هي جزء من شبه الجزيرة العربيّة.
غالباً ما يقال ان المسيحيين في هذه المنطقة عددهم قليل أو غير موجودين. فهلّا أخبرتنا عن الوجود المسيحي في هذه الدول العربيّة؟
المونسينيور بول هيندر: صحيح أنه لا يوجد مسيحيّين محليّين، ولكن لدينا الكثير، كالأجانب القادمين من جميع أنحاء العالم، خصوصا من الفيليبين ومن الهند. معظمهم موجود هنا لفترة قصيرة، حتى ولو أن البعض قد يبقوا لحوالي الـ 30 والـ 40 عاما.  يحتاج الجميع لتصاريح مؤقتة للعيش هنا. وبالطبع فإن ممارسة العبادة العامة محدودة.

أي هناك حريّة العبادة، ولكن ليس حريّة الدين؟
المونسينيور بول هيندر: لا وجود لمفهوم الحريّة الدينيّة كحق انسانيّ، أو على الأقل بشكل غير كامل، لأنه من غير الممكن على مواطن مسلم أن يصبح كاثوليكيّا، مسيحيّا، أو يبدل بأي شكل ديانته، ولكننا في بعض البلدان نتمتع بحريّة ممارسة معتقداتنا.  

كيف هي العلاقات بين المسيحيين والمجتمع الإسلاميّ؟
المونسينيور بول هيندر: يمكنني القول بأنه "العيش إلى جانب" وليس "العيش مع"، بسبب الوضع المدني أو الاجتماعي للأشخاص. لأن المسيحيين يعملون لديهم. هم أجانب بين أجانب. ففي بعض البلدان، يشكلون عددا كبيرا من السكان وتجمعهم علاقة عمل مع المسلمين، ولكن في الحياة العاديّة يفضلون الاختلاط مع أبناء شعبهم أو مع من يشاركهم دينهم.

اني أتساءل إذا ما كانت المشكلة متعلقة بكونهم عمال أجانب، بينما في بعض دول الشرق الأوسط، هناك مسيحيون عرب "الأصل"؟  
المونسينيور بول هيندر: بالضبط. هناك فرق كبير بين هذين الواقعين. وبالتأكيد لأن شعبنا، وأنا من بينهم، عادة لا يتقن العربيّة أولا يتكلمها مطلقا. عندما عيّنت هناك لم أكن أتوقع ذلك. لذلك فإن التفاعل ليس سهلا، وبالأخص مع الزعماء الدينيين. قد نلتقي  بإمام في إحدى هذه البلدان لا يتقن الإنكليزيّة عندها تبدأ مشكلة ترجمة اللغة….   

قلت أنك قد عيّنت هناك. هل سبب لك ذلك صدمة عندما طلب منك الإنتقال إلى البلدان العربيّة؟
المونسينيور بول هيندر: لقد ذهلت عندما علمت لأول مرّة اني مرشحٌ فعليا لهذا المنصب في أبو ظبي؛ عندها مررت بفترة عصيبة. ولذلك لم أفاجئ بالتعيين.

*** نقلته إلى العربيّة م.ي.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العراق: أرضنا هي أرض إبراهيم (1)

العراق: أرضنا هي أرض إبراهيم (1)

صرّح البابا بندكتس السادس عشر بعد تقديم سفير العراق الجديد لدى الكرسي الرسولي شهادته، أنّ الكنيسة الكلدانية تكافح من أجل عيشها. أجرى مارك ريدمان من برنامج "حيث يبكي الله" بالتعاون

مع مؤسسة "عون الكنيسة المتألمة" مقابلة مع رئيس اساقفة أبرشية أربيل الكلدانية في شمال العراق، بشار متي وردة. تمحورت المقابلة حول حياة الكاثوليك في العراق.
المقابلة:

سؤال: قد دخلت إلى معهد اللاهوت في الثانية عشر من عمرك. هل شعرت دومًا أنّ هذه هي دعوتك؟
رئيس الأساقفة وردة: انتقلنا في سن العاشرة إلى الدورة (جنوب بغداد في العراق) التي كانت أقرب إلى المعهد. كنت أذهب حينها إلى المعهد للتعليم المسيحي وكنت أرى الطلاب الأكبر مني متعاطفين جدًّا ويهتمون بحياتنا الروحية. فبذلوا جهدًا جهيد لتعليمنا مبادئ المسيحية في الأوضاع الصعبة. لذا أولى دعواتي كانت أنني أردت أن أكون مثلهم.

ما الذي أعدّك الأكثر للكهنوت؟
خلال حرب الخليج، الأضرار كانت جسيمة، كنت أجتمع برفقة أربعين شاب من جنوب بغداد في ليالي القصف الطويلة. كنت طالبًا في السنة الأولى في علم اللاهوت وتعرّفت في هذه الإجتماعات أكثر إلى هؤلاء الشباب. تعددّت أسئلتهم عن المسيحية وعن إيمانهم وبسببهم تعمّقت في دعوتي التي هي أبعد من الإحتفال بالقداديس بل تشمل أيضًا مرافقة شعبي خصوصًا في أوقات "الضعف" التي إختبرناها في ذلك الوقت.  

هل إحتاجوا إلى كاهن يرافقهم؟
لم يحتاجوا فقط إلى كاهن بل إلى أخ، إلى صديق أو إلى "أبونا". ساعدوني بأسئلتهم العديدة على إعادة الإكتشاف يوميًا معنى كوني كاهنًا في هذه المرحلة الإنتقالية وفي الصعوبات خصوصًا عندما فرض حصار على العراق. فكنا إذًا حاضرين لنساعد بعضنا البعض. تعلّمت أن أتنبّه أكثر وأستمع لمعاناتهم ولا أتكلّم هنا فقط عن المعانات الجسدية بل عن معاناتهم الروحية أيضًا.

عُينتَ رئيس اساقفة أبرشية أربيل الكلدانية في شمال العراق في سن الواحد والأربعين وأعتقد أن وقت تعيينك كنت من أصغر الأساقفة. ما كانت ردّت فعلك عندما تمّ تعيينك؟
كانت صدمة لي. لم يكن للأبرشية رئيس أساقفة لمدة خمس سنوات وكانت هذه الفترة صعبة بسبب مجيء أكثر من خمسة آلاف عائلة مسيحية إلى أربيل هروبًا من العنف في بغداد والموصل وكركوك. للكنسية مكانة خاصّة ومهمّة جدًّا لمسيحيي الشرق الأوسط وخصوصًا العراق. يتوجهون للكنيسة لطلب مساعدتها في كلّ شيء. فإذا يحتاجون إلى وظيفة حتى لو وظيفة حكومية يطلبون مساعدة الكنيسة. لم تكن الأبرشية مستعدة لإستقبال هذا التدفق مما قسّم الأبرشية بين العائلات الأصلية والجدد. ونحن الآن نعمل على إصلاح هذه الفجوة.

أغتيل رئيس أساقفة أبرشية الموصل الكلدانية قبل سنة من تعيينك. وأرسلت تهديدات إغتيال لتسلسل الكنيسة الهرمي. بوجه هذه التحديات التي أنت تدرك وجودها ألم تفكّر أنكّ "لا تريد هذه المسؤولية الضخمة"؟
كنت مستعدًا لكلّ شيء وهذه هي الطاعة. قد أدركت أنّ هذه المهمة صعبة وفيها تحديات. ومررت من حينها في عدّة تجارب في بغداد خلال وبعد الحرب. لحسن الحظ أربيل آمنة ومن الطبيعي أن يعتريني الخوف ولكنّ يتبدد هذا الشعور عند الإلتزام.        

 

رئيس اساقفة أبرشية أربيل الكلدانية يتحدث عن كنيسته المعانية
زينيت

 

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العالم : كاريتاس: جمعية خيرية في خدمة البابا (1)

العالم : كاريتاس: جمعية خيرية في خدمة البابا (1)

صرّح أمين سرّ مؤسسة كاريتاس الدولية أنّها جمعية خيرية تابعة للبابا. تضمّ كاريتاس الدولية 162 مؤسّسة خيرية وطنية لكاريتاس تُعرف في فرنسا بخدمات البعثة الكاثوليكيّة. وهذه المؤسسات هي الّتي تنسّق

بين المؤسّسات الخيرية التابعة للأبرشيّة، جامعةً الرعايا والمنظمات على المستوى المحلي. وتلعب مؤسسة كاريتاس الدولية دور عضو مراقب في منظمة الأمم المتّحدة.

يشرح أمين سرّ مؤسسة كاريتاس الدولية ميشال روي  في مقابلة خاصّة مع وكالة زينيت عن عمل هذه المؤسسة.

زينيت:- لماذا يُعتبر وجود مؤسسة كاريتاس ضرورياً؟

روي:- غالباً ما يكون غير كافيًاً أن يقدّم الإنسان المساعدة إلى شخص آخر، فوجود المؤسّسة ضروري لأنّنا بحاجة على سبيل المثال إلى إطارٍ منهجيّ على الصعيد الرعويّ. هذا ما يجب أن يحصل أيضاً على صع المستويات العليا. فرسالة الأسقف في أبرشيّة يتعايش فيها الفقراء والأغنياء هي تشجيع المجتمع المسيحي على أن يكون متعاطفاً وقادراً أن يحبّ، كما كانت المجتمعات المسيحيّة قديماً بحسب أعمال الرسل.

وبسبب التفاوت بين الأبرشيات، وتساعد مؤسسة كاريتاس الوطنية هذه الأبرشيات بصفتها جمعية تابعة لمجلس الأساقفة. فمؤسسات كاريتاس الوطنيّة تشكّك مجتمعة مؤسسة كاريتاس الدوليّة، الّتي هي اتّحاد من أعضاء مستقلّين ومتحالفين منذ 61 عاماً حين لم يكن عدد مؤسسات كاريتاس آنذام يتخطّى الـ 27 مؤسسة في أنحاء العالم كافة. تأسّس أوّل فرع لكاريتاس في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر. في الواقع، إنّ مةسسة كاريتاس الدولية هي كيان تابع للكرسي الرسولي. إنّها الجمعية الخيرية التابعة للبابا. ورأس الكنيسة اليوم هو بندكتس السادس عشر، وأبرشيتنا المرجعية هي "قلب واحد" Cor Unum التي تدعم عملنا.

– على أيّ أساس يتمّ اختيار أعضاء مؤسسة كاريتاس الدولية؟

 يتمّ انتخاب الرئيس من قبل الجمعيّة العامة المؤلّفة من 264 عضواً والتي تجتمع مرّة كلّ أربع سنوات. فالرئيس المنتخب يكون دائماً كاهناً أو أسقفاً، ولكن بإمكانه أن يكون علمانيّاً أيضاً، رجلًا كان أم امرأة. أمّا الكرسي الرسولي، فلديه صلاحية الاعتراض على المرشّحين. من جهة أخرى، تقوم الجمعية العامة بانتخاب أمين السر وأمين الصندوق.

– لماذا تُعتبر كاريتاس مؤسسة البابا الخيريّة؟

لدى البابا مؤسسات عديدة ومنها مؤسسة كاريتاس الدوليّة التي تُعتبر مؤسسة متواضعة تضمّ  حوالى 30 عضواً تقريباً. إنّنا مؤسّسة البابا الخيريّة، كما أنّ مؤسّسات كاريتاس الوطنيّة هي الجمعيات الخيرية بالنسبة إلى المجالس الأسقفيّة. وتقود أبرشية "قلب واحد" Cor Unum مؤسّستين خيريّتين: مؤسسة Populorum Progressio التي تنشط في أميركا اللاتينيّة وفي الكاراييب، و"مؤسسة يوحنا بولس الثاني من أجل الساحل". عند حصول البابا على المال من المؤمنين، يقوم باستخدامه في أوجه مختلفة، ومنها مساعدة مؤسسة كاريتاس الدولية في حالات الطوارئ القصوى.

– كيف تعملون فعليّاً؟

في السنة الماضية، مثلًا،  استجبنا لـ 30 حالة طارئة قصوى- بقيمة إجمالية تفوق الـ 42 مليون يوروتمّ توزيعها من خلال مؤسسة كاريتاس الوطنيّة بشكل مباشر وغير مباشر. نريد أن يكون تكون استجابتنا ذات مستوى لأنّ الأمر لا ينحصر بالعطاء فحسب، بل بالعطاء بطريقة مسؤولة. نريد  أن نُحدث تغييراً متكاملاً على المستوى الإنساني. قيمتنا المضافة تكمن في تسهيل العلاقة بين أعضاء ذوي خبرة على أرض الواقه، والذين يرغبون بتقديم الدعم. لدينا خبراء في مجالات عديدة، كالهجرة، والاتجار البشري بالنّساء، والأطفال الوحيدين والعمال المهاجرين. كما أنّنا جميعاً ملتزمون بقضايا المناخ والأمن الغذائي. يكفي أن نفكّر بمنطقة القرن الإفريقي وإلى ما سوف يحدث في منطقة الساحل. كما أنّنا منخرطون في عملية تعزيز السلام والمصالحة. إنّنا نحمل صوت الكنيسة إلى الأمم المتّحدة، ولا سيّما في شؤون حلّ النزاعات. ونعمل أيضاً في مجال مكافحة الأمراض كالسيدا، والمالاريا، والسل، والأوبئة. أما في ما يتعلق بالسيدا، فأمامنا عمل رعويّ لنقوم به.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
العالم : رسالة بندكتس السادس عشر لشبيبة العالم أجمع (1)

العالم : رسالة بندكتس السادس عشر لشبيبة العالم أجمع (1)

في ما يلي القسم الأول من رسالة بندكتس السادس عشر بمناسبة يوم الشبيبة العالمي الذي سيحتفل به نهار أحد الشعانين الواقع فيه 1 نيسان، وموضوعها هذه الآية من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل

 فيليبي " إفرحوا دائما في الرب".

* * *
" إفرحوا دائما في الرب! " (فيليبي 4،4)

أيها الأصدقاء الأعزاء،

يسرني مرة جديدة أن أوجه إليكم كلمة بمناسبة اليوم العالمي السابع والعشرين للشبيبة. لا تزال ذكرى لقائي بكم في مدريد، في أغسطس الماضي تراودني حتى اليوم، فلقد أمضينا خلاله وقتًا إستثنائيًا نلنا فيه النعم كما بارك الله الشباب الذين حضروا من كافة أقطارالعالم. أشكر الله على كل ما أنتجته تلك اللقاءات التي بالتأكيد ستبرز ثمارها في مستقبل الشباب والمجتمعات التي ينتمون إليها. نحن اليوم بانتظار اللقاء القادم في ريو دي جانيرو في سنة 2013 تحت شعار: " إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (راجع متى 28، 19).
أما موضوع يوم الشبيبة العالمي لهذه السنة فقد استوحيته من رسالة القديس بولس إلى أهل فيليبي: " إفرحوا دائما في الرب! "( فيليبي 4،4)، فالفرح في الواقع هو عنصر أساسي من التجربة المسيحية، وخلال كل لقاء عالمي للشبيبة، نعيش تجربة فرح كبيرة، كفرح الشراكة، وفرح الإيمان وفرحنا بكوننا مسيحيين. هذه سمة من سمات هذه اللقاءات ونحن نلاحظ كم يجذب هذا الفرح: في عالم يتسم في معظم الأوقات بالتعاسة والهموم، يشكل الفرح له شهادة تحمل في طياتها جمال الإيمان المسيحي وحقيقة أنه جدير بالثقة.
أما رسالة الكنيسة فهي أن تزرع الفرح في العالم، فرح حقيقي يستمر كالفرح الذي أعلنه الملائكة لرعاة بيت لحم ليلة ولادة المسيح ( لوقا 10،2): الله لم يتكلم سدى، ولم يخلّف علامات عجائبية في تاريخ البشرية فحسب بل جعل نفسه قريبا جدا إلى حد أنه تجسد لأجلنا واختبر جميع مراحل الحياة الإنسانية. في هذه الأوقات الصعبة، كثير من الشباب حولكم بحاجة ماسة ليعلموا أن الرسالة المسيحية هي رسالة حب ورجاء. أود أيضا أن نفكر سوية بهذا الفرح، وبالطرق التي يمكننا أن نجده بها حتى تتمكنوا من عيشه بعمق أكثر فأكثر وتكونوا رسلًا من حولكم.
 
1.    قلبنا هيكل للفرح
طُبعت الرغبة بالفرح في قلب الإنسان. بعيدًا عن الملذات العابرة، يسعى قلبنا للحصول على الفرح العميق، الكامل والدائم الذي بإمكانه أن يعطي "طعمًا" للوجود. هذا بخاصة ينطبق عليكم، فالشباب هو فترة من الإكتشاف المستمر للحياة، والعالم، والآخرين، والذات. هذا وقت للإنفتاح على المستقبل حيث تقبع الرغبات الكبيرة للسعادة، والصداقة، والمشاركة، والحقيقة، ونهدف إلى الأمثل ونتخيّل مشاريع متعددة. يمنحنا الرب في كل يوم أفراحًا بسيطة ومنها: فرح الحياة، فرح العمل المتقن، فرح الخدمة، وفرح الحب الحقيقي والنقي. أما إذا فكرنا جيدا، فنجد أن لدينا أسبابًا أخرى للفرح ألا وهي: اللحظات الجميلة التي نعيشها في الأسرة، والصداقة المشتركة، واكتشاف قدراتنا الشخصية وإنجازاتنا الخاصة، ومديح الآخرين لنا، وقدرة التعبير والإقناع، وشعورنا بأننا مفيدين للآخرين. يضاف إلى كل ذلك المعرفة الجديدة التي ننالها بالدراسة، واكتشاف أبعاد جديدة من خلال السفر واللقاءات، والقدرة على وضع خطط للمستقبل، ولكن أيضًا قراءة عمل أدبي، والتأمل بتحفة فنية، والإستماع إلى الموسيقى أو حتى عزفها، كل هذا يزرع في داخلنا أفراحًا حقيقية. مع ذلك، نواجه كل يوم مصاعب جمّة، وقلوبنا يسيطرعليها القلق تجاه المستقبل، مما يدفعنا لنتساءل إن كان هذا الفرح الدائم الذي نطمح إليه مجرد وهم وهروب من الواقع.
كثير من الشباب يسألون أنفسهم : هل الفرح المثالي موجود حقا؟ ويبحثون عنه بطرق مختلفة وفي بعض الأحيان بطرق خاطئة أو على الأقل خطيرة. كما يسألون أيضًا: كيف نميز بين الأفراح الحقيقية الدائمة واللذات العابرة والمزيفة؟ كيف نجد الفرح الحقيقي في الحياة، هذا الذي يدوم ولا يتخلى عنا أبدا حتى في الأوقات الصعبة؟

2.    الله هو مصدر الفرح الحقيقي
في الواقع، إن الأفراح الحقيقية أكانت أفراحًا صغيرة يومية أم أفراح كبيرة في الحياة، جميعها مصدرها الله حتى ولو لم يَظهر لكم ذلك على الفور. السبب أن الله هو شركة حب أبدي، وهو فرح لامتناه ليس منغلقا على نفسه بل ينتشر في قلوب الذين يحبهم ويحبونه. خلقنا الله على صورته و مثاله ليحبنا ويغمرنا بفيض نعمه. يريدنا أن نشاركه فرحه الإلهي الأبدي كما يريدنا أن نكتشف أن معنى حياتنا وأهميتها يكمن في قبوله، وحبه، ولقياه لنا، فلقيا الله ليس مجرد لقاء عادي وعابر كلقيا البشر بل هو لقاء إلهي غير مشروط: الله يريدني ويحبني، ولديّ مكانتي في العالم والتاريخ. إن قبلني الله وأحبني، وهو كذلك طبعًا، عندها أكون واثقا كل الثقة بأنني محظوظ في وجودي على هذه الأرض. حب الله اللامحدود لنا تجلى بأوضح صورة بيسوع المسيح، فيه يكمن الفرح الذي نسعى إليه. نجد في الإنجيل كيف أن الأحداث التي تشكل بداية حياة يسوع تتسم بالفرح، كحين بشر الملاك جبرائيل مريم العذراء بأنها ستكون أم المخلص بدأ بهذه الكلمات: " إفرحي!" ( لوقا 28،1) وعند ولادة المسيح قال ملاك الرب للرعاة: " ها أنا أبشركم بخبرعظيم يفرح له جميع الشعب: ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب." (لوقا 11،2) والمجوس الذين كانوا يبحثون عن الطفل " لما رأو النجم فرحوا فرحًا عظيمًا جدًّا" (متى 10،2). سبب هذا الفرح هو قُرب الله منّا فلقد تجسد ليصبح إنسانا مثلنا. تكلم القديس بولس في رسالته إلى أهل فيليبي أيضا عن الفرح قائلا: " إفرحوا دائما في الرب، وأقول لكم أيضا: إفرحوا. ليشتهر صبركم عند جميع الناس. مجيء الرب قريب" (فيليبي 4:4-5 ). السبب الأول لفرحنا هو قربنا من الله الذي يحبنا ويحتضننا. في الواقع، يولد لدينا دائما فرح داخلي عندما نلتقي بيسوع، هذا مذكور أيضا في عدة آيات من الإنجيل. لنأخذ مثلا الزيارة التي قام بها يسوع لزكا جابي الضرائب الخاطىء وقال له: " سأقيم اليوم في بيتك" و زكا، كما يذكر لوقا البشير " استقبله بفرح." (لوقا 19: 5- 6). هذا هو فرح اللقاء مع المسيح والإحساس بمحبة الله التي يمكنها أن تغير كل الوجود وتحقق الخلاص للعالم. قرر زكا إذًا تغيير حياته وإعطاء نصف ما يملك للفقراء.
يتجلى حب يسوع الكبير لنا في الآلام التي عاناها من أجلنا، ففي الساعات الأخيرة من تواجده على هذه الأرض جلس إلى العشاء مع تلاميذه وقال لهم: " أنا أحبكم مثلما أحبني الآب، فاثبتوا في محبتي(…) قلت لكم هذا ليدوم فيكم فرحي، فيكون فرحكم كاملا" (يو 15: 9 ،11). يريد المسيح أن يحقق تلاميذه كما كل واحد منا الفرح الكامل، هذا الفرح الذي يتشاركه مع أبيه، لتظهر فينا محبة الله له (راجع يو 17 ، 26). الفرح المسيحي هو في الإنفتاح على حب الله وتسليم الذات له.
يخبرنا الإنجيل أن مريم المجدلية ونساء أخريات جئن لزيارة القبر فأخبرهن الملاك بقيامة المسيح من بين الأموات، فتركن القبر مسرعات "في خوف وفرح عظيمين" وذهبن يحملن الخبر السار إلى التلاميذ، فلاقاهن المسيح وقال لهن: "السلام عليكن!" (متى 28،9:8)، لقد نلن فرح الخلاص: المسيح حي، لقد غلب الشر، والخطيئة، والموت، وهو معنا طوال الأيام إلى انقضاء الدهر (راجع متى 20،28). لن يسيطر الشر على حياتنا لأن إيماننا بالمسيح المخلص يخبرنا بأن حب الله ينتصر دائما. هذا الفرح العميق هو ثمرة الروح القدس الذي يجعلنا أبناء الله، نلمس طيبته ونعيشها، ونناجيه قائلين "أبا"، يا أبانا ( راجع روما 15،8). الفرح هو علامة لوجود الله فينا وفي أعمالنا.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
بقلم الأب الياس شخطورة الأنطوني : من روحانية الصوم في التقليد السرياني (1)

بقلم الأب الياس شخطورة الأنطوني : من روحانية الصوم في التقليد السرياني (1)

الصيام عادة دينيّة قديمة موجودة عند جميع الديانات، وليس وقفاً على الديانة المسيحية وحدها. والإمتناع عن الأكل، الذي هو حاجة بشرية أساسية، لمدة محدّدة، له أسباب متنوعة، فهو يهيئ للإحتفال بالعيد،

 ويساعد على ضبط النفس وعلى الصلاة، كما أنه ينقّي من التجاوزات ومن الخطايا المقترفة. واقعياً وفي أيامنا الحاضرة، إن الصوم هو الركن الأقل تطبيقا وممارسة في حياة المؤمن المسيحي وفي الكنيسة، في الغرب أكثر منه في الشرق. الصعوبة تكمن في عيشه والإلتزام به، إمّا لأنه يتطلب جهاد أكثر على مستويات عدة، أم لأنه يَمَسُّ خاصة وبشكل جذري أحاسيس جسدنا ورغائبه وحاجاته، التي تَعوَّدنا يومياً على إرضاءها بانتظام ودون تردد.
زمن الصوم الأربعيني زمن نبدأه بالتوشح بالرماد على جباهنا، تذكيرا بماهيتنا وجذورنا الترابية، وينتهي بعرس فرح قيامة ربنا، منتصرا على الموت والخطيئة، مرورا بآلامه الخلاصية. إنه زمنٌ خارج عن نطاق مسيرة الانسان العادية والطبيعية في مراحل نموه الجسدية والروحية، يظهر وكأنه دعوة إلهية موجهة للإنسان الى إستئصالِ حاجةِ جسده من غذاء وطعام، وسدِ عوزِ رغباتِه الشهوانية والحسية.
من هذا المنطلق نطرح السؤال: أبِحرمان الجسد من حاجاته ورغباته تتوطد علاقة الانسان بخالقه، وبذلك يلبي واجبه البنوي لله ؟ أهذه فعلا غاية الله في دعوته لنا؟ والى ماذا يصبو عملياً من خلال الصوم؟
أفكار وتساؤلات عديدة طرحتها الجماعة المسيحية في العصور الأولى ومازلنا اليوم نحاول فهم غاية الله من كل ذلك، فهنالك من يجد الأعذار المتنوعة للتهرب من الإجابة على طلب الله، وآخرون من يضعون أسسا وأطراً للصوم تناسب نمط عيشهم، بحسب طاقاتهم وقدرتهم على تحمل وطأته وعبئه، دون مراعاة تعليمات وتوجيهات الكنيسة المُلزمة والمُسَهِّلة في آن معا على عيشه وتطوير مفاعيله الانسانية والروحية في حياة المؤمن والكنيسة. لذا سنحاول في دراستنا هذه فهم ماهية وأبعاد الصوم في التراث السرياني، من جهة اولى، انطلاقا من حاجة الانسان الجسدية، اي الطعام، ومن جهة أخرى من المفهوم الروحي الذي يُرَقّي الصائم جسديا وروحيا الى المصافي العُلوية، ومدى أهميته في حياتنا المسيحية عامةً، والرهبانية والكهنوتية خاصة.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
كوبا : رئيس أساقفة هافانا يتكلّم عن توقعات الكوبيين (1)

كوبا : رئيس أساقفة هافانا يتكلّم عن توقعات الكوبيين (1)

تنتظر الكنائس في كوبا بفارغ الصبر زيارة البابا بندكتس السادس عشر والتي ستقع من 26 إلى 28 مارس. فيعتبر رئيس أساقفة هافانا أنّ هذه الزيارة تحمل "أمل لمستقبل أفضل" في البلد.

 
إذ شهدت البلاد تغيرات كثيرة منذ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني "التاريخية" لكوبا في عام 1998. وقال الكاردينال أورتيغا إنّ البابا بندكتس السادس عشر سيجد كنيسة "أكثر حضورًا" ومسيحيين "يعبّرون عن إيمانهم أكثر".
وتكلّم الكاردينال خايمي لوكاس أورتيغا إي ألامينو رئيس أساقفة سان كريستوبال دي هافانا عن تطوّر كوبا وعن الكنيسة الحالية في مقابلة يوم 23 مارس 2012 مع الصحيفة الرسمية للفاتيكان الأوسيرفاتور رومانو في نسختها الايطالية.
الأوسيرفاتور رومانو- ما الذكرى التي تحتفظ بها في قلبك من زيارة البابا يوحنا بولس الثاني؟
الكاردينال أورتيغا- قد أبقيت في قلبي إمتنانًا عميقًا. ساد هذا الشعور في داخلي منذ ركبت الطائرة التي أوصلت البابا إلى هافانا. فكنت سعيدًا جدًّا خصوصًا لأنّ البابا تحمّل رحلة مدّتها إثني عشر ساعة لزيارتنا رغم حالته الجسدية. كما وإنّ برنامجه في كوبا كان مرهقًا ورغم ذلك إختتم بحماس القداس الأخير له في هافانا.

ما هو تأثير هذا الحدث التاريخي على البلد؟
لا يمكن إحتساب بالإحصاءات التأثيرات المتعلّقة بالحياة الروحيّة للأشخاص وللشعب. فيحدث أحيانًا تحوّل في قلوب الأشخاص ونفوسهم إذ بسبب هذه الخبرة الدينية يعيشون إنفتاحًا جديدًا على التسامي ويفهمون جذورهم الوطنية ويقدرون القيم الموروثة عن الايمان المسيحي في الحياة الشخصية والاجتماعية ويقبلون تجديد هذه القيم. فإن زيارة رعوية مثل زيارة البابا يوحنا بولس الثاني هي حدث تاريخي يغير كل شيء في روحانية الشعب ويستمّر تأثيره حتى اليوم.

كيف تطورت الأوضاع في البلاد وفي الكنيسة؟
لقد مرّ أربعة عشر عامًا على زيارة البابا يوحنا بولس الثاني. تلك الزيارة جاءت في وقت كانت حالة البلاد الإقتصادية أسوأ بكثير مما هي عليه الآن. فقد أُنشئت اليوم هيكيليات جديدة في الحكومة إذ تمّ تغيّر نظام رئاسة الجمهورية وتعيين وزراء ومسؤولين جدد منذ أربع سنين. وقد بدأت الإصلاحات الإقتصادية المتعلّقة بالزراعة والإسكان وتشريع العمل لحساب شخصي والشركات الخاصة والقروض وشراء المنازل والسيارات وبيعها وإنشاء شركات خاصة صغيرة. إنّ عدد العاملين في الرعايا من كهنة وراهبات يزداد. ويسمح بمجيء المبشرين فللكنيسة منشوراتها الخاصة كما وإزدادت منافذها على وسائل الاتصالات على الرغم من أنها ليست منظّمة بعد. وقد بنينا في هافانا إكليريكية أبرشية جديدة وزاد عدد الإكليريكيين وسهّلت القداديس العامة في الكنيسة.

زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم: هواجس المسيحيّين بعد الربيع العربي (1)

مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم: هواجس المسيحيّين بعد الربيع العربي (1)

بدايةً، إنَّ مبادرة دعوة ممثِّلي الكنائس الشرقيّة من كلِّ المذاهب إلى ندوة بعنوان: المسيحيّون الشرق… إلى أين؟ هي ذات أهميّة بالغة. إذ أنَّ بعضنا من المشاركين هنا، ومنذ الستينيَّات من القرن الماضي، 

شارك واستمع وقرأ ما دار في مبادرات كثيرة، دعت إلى تمتين العلاقات بين المواطنين من كلِّ الأطياف من جهة، وإبراز دور الحضور المسيحي، وشهادة الكنيسة في عالمنا من جهةٍ أخرى، وقد جرت على كلِّ المستويات العالميّة، والإقليميّة، والمحليّة. فدوائر الفاتيكان مثلاً، كانت لها مبادرات، وهكذا أيضاً مجلس الكنائس العالمي في جنيف – سويسرا، ومجلس كنائس الشرق الأوسط في بيروت – لبنان، والمجالس المحليّة للكنائس في كلِّ المنطقة. وأذكر هنا بين اللقاءات ما جرى من تعاون ما بين المعهد الملكي للدراسات الدينيّة، وجهات أخرى مثل: منظمّة الأديان من أجل السَّلام، والبطريركيّة الأرثوذكسيّة المسكونيّة.
ولكن هذه المبادرة بالذَّات، وبرعاية كريمة من سموِّ الأمير الحسن بن طلال فهي في نظري جزء هام من المتابعة لما سجَّله في كتابه القيّم: المسيحيون في الوطن العربي.
لقد ترك الكتاب صدى كبيراً ليس فقط عند مَن قرأه مِن العرب المسيحيِّين، أو عند القرَّاء العرب المسلمين، بل لدى كلّ من قرأ الكتاب باللغات الأجنبيّة، وذلك بسبب محتوياته القيّمة، والنفيسة، والحافلة بالمعلومات التاريخيّة، واللاهوتيّة والمسكونيّة، والحواريّة، خاصّةً لأنّ المؤلّف هو باحثٌ من الطراز الأوّل، ومفكِّرٌ كبيرٌ، معروف في كلِّ الأوساط الفكريّة والثقافيّة في العالمين الشرقي والغربي إنَّه صوت عربي مسلم، جديد من حيث المبدأ، بالمقاربة مع ما ورد في أدب الحوار بين الأديان في القرون الماضية، وهو مَن يُمثِّل، خاصّةً في الرؤيا بعيدة المدى لما يحدث في هذه المنطقة بشكلٍ عام، وفي البلاد العربيّة بشكلٍ خاص، والأهم من هذا وذاك هو صدقه في الكلام، لهذا عندما يقول كلمته بفهم، ووعي، وجرأة منقطعة النظير، في لقاءات على مستويات مختلفة، يترك أثراً بالغاً في نفوس السّامعين.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
بيار عطالله : المسيحيون في شمال العراق شعب الألم والصمود [1]

بيار عطالله : المسيحيون في شمال العراق شعب الألم والصمود [1]

لا نريد ان نلقى مصير مسيحيي العراق" عبارة درجت على ألسنة القائلين بالدفاع عن المسيحيين في لبنان. توحي العبارة أن مسيحيي العراق اندثروا وانتهى امرهم، وانهم ينتظرون اما الموت في عبوة ناسفة

" او رصاصة غادرة او تأشيرة سفر الى برد الدول الاسكندنافية وصقيع كندا والولايات المتحدة ليضافوا الى ارقام اللاجئين الباحثين عن ارض ما، في حين ان وطنهم الأم لا يزال يرتسم على ارض العراق شعباً ومدناً وبلدات وقرى وسهولاً زراعية ولا يزال قسم لا بأس به مصراً على البقاء والصمود لا يكترث للمتاجرة بهم او بمصيرهم، وهم يخططون لبناء جامعة ومؤسسات تعليمية وصحية واقتصادية، والأهم الحصول على اقليم خاص بهم وبالاقليات الاخرى في سهل نينوى التاريخي الذي يعج بالقرى والبلدات والاديرة المسيحية.
ذهبت "النهار" الى شمال العراق بعدما نزحت اليها الاكثرية الساحقة من مسيحيي بغداد والبصرة لتعاين اوضاعهم وجالت في ضاحية آربيل المسيحية: عينكاوا، والبلدات والقرى الجميلة المنثورة في سهل نينوى الجنوبي والشمالي، والتي يتنازع الاكراد والسلطة المركزية الشيعية الرغبة في الاستحواذ على ارضها، في حين ينشط الشيعة المدعومون من الايرانيين، والعرب السنة المدعومون من الخليجيين في تمويل عمليات شراء الاراضي كلٌّ لتوسيع دائرة سيطرته، متناسين ان اهل الارض ما زالوا يقيمون هناك بكل افراحهم واتراحهم وذكرياتهم وتاريخهم.
والكلام على المسيحيين في العراق يعني الكلام على حوالى نصف مليون من اصل مليون ونيف قبل سقوط نظام البعث، علماً ان الهجرة الى خارج العراق بدأت منذ اندلاع الحرب العراقية – الايرانية، واشتدت بعد سقوط "البعث" لتخفت قليلاً اليوم مع ثبات الاوضاع وانتقال القسم الاكبر من المسيحيين الى ارضهم الأم في شمال العراق، حيث يتمسكون بالتحالف مع مواطنيهم الاكراد في اقليم كردستان، ويسعون الى تحقيق مشروع واضح المعالم بأقامة "محافظة الأقليات" او سهل نينوى، على ان تضم اقضية تل كيف (1240 كيلومتراً مربعاً)، بغديدا او الحمدانية (1200 كيلومتر مربع) وبعشيقا ضمن الفيديرالية العراقية اسوة بالاكراد والسنة والشيعة، وذلك سعياً الى حماية حضورهم الثقافي والاجتماعي والديموغرافي.

شعب الألم والمعاناة

الكلام من بعيد أو "التنظير" سهل، اما معاينة الامور على ارض الواقع والاستماع الى الشهادات فترسم صورة مختلفة للامور، وفي مقدمها الانتشار الديموغرافي الذي مر بمراحل عدة ويفاخر الناشطون المسيحيون في العراق بأصولهم التاريخية الاشورية والكلدانية وصولاً الى السريانية ويصرون على القول، ان ما يتعرضون له ليس سوى حلقة من الصراع القومي لإلغاء وجودهم بكل تجلياته وخصوصاً الثقافية، التي يحرصون عليها كثيراً فيعلّمون أولادهم السريانية في المدارس والكنائس الى جانب العربية والكردية والانكليزية.
وفي اضاءة تاريخية، كان المسيحيون ينتشرون بكثافة في شمال العراق ومحيطه من الجبال والسهول، وفي احصاء اجراه أحد الولاة العثمانيين مطلع القرن الفائت يتبين انهم كانوا يشكلون الغالبية في شمال العراق. وهذا ما دفعهم عقب نهاية الحرب العالمية الاولى مستشعرين قوتهم وارتفاع اعدادهم الى اعلان "الثورة الأشورية" التي انهارت بعد نكث الحلفاء بعهودهم، فكانت الهزيمة الأكبر ليتشتتوا بعدها وتنكسر قوتهم، وليبدأ تصاعد نجم الحركة الكردية ترفدها الزيادة الكبيرة في ديموغرافياتهم.
محطة الالم الثانية كانت عام 1961 عندما أعلن الملا مصطفى البرازاني الثورة الكردية، فجاء رد السلطة المركزية في بغداد عنيفاً، شاملاً، مما أدى الى هجرة المسيحيين من مناطق داهوك وزاخو وآربيل وديالا وغيرها الى بغداد.
ويقول وزير الصناعة والطاقة السابق في حكومة اقليم كردستان يونان هوزايا: ان "الزمن ليس لمصلحتنا والمسألة ليست عددية فحسب فنحن نستهدف اقتصادياً في شكل خاص، لأننا نمثل طاقة كبيرة في المجتمع العراقي. وعدم الاستقرار الامني والسياسي ادى الى ركود اوضاع شعبنا الاقتصادية وانهيارها. تضاف الى ذلك الضغوط الارهابية التي تعرضنا لها وكانت في غالبيتها ذات اهداف اقتصادية للسيطرة على ممتلكاتنا بأسعار بخسة".
ويشرح هوزايا ان آلاف العائلات المسيحية انتقلت الى شمال العراق في داهوك وزاخو وبغديدا وعينكاوا وغيرها لكن قسماً كبيراً منها رأى ان لا امكانية لتأسيس حياة جديدة بسبب ضعف القدرات وتردي الاحوال مما اضطرها الى الهجرة الى الخارج.

قوانين وانتزاع اراض

يستهجن الناشطون المسيحيون مقولة انهم كانوا يعيشون بطمأنينة ايام نظام البعث ويذكرون بجملة أمور أقدم عليها، منها "قانون اسلام القاصر" الذي لا مثيل له حتى في السعودية وينص على انه اذا أسلم احد الوالدين فإن على كل أولاد العائلة ان يتبعوه. كما فرض التعليم الاسلامي اعتباراً من عام 1979، وقرر تباعاً عدم استخدام اسماء مسيحية وتدريس الدين الاسلامي اعتباراً من الصف الابتدائي الخامس. وثمة قانون آخر فرضه عام 1992  وهو "الحملة الايمانية" التي سعت الى تحويل حزب البعث حركة اسلامية وفي تلك الحقبة تعرضت مصالح المسيحيين للضرب، لتبدأ موجات الهجرة الحديثة الى اوروبا.
 لكن ما هو اخطر من ذلك بالنسبة الى المسيحيين وقسم كبير منهم من الفلاحين والمزارعين، كان الاستيلاء على اراضيهم تحت شعار "التأميم وتوزيع الارض على الفلاحين"، فانتزعت الاراضي من الفلاحين المسيحيين لتوزع على غيرهم. وفي مدينة عينكاوا التي تعد الضاحية الجنوبية الغربية الراقية لأربيل عاصمة كردستان، انتزعت الاراضي بالقوة من مالكيها تحت عنوان "تشجيع الاستثمارات". وفي مدينة برطلي السريانية وزعت الأراضي على الشيعة لتفتيت الملكية العقارية للمسيحيين وتفكيك ما يسمى خط الانتشار المسيحي الكبير في سهل نينوى الجنوبي.       
يقيم المسيحيون في شمال العراق علاقة شبه تحالفية مع الاكراد بعدما كاد وجودهم ان يكون رمزياً في الجنوب والوسط (بغداد)، ولهم خمسة نواب في البرلمان الفيديرالي وخمسة نواب في برلمان اقليم كردستان الى وزير في كل من الحكومة الفيديرالية والاقليم. لكن المسيحيين يتمسكون بالحصول على اقليم خاص بهم يسمونه محافظة نينوى التي يعتبرونها البقعة الجغرافية لهم وللأقليات الاخرى من اليزيديين والشبك، حيث سيستطيعون التعبير عن خصوصيتهم ومواطنيتهم العراقية، لكن المشكلة في رأيهم في السلطة المركزية التي تصر على التصرف بمنطق الهيمنة ورفض ترجمة ما أقره الدستور العراقي باستفتاء مكونات الشعب العراقي عن خياراتها المستقبلية.

مطران وجامعة ومستشفى
يذكر رئيس اساقفة أربيل داهوك وزاخو للكلدان الكاثوليك المطران بشار وردة ان الكنيسة، بل الشعب العراقي برمته كان تحت المراقبة خلال حكم صدام حسين، ويروي ان حركة "الجيش المريمي" الروحية اضطهدت خلال العامين 1974-1975 ظناً من السلطات أنها حركة عسكرية، علماً انها مجرد حركة ايمانية روحية. ويضيف: "تسنى لنا بعد سقوط النظام الاطلاع على ملفات معينة اظهرت انهم كانوا يحصون انفاسنا".
تضم ابرشية المطران وردة 31 رعية، منها الكبيرة والصغيرة، ويعرف عنه انه مطران مناضل يتصدى للمشكلات التي تواجه شعبه، فهو افتتح مدرسة ويعمل على بناء مستشفى خاص، والأهم انه يكب بالتعاون مع جامعة الروح القدس في الكسليك على إنشاء جامعة ضخمة في عينكاوا يتوقع ان تكون الاولى في العراق.  ويقول في ذلك: "هناك عمل كثير علينا القيام به لطمأنة المسيحيين الذين يهاجر بعضهم لانعدام فرص العمل، وانا شخصياً اتفهم ذلك وأدرك جيداً شعور اللا أمان لدى الاقليات والمسيحيين".
وفي رأي المطران ورده ان الوضع المسيحي في العراق، جزء من الوضع العراقي والاقليمي المفتوح على كل الاحتمالات.
 
النهار

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
روبير شعيب : الحقيقة وراء الإنجيل المنحول الذي اكتشف في تركيا (1)

روبير شعيب : الحقيقة وراء الإنجيل المنحول الذي اكتشف في تركيا (1)

تفشى في الأيام السابقة نبأ أربك الكثيرين يتحدث عن إيجاد نسخة من إنجيل في تركيا ينفي عقائد المسيحيين ويصرح بأن يسوع قد تنبأ بمجيء محمد، نبي المسلمين.

نود في هذه المقالة أن ننظر عن كثب إلى هذا المخطوط، فنبحث في أصله وصحته وتأريخه. سنعتمد في بحثنا لا على دغدغة المشاعر والعواطف الدينية، ولا على النقد المتعجرف، بل على التحليل العلمي ووسائل البحث التاريخي باحثين عن الحقيقة وتائقين إليها.

مخطوط خطير

سنبدأ في القسم الأول من المقالة بسرد المجريات العامة للوقائع الإخبارية للمسألة لكي يلم بها على حد سواء من سمع شيئًا ومن لم يرده الخبر بعد.
كل المسألة تتعلق بنسخة من إنجيل منحول مكتوب باللغة الأرامية وقد تناقلت وسائل الإعلام العربية وبعض الوسائل الغربية، تأريخًا يقول بأنه يعود إلى 1500 سنة، أي نحو العام 500 بعد المسيح، وبالتالي قبل مولد محمد. يزعم ذلك الإنجيل أن يسوع يتنبأ عن مولد محمد من بعده حيث يقول جوابًا لسائل عمن سيخلفه: "محمد هو اسمه المبارك، من سلالة إسماعيل أبي العرب".
النص قد وجدته السلطات التركية في عام 2000 وقد حُفظ حتى عام 2010 حيث تم تسليمه لمتحف الإثنوغرافيا في أنقرة ليتم عرضه بعد القيام بعملية ترميم.
المشكلة الأولى هي التالية: إذا كان تأريخ النص دقيقًا، أي قبل مجيء محمد، فهذا قد يعني أن النص صادق وأنه ليس تركيبة لاحقة أضافها كاتب جاء بعد الإسلام. ولذا السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي: ما هو تاريخ هذا النص؟ سنجيب على هذا السؤال لاحقًا… أما الآن فلنتابع التبحر لنرى عمق المسألة وتشعبها.
المشكلة الثانية هي أن النص ينفي مختلف عقائد المسيحيين: الثالوث الأقدس، ألوهية المسيح، صلبه… بكلمة، النص يطابق أكثر نظرة القرآن للمسيح منه نظرة المسيحية والأناجيل القانونية ورسائل بولس، بطرس، يوحنا وسفر الرؤيا. وعليه السؤال الثاني الذي يطرح نفسه هو التالي: هل نعرف ما هو نص هذا الإنجيل المنحول؟ من هو كاتبه؟ ما هي نواياه؟ وهذه مسألة ثانية سنجيب عليها لاحقًا.
المسألة الثالثة، وأسميها عمدًا مسألة لأنها ليست مشكلة حقيقية بل نتيجة لتبادل الصحفيين الأخبار ونقلهم لها دون معيار ودون التعمق بمعنى المسائل ودون البحث الذي يجب أن يرافق العمل الصحافي خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمسائل جدية وحساسة. للأسف الكثير من الصحفيين يبحثون أكثر عن الأخبار الغريبة والسبق الصحفي على حساب الحقيقة والوقائع فتأتي أخبارهم بل نتيجة لجهل مدقع (وكم هناك من الجهل في وسائل الإعلام!) أو لسوء نية وموقف معادٍ للكنيسة وللفاتيكان. والمسألة ببساطة هي: تواردت أخبار عن أن البابا بندكتس السادس عشر يريد الاطلاع على المخطوط، ولذا راح البعض إلى استنتاج خلاصات بخسة: الكنيسة خائفة من هذا الإنجيل ولطالما سعت إلى إخفائه لكي لا يهبط مبنى العقائد المسيحية.
أرجوكم أعيدوا النظر في هذه الجملة لتروا بأمة أعينكم التناقض الظاهر: فإذا كانت الكنيسة تعرف بهذا المخطوط وقد أخفته، لما طلب البابا النظر فيه (لأنه المنطق البدائي يقول لنا أنه إذا كان الأمر كذلك فالبابا يعرف مكنون هذا المخطوط وليس بحاجة للإطلاع عليه!!). على هذه المسألة الثالثة أجيب سريعًا لكي نهتم بشؤون أكبر: إذا سلمنا جدلاً بأن الفاتيكان قد طلب الاطلاع على المخطوط فهو من ناحية الرغبة العلمية ورغبة البحث والدراسة التي تميز علماء الدين واللاهوت الكاثوليك والمسيحيين. المسيحيون لا يخافون من دراسة أي مخطوط. هذا ما تم مع مخطوطات قمران، ناج حمادي، آلاف الأناجيل المنحولة، وما سوى ذلك. ولذا، فلنشكر الرب بالحري لأن كنيستنا منفتحة على العلوم والأبحاث وليست منغلقة خائفة في دياجير الجهل، التحريف والتخريف.

مَن نَسَخ المخطوط؟

النص مكتوب بأحرف مذهبة على جلد. الصفحة الأولى من المخطوط تتضمن كتابة بالأرامية ورسم صليب. أما ترجمة الكتابة على الصفحة الأولى فهي التالية: "باسم ربنا، هذا الكتاب قد نُسِخ على يد رهبان دير نينوى العالي في سنة 1500 لربنا".
وقد نشر باحثان أشوريان دراسة النص الظاهر في الصفحة الأولى فوجدا فيه العديد من الأخطاء التي تشكل حافزًا نقديًا علميًا للشك بنسبة المخطوط، لأنها أخطاء عديدة ولا يمكن أن يرتكب الرهبان السريان أخطاءً من هذا النوع. علمًا بأن نينوى هي عاصمة أشورية قديمة وتقوم بالقرب من الموصل.
الأخطاء الواضحة:
— "باسم ربنا": الكلمة الأولى (والمكتوب يُقرأ من عنوانه!!) فيها خطأ كتابة: "بِشمِت مَرَن" كان يجب أن تكون "باشم دْمَرَن". والسؤال: هل كان الكاتب يجيد الأشورية؟
والكلمة نفسها تتضمن خطأً آخر: فكلمة "اشما" تبدأ بحرف ساكن، ولذا عندما يضاف إليها "ب" يجب لفظها بهذا الشكل :بَاشما دمرن".

— "على يد": خطأ مشابه يظهر في "عال إيداتِ"، بينما الكتابة الصحيحة يجب أن تكون: بِايداتا. (لاحظوا التشابه مع اللغة العربية… التي تجعلنا نفكر بأن الكاتب بالحقيقة ليس سريانًا أو أشوريًا أو كلدانيًا بل بالحري عربيًا).

— "الكتاب": الخطأ الثالث الذي يخون أصل الناسخ العربي هو التالي: الرهبان لم يسموا أبدًا كتابنا المقدس "كتابا" وحسب، بل دومًا "كتابا قديشا" لكي يميزوه عن سائر الكتب. لعل الكاتب والناسخ، نظرًا لثقافته الإسلامية كتب سهوًا التسمية التي يطلقها المسلمون على كتاب المسيحيين وعلى المسيحيين: الكتاب وأهل الكتاب؟
إذًا، بالمختصر المفيد، كل هذه الأخطاء تنفي النقطة الأولى من نسبة النص. من غير الممكن أن يكون الناسخون رهبانًا أشوريون. ولكن هناك أمور أخرى تحملنا علميًا على الشك بتأريخ النص.

إلى أي عام يعود النص؟

يلاحظ الباحثان الأشوريان أن الصفحة الأولى من الكتاب هي في الأشورية الحديثة والتي أضحت معتمدة بعد عام 1840. فالكتاب المقدس الأول بالأشورية الحديثة ظهر في عام 1848. فكيف لناسخ  عاش في القرن الخامس عشر أن يعتمد لغة حديثة؟ كان بالحري به أن يكتب بالأشورية الكلاسيكية.
كما ويتابع الباحثان تحليل الصفحة الأولى من الكتاب بالقول: إن الصفحة الأولى من الكتاب تقول صراحة أنه المخطوط قد نُسخ في عام 1500. وهنا نشأ لغط كبير في وسائل الإعلام التي بدل أن تقول أنه يعود إلى العام 1500، صرحت أن النص يعود إلى 1500 سنة أي إلى العام 500 بعد المسيح… فلنسلّم جدلاً بأن التأريخ صحيح أي أن النص يعود إلى عام 1500.  فهل من أمر عجائبي إذا أضاف شخصٌ ما معتقداته الشخصية على كتاب وجعله يقول ما لم يقله في نسخاته الأولى؟ ليس لدينا أية ضمانة على أصالة النص وأمانة النسخ. فالمخطوط يعود إلى 870 سنة بعد نشأة الإسلام. بكلمات أبسط: حتى لو كان الكتاب منسوخًا عن مخطوط يعود إلى القرن الخامس، لا بل حتى لو كان المخطوط الأصلي يعود إلى القرن الأول، ما لدينا الآن للبحث العلمي هو نص يعود إلى القرن الخامس عشر، أي بعد قرون عديدة من الفتح الإسلامي. في هذه الفترة الزمنية الطويلة جدًا يمكن للنساخ أن يكونوا قد أضافوا وبدلوا وأعادوا صياغة ما شاؤوا من النص.
أود أن أذكّر هنا بنسخ كثير من كتب الفلاسفة اليونان التي كان الرهبان السريان ينقلونها  فكان أفلاطون يخرج من بين يديهم لابسًا عباءة راهب سرياني. والترجمات التي كان يقوم بها العرب كان تُخرج أفلاطون لابسًا عمامة شيخ أو إمام. وعليه، إنه لخطأ علمي فادح أن نسلّم بصدق وحياد النساخ والمترجمين خصوصًا في الأزمنة الماضية.
ولكن جوابنا لم ينته هنا، في مقالة ثانية سنتحدث عن بعض الأخطاء الفادحة الواردة في النص والتي تسربت عبر بعض وسائل الإعلام التركية… كما وسنتحدث لاحقًا عن إنجيل منحول آخر يقوم بتصاريح مشابهة. وسنجيب بالتالي على الأسئلة التالية: ما هو هذا الإنجيل؟ ما هي قيمته؟ إلى أي قرن يعود؟ هل صحيح أن الكنيسة أرادت إخفاؤه عن الناس؟

(يتبع)
نقلاً عن وكالة زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الأب شربل رعد : القديس مارون: هل تعلم؟ عن أي مارون نتحدّث؟ (1)

الأب شربل رعد : القديس مارون: هل تعلم؟ عن أي مارون نتحدّث؟ (1)

طبعًا، إن حاملي هذا الاسم كُثرٌ في سوريا. ولكننا نتحدَّث عن مارون الناسك، الذي عاش في الشمال السوري ومات قبل مجمع خلقيدونيا (سنة 451)، أي عاش في نهاية

القرن الرابع وبداية الخامس. وهو ينتمي إلى الحضارتين اليونانيَّة والسريانيَّة. إنه مارون الذي شيَّد الأمبراطور مرقيانوس ديرًا على اسمه في منطقة أفاميا (سوريا الثانية) سنة 452، والذي كتب عنه ثيودوريطس أسقف قورش.

مَن هو ثيودوريطس أسقف قورش؟
إسمه من أصل يوناني يعني "فضل الله". ولد في أنطاكية عام 393، سرياني اللسان، نشأ في ظل الكنيسة التي كان يعظ فيها القديس يوحنا الذهبي الفم، وهو رجل مثقف تعلم جيدًا اللغة اليونانيَّة. ترهَّب سنة 416 في أحد ديري النقيرة، تحت قانون مرقيانوس الراهب في دير بناه أغابيطس تلميذه. عُيِّن أسقفًا سنة 423 على أبرشيَّة قورش الواقعة في سوريا الفُراتيَّة التي كانت تضم 800 رعيَّة. وهو صاحب مؤلَّفات كثيرة في الكتاب المقدس والتاريخ الكنسي والتاريخ الرهباني والعقيدة… توفِّي على الأرجح سنة 460. لم يعرف ثيودوريطس مارون الناسك بشكل مباشر، فقد توفي مارون حوالى سنة 410 قبل أن يتسلم ثيودوريطس زمام الأبرشيَّة القورشيَّة.

في أي كتاب من مؤلفات ثيودوريطس ترد سيرة مارون الناسك؟
 ترد سيرة مار مارون في كتاب وحيد حتى الآن هو "تاريخ أحباء الله"، أي تاريخ رهبان سوريا، للمؤلف ثيودوريطس والذي كتبه سنة 444. وهذا المؤلف هو مرجع أساسي، لا بل هام جدًّا، عن الحياة الرهبانيَّة في سوريا من القرن الرابع إلى سنة 444، ودونه تبقى هذه الحياة شبه مبهمة. وقد ألَّفه في اللغة اليونانيَّة، وهو يحتوي على مقدِّمة وثلاثين فصلاً. يعرض لنا القورشي في هذا الكتاب "تاريخ أحبَّاء الله" الحياة الرهبانيَّة الثلاث المعاشة آنذاك: الحياة التوحديَّة، الحياة النسكية والحياة العموديَّة؛ وفي الفصل السادس عشر منه يروي لنا سيرة مارون الناسك. وفي الختام ملحق في الصلاة والمحبة الإلهيَّة. وقد شكلت زيارات ثيودوريطس الأسقف للنساك وسماع أخبارهم ومآثرهم نواة أساسيَّة للكتابة. أما الهدف من هذا الكتاب فهو استخلاص العبر من حياة أبطال الفضيلة والتعريف بالسيرة النسكيَّة. وهو بالطبع قد سمع الكثير عن مارون وربما من تلميذه الناسك يعقوب القورشي الشهير.
 
زينيت

عن الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان

عضو في الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة UCIP الذي تأسس عام 1927 بهدف جمع كلمة الاعلاميين لخدمة السلام والحقيقة . يضم الإتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة - لبنان UCIP – LIBAN مجموعة من الإعلاميين الناشطين في مختلف الوسائل الإعلامية ومن الباحثين والأساتذة . تأسس عام 1997 بمبادرة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام استمرارا للمشاركة في التغطية الإعلامية لزيارة السعيد الذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني الى لبنان في أيار مايو من العام نفسه. "أوسيب لبنان" يعمل رسميا تحت اشراف مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بموجب وثيقة تحمل الرقم 606 على 2000. وبموجب علم وخبر من الدولة اللبنانية رقم 122/ أد، تاريخ 12/4/2006. شعاره :" تعرفون الحق والحق يحرركم " (يوحنا 8:38 ).
الشرق : المسيحيون والمسلمون بعد عام من انطلاق الربيع العربي (1)

الشرق : المسيحيون والمسلمون بعد عام من انطلاق الربيع العربي (1)

انطلقت الشرارة الأولى للثورة العربية منذ عام، حين أقدم الشاب التونسي محمد بوعزيزي على إضرام النار في نفسه بسبب سوء أوضاعه الاقتصادية وتعرضه للإذلال

 على أيدي رجال الشرطة. كان ذلك في 15 ديسمبر؛ ومثل النار في الهشيم، كانت تضحيته شرارة تنقلت بين بلد وآخر مشعلة نار الثورة. وقد تأججت هذه الثورات لأسباب عديدة أبرزها مرور العالم العربي بأوقات عصيبة، وشعور الناس بالأسى وبرغبة في التغيير، فما كانوا يحتاجون إلا إلى شرارة صغيرة لتضرم هذه النار.
امتدت الثورة العربية بشكل متفاوت بين بلد وآخر إذ كان الناس أكثر استعداداً لها في بلدان دون الأخرى. فالشعب التونسي مثلاً كان أكثر قوة ونضجاً بما أنّ النظام السابق كان يسمح بالاحتجاج من وقت إلى آخر. أما في البلدان التي يحكمها نظام ديكتاتوري تماماً كما في ليبيا، كان التدخل الخارجي ضرورياً. ولكن في الحالة السورية، فإنّ الوضع أكثر تعقيداً مع غياب أي معطيات تؤكد إمكانية إيجاد حل للأزمة.
في المقابل، لم يحصل أي تحرك يذكر في بلدان مثل الأردن، ربما لأن الوضع ليس سيئاً كما في بلدان أخرى، فيما لم يحصل أي تحرك على الإطلاق في بعض البلدان حيث التركيبة السكانية متجانسة إلى حد كبير كما هي الحال في المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط، والتي يعيش سكانها بارتياح، ولكنّهم لا يعرفون شيئاً عن حقوق الإنسان والحرية والمساواة.
    
العالم العربي واحتياجاته
على أي حال، إنّ الاضطرابات التي شهدها العالم العربي هذا العام ناجمة عن عدم تلبية احتياجات الشعوب العربية. ولعلّ السبب أو الحاجة الأولى والأكثر