وأُريدُ أَنْ أُعبِّر له أيضًا عن رجائي بأَنَّ هذه الزَّيارةَ الرَّسوليَّةَ المُقدَّسةَ ستكون خطوةً جديدةً نحو شرقٍ أوسطٍ جديدٍ ونحو السَّلامِ العالميِّ الَّذي نصبو إليه جميعًا. ولم أجد طريقةً أخرى للتَّعبير له عن فرحتي ورجائي غير كتابةِ هذه الخواطرِ السَّريعةِ والَّتي ستتمحَّور حول ثلاثةِ عناصرِ أساسيَّة: الزَّيارةُ الرَّسوليَّةُ للبابا بندكتس الـ16 للبنان، مسيحيو الشَّرقِ الأوسطِ والعالمُ العربيُّ وأحوالُه، همومُ بابا الكنيسةِ الجامعةِ والعالمُ العربيُّ وكنائسُه.
1. الزَّيارةُ الرَّسوليَّةُ للبابا بندكتس الـ16 للبنان
إِنَّ زيارةَ البابا بندكتس الـ16 للبنان هي الزَّيارةُ الدَّوليَّةُ الرَّابعةُ والعشرون لقداسته، والزَّيارةُ الرَّابعةُ لقارة أسيا (بعد تركيا في عام 2006 والأراضي المُقدَّسة في عام 2009 وقبرص في عام 2010). وقد تمت هذه الزَّيارةُ الرَّسوليَّةُ بعد دعوةِ الرَّئيسِ اللبنانيِّ "ميشيل سليمان" ودعوةِ البطاركةِ والأساقفةِ الكاثوليكِ في لبنان للبابا بندكتس الـ16 لزيارةِ لبنان الحبيب؛ وهذه الدَّعوةُ المُزدوجةُ تُظهِر بدورها أَنَّ غايةُ هذه الزَّيارةُ الرَّسوليَّةُ للبابا إلى لبنان هي أيضًا مزدوجةٌ: تعزيزُ العَلاقاتِ القائمةِ منذ القدم بين لبنان والكرسيِّ الرَّسوليِّ، وتوقيعُ وتسليمُ الإرشاد الرَّسوليّ للمجمع الخاص لسينودس الأساقفة مِن أجل الشَّرقِ الأوسطِ[1].
وفي الواقعِ، يحتل "الإِرشادُ الرَّسوليُّ" ("الكنيسةُ في الشَّرقِ الأوسطِ") المُوجَّه لكنائس الشَّرقِ الأوسطِ، وليس فقط، المكانةَ الرَّئيسيَّةَ في هذه الزَّيارةِ الرَّسوليَّةِ. ويأتي هذا "الإِرشادُ الرَّسوليُّ" بعد مرور حوالي عامين (أكتوبر 2010) على انعقادِ سينودسِ الأساقفةِ من أجل الشَّرقِ الأوسطِ الَّذي كان تحت شعارِ "شركةٌ وشهادةٌ". ومن خلال هذا "الإِرشادِ الرَّسوليِ" يسعى قداسىةُ البابا بندكتس الـ16 إلى شكرِ وتشجيعِ كنائسِ الشَّرقِ الأوسطِ على رسالتهم العريقةِ والعظيمةِ في هذه المنطقةِ؛ ويرجو أيضًا أَنْ يكونَ هذا "الإِرشادُ الرَّسوليُّ" بمثابة "خارطةِ طريقٍ" للسنوات المقبلةِ[2].
وقد تحدَّث أيضًا البابا بندكتس الـ16 في خطابه في مراسمِ الاستقبالِ عن "التَّعايشِ المشتركِ" في الشَّرقِ الأوسطِ وفي العالمِ بأسره. وأكَّد أَنَّ زيارته تحمل رسالةَ سلامٍ إلى الجميعِ:
«فخامة الرَّئيس، أيُّها الأصدقاء الأعزاء، جئتُ إلى لبنان كحاجِّ سلام، كصديقٍ لله، وكصديقٍ للبشر. "سلامي أُعطيكم": سلامي أعطيكم هكذا يقول المسيح، (يو ١٤، ٢٧). ومن خلال بلدكم، أتيتُ اليومَ، وبطريقةٍ رمزيِّةٍ، إلى جميع بلدان الشَّرق الأوسط كحاجِّ سلام، كصديقٍ لله، وكصديقٍ لجميع سكَّان دول المنطقة كافّة، مهما كانت انتماءاتُهم أو معتقدهم. ولهم أيضاً يقول المسيح: "سلامي أعطيكم". أفراحُكم وآلامُكم حاضرةٌ دائماً في صلاةِ البابا، وأطلبُ من الله أن يَرافقكم ويُعزّيكم. وأؤكِّدُ لكم أنني سأصلِّي بطريقةٍ خاصّة من أجلِ جميع الَّذين يتألَّمون في هذه المنطقة، وهم كثيرون»[3].
إنها كلماتٌ في غايةِ الرَّوعةِ والعمقِ، وتُلخِّص بدورها معنى زيارةِ البابا للشَّرقِ الأوسطِ (الدَّعوةَ إلى الحوارِ، والدَّعوةَ إلى السَّلامِ ضد العنفِ، والسَّيرَ معًا لإيجادِ الحلِّ للمشاكل)[4]؛ ولا أبالغ إِنْ قلتُ إِنَّها تُلخِّص أيضًا رسالةَ بابا الكنيسةِ الجامعةِ تجاه هذا العالمِ ومن أجله: إِنَّه يحمل رسالةَ سلامٍ من أجلِ عالمٍ انهكته الحروبُ والصِّراعاتُ، إِنَّه صديقٌ لله ويريد أَنْ يجعل مِن البشرِ أصدقاءً لله، إِنَّه صديقٌ للبشر ويسعى لخيرهم.
[1] Cfr. http://www.vatican.va/holy_father/benedict_xvi/speeches/2012/september/documents/hf_ben-xvi_spe_20120914_benvenuto-libano_ar.html
[2] «سبب آخر لزيارتي هو توقيع وتسليم الإرشاد الرَّسوليّ للمجمع الخاص لسينودس الأساقفة من أجل الشَّرق الأوسط، الكنيسة في الشَّرق الأوسط. يتعلق الأمر بحدثٍ كنسيٍّ بالغ الأهمِّيَّة. أشكر جميع البطاركة الكاثوليك الَّذين قَدِموا، وأخصُّ بالذِّكرِ البطريرك السابق، الكاردينال العزيز مار نصرالله بطرس صفير، وخَلَفَهُ البطريرك مار بشارة بطرس الرَّاعي. وأحيِّي بطريقةٍ أخويِّةٍ كلَّ أساقفةِ لبنانَ، وكذلك الَّذين قَدِموا ليُصلوا معي وليتسلَّموا هذه الوثيقة من يديّ البابا. مِنْ خلالهم أُحيِّي أبويّاً جميع مسيحيّي الشَّرق الأوسط. يَبغي هذا الإرشاد، الموجَّه إلى العالم كلِّه، أنْ يكون لهم خارطةَ طريقٍ للأعوامِ القادمة».
بقلم أشرف ناجح إبراهيم / زينيت