حقق الإعلام الباكستاني، بكل أشكاله (المقروء والمرئي والمسموع) تطورا سريعا وملحوظا في السنوات الأخيرة، بل أصبح له دور فعال وهام في الساحة السياسية الباكستانية،
رغم ما يواجهه من قيود وعقبات قانونية وديمقراطية من قبل السلطات الرسمية في البلاد، خصوصا أثناء الأزمات السياسية. وليس أدل على ذلك من تلك المضايقات التي يلاقيها مراسلو الصحف والقنوات الإخبارية أثناء نقلهم أعمال الشغب التي تلت اغتيال رئيس الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو عام 2007، حيث وجهت الشرطة تهما جنائية لمئات الصحافيين بمشاركتهم في أعمال العنف. وهو الأمر الذي جعل منظمة «مراسلون بلا حدود»، تصنف باكستان تحت مسمى «من أخطر البلاد الآسيوية على العاملين في الحقل الإعلامي عام 2007»، وترصد مقتل 6 صحافيين، وإصابة 30 آخرين على الأقل بإصابات خطيرة، وكذلك توقيف 120 منهم على الأقل، في هذا العام، حسب المنظمة. وقد بدأت ثورة الإعلام الحالية تجتاح البلاد منذ 10 سنوات، فبينما كان حينها يوجد في باكستان قناة تلفزيونية واحدة فقط، أصبح اليوم يوجد ما يزيد على 100 قناة، معظمها خاصة، ساعدت وأسهمت بشكل كبير في الرقابة على أداء الحكومة، وكسر المحرمات الاجتماعية. وخلال 4 أو 5 سنوات ماضية كان للقنوات الإخبارية أثر كبير على المجتمع الباكستاني، الذي شهد عدة أزمات سياسية متتالية انتهت باستقالة الرئيس الباكستاني برويز مشرف، حيث يتابع إرسال هذه القنوات الإخبارية ملايين الأشخاص في مدن وأرياف باكستان. ولعبت هذه القنوات دورا كبيرا في تعبئة الرأي العام ضد الحكومة، حينما أصدر مشرف قرارا بتعليق عمل رئيس القضاء السابق افتخار محمد شودري واتهمه باستغلال منصبه. ولذلك فرضت الحكومة على معظم القنوات التوقيع على برنامج «سلوك حكومي» للحد من نقدها أوضاع البلاد. وتشير تقديرات مؤسسة «غالوب» باكستان إلى ارتفاع عدد مشاهدي التلفزيون من سن 10 سنوات وما فوقها، من 63 مليونا في عام 2004 إلى 86 مليونا في عام 2009، على الرغم من أن العدد الدقيق من الصعب العثور عليه. أما على صعيد الصحف والمطبوعات الورقية، فوفقا لدائرة الإحصاء في باكستان فإن هناك 1464 صحيفة بمختلف اللغات تنتشر في أربع مقاطعات في باكستان، هي: السند (45 إنجليزية، 35 سيندية، 28 أردية). وولاية البنجاب (268 أردية، 40 إنجليزية، 17 بنجابية). والإقليم الحدودي الشمالي الغربي (677 أردية، 26 إنجليزية، 25 بشتونية). بلوشستان (363 أردية، 22 إنجليزية، 8 بشتونية، 8 بلوشية). ومن أهم هذه الصحف، بالأردية، وهي اللغة الوطنية، (Aaj «آج»، تأسست عام 1989، Al Akhbar، Islamabad and Peshawar، Asas، Awam، Evening newspaper). وباللغة الإنجليزية، باعتبارها اللغة الأجنبية الرسمية، هناك (Business Recorder منذ عام 1965، Pakistan›s first financial daily، The Daily Mail في إسلام آباد، Daily News في كراتشي وتأسست عام 1962، Dawn عام 1947، National Herald Tribune منذ عام 2005). وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 1.5 مليون باكستاني يقرأون الصحف من جملة 169 مليون نسمة. ويعود تاريخ الصحافة في شبه القارة الهندية الباكستانية إلى يناير (كانون الثاني) من عام 1780، حين صدرت أول صحيفة أسبوعية من كلكتا باللغة الإنجليزية، وأصدرها أحد موظفي شركة الهند الشرقية الذين تم فصلهم من عملهم وهو جيمس أوغستس هيكي، وكانت تسمى «Hickys Bengal Gazette» واشتهرت باسم «Hickys Gazette» نسبة إلى مالكها، وعانى هذا الرجل كثيرا بسبب تعرضه في جريدته لشخصيات كبيرة في المجتمع، فدخل السجن مرتين، لكنه لم يتراجع عن موقفه، وعندئذ صادرت الشركة مطبعته في مارس (آذار) من عام 1782، وبذا توقفت أول صحيفة في البلاد عن الصدور. كما أن هناك حاليا نحو 3 وكالات أنباء كبرى في البلاد، هي: وكالة «أسوشييتد برس» الباكستانية (كونا)، ونقابة الصحافة وباكستان، التي سميت لاحقا في الصحافة الدولية الباكستانية (بي بي آي)، ووكالة «أسوشييتد برس» للخدمات العامة هي الوكالة الباكستانية الإخبارية الأولى المعنية بتكنولوجيا المعلومات وتقوم على قاعدة التخصص في الكتابة التحريرية. بالإضافة إلى عدد من وكالات الأنباء الأخرى أصغر حجما، ووصلت إلى حيز الوجود، ومنها شبكة الأخبار الدولية «إن إن آي». وتشير التقديرات إلى أن النمو السريع لسوق وسائل الإعلام في باكستان على مدى العقد الماضي جذب استثمارات كبيرة في نطاق المليارات من الدولارات، وأنتج مئات الملايين من الدولارات من العائدات.
ومع تزايد نفوذ وسائل الإعلام في تشكيل المجتمع الباكستاني، والرأي العام وسياسة الحكومة، تناقلت وسائل الإعلام خبرا مفاده أن إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تعتزم إنفاق ما يقرب من 50 مليون دولار على وسائل الإعلام الباكستانية من أجل إنهاء المشاعر المناهضة للولايات المتحدة وتخفيف حدة التوتر وتحسين العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة مرة أخرى، وشددت الإدارة الأميركية على أهمية أن يكون هناك مزيد من الشفافية في مصادر الدخل والاستثمارات في مجال وسائل الإعلام، ومزيد من الحرية في تداول المعلومات