علينا ان نعرف بان يسوع ليس إله المؤمنين، ليس فقط إله الراجين به، ليس فقط إله المعظّم والممجّد من قبل القديسين، يسوع أيضاً إله الزواني، إله العشّارين، إله السكارى، إله الحسودين، إله النّمامين، إله المنافقين، هو إله الكل للصغير كما للكبير أيضاً…. كفانا نبحث عن عظمة، كفانا…. إن يوحنا ويعقوب اللذين سألا أن يكونا على يمينه وعلى يساره، هذا اللذان بحثا عن العظمة، يتجسّدان اليوم في عالمنا المعاصر، هنالك الكثير ممن هم مثل يعقوب ويوحنا، هنالك الكثيرين الغارقين في فخ هذه التجربة، تجربة العظمة….
الشعب اليهودي بأسره كان ينتظر قائد عظيم محرر من السلطات الزمنية، ولكن يبقي الناس في العبوديات العلاقئية مع بعظهم البعض، عبوديات اجتماعية، عبوديات فكرية، عبودية لقناعات وأفكار بالية، عبودية لحب الظهور، عبودية لحب التباهي بالأمور اللامنطقية… وما أكثر الأمور اللامنطقية اليوم في حياتنا…
إذاً الكل ينتظر قائد عظيم محر من السلطة الزمنية، والتلاميذ كونهم من هذا الشعب نفسه، ينتظرون هذا المحرر، وراوا في يسوع هذا القائد الذي من الممكن ان يقود الشعب نحو الخلاص، لهذا كانوا يتنافسون على السلطة تماما كما يتنافس السياسيون على السلطة في زماننا… كل تلميذ يريد ان يكون له سلطة ومنصب عند يسوع…. التلايذ يغضبون من يعقوب ويوحنا، لا لحسن النية، بل لان لديهم نفس الفكر، الكل يريد الوصول للقمة والسلطة وحب الظهور…. واذها يدون يسوع التلاميذ ويبيّن لهما بوضوح المعايي والأسس التي يتأسس عليها ملكوته، هذه الأسس التي تجعل من ملكوت يسوع يختلف كليّا عن ملكوت العالم… في العالم تبقى القوة هي المعيار الوحيد والأساسي، سأل ستالين البابا عندما أراد البابا التدخل إحلال السلام: كم من الجيوش والقوات يملك البابا؟… مبدأ العالم هو استهلاك وتدمير الآخر من اجل السيطرة…
في ملكوت يسوع لا يمكن تسخير الآخر لخدمتنا، في ملكوت يسوع هنالك تقديم الذات من اجل الآخر، فهل في أيامنا قائد او راعي يبذل ذاته من اجل رعيته، أم القادة نائمون والرعاة غافلون عن الكثير الكثير من المعاناة التي يعيشها الناس الأبرياء… عالمنا اليوم بحاجة إلى اناس يؤمنون بالخدمة كطريق حقيقي للتعبير عن المحبة… العظيم العظيم العظيم، هو من يخدم، والاول هو من يضع نفسه خادما للجميع، هذه هي الحرية الحقيقية، هذه هي المملكة الحقيقية التي علينا لبحث عنها في عالمنا… يسوع واضح جداً، ما جئتُ لأُخدَم بل لأَخدُم… فهل تريدون تباعة إنسان خادم، أم ملك عظيم؟…
الطموح لنكون في الاعلى ليس سيئاً بحد ذاته، بدون الطموح تكون الحياة فاترة ومملّة… الطموح دائما يحثنا على استثمار المواهب التي لنا لخدمة الإنسانية، ولا يكون الطموح موذياً إلا عندما نصبح عبيداً للطموح نفسه، وعندما نصمّم على النجاح بأي وسيلة حتى وإن كانت على حساب الآخرين…. في النهاية علينا أن لا نطلب من يسوع ان نكون عن يمينه او عن يساره، علينا أن نكون دائماً وراء يسوع، نتبع يسوع…. في النهاية من كان مستحقاً لان يكون عن يمين وعن يسار يسوع، كانا لصّين، لو عرف يعقوب ويوحنا من سيكون عن يمين وعن يسار يسوع لما طلبا هذا الطّلب…
الراعي الحقيقي والقائد الحقيقي، هو من يجعل الكل صديقاً له، فلا يفكّر في راحته ومنصبه بقدر ما يفكّر بالناس… كله استعداد ليضحي بحياته من اجلهم… دائما عندما يكون القائد الاول في ساحة القتال جيشه هو الفائز… اما إن جلس في مكتبه مع مستشاريه، لقيادة المعركة من الخطوط الخلفية، فالخسارة ستكون الحليف الاول والاخير…. اخوتي أخواتي، يسوع يعلن، جئت لتكون لكم الحياة، لا بل الحياة الأفضل، فإذا كنت تريد الوصل للسلطة، فاسأل نفسك، هل تستطيع ان أعطي الحياة للناس الذين سأقودهم؟…. فنفكر في الخدمة فهي أفضل طريق للوصول إلى يسوع….. آمين
زينيت