من خلال هذه الحياة، سوف يستطيعون ان يبدءوا مشوار الوصول للحياة الأبدية… الحياة الأبدية، تبدأ من هنا، في هذا المكان، مع هؤلاء الناس… فالحياة الأبدية هي حياة مليئة بالحب، هي حركة حب دائما بين الله والانسان في اتحاد دائم وممجد… لهذا، لكي تعيش الحياة الابدية وتصل اليها، عليك ان تتعلم كيف تحب، كيف تبني علاقتك بالآخرين على أساس من الحب، وهذا لا يكون بعد الموت، بل يتم هنا…
لهذا يسوع، يبدأ باستدراج الشاب الغني، فيكلمه عن الوصايا، لا تقتل، لا تزن، لا تشهد بالزور، لا تسرق، اكرم أباء وامك، كلها وصايا، تحتاج الى ان تعاش، تحتاج من الانسان ان يكون لديه مقدار كبير من الحب في قلبه ليعيشها، فالوصايا ليس للحفظ فقط، كما تعلمنا في المدارس والتعليم المسيحي، الوصايا هي للعيش، وليس كلمات تقال…. والدليل، أن الشاب يقول ليسوع، حفظتها منذ صباي، ولكن يسوع يقول له، تنقصك واحدة، اذهب وبع كل ما تملك واعطه للفقراء…. بما معناه، انتبه، فلا يكفي ان تكون مكتفيا بالغنى او الامتلاك وتحفظ الوصايا، ولا تلتفت إلى الآخر، المحتاج، الإنسان، الضعيف… لا يكفي ان تعرف الوصايا: عليك أن تعيشها…. لهذا: انتبه، بع كل ما تملك، أي، اعطِ ذاتك في كل عطاء من اجل الآخر……. كم هو صعب على الغني ان يدخل في خرم الإبرة… الغني هنا هو كل انسان يؤمن بالامتلاك، بحيث اصبح حجمه كبيرا بما يمتلك لدرجة انه يعيق دخوله الملكوت… لا تنسوا، باب الحياة الابدية ضيق، لهذا نحن بحاجة إلى أن نكون بسطاء جدا، تماما كالأطفال، ان لا نهتم ونقلق لامور العالم، فكل هذا يعرفه الله….
يسوع يركز على الوصايا التي تهتم بالقريب: لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد بالزور، كلها وصايا تتعلق بعلاقة الانسان بالقريب… أي، إن لم يكن إيمانك فعّالاً، إن لم تترجم إيمانك إلى اعمال تفيد الآخرين، سيكون هذا الإيمان باطلاً…. إذا من هذا نفهم، ان الحياة الأبدية، لا نرثها….. كما هو متعارف في عالمنا، الابناء يرثون الاب الذي يعمل و ويكنز… ولكن في عرف يسوع، لا وراثة بدون عمل وجهد، لا نرث الحياة الأبدية ونحن جالسون في اماكننا، بل عندما نعمل ونعمل بمحبة…. إذا ملكوت السماوات لا يأتينا جاهزاً وحاظراً، ملكوت السماوات ينتزع، عليك أن تنتزع ملكوت السماوات، أي عليك ان تستحقه بجدارة… الحياة الابدية ليست عبارة عن طاعة لانظمة او قوانين معينة، علينا ان نؤمن بان الانسان هو اعلى واهم من الانظمة والقوانينن….. فعند يسوع، لا قيمة للوصايا العشر إن لم يكن الانسان الهدف الذي من اجله وجدت هذه الوصايا….
هنالك الكثير من الآلهة المختبأة في حياتنا ونحن نعبدها، والتي تمنعنا من ان نقدّم ذواتنا بصورة كاملة في عطاءاتنا … فلنسير وراء معلمنا يسوع، الذي كان حراً حتى تجاه نفسه، فاعطى ذاته قبل ان يعطي ممتلكاته، من أجل ان يحيا الإنسان، حياة أفضل… آمين….
زينيت