وكلية الطب في جامعة البلمند، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، لتعليمهم أدوات تعينهم على مواجهة المواقف العصيبة والضاغطة في الحياة اليومية، مشيرة الى أن حصصاً لتدريس هذا البرنامج أدرجت ضمن مناهج 17 مدرسة رسمية وخاصة، باشراف 44 معلماً تم تدريبهم لهذه الغاية.
وعقدت "إدراك" مؤتمراً صحافياً صباح اليوم الأربعاء في قاعة البتلوني في كلية العلوم الصحية في جامعة البلمند في الأشرفية، عرضت فيه لنتائج "البرنامج المدرسي لتعزيز المرونة والتكيف لدى الأطفال والمراهقين". وشارك في المؤتمر الأمين العام للمجلس الأعلى للطفولة الدكتور ايلي مخايل، والمنسقة العامة للتوجيه التربوي السيدة منى الطويل ممثلة المدير العام لوزارة التربية الدكتور فادي يرق، ورئيس قسم البنية التحتية والتنمية المحلية لدى بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ماسييج آدم مادالينسكي.
كرم
وتحدث رئيس "إدراك" رئيس قسم الطب النفسي وعلمه في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي الدكتور ايلي كرم، شاكراً للاتحاد الأوروبي دعمه هذه المبادرة. كذلك شكر وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية ومؤسسة الحريري والنائبة بهية الحريري.
واذ شدد كرم على "التأثير الكبير للصحة العقلية والنفسية على نوعية الحياة، سواء في العمل او في البيت أو في المدرسة، والتأثير الكبير للضغوط، ومنها تلك الناجمة عن الحرب، على اللبنانيين"، أشار الى ان "إدراك" قررت "مجدداً المبادرة الى جهد استباقي تحوطي، يتمثل في تدريب المعلمين ليساهموا في تحسين حياة أولادنا".
وأوضح أن عبارة "كن أقوى"، التي اعتمدت كشعار لهذا البرنامج، لا تعني القوة الجسدية، موضحاً أنها "تعبّر عن موقف داخلي: أن نكون أقوياء لنتكيّف ولنواجه الضغوط والظروف الصعبة في حياتنا، وهذا المفهوم يُعرف بالمرونة (Resilience)".
مادالينسكي
ثم كانت كلمة ورئيس قسم البنية التحتية والتنمية المحلية لدى بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ماسييج آدم مادالينسكي الذي أكد "التزام الاتحاد الأوروبي الشديد دعم الاهتمام بحقوق الطفل وحمايتها، وتصميم الاتحاد على مواصلة هذا النهج".
وأعلن أن الاتحاد الأوروبي "سيوفر مزيداً من التمويل في سنة 2012 لمشاريع وأعمال تهدف الى تحقيق رفاهية الأطفال اللبنانيين". وأشار الى أن ذلك "يندرج في اطار المقاربة التواصلية الجديدة للاتحاد الأوروبي في شأن الشراكة من أجل الديموقراطية والازدهار المشترك مع جنوب المتوسط، والتي يتفاعل من خلالها الاتحاد الأوروبي مع التطورات الأخيرة في اطار الربيع العربي".
مخايل
بعد ذلك تحدث الأمين العام للمجلس الأعلى للطفولة الدكتور ايلي مخايل، فاعتبر أن "بناء قدرات الاطفال وتمكينهم لمواجهة الصعوبات والتحديات المختلفة التي تواجههم في حياتهم اليومية وفي الاوقات والظروف الصعبة التي تعترض نماءهم ونموهم النفسي والاجتماعي، هي عملية تنموية بأمتياز تفرز فرص التأقلم والاندماج للاطفال ولا سيما المعرضون منهم للخطر وتجعل منهم مواطنين منتجين قادرين على التفاعل مع بيئتهم ومع المجتمع بشكل صحي وسليم".
وأضاف أن "مبادرة جمعية ادراك في تدعيم قدرات الاطفال وبناء قدرات التكيف عندهم تاتي لتلبي حاجة ضرورية غير موجودة في مناهج الاعداد الاساسي ولا حتى في المؤسسات المتخصصة التي تعنى بالاطفال المعرضين للخطر، ومن هنا اهمية هذا البرنامج وضرورة تعميمه والاستفادة من نتائجه المحققة وتضمينها منظومة الخدمات المفترض تامينها الى سائر الاطفال".
الطويل
وشددت المنسقة العامة للتوجيه التربوي السيدة منى الطويل على أن "هذا المشروع مهم بالنسبة إلى وزارة التربية لأنه فريد من نوعه من جهة تركيزه على تنمية مهارات المرونة لدى التلاميذ والأساتذة". ولاحظت أن "أصداء هذا المشروع من المدارس الرسمية والخاصة كانت جيدة"، معتبرة أنه "أحد المشاريع التي من المهم أن تدعمها وزارة التربية". وكشفت ان "الوزارة بصدد دراسة إمكان تعميم هذا البرنامج في مراحل لاحقة".
فياض وقرداحي
وختاماً، عرض تقديمي من الدكتور جون فياض والسيدة كارولين قرداحي تابت اللذين أوضحا أن البرنامج الذي نفذته "إدراك" منذ كانون الثاني 2011، في ١٧ مدرسة، منها عشر مدارس خاصة وسبع رسمية، يهدف إلى تحسين الصحة النفسية لدى الطلاب في المدارس وتعزيز قدرات المعلمين على تقديم دعم نفسي أفضل لطلابهم، ونشر الوعي في شأن الصحة النفسية للأطفال والمراهقين عند العائلات في لبنان.
ويرمي البرنامج إلى تعليم الأطفال و المراهقين، في أبكر وقت ممكن، أدوات سلوكية وعاطفية ومعرفية لمواجهة المواقف العصيبة والضاغطة في الحياة اليومية. كذلك يهدف البرنامج الى مساعدة الطفل وتعليمه على خلق شعور وحالة من "السيطرة المتوازنة" ومساعدته على إدراك قوة هذه السيطرة عندما يواجه أوقاتاً صعبة، وليعرف ما عليه القيام به لاستعادة هذا التوازن إذا فُقد.
وشمل البرنامج ٤٤ أستاذاً تم تدريبهم ليتمكنوا من تدريس البرنامج لـ ١٣٥٣ تلميذاً سعياً من خلاله الى تعزيز مهارات التأقلم والمرونة والتكيّف مع الضغوط لديهم.
والبرنامج عبارة عن سلسلة من 15 حصة مدرسية اسبوعية، يتم دمجها في المناهج الدراسية في العام الدراسي، وتشمل كل حصة مجموعة من التقنيات العاطفية والمعرفية السلوكية المنتقاة بعناية والتي تهدف الى التحكم وتحقيق التوازن بين الجسم والعقل.
وبهدف الحصول على نتائج علمية، تم ضم مجموعة من ٥٩٤ تلميذاً في المدارس نفسها، لم
يشاركوا في البرنامج، للتمكن من المقارنة.
وتم ملء استمارات للتلاميذ والمعلمين والأهل بخصوص جوانب مختلفة كالكفاءة الشخصية،
ومهارات التكيّف، وأعراض الاكتئاب والقلق والمشاكل السلوكية، والعدوانية، بالإضافة إلى التعرض
لأحداث ضاغطة.
وكان غالبية الأساتذة والمشرفين ومديري المدارس راضين على البرنامج كما شعروا أنه ساعد الطلاب كثيراً. وخلال المؤتمر الصحافي، عرض فياض وتابت بعض الشهادات التي أدلى بها التلاميذ، الأهل و الأساتذة حول تجربتهم للبرنامج وكيف أثر ذلك على حياتهم اليومية.
وظهر تحسن في الصفوف الدراسية التي شاركت في البرنامج بالمقارنة مع تلك التي لم تشارك، وكان الأمر ملحوظاً حتى لدى الأساتذة الذين لم يدربوا على البرنامج.
وتبين أن البرنامج يوطد العلاقة ويقويها بين المعلم والتلاميذ، مما يؤدي الى تحسين مواقف التلاميذ، واندفاعهم للدرس، والتركيز لديهم مع تحسين الاداء الأكاديمي في الصف الدراسي، وتكتسب تجربتهم في الذهاب الى المدرسة بعداً اضافياً يتعلق بنفسيتهم ورفاهيتهم".
كذلك اقامت "إدراك" في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية سلسلة من محاضرات التوعية، تهدف إلى تزويد الأهل والمعلمين بمعلومات أساسية عن قضايا الصحة النفسية عند الأطفال والمراهقين منذ الولادة وحتى سن 18 عاماً. وتضمّنت هذه المحاضرات نصائح عملية تتعلّق بالوقاية من المشاكل السلوكية والصعوبات النفسية لدى الأطفال والمراهقين والتعامل معها. وتم تنظيم هذه المحاضرات في مختلف المناطق اللبنانية بإدارة فريق من الأطباء النفسيين وعلماء النفس من جمعية "إدراك".
وركزت هذه المبادرة على دور العائلة والمدرسة في بناء صحة الأفراد من الناحيتين الجسدية والنفسية.
كذلك تمّ إصدار تقرير عن بحث علمي قامت به جمعية "إدراك" في المراحل الأولى من المشروع تناول تعرّض الأطفال لشتّى أنواع الضغوط وتأثيرها في المدى الطويل.