فأنا أحب منح سر المعمودية للأطفال. أحب هذا كثيرًا! لأن كل طفل يُولد هو عطية فرح ورجاء، وكل طفل يُعمّد هو معجزة إيمان، وهو عيد لكل أسرة الله.
تخاطبنا صفحة إنجيل اليوم عن يسوع عندما قَبِل المعمودية في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، مشِيرة بوضوح: "فإِذا السَّمَواتُ قدِ انفتَحَت" (مت 3، 16) تحقيقا للنبوءات. وهناك، في الواقع، دعاء يتكرر كثيرا في ليتورجيا زمان المجيء: "ليتك تشُق السماوات وتنزل" (أس 63، 19). لأن السماوات إن بقيت مُغلقة فإن آفاق حياتنا في هذه الأرض تبقى مُظلمة، وبلا رجاء. لكنَّ الإيمان، من خلال الاحتفال بعيد الميلاد، يمنحنا مجددًا اليقين بأن السماوات قد فُتحت بواسطة مجيء يسوع. وها نحن نتأمل أيضا، في يوم معمودية الرب، السماواتِ مفتوحةً، واثقين بأن ظهور ابن الله على الأرض قد حطَّم الجدار الذي كان يفصل بين البشر وخالقهم، فقد فُتحت السماوات بعد أن كانت قد أُغلقت بسبب الخطيئة. انفتحت السماوات بميلاد المسيح! وقد أعطانا الله في المسيح ضمانة محبة لا تتزعزع أبدًا. فمنذ لحظة تجسد كلمة الله، أصبح باستطاعة كل واحد منا أن يرى السماوات مفتوحة، على غرار رعاة بيت لحم ومجوس الشرق، ويوحنا المعمدان، ورسل يسوع، والقديس إسطفانوس، أول الشهداء، الذي قال: "ها إِنِّي أَرى السَّمواتِ مُتَفَتِّحَة" (أع 7، 56). لقد اضحى هذا ممكنا لكل واحد منّا، إذا ما سمحنا لمحبة الله بأن تغمرنا، تلك المحبة تُمنح لنا أول مرة في سر المعمودية بفضل عمل الروح القدس. دعونا نترك أنفسنا لتغمرنا محبة الله! فهذا هو وقت الرحمة العظيم! لا تنسوا: هذا هو وقت الرحمة العظيم!
عندما نال يسوع معمودية التوبة من يوحنا المعمدان، متضامنًا مع الشعب التائب -مع أنه لم يعرف الخطيئة ولم يكن بحاجة إلى التوبة-، فإن الله الآب قد أسمع صوته من السماء قائلا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (آية 17). وبهذا نال يسوع "إقرار" الآب السماوي، الذي أرسله ليشاركنا وضعنا البشري وفقرنا: فالمقاسمة هي الوسيلة الحقيقية لعيش المحبة. يسوع لم يتخلى عنّا، فهو يحتسبنا أخوة ويقاسمنا ما نحياه، جاعلا منّا أبناء لله الآب، معه. في هذا يكمن الوحي، والمصدر الحقيقي للمحبة.
هذا هو وقت الرحمة العظيم!
أليس جليًّا لنا جميعا حاجة عصرنا للمشاركة الأخوية وللمحبة؟ ألا يبدوا واضحا لكم أننا جميعا بحاجة لجرعة محبة إضافية؟ لتلك المحبة التي لا ترضى بمجرد التعاون الوقتي والسطحي، بل لتلك المحبة التي تُشرِك الشخص كله، والتي تجعلنا نتقاسم ونحمل فوق أكتافنا جراح وآلام أخينا. ما أروع طعم الحياة عندما نسمح لمحبة الله بأن تغمرها!
دعونا نطلب من العذراء القديسة أن تدعم بشفاعتها التزامنا في اتباع يسوع على درب الإيمان والمحبة، الدرب الذي رُسِم فينا بسر المعمودية.
ثم صلاة التبشير الملائكي
زينيت