يقع مزار لوريتو في منطقة أنكونا في ماركي، وتمتد حول البازيليك مدينة لوريتو التي تضمّ حاليّا زهاء 11000 نسمة. وقد انطلقت أعمال بناء المزار على الطراز القوطي المتأخّر في القرن الخامس عشر، ولم تنته حتى نهاية القرن السادس عشر. ويَرقى تاريخ المزار إلى القرن الثالث عشر، وتحديدا إلى 10 كانون الأول عام 1294، لأنّ تقليدا قديما يقول إن الملائكة قاموا في هذا التاريخ بوَضع بيت مريم فيه، بعد أن نقلوه من الناصرة في الهواء.
لكن أبحاثا جديدة تنسب نقل البقايا الثمينة إلى عائلة أنجيليس، التي ربما نقلته بباخرة بعد انكسار الصليبيين في الأراضي المقدسة لحمايته من الفتوحات العربية.
يشكّل بيت مريم النواة الأساسية التي نشأ حولها بازيليك لوريتو الكبير. وعلى مذبح بيت مريم، يكرّم تمثال سيدة لوريتو الصغير المصنوع من خشب الأرز اللبناني المأخوذ من الحدائق الفاتيكانية، وهو التمثال الذي صنع بناء على طلب البابا بيوس الحادي عشر الذي كَلّله في الفاتيكان عام 1992، قبل إعلان نقله الرسمي إلى لوريتو. وتبرز العذراء في معطف ذهبي.
ووفقا للعهد الجديد، تربّى يسوع مع امه مريم والقديس يوسف في بلدة صغيرة تدعى الناصرة، قرب القدس. وكان يوسف نجارا، وكان منزلهم متواضعا. وبعد قيامة الرب يسوع بثلاثة قرون، أصدر الإمبراطور قسطنطين أمرا ببناء كاتدرائية على بيت العائلة المقدسة بُغية حمايته.
وحسب التقاليد والأخبار التي تناقلها الناس ورجال الكنيسة على مر الأجيال، تؤكد انه خلال الحروب الصليبية والظلم الذي وقع لفترة طويلة في تلك المنطقة إبّان العام 1291، حملت الملائكة بيت العائلة المقدسة بأعجوبة استثنائية من موقعه الأصلي إلى لوريتو في شمال ايطاليا.
وعلى إثر تلك الأعجوبة، أصبح هناك مساحة فارغة في الناصرة، حيث كان البيت وفق التقليد.
وتجدر الإشارة الى أن بعض المؤرخين، وخصوصا الكاثوليك، ليسوا مقتنعين تماما بهذا الموضوع، والسبب هو عدم وجود سِجل تاريخي للمنزل كما في الناصرة.
في العام 1469، تمّ بناء كاتدرائية كبيرة على بيت المقدس في لوريتو، وما زال قائما حتى يومنا هذا. وفي عام 1507، تمّ بناء سياج حول البيت الرخام داخل البازيليك، وفي عام 1510، تمّت الموافقة رسميّا على موقع للحج.
وعلى مَرّ القرون، سَجدَ عدد لا يحصى من الحجّاج داخل البازيليك حول بيت المقدس، وهو يرتدي الحوض الصغير في الصخر الصلب.
وحتى نهاية القرن السادس عشر، كان الحجّاج الذين يتوجهون إلى بيت لوريتو ينشدون صلوات مريمية تسمّى "صلوات لوريتو".
وسرعان ما أصبح المزار مكان حَج عظيم، وأحد أهم أماكن الحج في العالم، ومصدر تكريم كبير للعديد من القديسين والبابوات، منهم يوحنا بولس الثاني الذي زاره عدة مرات خلال حَبريّته، عِلما أنّ لقاءاته مع الشبيبة عامي 1995 و2004 تبقى خالدة ولا تُنسى.
مؤخرا، في أيلول عام 2007، زار البابا بندكتس السادس عشر البازيليك، بمناسبة لقاء الشباب الإيطاليين.
وخلال زيارته، شدد البابا على أن هذا البيت كان مؤلفا من ثلاثة جدران وليس أربعة، بما أنه كان مفتوحا للجميع.
وأصبحت قصة البيت المقدس الذي طار به الملائكة في الهواء، مرجعا مألوفا للطيّارين الذين جعلوا سيدة لوريتو محامية عنهم. كما أن الصلاة المرفوعة إلى عذراء لوريتو التي أعلنت شفيعة الطيّارين، توضح طابعها الأمومي، فهي تقول: "يا سيدة لوريتو، العذراء المجيدة، نأتي واثقين إليك، إقبلي صلاتنا المتواضعة. البشرية مضطربة بفعل شرور كبرى، وهي تريد التخلّص منها بقواها الخاصة فقط. إنها بحاجة إلى السلام والعدالة والحق والمحبة، وتظن أنها قادرة على إيجاد هذه الحقائق الإلهية بعيدا عن ابنك. أيتها الأم! أنت التي حملت المخلص الإلهي في أحشائك الطاهرة، وعشت معه في البيت المقدس الذي نكرّمه على تلّة لوريتو، إحصلي لنا على نعمة البحث عنه والاقتداء بمثله الذي يؤدي إلى الخلاص".