ترأس البابا بندكتس السادس عشر صباح الأحد القداس الإلهي في كابلة السكستين بالفاتيكان لمناسبة ذكرى عماد الرب يسوع منح خلاله سر العماد ستة عشر
مولودا جديدا. ألقى الحبر الأعظم عظة توجه في مستهلها إلى والدي الأطفال لافتا إلى أن مسؤليتهم كوالدين مسيحيين حملتهم على التفكير بهذا السر الذي يطبع ولوج الحياة المسيحية. وهذا كان أول خيار تربوي كشهود للإيمان أمام البنين: إنه الخيار الأساسي! وأكد البابا أن مهمة التربية تصبح رسالة رائعة إذا ما أُتمت بالتعاون مع الله، المربي الحقيقي والأول لكل إنسان.
أكد بندكتس السادس عشر أن الله يريد أن يعطينا أشياء طيبة لنشربها ونأكلها، لكننا أحيانا نسيء استخدام هذه الموارد. يريد الله أن يمنحنا قبل كل شيء ذاته وكلمته ويعرف أننا إذا ابتعدنا عنه نجد أنفسنا في مأزق تماما كمثل الابن الضال في الإنجيل، ونفقد كرامتنا الإنسانية. ولهذا السبب يؤكد لنا الله أنه الرحمة اللامتناهية وأن أفكاره وسبله تختلف ـ ولحسن الحظ ـ عن أفكار البشر وسبلهم، وأنه بإمكاننا دائما أن نعود إليه، إلى بيت الآب! ويؤكد لنا أيضا أنه إذا قبلنا كلمته تحمل هذه الأخيرة ثمارا طيبة في حياتنا، كالمطر الذي يسقي الأرض!
تابع البابا يقول: لقد التزمنا في العودة إلى الينابيع الجيدة، لصالحنا وصالح الأشخاص الموكلين إلى مسؤليتنا. لكن ما هي ينابيع الخلاص؟ إنها كلمة الله والأسرار. والوالدون ليسوا الينبوع إنهم بمثابة قنوات تعبر من خلالها محبة الله المحيية.
بعدها أكد بندكتس السادس عشر أن إنجيل اليوم يحدثنا عن يوحنا المعمدان الذي كان مربيا عظيما لتلاميذه لأنه حملهم إلى اللقاء مع يسوع الذي شهد له. لم يشأ أن يحتفظ بتلاميذه لنفسه. وعندما جاء يسوع قال عنه يوحنا المعمدان: "يأتي بعدي من هو أقوى مني … أنا عمدتكم بالماء، وأما هو فيعمدكم بالروح القدس" (مرقس 1، 7-8). فالمربي الحقيقي لا يحتفظ بالأشخاص لنفسه، بل يريد أن يتعرف الابن أو التلميذ على الحقيقة ويقيم معها علاقة شخصية. الهدف من التربية يكمن في حمل المربَّى على الإصغاء لصوت الحقيقة التي تخاطب قلبه واتباعها في مسيرة شخصية.
هذا ثم ذكر البابا بأن الروح القدس حل على يسوع بشكل حمامة خلال عماده في نهر الأردن ليكشف للجميع أن يسوع هو ابن الله. وتوجه بندكتس السادس عشر إلى الوالدين والعرابين داعيا إياهم إلى الإيمان بحضور وعمل الروح القدس والسعي إلى قبوله فيما بينهم من خلال الصلاة وممارسة الأسرار. فالروح القدس ينير عقل المربي ويحمل الدفء لقلبه ليتمكن بدوره من نقل معرفة المسيح ومحبته للمربَّى.
أكد البابا أن الصلاة هي الشرط الأول لممارسة التربية لأن بواسطة الصلاة ندع الله يبادر ونوكل إليه أبناءنا إذ يعرف جيدا ما هي مصلحتهم. وعندما نصلي نصغي إلى ما يوحي به الله لنا لنقوم بواجبنا على أكمل وجه. فالصلاة والأسرار تنال لنا نور الحقيقة الذي بفضله نستطيع أن نكون لطفاء وأقوياء، ودعاء وحازمين وأن نصمت ونتكلم في الوقت المناسب وأن نوبخ ونربي بالسبل الملائمة.
وفي ختام عظته سأل البابا الروح القدس أن يحل على الأطفال ليكرسهم ويجعلهم صورة للمسيح ويقود خطاهم على الدوام في مسيرة حياتهم. كما أوكل بندكتس السادس عشر هؤلاء الصغار إلى حماية العذراء مريم الوالدية كي ينموا بالسن والحكمة والنعمة ويصبحوا مسيحيين حقيقيين، وشهداء أوفياء وفرحين لمحبة الله.
عن موقع أبونا