وعدد دكاش في كلمة الدوافع الى عقد المؤتمر، قال: "الدافع الاول هو يوبيل مرور 1600 سنة على رحيل مار مارون مما حثنا على جعل عمل مؤسساتنا هدية نقدمها الى الكنيسة المارونية بهذه المناسبة خصوصا ان هذا الأدب كان مرادفا ورمزا للحرية والكفاءة والانفتاح. ثانيا، وبعد مرور ستين عاما على صدور اعمال جورج غراف "تاريخ الادب العربي المسيحي" وموسوعات اخرى، كان من الملح اليوم تقويم هذا النتاج في اعقاب مؤتمر حول "النتاج الادبي للملكيين قبل العصر العثماني (750 – 1516) انعقد في دير سيدة البير سنة 2008. ثالثا، الاعداد لمؤلف جديد على مستوى مركز التراث العربي المسيحي، يضعنا امام واجب جمع ما هو جديد وتم انجازه اخيرا في ما يختص بتصنيف وفهرسة المخطوطات، وكذلك في ما يختص بنشر عدد وافر من الدراسات المتعلقة بالنتاج الماروني باللغة العربية عن القرون التي سيتناولها المؤتمر".
الجدير بالذكر ان ترجمة، وتحديث، موسوعة المستشرق الالماني غراف، المؤلفة من خمسة اجزاء، سيستكملها مركز التراث بدعم من مجلس البحوث في جامعة القديس يوسف. ويعمل باحثون حاليا على انجاز الترجمة نذكر منهم ناصر جميل وانطوان خاطر وبول فغالي وسليم دكاش وجوزف مكرزل وايلي قزي. ونتيجة لهذا العمل، اصبح مثلا عدد الصفحات التي تتناول اليسوعيين الذين كتبوا بالعربية 250، بعدما كانت في موسوعة غراف 15 فقط.
وسمحت المداخلات التي القيت خلال المؤتمر، مدى يومين، بتسليط الضوء على نوعية التبادل الثقافي وحجمه الذي تم بين الموارنة واوروبا عن طريق المعهد الماروني الذي تأسس في روما سنة 1584، والذي برز فيه علماء مثل ابرهيم الحاقلاني ويوحنا الحصروني ويوسف السمعاني في ميادين الترجمة واللاهوت والمنطق والفلسفة، كما اتاحت دراسة النتاج الادبي لتلك المرحلة التعرف على نظرة الموارنة الى انفسهم حينها والى المسيحيين غير الموارنة والمسلمين والدروز، وعلاقتهم بجبل لبنان، و"تعريبهم" الثقافي عبر انتقالهم التدريجي من اللغة السريانية الى اللغة العربية إن على صعيد اللغة المحكية او المكتوبة، ودور مطران حلب للموارنة جرمانوس فرحات (القرن 18) في عملية التعريب. وتطرق المشاركون الى "الكرشوني"، اي اللغة العربية المكتوبة باللغة السريانية، وديمومتها ومعاني استعمالها.