احتفلت المدارس الثانوية التابعة لأبرشية بيروت للروم الارثوذكس بتخريج 180 من تلامذتها، في الباحة الكبيرة لمدرسة البشارة، في رعاية المطران الياس عودة. وحضر الاحتفال جمع من أهالي المحتفى بهم، وهم من مدارس زهرة الاحسان ومار الياس بطينا وثانوية السيدة الارثوذكسية – المكحول ومدرسة البشارة – الاشرفية.
بعد دخول موكب المتخرجين وصلاة شكر وبركة والنشيد الوطني، القى مدير المدرسة المضيفة نقولا رزق كلمة ترحيبية، تلاه ميشال بيطار باسم مديري المدارس، ومما قاله: "تعكس المؤسسات التربوية الارثوذكسية صورة عن المجتمع اللبناني الذي يتقبل فيه الواحد الآخر ويشاركه الاهتمام بالشأن العام. وتجدر الاشارة هنا الى ان هذه النتيجة ليست سهلة المنال، وهي ان تحققت فبعد جهود مضنية يبذلها القيمون على التربية في المدارس لتخطي الحواجز النفسية والمادية التي يفرزها محيط المدرسة الجغرافية والتوصل الى الاندماج الذي يشكل حجر الزاوية لرسالتنا التربوية والانسانية.
أيها المتخرجون والمتخرجات طالما انتظرتم هذا اليوم، فكونوا واعين حقوقكم وواجباتكم. لستم صغاراً وضعفاء، بل أنتم أقوياء بإيمانكم بالله والوطن. انتم مدعوون لانقاذ وطنكم فلا تجعلوا أنفسكم مطية ولا دمى يحركونكم متى شاؤوا. ولا تكونوا تابعين بل كونوا قياديين في العلم والمعرفة واجعلوا غيركم يسيرون على خطاكم ولا تسيروا انتم على خطاهم. كونوا صالحين ليأخذوكم قدوة أو مثالاً يحتذى".
وختم: "كلمة أخيرة أتوجه بها الى الجميع: انتبهوا الى أولادكم أولوهم كامل رعايتكم، فهم أساس العائلة والوطن. نريدهم صالحين وعلى هذا الأساس تبنى الأسرة ومن ثم الوطن عنيت به لبنان. نريد لبنان لجميع الطوائف لا لبنان الطائفي المحكوم بالطائفية فحسب بل بالمذهبية التي هي علة العلل. هذه الطائفية، إذا ما نمت في النفوس وترعرعت في القلوب، كافية لان تدمر كل ما بناه الاجداد وطوره الآباء وما ستبرمجه الأجيال الصاعدة".
ثم تسلّم المتخرجون شهاداتهم وجوائزهم من عودة والقيّمين على المدارس.
ومن الذين حازوا "جائزة التفوق": مايا ابو رجيلي، نقولا الهبر، نيكول تويني، ايلي ابو سمره، بول سعيد، عاطف الخولي، مرغريتا العوض، خليل رشيد، يمنى داعوق، ايناس عساف، رلى ناصر الدين، جورج قاطرجي، اليسار شدياق، دانيا غلاييني، عمر ضو، افنجلو فلوطي.
كذلك سلّمت النائبة نايلة تويني"جائزة ناديا تويني للتفوق في اللغة الفرنسية وآدابها" الى نتالي نحاس، و"جائزة جبران تويني للمواطن الصالح" الى ميرا الهبر من زهرة الاحسان.
وكانت كلمة الختام لراعي الاحتفال المطران عودة الذي توجه الى المتخرجين، وقال: "الآن، وفيما أنتم تودّعون مرحلة مهمة من حياتكم هي السنوات التي أمضيتموها في المدرسة تؤسسون بالعلم والمعرفة لما ستكتسبون في ما بعد، وتتجذرون في الأخلاق والسلوك الحسن والحس الاجتماعي، وتعدّون أنفسكم لولوج مرحلة جديدة تواجهون فيها الى جانب التحصيل العلمي في الجامعة الحياة العملية، يجب أن تعوا أنكم أنتم أساس المجتمع الآتي وثبات الوطن الموعود الذي لا نجد فيه سوى المواطن الملتزم الوفي المسؤول، المهيّا لأن يبني فيه ويبنيه ولا يهدّم، الحريص على حرية الانسان المسؤولة والمدافع عن استقلاله.
المنتظر منكم في المستقبل الذي لا يبعد كثيراً عن الحاضر أن تكونوا المنارات المضيئة التي تبعد الظلمة والجهل وتجذّر المعرفة، وان تكونوا ينابيع العلم والنور المتدفقة في كل اتجاه.
ننتظر منكم، أنتم شجيرات العلم اليوم، أن تجعلوا من لبنان بلداً خصباً تتمتع أرضه بكل أنواع الأشجار المثمرة، وبستاناً يزهو بمختلف الزهور الجميلة المنظر والعرف، أي بتنوع المعارف والعلوم التي تؤدي ان استغرقتم في فهمها واستيعابها الى تمجيد "الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها". نحلم، نعم نحلم، أن نراكم تشقّون طريقكم نحو آفاق جديدة واسعة تدفعكم اليها أحلامكم. هذه الأحلام التي تنطلق من إدراككم أنكم رسل أرسلكم الله لترفعوا لبنان من حضيض الانشقاق والتشرذم الى التماسك والوحدة، ومن لجّة الحقد والكراهية ورفض الآخر الى المحبة والغفران وقبول الآخر، ومن عمق الآلام المتراكمة خلال السنين الى الضوء والرجاء وانتظار يوم القيامة البهي، ولتبشّروا بلبنان أفضل وأجمل وأرفع من كل الصغائر التي تشدّه الى أسفل. انتم فرحنا الآتي. لذلك أسأل الله ان يعضدكم في ما ألهمكم ان تتجهوا نحوه وإليه، كما أسأله ان يهديكم في الطرق القويمة لتعملوا كل ما هو خير وبنّاء لنفوسكم ولمجتمعكم ولوطنكم وتبتعدوا عن كل ما يشوّه صورة الله فيكم، وتدركوا مدى محبته لكم، لتتمكنوا بمعونته من إتمام مشيئته فيكم".
جريدة النهار 10.07.2009